\r\n آلاف السيارات المحترقة، تجهيزات عامة (مدارس، حضانات، ملاعب) مدمَّرة، إعلان حال الطوارىء، إخضاع حوالي 800 2 شخص للمراقبة، الحكم على حوالي 400 شخص بالسجن: إنّ حصيلة عمليات الشغب، التي خضّت فرنسا من نهاية تشرين الأول/أوكتوبر حتى أواسط تشرين الثاني/نوفمبر 2005، ثقيلة على الأصعدة المادية والبشرية والنفسية. لكن ما الذي حصل؟ \r\n \r\n إتفق العديد من المعلّقين الفرنسيين والأجانب على أنّ هذه الأزمة تخفي بوادر إنهيار مجتمعنا تحت ضربات أولئك الذين اعتبروهم، تباعياً، \"عشائر من الذئاب\" و\"أعداء عالمنا\"، أو الطليعة المستنيرة لبروليتاريا رثّة منبثقة عن فترة \"ما بعد الاستعمار\". ويشدّدون، كلٌّ بدوره، على نهاية \"النموذج الفرنسي\" و\"تطوّر مجتمع موازٍ خارج عن قوانين الجمهورية\" أو يتحدثون عن \"أزمة المواطنية المدينية\". قبل إعلانهم عن هذه العموميات الكبيرة التي تتوافق مع مصالحهم السياسية والاجتماعية، استوحى أولئك المراقبين ببساطة من المبادىء الأساسية المنطبقة على تحليل الأعمال الجماعية. لكن لفهم هذه الاضطرابات، يجدر في الواقع العودة الى الظروف الاجتماعية والى أسباب اندلاعها واحتمال وقوعها (إنّ الأسباب نفسها لا تؤدّي بالضرورة الى النتائج نفسها). \r\n \r\n على خلفية عمليات العنف هذه، تظهر أولاً أزمة اعادة الانتاج في الأوساط الشعبية والتي تأثّرت كثيراً بنتائج الأزمة الاقتصادية التي بدأت في النصف الثاني من السبعينات، اضافة الى التبدّلات التي أفضى اليها التحوّل الى نموذج انتاجي قاسي (ما بعد النموذج الفوردي). وأدّى اعتماد الآلة والمعلوماتية ونقل مواقع العمل الى انتشار البطالة المترافقة مع تعميم اللجوء الى العمل بالوكالة او سريان صيغة الوظائف المؤقتة. أدّى هاذان العاملان الى زيادة حساسية الظروف، في الأوساط الشعبية التي ساهم ظهور مجتمع الاجور (يرتكز على النمو الاقتصادي ودولة اجتماعية قوية) في الحدّ منها [1]. \r\n \r\n هذه الظاهرة تطال الشباب بشكل خاص. ففي الأحياء التي كانت موضوع الساعة في الأسابيع الأخيرة، أظهرت معطيات المعهد الوطني للاحصاء والدراسات الاقتصادية نسباً عالية من البطالة في أوساط الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة: 41,1 بالمئة في حيّ غراند بورن في غرينيي (مقابل 27،1 بالمئة للمقاطعة الادارية ككل)؛ 54,4 بالمئة في رينيري وبلفونتان في تولوز (28,6 بالمئة)؛ 31,7 بالمئة في أوس دو بوا في بو (17 بالمئة)؛ 37,1 بالمئة في مجمع كليشي سو بوا/مونفيرمييل (31,1 بالمئة)؛ 42,1 بالمئة في بيلفو في نانت/سان هيربلين (28,6 بالمئة)... لم يتأتَّ عن عدم استقرار الأجور هذا تأثيرات اقتصادية فقط بل نتج عنه أيضاً اضطراب في مرجعيات الشباب داخل الاوساط الشعبية. كما ساهم في خلق شعور من الحيرة في ما يتعلّق بالمستقبل. فمن خلال منع الأفراد من القيام بمشاريع طويلة الأمد (عقارية، زواجية، ترفيهية)، جعلهم رهناً للحاضر وأجبرهم على تسيير أمورهم كلّ يوم بيومه، ممّا جعلهم عرضة للانحرافات الصغيرة. \r\n \r\n في الوقت نفسه، إنّ تعميم التعليم جعل بعض المراهقين، الذين من المفترض أن يُستثنوا من المدارس، يمضون وقتاً طويلاً داخل النظام المدرسيّ، ممّا حملهم لبعض الوقت على تغذية آمال بالارتقاء اجتماعياً، الأمر الذي أبعدهم أكثر فأكثر عن المجتمع العمالي الذي ينتمي اليه أهلهم [2]. لكن سرعان ما خُيّبت آمالهم، فالمدرسة لا تغيّر التراتبية الاجتماعية. ومن نتائج خيبة الأمل هذه، كانت لجؤهم الى المضايقات والاستفزازات بشكل اعتيادي وخاصة نزعتهم الى الخروج من النظام المدرسي: وبلغت نسبة الأشخاص غير المؤهّلين 30 الى 40 بالمئة في الأحياء التي سبق ذكرها، مقابل 17,7 بالمئة كمعدّل وطنيّ. أخيراً، تجدر إضافة نتائج السياسات المدينية في الأعوام العشرين الأخيرة التي - من دون ان تحولها الى مجمّعات للأقلّيات المنبوذة (غيتوات)- حصرتْ، في عدد معيّن من أحياء الضواحي، العديد من العائلات التي هي في الغالب منتزعة من بيئتها ومعرّضة بقوة لظروف عدم الاستقرار الحياتيّ المذكور سابقاً [3]. \r\n \r\n إذن إنّ أزمة الأوساط الشعبية هذه هي اجتماعية بشكل أساسي. وقد تُرجمت في الوقت نفسه من خلال تداعي كافة أشكال المنظمات الجماعاتية (نقابات، أحزاب سياسية) واحتدام المنافسة بينها (بين \"الفرنسيين\" و\"الأجانب\"، لكن أيضاً بين العمال \"الثابتين\" والعمال \"المؤقّتين لمدى الحياة\"). وينتج عن هذه الأزمة انزعاج عميق وانغلاق داخل الحيز المنزلي، واللّذان سيُترجَمان، منذ بداية التسعينات، من قبل رجال السياسة، بأنهما \"مطالبة بالأمان\" من قبل هذه الفئة من ناخبيهم. \r\n \r\n إنّ إعادة قراءة العلاقات الاجتماعية، كمسألة أمنية، هي في أساس اعتماد الاستراتيجيات البوليسية. فبدءاً من تلك الفترة، تمّ إعطاء الأولويّة الى شرطة التدخّل بدل شرطة التقصّي أو شرطة الجوار كما يدّعي المطالبة بها بعض المسؤولين الاشتراكيين. إنّ تطوير فرق مُعادية للإجرام هي الأكثر تعبيراً، ضمن هذا التحرّك الذي لا يتردّد حتى بعض الشرطيّين عن التنديد به ك\"عسكرة \" لعملهم. \r\n \r\n إنّ هذه الوحدات المزوَّدة بمعدات هجومية ودفاعية - الكرات الكهربائية والتايسرز مؤخراً (أسلحة غير مميتة تصدر صدمات كهربائية)- تفضّل \"التجاوز\" على التحقيق. الأمر الذي يحوّل، ضمن نطاق سياسي يشدّد على \"إعادة الاستيلاء على الأحياء\"، غالبية التدخّلات اليومية الى عمليّات قمع، دون أن انتظار ارتكاب جنح وعمليات تفتيش دون حصول خرق للقوانين، ممّا يشيع التوتر. منذ ذلك الحين، بدأت تشابكاتهم مع مجموعات الشباب تُختصر، في الغالب، على تجمّعات متكررة خلال عمليات التفتيش والتحقّق من الهويات وممارسة الإهانات والضرب أحياناً والتحقيقات المستمرّة بتهمة \"الشتم\" و\"التمرّد\". \r\n \r\n إنّ إعطاء الأولوية للتدخّل هلى التحقيق تنعكس، بشكل واضح، في إحصائيات الشرطة. في الوقت الذي تضاعفت فيه مرتين الأعمال المُتحقَّق منها في مراكز الشرطة والدرك، فبين العاميْن 1974 و2004، أصبح عدد الأشخاص الذين تمّ استدعاؤهم، بسبب خرق القانون المتعلّق بالمخدّرات، أكثر ب39 مرة وعدد الأشخاص المتّهمين بخرق القانون المتعلّق بالأجانب أكثر ب8,5 مرات... في الوقت نفسه، تراجعت نسب الاستيضاح (مسائل محلولة/أعمال مُتحقَّق منها) بقوّة، من 43,3 بالمئة الى 31,8 بالمئة. ممّا يعني، بتعبير آخر، أنّ النشاط البوليسي يقتصر حول الجنح الصغيرة التي يتمّ التحقّق منها من خلال وجود الشرطة في الشارع، وتكثيف عمليات التفتيش ضمن بعض الاوساط الاجتماعية [4]. إنّ عملية التكثيف هذه مسؤولة، بشكل كبير، عن تداعي العلاقات بين المؤسسات وتلك الجماعات، وهي تغذّي عمليات العنف المُسمَّاة ب\"المدينية\". في الواقع، غالباً ما ينسون أنّ النظام كالفوضى، إنتاج مشترك تلعب فيه المؤسسات الأمنية دوراً يوازي بأهمّيته الجمهور الموجهة اليه. \r\n \r\n إنّ الموت المأساوي للمراهقَيْن (وإصابة الثالث بإصابة خطرة) اللّذيْن كانا يحاولان الفرار من تفتيش رجال الشرطة في كليشي سو بوا، هو الذي أدّى الى اندلاع سلسة أعمال العنف في فرنسا في نهاية تشرين الأول/أوكتوبر 2005. فقد أسفر الغضب والإهانة في الحيّ عن اصطدامات مع قوى الأمن وإشعال السيارات والأثاث وعمليات تدمير مكثّفة. \"مثل العادة \"، قد يقول البعض. ف\"الخبراء في أعمال العنف المديني\" يميلون في الواقع الى التكتّم حول مسؤولية الشرطة في نشوب أعمال العنف الجماعية. إنّ المفوّضة السابقة للمخابرات العامة، لوسيانّ بوي ترونغ، ذكّرت بالأمر عن غير قصد، عندما اعترفت بأنّ الشرطة معنيّة - بطريقة مباشرة أو غير مباشرة- باندلاع ثلث عمليات التمرّد ال341 التي أحصاها مركزها بين العاميْن 1991 و2000 [5]. يجب الإضافة الى هذا العدد العقوبات التي تصدرها المحاكم والجرائم التي ارتكبها الحرّاس الليليون والأفراد. \r\n \r\n من هذا المنظار، لا تتميّز حوادث كليشي سو بوا عن سابقاتها المأساوية، لكنها شهدت انتشاراً يجدر التوقف عنده. أولاً، يترافق هذا التوسّع مع تغيّر في طبيعة الأعمال. فكما لاحظ السيد جان كلود دولاج، الأمين العام المساعد لنقابة رجال الشرطة \"أليانس\": \"في البدء، كانت المواجهات مع الشرطة؛ أما اليوم فقد أصبحنا ضمن نطاق الفرق الصغيرة التي تشكّل نوعاً من حركة تمرّد مدينية، من دون التصادم مباشرة مع قوى الأمن [6].\" يعود تراجع هذه المواجهات الى عدم اجتماع الظروف الكافية، خارج الإطار العاطفي المرتبط بموت أحد الأقارب (قريب، صديق، معارف)، ليتواجه عشرات وحتى مئات الأشخاص مع قوى الأمن. \r\n \r\n إنّ العنف الذي شهدناه في كليشي سو بوا، كما في غيرها من الأحياء إثر مآسيَ مماثلة، يتعدّى نطاق \"الشباب\" بصورة كبيرة. إذ يتقاسمه عدد كبير من الراشدين والعائلات التي تقول بأنّها تتفهّم المواجهات حتى ولو كانت لم تشارك بها. الأمر يختلف جذرياً في حال تمّ اختبار مأساة ما عن بعد. في هذه الحال، لا يمكن للتحرّكات أن تنبثق سوى عن مجموعات صغيرة تعرف بعضها البعض، وأن تتّخذ أشكالاً أخرى. إنّ إشعال السيارات هو أحد تلك الأشكال. \r\n \r\n لا تعود هذه الممارسة الى خريف العام 2005: تمّ إحراق 500 21 سيارة في العام 2003 (بمعدّل 60 سيارة في الليلة)، غالباً خارج أعمال العنف الجماعية. وإن كانت الأهداف مختلفة (تدمير سيارات مسروقة، مشاكل عائلية، عمليات احتيال على شركات التأمين...) فذلك لا يمنع شيوع هذه الممارسة في بض الأحياء. أصبح إشعال الحرائق بالنسبة الى الشباب، بحكم سهولة افتعاله وضخامة نتائجه، وسيلة اعتيادية للاحتجاج - من الوسائل الوحيدة المُتاحة لتلك الفئات للتعبير عن نفسها، في نطاق غياب النظام والإبعاد السياسي. \r\n \r\n في الواقع، إنّ التوصّل الى أشكال تحرّك سلميّة، مُعبِّرة عن الإنتماء الى مجالات التمثيل الشرعية، ليست بمتناول الفئات الاجتماعية بطريقة متساوية. لا يجب المزج بين اللجوء الى هذا النوع من الأعمال غير المشروعة وبين الجنوح. إنّ بعض الأفراد المتورّطين في عمليات الشغب الأخيرة ارتكبوا أو سيرتكبون الجنح. لكن لا علاقة لهؤلاء بالتحرّكات التي لوحظت في الأسابيع الأخيرة وبخروجها الى العلن. هذا ما يفسّر، بشكل خاصّ، أنّ غالبية الأشخاص الذين تمّت إحالتهم أمام المحاكم ليس لديهم أية سوابق قضائية. \r\n \r\n إنّ اللجوء الى العنف واشعال النار، غذّته سنوات من التقهقر الاجتماعي والاقتصادي وتشديد المراقبة، وجد لنفسه دوافع للانتشار في تطرّف خطاب وزير الداخلية الذي عكست أصداءه وسائل الاعلام، خاصة المتلفزة منها. إنّ هذا الخليط من الازدراء الاجتماعي والرجولية العدائية التي أظهرها السيد نيكولا ساركوزي، في تصاريحه العلنية، قد أشعل عمليات الشغب. فقد بلور في كلامه الإهانات والكره المكدَّس محلّياً، عبر منحها هدفاً مشتركاً. لا شكّ أنّ الوزير الذي يؤيّد كثيراً العلاقات المرتكزة على القوة، كان يفكّر بهذا الشكل الاستفادة من صرامته على الصعيد السياسي، والقضاء في الوقت نفسه على ما كان يعتبره معارضة لسياسته في فرض النظام. قد تكون هذه الحسابات صائبة على المدى القريب، لكنها أدّت الى تفاقم حدة العنف وسيكون لها ذكريات لن تُمحى من الذاكرة الجماعية للمدن والتي لا يمكن استباق عواقبها. أمّا تأثير وسائل الاعلام فقد كان باديا للعيان. \r\n \r\n على غرار الجمعيات العامة للمضربين، التي تبدأ دائماً بتعداد المستودعاتالأخرى والجامعات أو المراكز التي دخلت في حركة الاحتجاج المشتركة، إنّ أيّ تحرك محلّي يستقي جزءاً كبيراً من فعاليته من الدينامية الجماعية التي انخرط فيها، والتي تمّ تناقلها بشكل بديع عبر الصحافة التي راحت توزع نوعا من \"قائمة جوائز\" لافضل عمليات التخريب. مع دخولها منطق التقليد و\"التفوق\" في اعمال الشغب على المدينة المجاورة مثلا، تغذت الازمة اذن من طريقة التغطية الاعلامية التي أدّت الى تزامن وتجانس وتعميم أشكال أعمال العنف، وأعطت مصداقية لوهم الحركة الوطنية الشاملة. \r\n \r\n تسمج هذه المبادىء الأساسية، لعلم الاجتماع الذي يُعنى بالتحرّك الجماعي، بفهم دينامية الأزمة، وإبطال نظريات التلاعب بها على يد الاسلاميين المتطرّفين أو جماعات الاجرام المنظم. فإنّ هذه النظريات لا تشكّل، بأفضل الأحوال، سوى تعبير عن عدم فهم وضع الأشخاص الذين يلجأون اليها، ويتمّ استخدامها في أسوأ الأحوال لتبرير تفلّت الرقابة و/أو الاجراءات الحاسمة لمواجهتها. \r\n \r\n لأنه لا شكّ أنّ المخاطر الأكبر للحوادث الأخيرة تكمن هنا. فبالطريقة نفسها التي أُعيد بها فوراً ترجمة رفض معاهدة الدستور الأوروبية من قبل حكّامنا على أنها رغبة بالمزيد من التحرر من القوننة، ستشكّل الاضطرابات التي اندلعت في خريف العام 2005 حجّة لتراجعات اجتماعية جديدة. إنّ الدخول في سنّ الرابعة عشرة الى عالم العمل بصفة متمرن والنهاية المحتملة للمدرسة الابتدائية الموحدة وتسريع الطواعية في الوظائف التي لا تتطلب مؤهّلات، هي الأجوبة التي تمّ التقدّم بها سابقاً لتطمين الشبيبة في الاوساط الشعبية. ومن المتوقع ان يتبع ذلك زيادة التشدّد البوليسي والقضائي الذي وصفنا تأثيراته المُسيئة على التناغم الاجتماعي والأمن العام. كما أنّ عملية الابتزاز، مقابل الحصول على المساعدات الاجتماعية التي كان يحلم بها بعض ممثلي الشعب منذ زمن طويل، استعادت زخمها وعادت ردّات الفعل الأكثر تطرّفاً (كتقرير بينيستي أو تقرير المعهد الوطني للصحة والأبحاث الطبية حول \"مشاكل المراهقين\")، بهدف إيجاد أسباب مَرَضيّة للتصرّفات التي توصف ب\"المُعادية للمجتمع\" والصادرة عن أولاد العائلات الفقيرة و/أو المهاجرة. \r\n \r\n وتستفيد هذه الحركة من تركيبة المنافسة السياسية. فعندما تستغل الحكومة التزاحم داخل الطبقات الشعبية (\"الناجحون\" ضدّ \"الذين لا يرغبون بتحسين أوضاعهم\"، \"الضحايا\" ضدّ \"المتآمرين\" ، \"الفرنسيون\" ضدّ \"عائلات الرجال المتعدّدي الزوجات\")، يكون ذلك للاستفادة من الفوضى السائدة، من أجل ضرب الضمانات الاجتماعية وضمانات الأجور كما الأشكال العشوائية التي تقاوم نظاماً لا يعمل بالمساواة تدافع عنه هذه الحكومة. من المفترض أن يرغم ذلك أقله اليسار، الوفيّ لمبادئه السياسية، على اغتنام الفرصة لاقتراح مشروع تغييري، قادر على ملء الثغرات التي حفرتها في الأوساط الشعبية ثلاثين عاماً من الثورة المحافظة. \r\n \r\n إنّ الخلل الذي يعانيه الحزب الاشتراكي في موقفه إزاء تمديد حالة الطوارىء، وعدم قدرة الحزب الشيوعي أو تشكيلات يسارية متطرّفة أخرى، من ان تمثل بديلا في نظر أولئك الذين قد يتحوّلون الى \"الطبقات الخطيرة الجديدة\" أو أخذ خصوصياتهم في الاعتبار، تُظهر بأن لا ارادة فعلية في سلوك هذا التغيير. وفي هذه الحال، إنّ \"الحلول\" التي تمّ اقتراحها لمعالجة الأزمة ستزيد من تفاقم حدّة الأسباب التي أدّت الى نشوبها. لذا من الضروريّ، أكثر من أيّ وقت مضى، إعادة توثيق أشكال التضامن الفعلية. وفي الواقع، إن جمع أفراد يشغلون مراكز مهنية وطائفية ومن أصول مختلفة حول أهداف سياسية مشتركة، هو الذي سمح لهم بتحسين مصيرهم الجماعي وبانتزاع مكتسبات اجتماعية، ينكبّ الليبيراليون كلّ يوم على تدميرها، في الضواحي كما في سواها.