ولكن لفترة طويلة كانت اعادة الاعمار العراقية تمرينا في العلاقات العامة اكثر منها مسعى حقيقيا. تذكروا عندما اخذ اعضاء الكونغرس الزائرون في جولات الى المدارس المطلية حديثا؟ \r\n ويجادل أنصار وخصوم الحرب في الوقت الحالي بأنه بالتحرك بهذا البطء في مجال اعادة الاعمار فقدت ادارة بوش نافذة حاسمة من الفرص. وفي الوقت الذي بدأ فيه انفاق اعادة الاعمار على نحو جاد كان ذلك في سباق خاسر مع الوضع الأمني المتدهور. \r\n ونتيجة لذلك فان الكهرباء وفرص العمل التي يفترض ان تجعل القتلة يائسين لم تتحقق على الاطلاق. فقد انتج العراق كهرباء في الشهر الماضي اقل مما في أكتوبر 2003. وتقدر الحكومة العراقية معدل البطالة ب 27 في المائة، ولكن يحتمل أن يكون الرقم الفعلي اعلى من ذلك بكثير. \r\n ونحن نفقد الان نافذ جديدة من فرص اعادة الاعمار. ولكن هذه المرة داخل بلادنا. \r\n فبعد اسبوعين من اعصار كاترينا ظهر بوش على نحو دراماتيكي في نيو أورليانز، حيث وعد بتحقيق اشياء كبرى. وقال ان «العمل الذي بدأ في منطقة ساحل الخليج سيكون واحدا من أكبر جهود اعادة الاعمار في العالم». \r\n ومثل هذا الجهد يمكن أن يكون الشيء الصحيح الذي نقوم به. ويمكننا أن نجادل بشأن التفاصيل، أي حول السدود التي يتعين الابقاء عليها ومد تقويتها، ولكن من الواضح أنه في مصلحة البلاد وكذلك السكان المحليين ان يعاد اعمار الكثير من الاقتصاد الاقليمي. \r\n إلا ان بوش نسي فيما يبدو هذا الوعد. فعبد مرور اكثر من ثلاثة أشهر على إعصار كاترينا ليس هناك وجود لجهود رئيسية لإعادة الاعمار ولا حتى على مستوى التخطيط. وكانت صحيفة «لوس انجليس تايمز» قد أوردت في تقرير لها حول نيو اورليانز ان الوجود الفعلي للجهات التي تفكر في إعادة البناء اقتصر فقط على اصحاب المنازل والأعمال التجارية بالمدينة، في إشارة الى انعدام أي نوع من وجود للمؤسسات الرسمية للدولة. \r\n الامر الجدير بالملاحظة هو ان جورج بوش لم يتخذ قرارا بتعيين فريق جديد لإصلاح الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ. إذا ان غالبية المواقع الرئيسية في الوكالة، بما في ذلك موقع المدير الذي اصبح خاليا إثر مغادرة مايكل براون، تم شغلها بتكليف بعض العناصر بصورة مؤقتة. ولا يزال مدير موظفي الوكالة من الموالين سياسيا لبوش وليس لديه خبرة سابقة في إدارة الاوضاع التي تعقب الكوارث. \r\n المجهود الوحيد للجهات الرسمية اقتصر على تجديد شبكة الأقمار الصناعية والإنترنت التي كانت تستخدم لتزويد ضحايا الكوارث بالمعلومات اللازمة. إلا ان هذا البرنامج في الوقت الراهن يوفر معلومات موجهة الى المشاهدين توضح لهم المهام الكبيرة التي تباشرها الوكالة وإدارة بوش. \r\n وبالعودة الى قضية إعادة الاعمار، يمكن القول ان عدم الاهتمام بالمناطق التي ضربها الإعصار سيؤدي في نهاية الأمر الى إضاعة بوش لفرصة مواتية، تماما كما فعل في العراق. \r\n للوقوف على السبب وراء ذلك لا بد من استيعاب نقطة ركز عليها التقرير الذي اوردته «لوس انجليس تايمز» وهي ان القطاع الخاص لا يستطيع لوحده إعادة اعمار المنطقة، ذلك ان الأمر اكثر من مجرد الحاجة الى الحماية من الفيضانات وتشييد البنى التحتية، وهي أشياء يفترض ان تتولاها الحكومة وحدها. المستقبل المجهول يشكل عقبة رئيسية في وجه إعادة الاعمار. فأصحاب الأعمال التجارية لا يزالون محجمين عن العودة الى المناطق التي ضربها الإعصار لأنهم ليسوا لا يعرفون ما اذا كانت هذه الأعمال ستعود وتوفر لهم الوظائف والاحتياجات الأساسية. \r\n ما يمكن قوله هنا هو ان الضمان الوحيد للتخلص من هذه الحلقة المفرغة يتمثل في وجود خطة إعادة اعمار يمكن الوثوق بها وتساعد على انتعاش المنطقة مجددا. ولكن مع مرور الزمن دون ظهور خطة لإعادة التعمير او أموال لتنفيذ هذه الخطة، فإن السكان وأصحاب الأعمال التجارية سيتخذون قرارات نهائية بالتوجه للاستقرار في مناطق اخرى. \r\n وعد الرئيس بوش في حملته الانتخابية عام 2000 بتجنب البناء الوطني، ويبدو انه عازم على تحقيق هذا الوعد. فعلى الصعيد الخارجي فشل بوش في إعادة إعمار العراق لأن البداية جاءت متأخرة، وها هو الآن يفعل الشيء ذاته على الصعيد الداخلي. \r\n *خدمة «نيويورك تايمز»