ومع ذلك فان وراء الموقف الرسمي يكمن قلق كوريا الشمالية المتزايد حيال تعرية عمال الاغاثة الدولية المجتمع الكوري الشمالي امام العالم الخارجي وحيال الانشطة الاخيرة من قبل المفوضية الاميركية لحقوق الانسان في كوريا الشمالية التي تربط المعونة الانسانية باوضاع حقوق الانسان.وتحتج منظمات المعونة الدولية المنزعجة بان كوريا الشمالية سوف تعاني من ازمات غذائية ومرة اخرى فان الدافع السياسي لامن النظام فيها سوف يضحي بالمحرومين. \r\n وبعد الاعلان الاخير لكوريا الشمالية يتم اتهام كوريا الجنوبية بانها شريكة بوينغ يانغ في ذلك.حيث ينحى المراقبون الدوليون للازمة الغذائية في كوريا الشمالية باللائمة على سيئول في قرار كوريا الشمالية بتعليق المعونة من قبل برنامج الغذاء العالمي مدعين ان تحويل كوريا الجنوبية غير الخاضع للمراقبة للاغذية قد سمح لكوريا الشمالية بالتعاطي مع ازمتها الغذائية.بل يثور جدل ايضا بانه يجب على كوريا الجنوبية تعليق مساعدتها الغذائية المباشرة لكوريا الشمالية وان يتم توزيعها بدلا من ذلك عبر برنامج الغذاء العالمي فقط لضمان شفافية اكبر ومراقبة اكثر فعالية.والاتهامات الموجهة ضد كوريا الجنوبية مخادعة بشكل فاضح لان قرار سيئول بتحويل اغذية بشكل مباشر هو عبارة عن مجموعة من العناصر التي تاخذ في الاعتبار حالة المحتاجين في كوريا الشمالية. \r\n حقيقي ان نصيب الاسد من المعونة الغذائية لسيئول والتي تبلغ 400ألف طن في السنة منذ 2002 يتم تحويلها بشكل مباشر الى كوريا الشمالية.غير ان كوريا الجنوبية هي في نفس الوقت مانح كبير في جهود برنامج الغذاء العالمي في كوريا الشمالية حيث تبرعت ب100 ألف طن من الطحين للبرنامج في 2004.ويسهم ذلك ب27% من المعونة الغذائية الكلية للبرنامح في كوريا الشمالية.وفي الوقت الذي قلت فيه الاسهامات من قبل الولاياتالمتحدة واليابان زادت الحصة النسبية لكوريا الجنوبية.وعلى الرغم من ان المعونة الغذائية الثنائية من كوريا الجنوبية كبيرة نسبيا فانها لا تزال اقل بكثير من ان تحل الازمة الغذائية في كوريا الشمالية. ومن ثم فانه يبدو من الوقاحة عزو طلب كوريا الشمالية بتعليق المعونة الغذائية من قبل برنامج الغذاء على المعونة الغذائية لسيئول.كما ان قرار سيئول بتحويل الاغذية مباشرة يعكس ايضا عددا من العوامل المحلية.فكما هو الحال مع القانون الاميركي العام رقم 480فان كثير من الاغذية التي يتم تسليمها لكوريا الشمالية ترتبط بشكل وثيق بتنظيم فائض الارز في كوريا الجنوبية.بالاضافة الى ذلك فان التكلفة المرتفعة بشكل كبير نسبيا للتوزيع عبر برنامج الغذاء العالمي والبالغة 30%تجعل ساسة كوريا الجنوبية والبيروقراطيين فيها يفضلون التحويل المباشر. \r\n وثمة عامل اخر يمكن اخذه في الاعتبار وهو قرار كوريا الجنوبية في 2000 باعطاء معونة ارز لكوريا الشمالية على اساس القرض وليس على اساس الهبة.فقد تم ذلك على ما يبدو في محاولة لمساعدة كوريا الشمالية على الاعتراف باهمية الصفقات المتبادلة.ولان مساعدة سيئول الغذائية على اساس انها قرض لصالح الشعب الكوري الشمالي برمته فقد كان لها قوة محدودة نسبيا في ضمان شفافية التوزيع مقارنة ببرنامج الغذاء العالمي حيث يتم توفير المعونة الغذائية المجانية بشكل صارم لصالح الجماعات غير المحصنة من الناحية الاجتماعية.ومع ذلك فان سيئول تبذل كل ما في وسعها بغية منع تحويل المعونة الغذائية الى قطاعات غير ملائمة وزادت من اعداد المراقبة من مجرد مرة واحدة في 2002 الى 10 في 2004 وربما 20 في 2005.ربما لا تكون هذه الارقام مقبولة بالشكل الكافي بالنسبة لمعايير برنامج الغذاء لكنها تمثل تغيرا ملومسا بالنسبة لسيئول. \r\n وقد يكون الشيء الاكثر اهمية الذي يجب ان يوضع في الاعتبار هو ان المعونة الغذائية لا توجد من فراغ ،بل هي جزء من محاولة معقدة وشاقة من قبل حكومة كوريا الجنوبية لتحسين العلاقات بين الكوريتين والحد من التوتر العسكري ومساعدة اشقائها الكوريين الشماليين.فاحتجاج عنيف اخلاقي احادي الابعاد وبغض النظر عن حسن نيته ربما يسفر بشكل غير مقصود عن تعقيد التقدم الذي تم انجازه بالفعل. \r\n ان الادعاء المزعوم بتورط كوريا الجنوبية في قرار كوريا الشمالية الاخير يبدو في غير محله ومن غير المحتمل ان تتخلى سيئول عن تحويلاتها الثنائية من اجل برنامج الغذاء العالمي.وان كان على كوريا الجنوبية ان تتعلم بشكل جيد من خبرات البرنامج وعليها ان تعيد النظر في الخلط الحالي بين المعونة الثنائية والجماعية.كما يتوجب على المانحين الدوليين ادراك حدود التدخل الانساني في التعاطي مع كوريا الشمالية المتداعية اقتصاديا لكنها دولة قوية وصعبة من الناحية السياسية.وفي النهاية فانه يجب على كوريا الشمالية ان تعي ان التحول الى معونة التنمية يعتمد على التخرج اولا من المعونة الانسانية بطريقة مقبولة. \r\n شونع-ان مون \r\n استاذ العلوم السياسية في جامعة يونسي بسيئول \r\n . خدمة\"انترناشيونال هيرالد تريبيون-نيويورك تايمز\" خاص ب(الوطن).