\r\n \r\n \r\n ‘ تحوّلت اليابان من كونها مقدّمة للدروس إلى متلقية للمحاضرات، التي قدّمت جميعها وصفات لإصلاح وانعاش اليابان.ويبدو أنه كان يتم إهمال هذه المحاضرات، على الرغم من أن النخبة اليابانية المتعالية الجديدة تقبلتها بأدب، لكن انتهى الآن وقت المحاضرات.وعادت اليابان إلى الساحة، حيث تم تطبيق الإصلاحات فيها وعادت الحياة من جديد في عروق الاقتصاد.هل هذا هو ما حصل؟ إن الحدث الأبرز، الذي يعد غير ياباني في طبيعته، والذي وقع في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، هو انتخابات عامة فجائية فاز فيها بطريقة رائعة رئيس الوزراء الياباني الإصلاحي جونيشيرو كويزومي، غيّر من صورة اليابان كدولة غير قابلة للتغيير أو الإصلاح، لكن لم يغيّرها إلى حد كبير، ففي النهاية، لا تزال حجة المشككين قوية.وفي الماضي كان هناك العديد من الإشارات الخادعة التي تشير إلى عهد جديد خلال هذه السنوات الخمس عشرة الكئيبة، خاصة في السنوات من 1996 1998، حين تحوّلت إحدى فترات الانتعاش إلى ركود جديد ونتج عنها أزمة بنكية وحماس واضح لتطبيق الإصلاحات.ومنذ ذلك الوقت، تعاني اليابان من انكماش في الأسعار لم ينته بعد. ومنذ عام 2001، أصبح لديها رئيس وزراء، وهو كويزومي نفسه، الذي تحدث كثيراً عن الإصلاح، لكن من الصعب بمكان تحديد إنجازاته الحقيقية.بالإضافة إلى ذلك، صنّفت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية اخيرا، معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي المحتمل لليابان لبقية هذا العقد عند نسبة 1.3 في المائة فقط، على أساس ضعف نمو الإنتاجية وعدد السكان المتناقص وارتفاع معدل الأعمار.وما يجدر تذكره، أنه في الثمانينيات، حين كان التملق (أو الخوف) من اليابان في ذروته، ارتكب الكثير من المراقبين خطأً بافتراضهم أنه بما أن بعض الأمور في الدولة تسير بصورة جيدة جداً، كما كان واضحاً، فإن كل شيء يسير كذلك على نفس النهج، لذا فإن كل شيء يستحق محاكاته لا بد أن يكون التيار متجهاً للأعلى.وهذا هو السبب الذي دعا كاتب المقال الحالي بتسمية كتاب قام بنشره عام 1989، باسم «الشمس تغيب أيضاً»، وكان الكتاب يجادل بأن شمس اليابان لا تشرق فقط، فالاتجاهات قد تأخذ منحنى سلبيا كذلك.ومنذ عام 1990، تم ارتكاب الخطأ المعاكس، ونظرا إلى أن بعض الأمور سارت بصورة سيئة جداً، تم افتراض أن كل شيء يسير بصورة سيئة، للأبد، أو على الأقل في انتظار الثورة.ومن هنا جاء عنوان هذا العدد، فشمس اليابان لا تبقى غائبة كذلك، فهي تشرق أيضاً، ويبدو أنها ستشرق من الآن فصاعداً.كما ان حالة التفاؤل الكبير قوية كذلك، وهذا التفاؤل ليس قائماً على أي فكرة تقول إن نصر كويزمي يمثّل بدء مرحلة التغيير الجذري، كما انه ليس مقصوداً منه الإيحاء بأن تخصيص نظام التوفير البريدي وهو موضوع الإصلاح الذي تم من أجله الدعوة لانتخابات سبتمبر، ستحوّل اليابان بصورة سحرية من اقتصاد متراخ إلى اقتصاد أكثر نشاطا، لأنها لن تؤدي إلى ذلك، بل يستند إلى وجهة النظر القائلة ان نصر كويزومي هو تتويج لفترة طويلة من التغيير التدريجي، جالباً معه تأكيداً مرحّباً به بأنه ليس من المرجّح عكس هذا التيار.وحتى بعد نصره الساحق، فليس من المحتوم أن يحقق كويزومي ما يريد، فقوانين حزبه تنص على أنه لن يحظى سوى بعام واحد لاستغلال فترة انتدابه الجديدة.ومع ذلك، فهناك فرصة أن يقوم الحزب بتمديد فترة رئاسته، لكن هناك احتمالية أيضاً بأن يتبع أي خليفة له نهج كويزومي.وهذا سيعني أن حجم ودور الدولة اليابانية سيتقلص، خلال عملية بطيئة، لكن قاسية على مدى العقد القادم أو ما يقارب ذلك.وهذا سيعمل على تحسين التمويل العام تدريجياً الذي يعاني من حالة من الفوضى، كما سيعمل على التحسين التدريجي للاضطرابات المالية التي نشأت عن دور الدولة في العمليات المصرفية، وسيدعم تدريجياً سياسة الإصلاح، التي أصبحت معتمدة على أموال وقوة الدولة.تدريجياً، قد تكون هذه كلمة السر الخاصة باليابان.فالدولة لم تعان من حدوث ثورة، كما لم تخضع «لعلاج أو إصلاح الصدمة» الذي طبقته مارغريت ثاتشر في كل أنحاء بريطانيا في الثمانينات، أو الذي جربته بعض الدول الأوروبية المركزية في التسعينات، وليس من المحتمل أن تخضع لذلك في الوقت الحالي.فهذه الدولة ليست دولة ثورات، بل دولة تميل إلى اتباع نهج بصورة متفانية ومنتظمة حالما تحدده وتتفق عليه.وفي العقد الماضي، وعلى الرغم من أن الطريقة الرئيسة للاقتصاد الكلي المباشر والمتاعب المالية كانت تعتمد على التخبط والأمل بحدوث التحسن، إلا أنه كانت هناك عملية تدريجية من الإصلاح، ووضع مسارات ومقاييس جديدة للسلوك.وتضمنت هذه العملية تراكم العديد من التغييرات الصغيرة، بعضها في السياسة، لكن هناك أيضاً تغييرات في التنظيم المالي، وقانون الشركات، والرأي العام، والأسواق الرأسمالية وأعراف الشركات.وكان السؤالان المهمان هما:أولاً، في ما إذا كانت هذه العملية ستستمر، وثانيا، في ما إذا كانت أعباء الماضي، من ديون وانكماش، وفساد والإجراءات الحمائية، ستظل تطغى على المنافع المصاحبة للتغييرات، أو في ما إذا كانت اليابان ستصبح قريباً في موقع يؤهلها للنمو والتطور ثانيةً كأي دولة طبيعية؟.وقد أجابت انتخابات شهر سبتمبر عن السؤال الأول، لكن للإجابة عن السؤال الثاني، لا يفيد التفكر في السياسة، ولا توقع أن يتبنى رجال السياسة الإصلاحات الجذرية لإحياء الدولة.فهم لا يملكون السلطة ولا القدرة على فعل ذلك. فليس الأولى دراسة العناوين الجذابة للسياسة، بل التعمّق في دراسة نسيج الاقتصاد والمجتمع الياباني.وعلى الرغم من أنه ليس هناك أي سبب يدعو لتوقع حدوث التحوّل، إلا أنه قد يكون هناك مجال واحد للبيانات التي تحمل في طياتها حالياً الدليل في ما يتعلق بالتساؤل في ما إذا كان الانتعاش الاقتصادي سيكون مستداماً على المدى الأطول، كذلك على إعطاء مثال على بعض أكبر التغييرات التي حدثت، وهذا المجال هو التوظيف والأجور.\r\n دروس من سوق العمل \r\n اليابان القديمة كانت مشهورة بأنها الدولة ذات «الوظيفة التي تستمر لمدى الحياة»، وهو مفهوم مهم، وإن كان مُبالغاً به إلى حد ما، بأن الشركات الكبيرة تعرض على العامل عادةً عملاً تلتزم من خلاله مدى الحياة بموظفيها، مع نقابات الشركة، وذلك مقابل إخلاصهم ومرونتهم، ويتم دفع فوائد إضافية سخية وزيادات أجور وفقاً للسن والأقدمية، الأمر الذي أدى إلى قيام مجتمع عادل إلى حد ما.وكان علاج الصدمة سيتسبب بالقضاء على مفهوم العمل الدائم، مسبباً ارتفاعاً كبيراً في مستويات البطالة.ولهذا السبب لم يتم تطبيقه، فقد اختارت معظم الشركات الكبيرة الوفاء بالتزامها، طالبة من العمال بالقبول باقتطاعات الأجور وإلغاء العلاوات بدلاً من فقدان وظيفتهم، لكنها توقفت عن توظيف الخرّيجين الجدد.وفي عام 2003، تم توظيف أقل من نصف عدد الخريجين الذين تم توظيفهم عام 1997.لكن الشركات، التي ساعدها ادخال التغييرات على قانون التوظيف، وجدت المرونة بطريقة أخرى، وذلك عن طريق توظيف موظفين بنصف دوام وآخرين بعقود مؤقتة، وبتكلفة اقل بكثير من تلك المتعلقة بالعمّال العاديين.وفي عام 1990، شكّل هؤلاء العمّال «غير المنتظمين» حوالي 18.8 في المئة من القوة العاملة.وفي وقت سابق من هذا العام، وصلت النسبة إلى 30 في المئة، التي تعني بالنسبة لليابان التي تملك حوالي 65 مليونا من القوة العاملة حوالي 20 مليون شخص.ومعظم هؤلاء العمّال من النساء، والشباب، وذوي المهارات المنخفضة.ومنذ عام 2003، أتاح القانون الفرصة بأن تكون العقود مؤقتة، وبالتالي رخيصة، لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، إلا أن استخدام العاملين بموجب عقود يظل ممنوعاً في بعض القطاعات التي توظف عدداً كبيراً من الناس، بما في ذلك الرعاية الصحية والبناء، لكنه أصبح مسموحا شيئاً فشيئاً في كل القطاعات الأخرى تقريباً.فشركة كانون، على سبيل المثال، وهي شركة إلكترونيات لا تزال مصرّة على الحفاظ على التزامها الأبدي مع موظفيها «الأساسيين»، فهي توظّف 70 في المائة من مجموع موظفيها في مصانعها اليابانية بهذه الشروط «غير المنتظمة»، بعد أن كانت النسبة 50 في المئة قبل خمس سنوات و10 في المئة قبل عقد من الزمن، وذلك وفقاً لما يقوله رئيس شركة كانون، فيوجيو ميتاري.وأدّت هذه المرونة في استخدام العمّال إلى تنامي أرباح الشركات وإلى التخلّص من ديونها.وفي عام 1998 بلغت نسبة أجور العمّال حوالي 73 في المئة من إيرادات الشركات.وبحلول عام 2004، انخفضت النسبة إلى 64 في المئة. كما ساعدت عوامل أخرى على ذلك، خاصة الارتفاع الكبير في الصادرات إلى الصين بين عام 2002 2004، التي أعادت الروح إلى شركات التصنيع بمختلف أنواعها، سواء مشكّلي المعدن أو المهندسين البارعين، وسلسلة من عمليات التأميم البنكية والاندماجات ما بين الأعوام من 1998 2004، التي تم خلالها إما سداد الديون السيئة التي تبلغ تريليونات من الين أو إلغاؤها.ونتيجة لذلك، أصبحت المبالغ الضخمة من ديون الشركات المعدومة التي أضحت اليابان مشهورة بها أقل بكثير في أواخر التسعينيات، فقد انخفضت الديون غير المنتظمة التي تحتفظ بها البنوك إلى النصف لتبلغ أقل من 20 تريليون ين، بعد أن بلغت ذروتها ببلوغها أكثر من 43 تريليون ين، عام 2001.ويُعتقد أن الرقم الآن دقيق إلى حد ما، في حين أنه وحتى عام 2001 أو ما يقارب ذلك، كان يتم التقليل بصورة كبيرة ومتعمدة من الأرقام الرسمية للديون غير المنتظمة. \r\n إلا أن مرونة العمالة لم تكن بلا ثمن، فقد عززت الأجور المنخفضة من الأرباح، لكنها أضعفت كذلك من الطلب.وفي السنوات الأخيرة، كان مصدر الاستهلاك هو الأسر التي اختارت توفير مالاً أقل من دخلها.واليابان التي كانت مشهورة في الثمانينيات بأنها دولة المدّخرين، أصبح فيها الآن أسر لا يبلغ معدل توفيرها سوى 5 في المائة من دخلها المتوفر، وهي تعادل ثلث مستواها في عام 1990.وتم إيجاد فرص عمل جديدة، لكن ببدء عام 2005 كان معظم العمّال لا يزالون يعملون بنصف دوام أو بموجب عقود مؤقتة.ويحقق العاملون بنصف دوام في اليابان عادة دخلا أقل من نصف ما يجنيه العامل بدوام كامل محسوب بعدد ساعات العمل.وأقل عمّال العقود أجراً، مثل عمّال تكديس البضائع في المتاجر، يجنون من 600 800 ين في الساعة، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى للأجور في بريطانيا.ولا عجب في أن يتم تصنيف كتاب المحلل الاقتصادي تاكورا موريناغو من بين أكثر الكتب مبيعاً بين عامي 2003 2004 بكتابه حول كيف يمكن أن تعيش بثلاثة ملايين ين سنوياً، فقد انتهى بذلك عمر الفكرة التي تصنف اليابان كدولة عالية التكلفة.وطالما أن الأجور كانت في انخفاض وأن الوظائف الجديدة أرخص وأقل أمناً، لم يكن هناك فرصة ليصبح النمو الاقتصادي مستداماً بحق. ولربما كان خفض التكلفة والمرونة شرطين أساسيين من شروط الشفاء النهائي، لكن لم يكن له بحد ذاته التسبب بهذا الشفاء.وكما حدث في أمريكا خلال فترة الكساد العظيم، فإن انخفاض الطلب ساعد على معادلة التحسينات التي كانت تحدث في قطاعات اقتصادية أخرى.بالإضافة إلى ذلك، فإن هناك حدوداً لما يستطيع النمو المدفوع بالصادرات تحقيقه، وهو الأمل الكبير لعامي 2002 2004، بالنظر إلى فائض الحساب الجاري في اليابان (البالغ 3.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي)، واحتمالية أن يقوى الين مقابل الدولار، وخطر تباطؤ الطلب في أسواق اليابان الخارجية الرئيسة، وهي الصين وأمريكا.إلا أنه، ومنذ شهر ابريل (نيسان)، أظهرت بيانات التوظيف شيئاً مختلفاً جديداً وواعداً، حيث بدأ التوظيف بدوام كامل في النمو بشكل أسرع من التوظيف بنصف دوام لأول مرة منذ عقد، وعلى الرغم من أن بعض هذا النمو كان لا يزال وظيفة بدوام كامل بموجب عقد، إلا أن التوظيف المنتظم في ارتفاع كذلك.كما ان الأجور في ارتفاع في أسرع معدّل لها منذ عام 1998 (والذي يعني بصورة رئيسة أنها ترتفع أخيراً)، كما أن العلاوات عادت ثانية.وما زال الوقت مبكراً جداً على معرفة كم ستكون قوة هذا الارتفاع في مستوى التوظيف والأجور، وعلى الأرجح أن تأثيرها سيكون تدريجياً، إذ قد يحاول الناس إعادة بناء مدخراتهم بدلاً من إنفاق كل إيراداتهم، وستساهم المنافسة من الدول المنخفضة التكلفة، مثل الصين والهند، على الحد من أرباح الأجور، وليس من المحتمل أن تقوم الشركات التي تضررت في الخمسة عشر عاماً الماضية بالبدء بالاستثمار والانغماس في فورة توظيف، إلا أن ما يوحيه هذا التطور هو أن آخر فترة انغماس من الفترات الثلاث، والتي كبحت جماح الأداء الاقتصادي منذ عام 1990 ديون الشركات الكبيرة جدا، والطاقة المعطلة والعمالة الزائدة قد تكون على وشك الانتهاء أخيراً.وقد تكون كلمة الانتهاء كلمة قوية، بما أن قضية في ما إذا كان هناك شيء زائد عن الحد هي قضية غير موضوعية. فقد انخفضت نسبة الدين بالنسبة لأرباح التشغيل للشركات الكبيرة والمتوسطة الحجم إلى المستويات الطبيعية لسنوات الثمانينيات، أي أقل من 10 في المئة، مقارنة مع 15 20 في المئة في فترة ذروتها في عام 1999.وستتحمل الشركات الصغيرة ديناً تقارب نسبته 15 في المئة من أرباح التشغيل، إلا أن هذه النسبة أيضاً انخفضت بعدما تجاوزت 20 في المئة عام 1999.أما الطاقة الفائضة، فهي قضية غير موضوعية على وجه الخصوص، فقد ارتفع معدّل استخدام القدرة وفقاً لوزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة ثانيةً ليصل إلى المستوى الذي كان عليه عام 1992، وتتمثل تصوّرات رجال الأعمال، وفقاً لمسح تانكان المعتاد الذي قام به بنك اليابان، باختفاء الطاقة الفائضة بصورة كبيرة.إلا أن القضايا المهمة الآن تدور حول الخطر، والاستقرار، والحوافز.وخلال التسعينات، وعلى الرغم من أن اليابان لم تعان إلا من الركود ولم تصل إلى حد الانهيار، إلا أن مخاطر حدوث الانهيار كانت قائمة.واختفى هذا الخطر بتصفية الشركات لديونها وإصلاح البنوك.ولا شك أن البنوك تعتقد ذلك، فقد بدأ مستوى إقراضهم بالتوسع ثانية لأول مرة منذ عام 1998.ويبدو البديل الآن إما النمو البطيء أو النمو الأسرع، وليس النمو أو هبوط الأسعار.علاوة على ذلك، فإن الاقتصاد الذي يعتمد على زيادة الانفاق الخاص من قبل العائلات والشركات، سيتبع على الأرجح طريقاً أكثر ثباتاً من ذلك الذي يعتمد فقط على الطلب على الصادرات أو الانفاق العام، لكن ما يهم أكثر هو كيف سيتم استغلال هذا الانفاق.وهذا السؤال يتعلق بقضية في ما إذا كانت الحوافز التي تدفع مثل هذا النوع من الإنفاق قد تغيّرت، حوافز الشركات لتبديد المال أو استخدامه بصورة جيدة، وحوافز رجال السياسة والبيروقراطيين لاستغلاله بصورة سيئة، سرقته أو تشويهه. \r\n ثورة سرية جداً \r\n وهنا يأتي دور التغيرات الصغيرة العديدة، وهناك طريقة سهلة لفهم ما حدث في اليابان في الثمانينيات والتسعينيات، وهي أن ينتهي الأمر بدولة تملك العديد من نقاط القوة، خاصة مستوى تعليم مرتفع، وتكنولوجيا رائعة، وتنسيق اجتماعي قوي بين شركاتها، بخسارة قواعد ضبط العمل الخاصة بها وحوافزها، خاصة في أواخر الثمانينات عندما خاضت فترة من أكثر فترات ازدهار الأصول في تاريخ العالم.وبإغراء من النجاح ورأس المال المنخفض التكلفة كما يبدو، توسعت الشركات ونوّعت إنتاجها بصورة متهورة.وقامت البنوك بتقديم القروض بغض النظر عن خطر قابلية نجاح الشركة.وعارض البيروقراطيون والسياسيون النداءات الداعية إلى إلغاء القيود، الأمر الذي كان سيتسبب بتوسيع المنافسة وتشجيع الابتكار، لأنهم لم يعتقدوا أن ذلك كان ضرورياً.وسدت مجموعات الضغط وأصحاب المصالح الطريق أمام التغيير، خاصة عن طريق رشوة السياسيين.وتمت رشوة الإعلام من قبل السياسيين والشركات.وربما كان متوقعاً أن يتسبب انهيار أسواق البورصة والعقار بعد عام 1990 والركود الناتج عنه بإيقاع الاضطراب في كل هذا، لكنه لم يتسبب بذلك لسببين رئيسيين:الأول، هو أن رد الفعل الاقتصادي الأساسي على هبوط الأسعار، أي الانفاق الكبير في الأشغال العامة، أغنى أكثر بعض جماعات الضغط والعديد من السياسيين، مما جعلهم أكثر قدرة على مقاومة التغيير، وأدت السياسة النقدية التوسعية إلى إضعاف آلية الأسعار التي كان من المُفترض أن تفرض النظام.أما السبب الثاني، فهو أن البيروقراطيين والشركات، قرروا عدم الاعتراف بما كان يحدث فعلاً وذلك لعدة أسباب اجتماعية وسيكولوجية.ولم تكن خمسة عشر عاماً من المحاولة التدريجية للتخلص من الزيادات المفرطة المتوارثة من أيام الثمانينات، ما كان سينصح به المحللون أو يتوقعونه في عام 1990، سواء كانوا خبراء أجانب أو يابانيين.وكانت تلك الفترة أكثر الفترات إيلاماً وفاقت أكثر التوقعات تشاؤماً ولم يتجنب آثارها السلبية سوى طوكيو المزدهرة.فقد عانت المدن الإقليمية والمناطق الريفية بصورة كبيرة من الشوارع المغلقة وارتفاع مستويات الفقر.وارتفع معدّل الانتحار بنسبة تجاوزت 50 في المئة منذ عام 1990، لتصل إلى 34500 حالة عام 2003.وبمعايير اليابان، ارتفع معدّل الجريمة كذلك، على الرغم من أن معدّلها ظل منخفضاً مقارنة مع أمريكا ومعظم دول أوروبا الغربية.ومع ذلك، وبالمقارنة مع ما كان يمكن أن يحدث في معظم الدول المتقدمة الأخرى، لو عانت من نفس هذه التجربة المطوّلة، فإن المجتمع الياباني حافظ على استقراره بصورة لافتة للنظر.لكن وعلى الرغم من الحفاظ على استقرار المجتمع، إلا أن ظهور الشلل السياسي مُضلّلاً.وفي الواقع، فقد تغيّر الكثير شيئاً فشيئاً وخطوة بخطوة، إلى ما بدا أنه إدراك متأخر لنوع من أنواع الثورة السرية.ولا تزال التغييرات مستمرة ومتنازع عليها، لذا فمن المبكر الحكم في ما إذا كان من المناسب استخدام هذه الكلمة، لكن ما تسببت به هذه الثورة القائمة بالفعل هو تغيير العديد من الحوافز التي تحيط بالسلوك السياسي وسلوك الشركات.وكان لا بد من ذلك، لأنه في الأعوام ما بين 1985 1995 أثبتت الشركات اليابانية أنها لا تحسن بصورة كبيرة للغاية استخدام أموالها أو بالأحرى أموال مساهميها، ولم يفد القانون التجاري ولا المحاكم المساهمين كثيراً.وأدخلت البنوك، كما هو مُفترض، قواعد ضبط السلوك في النظام بواسطة قدرتها على التدخل في شؤون زبائنها المهمين حين تسوء الأمور، إلا أن مثل هذه التدخلات تراجعت بتضخم فقاعة الأصول، وقلت أكثر حين عانت البنوك من مشاكل كثيرة مع زبائنها.ومن ثم، أبقت البنوك على وجود ما يُعرف باسم الشركات «المرعبة»، خوفاً من الاعتراف بديونها السيئة، ومن التسبب بالبطالة، أو من إيقاع الاضطراب في الخطط الجماعية جميعها.وكان هذا يُسمّى بالاشتراكية المالية، وكان المديح هو المقصود منه، وانتهى ذلك الزمن منذ وقت طويل.والآن هناك نكتة تنتشر بين سكّان طوكيو عن الطلاب الصينيين الذين يدرسون دورات هناك، إذ يسألهم أحدهم عن سبب قضائهم وقتاً أطول مع الصينيين الآخرين بدلاً من قضائه مع الطلاب اليابانيين، ويكون جوابهم:لأننا نخشى أن يعلّمنا الياباني الاشتراكية..وبالطريقة التي تسير بها الأمور، قد تصبح هذه النكتة قريباً قديمة . \r\n \r\n