ويطلق دليل حرية الصحافة العالمية على هذه الدول أنها \"ثقوب سوداء للأخبار\"، لأنه ببساطة لا توجد فيها إصدارات إعلامية مستقلة، كما يواجه الصحفيون العاملون في المؤسسات الإعلامية المملوكة للدولة قيودا قاسية في هذه الدول. \r\n يقول التقرير: \"إن الصحفيين في هذه الدول يزيدون قليلا عن كونهم أبواق للدعاية الحكومية، ومن يخرج عن الخط يتم التعامل معه بقسوة، فكلمة واحدة تعتبر شيئا لا لزوم له، وأي تعليق ينحرف عن الخط الرسمي للحزب، حتى ولو كان اسما كُتب بطريق الخطأ، فإن الكاتب يمكن أن يُرمى به في السجن أو أن يجلب على نفسه غضب هؤلاء الذين في السلطة\". \r\n \"فالمضايقات والضغط النفسي والترويع والمراقبة لمدة 24 ساعة تعتبر أشياء روتينية\". \r\n ومع هذا فإن الديمقراطيات الغربية قد جاء أداؤها أيضا سيئا للغاية في دليل هذا العام، وقد كان التغيير الأكبر في الولاياتالمتحدة والتي انخفضت أقل من 20 مركزا، ويرجع هذا الانحدار جزئيا إلى سجن جوديث ميلر الصحفية بصحيفة نيويورك تايمز، حيث أمضت 85 يوما في السجن من أجل حماية مصادرها الصحفية. \r\n وقد انخفضت فرنسا أيضا 10 درجات في دليل حرية الصحافة لتصبح في المركز الثلاثين. ويستشهد التقرير ب\"تفتيش المكاتب الإعلامية بأمر المحكمة، واستجواب الصحفيين، وتقديم حالات جديدة من الإساءة للصحافة\" باعتبارها مبررات لهذا الهبوط. \r\n وفي العديد من الحالات لا ينتهي الاضطهاد بالتهديدات النفسية، فالعمل في الصحافة في أوزبكستان (والتي جاءت في المركز ال156) يمكن أن يكون عملا مهددا للحياة، وخذ مثالا على ذلك حالة جاليما بوخاربيفا، وهي مراسلة سابقة لمعهد صحافة الحرب والسلام. \r\n وبوخاربيفا هي واحدة من أربعة فائزين بالجائزة الدولية لحرية الصحافة لعام 2005 بسبب مخاطرتها بحياتها أثناء تغطيتها لمقتل المئات من المحتجين على يد القوات الحكومية في مدينة أنديجان في مايو. ففي أثناء هذه الفوضى اخترقت رصاصة حقيبتها التي تحملها على ظهرها، مخترقة مفكرتها وتصريح المرور الصحفي الخاص بها. \r\n وجائزة هذا العام التي تقدمها لجنة حماية الصحفيين في 22 نوفمبر تذهب أيضا إلى صحفيين من زيمبابوي والبرازيل والصين، عانوا من الضرب والتهديد والحبس بسبب عملهم. \r\n ومن بين هؤلاء بياتريس متيتوا، وهي محامية إعلامية في زيمبابوي، حيث يستخدم القانون هناك كسلاح ضد الصحفيين المستقلين. ورغم القبض عليها وتعرضها للضرب بسبب عملها فقد استمرت في مخاطرة شخصية كبيرة من أجل الدفاع عن الصحفيين، وحصلت على البراءة عدة مرات لعدد من الصحفيين الذين كانوا يواجهون تهما جنائية. \r\n كما قدم لوسيو فلافيو بينتو، وهو ناشر ومحرر لصحيفة جورنال بيسول نصف الشهرية، تقارير شجاعة عن تجارة المخدرات، وتدمير البيئة، والفساد السياسي والاقتصادي في منطقة شاسعة ونائية من مناطق الأمازون في البرازيل. وقد تم الاعتداء عليه وتهديده بالقتل، إضافة إلى سيل مستمر من الدعاوى القضائية المدنية والجنائية التي تهدف إلى إسكاته. \r\n وشي تاو صحفي حر في مجال الإعلام على الإنترنت، وهو محرر لصحيفة دانجداي شانج باو، وهي صحيفة تجارية صينية. وقد أثارت مقالاته حول الإصلاح السياسي، والتي تم نشرها على مواقع الأخبار على الإنترنت، حنق السلطات، وهو الآن يقضي عقوبة بالسجن لمدة عشر سنوات بتهمة \"تسريب أسرار الدولة إلى الخارج\". \r\n تقول آن كوبر، المدير التنفيذي للجنة حماية الصحفيين: \"لقد هوجم هؤلاء الصحفيون بطرق عديدة من قِبل من يجلسون في مواقع السلطة، والذين يصممون على إخفاء أفعالهم، ولكن هؤلاء الصحفيين أظهروا شجاعة فوق العادة في مواجهة المخاطر الكبرى، كما أظهروا تمسكا وتفانيا في الدفاع عن التدفق الحر للمعلومات المهمة\". \r\n وعلى كل فإن الصحفيين يواجهون موقفا صعبا على مستوى العالم، وقد أحصت منظمة صحفيين بلا حدود حتى الآن 51 حادثة قتل وسجن 107 صحفيا في عام 2005. ولا تزال العراق هي أخطر الدول؛ حيث قُتل هذا العام 24 صحفيا ومساعدا إعلاميا على الأقل. \r\n كما تقول المنظمة إن الموقف هناك هو \"الصراع الأكثر خطورة على الحياة بالنسبة لوسائل الإعلام منذ الحرب العالمية الثانية؛ لأنه أثبت أنه أكثر خطورة على الحياة بالنسبة لوسائل الإعلام في شهور قليلة أكثر مما كان الوضع في حرب فيتنام بأكملها\". \r\n ويدحض دليل حرية الصحافة العالمية لعام 2005 الحجة التي يحتج بها الزعماء المستبدون بأن الديمقراطية يمكن أن تستغرق عقودا لكي ترسخ نفسها؛ حيث أظهر الدليل أن تسع دول حصلت على استقلالها في ال15 سنة الماضية قد جاءت بين الدول ال60 الأكثر حرية. \r\n وفي تصريح لآي بي إس قال لويس موريلون، ممثل صحفيون بلا حدود في واشنطن: \"عندما تكون هناك إرادة سياسية حقيقية، ومهما يكن قصر عمر الدولة أو ضعفها، فإن احترام حقوق الإنسان وحرية الصحافة يمكن تحقيقهما دون تعريض النظام الحاكم للخطر\". \r\n وعلى سبيل المثال تحتل سلوفينيا المركز التاسع وناميبيا المركز ال27 وتيمور الشرقية المركز ال58. \r\n وينكر التقرير أيضا الربط بين التنمية الاقتصادية والديمقراطية؛ حيث يؤكد موريلون على أن \"الفقر لا يمكن أن يكون عذرا لانتهاك حقوق الإنسان؛ فمجيء دولة مثل بنين في المركز ال25، متقدمة بذلك على الولاياتالمتحدةوفرنسا، يظهر أن الدولة يمكن أن تحترم حرية الصحافة حتى ولو كان مستوى دخل الفرد من إجمالي الإنتاج القومي لديها منخفضا للغاية. \r\n وتأتي دول شديدة الفقر مثل مالي (المركز 37) وموزمبيق (49) والنيجر (57) في المراكز ال60 الأولى في الدليل. \r\n وقد ظهر دليل الصحافة العالمي لأول مرة عام 2002، ويُطلب في هذا التقرير من المنظمات المشاركة لمنظمة صحفيين بلا حدود، ومن شبكة مراسليها التي تتكون من 130 مراسلا، والباحثين، ونشطاء حقوق الإنسان، الإجابة على 50 سؤالا تُستخدم لتقدير حالة حرية الصحافة في كل دولة. وينبغي استبعاد بعض الدول من الدليل بسبب نقص المعلومات.