ومن الغريب أن أكثر إصابات الزلزال قد وقعت على جانبي خط المراقبة المحصّن، والذي مثل الحدود بين الأجزاء التي تسيطر عليها كل من باكستان والهند في هذه المملكة السابقة التي تم تقسيمها عام 1947 بين هاتين الدولتين الواقعتين في جنوب شرق آسيا، وذلك في أعقاب الاستقلال. \r\n وفي حين لقي حوالي 450 شخصا مصرعهم على الجانب الهندي من خط المراقبة (250 منهم في مدينة كرنة الحدودية) تلقى الجزء الذي تسيطر عليه باكستان من كشمير عبء المأساة، حيث يقدر المسئولون عدد القتلى بحوالي 30 ألفا في هذا الزلزال الذي بلغت قوته 7.6 على مقياس ريختر. \r\n من جانبها كانت الهند الدولة الأولى التي عرضت تقديم مساعدات من أجل عمليات الإنقاذ والإغاثة، ولكن بعد حوالي 24 ساعة لم تصدر أي إشارة من حكومة إسلام أباد العسكرية تشير إلى استعدادها رسميا لقبول هذه الإشارة. \r\n وبحسب سانجاي بارو المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء الهندي فقد اتصل رئيس الوزراء الهندي مانموهان سنج بالرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف هاتفيا مساء السبت، وعرض كل مساعدة ممكنة في أعمال الإغاثة. \r\n وبحسب التقارير فإن سنج قد قال لمشرف: \"رغم أن أجزاء من الهند قد عانت من هذه الكارثة الطبيعية غير المتوقعة، فنحن مستعدون لتقديم أي مساعدة ترونها مناسبة تتعلق بالإنقاذ والإغاثة\". \r\n وفي لقاء أجرته آي بي إس مع كمال ميترا شينوي، الذي يقوم بتدريس السياسة المقارنة في جامعة جواهر لال نهرو العريقة في العاصمة الهندية، علق على هذا قائلا: \"لقد كانت الاستجابة ستكون أفضل إذا كانت باكستان محكومة بحكومة مدنية حقيقية\". \r\n وأضاف شينوي: \"إن الهند تقع في موضع فريد يؤهلها لتقديم المساعدة في أعمال الإغاثة في كشمير الباكستانية (أو أزاد جامو وكشمير كما تُسمى رسميا في باكستان) بسبب العمليات اللوجسيتة المحضة التي يتطلبها الأمر\"، مشيرا إلى أن إسلام أباد فضلت بدلا من ذلك المساعدات القادمة من دول بعيدة مثل بريطانيا والولاياتالمتحدة. \r\n وإذا كانت الدولتان قد وافقتا فقد كان من الممكن أن تقوم الهند بتقديم الإمدادات للمناطق المتأثرة بالزلزال في خلال ساعات لأنها تمتلك طائرات عسكرية للنقل الثقيل، كما أن لديها وحدات عسكرية في الجبال معتادة على هذه المنطقة. \r\n ويتابع شينوي قائلا: \"ولكن للأسف لا يزال المدخل عسكريا وليس إنسانيا\". \r\n والعديد من أجزاء كشمير الباكستانية، التي ضربتها بشدة الانهيارات الأرضية التي أحدثها الزلزال، يسهل بكثير الوصول إليها من الجانب الهندي، كما أن هناك في الحقيقة تقارير عن تعاون محدود على الأرض بين الوحدات العسكرية المحلية على كلا الجانبين. \r\n وقد قامت القوات الجوية الهندية بالفعل بنشر طائرات الهيلكوبتر الخاصة بالنقل الثقيل وطائرة إليوشين76 العملاقة من أجل المسارعة في تقديم المساعدات وكذلك المهندسين وأفراد من الأطباء إلى سرنجار، وهي العاصمة الصيفية لكشمير الهندية، إضافة إلى الجهود التي أشرف عليها براناب موكيرجي وزير الدفاع، وسونيا غاندي رئيسة الائتلاف التقدمي الحاكم. \r\n وقد صرح ماهيش يوباسيني، أحد المتحدثين باسم القوات الجوية، قائلا: \"لقد قمنا بالفعل بإخلاء العديد من الأشخاص المصابين إلى مستشفيات في سرنجار، كما نركز في الوقت الحالي على تقديم اللوجستيات والدعم مباشرة للمتضررين في أجزاء عديدة من كشمير\". \r\n ومع هذا فإنه لم يتوفر أي شيء من القدرات الهائلة للقوات المسلحة الهندية في القرى والمدن المنكوبة على الجانب الباكستاني، والتي يمكن رؤيتها بوضوح من النقاط المرتفعة على الجانب الهندي من خط المراقبة. \r\n وقد اكتسبت القوات الهندية سمعة فيما يتعلق بالإغاثة الفعالة في حالات الكوارث في الدول المجاورة في أعقاب إعصار تسونامي عندما كانت سفنها التابعة للأسطول هي أولى السفن التي تصل بالإغاثة والمساعدات إلى سريلانكا وإقليم أتشيه في إندونيسيا. \r\n وبحسب تقارير إخبارية فإن حوالي 11 ألف شخص على الأقل قد لقوا حتفهم في مظفر أباد، وهي المدينة الحدودية التي تمثل عاصمة كشمير الهندية؛ حيث دمر الزلزال ما يُقدر ب60 بالمائة من بنيتها التحتية. \r\n وبينما تنتظر الهند كلمة من أجل قبول معوناتها بدأت المعونات تتدفق على باكستان من الولاياتالمتحدة واليابان وفرنسا وتركيا وأستراليا والاتحاد الأوروبي في شكل أموال وتجهيزات، وكلاب للبحث، وفرق للإنقاذ، وأفراد من الشرطة. \r\n وقد أكد شينوي أنه كان من الصعب على باكستان أن تقبل مساعدة من الهند في وقت استدعت فيه تحكيما دوليا من أجل تسوية النزاع حول المشاركة في مياه نهر الإندوس وفروعه التي تتدفق من كشمير الهندية إلى الأراضي الزراعية الباكستانية. \r\n وفي حين كان يمكن للجهود المشتركة في الإغاثة أن تضيف إلى بناء الثقة بين البلدين فإن الاستجابة المتأخرة من إسلام أباد على دعوة رئيس الوزراء ماتنموهان سنج قد تسببت في قدر من الحرج. \r\n حيث يشير شينوي إلى أن: \"البروتوكول جعل من الصعب على الهند أن تكرر عرضا قدمته بالفعل\"، مضيفا أن هناك \"صقورا\" على كلا الجانبين أرادوا ضمان أن تكون هذه الكارثة الطبيعية أداة للإسراع في خطوات السلام. \r\n وكان الزلزال قد ضرب المنطقة في نهاية الأسبوع بعد أن كان ناتوار سنج وزير الخارجية الهندي قد أمضى أربعة أيام من أجل صياغة وثيقة مشتركة تؤكد تحرك البلدين من أجل وقف التسلح في نهر سيحان الجليدي، وهو \"أعلى وأكثر ساحات القتال في العالم تكلفة\". \r\n وإبقاء القوات في نهر سيحان، والذي يرتفع 6.300 مترا فوق سطح البحر، يكلف الهند أكثر من مليون دولار يوميا، إضافة إلى الخسائر البشرية الناجمة عن التعرض للارتفاعات الشاهقة ودرجات الحرارة التي يصل متوسطها إلى 40 درجة مئوية تحت الصفر. \r\n وتصر الهند على أن يتم بشكل رسمي تعيين مواقعها الحالية فوق هذه الكتلة الجليدية الإستراتيجية، والتي تطل أيضا على طريق كاراكورم في الصين، قبل أن تقوم بسحب قواتها، لكنها واثقة من عقد صفقة في الجولة التالية من المباحثات المشتركة في يناير القادم. \r\n ومنذ نوفمبر 2003 لم تحدث أي أعمال حربية أو أي قصف سواء في سيحان أو بقية خط المراقبة، وهو ما سمح بإجراء سلسلة من \"المباحثات المشتركة\" التي تأخذ في اعتبارها مجموع العلاقات الهندية الباكستانية وليس كشمير وحدها. \r\n وقد نُظر إلى وقف إطلاق النار باعتباره تقدما في العلاقات الثنائية المتعسرة –إذا أُخذ في الاعتبار أن الدولتين كانتا قد أمضتا أغلبية عام 2002 على حافة الحرب– كما تم بالفعل تسهيل إعادة ربط البلدين عن طريق الحافلات والسكك الحديدية والطيران. \r\n وفي أبريل بدأت الجارتان المتنافستان تشغيل خدمة الحافلات بين سرنجار ومظفر أباد بهدف تقليل الصعوبات التي تسبب فيها تقسيم خط المراقبة للعائلات الكشميرية منذ عام 1947. \r\n وقد تم مؤخرا ولأول مرة تنشيط \"خط ساخن\" جديد كان قد تم إنشاؤه بين الدولتين من أجل منع الإخطار الطارئ للمعلومات النووية؛ فقد قام وكيل وزارة الخارجية الهندية شيام ساران يوم السبت الماضي بالاتصال بنظيره الباكستاني رياض محمد خان من أجل عرض المساعدة فيما يتعلق بعمليات الإغاثة في أعقاب الزلزال. \r\n وكانت الدولتان قد خاضتا عدة حروب بسبب كشمير، وكانت أخراها عند خط المراقبة في كارجيل عام 1999، والتي شهدت إسقاط طائرات عسكرية لكلا الجانبين والتهديدات باللجوء للأسلحة النووية. \r\n وفي ديسمبر 2001 تبخرت أي فرصة في السلام في أعقاب انتهاء الأعمال العسكرية القصيرة والدموية في كارجيل عندما قامت مجموعة انتحارية بمحاولة تفجير مبنى البرلمان الهندي بسيارة محملة بالمتفجرات. وكانت أعمال العنف في كارجيل قد توقفت بسبب المساعي الحميدة التي قام بها بيل كلينتون، حيث كان يشغل منصب الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت. \r\n وقد ألقت الهند باللوم على باكستان في هذا الهجوم كما اتهمت دائما جارتها بتسليح ودعم التمرد \"الجهادي\" المسلح في كشمير الهندية ذات الأغلبية المسلمة، وهو ما تسبب في مقتل أكثر من 50 ألف شخص منذ برز هذا الكفاح إلى السطح عام 1989. \r\n وبحسب الكولونيل ه. جونيجا، المتحدث باسم الجيش، فإن الجيش الهندي قد قام بالفعل يوم الأحد بإطلاق النار على ثمانية مقاتلين وقتلهم في مدينة جولمارج، المعروفة برياضاتها الشتوية؛ حيث كان يُعتقد أن هؤلاء المسلحين قد قاموا باختراق خط المراقبة قبل ذلك بيومين. \r\n ومن جانبها أنكرت باكستان أي دور لها في التمرد لكنها أقرت بتقديمها الدعم المعنوي والسياسي للكشميريين في \"كفاحهم من أجل تقرير المصير\". وفي الوقت الذي أحرزت فيه محادثات السلام وإجراءات بناء الثقة تقدما ملحوظا استمرت الهند في اتهام باكستان بتشغيل معسكرات تدريب للجماعات المقاتلة في الجزء الذي تسيطر عليه باكستان من كشمير وهو الجزء الذي أحدث فيه الزلزال الدمار الأكبر. \r\n ويقول أحد المحللين في الجيش الهندي: \"إن الشيء الأخير الذي تريده باكستان هو أن يسير الجيش الهندي في منطقة معروفة بوجود العديد من الجماعات المقاتلة فيها\". \r\n ومما يثير التشاؤم أن الزلزال قد تسبب بشكل سيء في تدمير أمان سيتو (جسر السلام) المقام عبر خط المراقبة، وأكد متحدث باسم الجيش يوم الأحد أن خدمة الحافلات سوف تتوقف بشكل مؤقت.