في الواقع إننا الآن أمام فرصة نادرة لتقويم مسارين مختلفين جذرياً: هل من الأفضل ان نترك الآخرين يتعاملون مع الإرهابيين والدول المارقة عبر الدبلوماسية والمصالحة، أم من الأفضل استخدام التدخل الأميركي الاستباقي لإحلال الديمقراطية مكان حكم الطغاة؟ شهدنا في السنوات القليلة الماضية الكثير من النقاش الغاضب حول جهود ومقاربات الولاياتالمتحدة في أفغانستان والعراق، لكن دعونا نلقي نظرة متفحصة على الأوضاع المتكشفة في غزةوإيران وكوريا الشمالية. \r\n \r\n \r\n في غزة، يوشك الفلسطينيون على تحقيق أمنيتهم بالاستقلال، وما سيتيح ذلك هو إما دولة ذات حكم ذاتي تحترم القانون، أو أن حماس والجهاد والسلطة الفلسطينية سوف يتصرفون بطيش ويتفاخرون بطرد اليهود.على أي حال فإن الخيار متروك الآن في أيدي الفصائل الفلسطينية المختلفة، بعد أن تخلت الولاياتالمتحدة عن خيار العمل بطريقة أوسلو. وبوسع الفلسطينيين أن يظهروا للعالم أن غزة الحرة هي نسخة تمهيدية لضفة غربية مستقرة. \r\n \r\n \r\n وفي هذه الأثناء دعونا نتأمل في هذا البيان الرسمي الصادر عن كتائب شهداء الأقصى، الجناح المسلح لحركة فتح التي تحكم الفلسطينيين، حول الانسحاب الإسرائيلي الطوعي من غزة: «فلسطين ليست غزة فقط بل فلسطين هي فلسطين من النهر إلى البحر».ثم هناك إيران ومحاولة قيادتها امتلاك برنامج نووي. وبرغم احتياطيات النفط والغاز الطبيعي الهائلة التي تمتلكها إيران، فإنها تقول إنها بحاجة للطاقة النووية لسد احتياجاتها من الطاقة. \r\n \r\n \r\n يا للغرابة! فالمنطق كان يقول بأن الإيرانيين سيتصرفون بشكل أكثر حكمة عندما تحدث معهم الأوروبيون بأسلوب دمث لطيف، فيما بقي الأميركيون «الأشرار» بعيداً عن الساحة.وحتى الآن عرضت أوروبا على إيران برنامجاً مشتركاً لبناء خط أنابيب جديد ومساعدتها في أجندة طاقتها النووية المدنية وإبرام معاهدة عدم اعتداء معها، بينما وجهت أيضاً انتقادات للولايات المتحدة. \r\n \r\n \r\n والآن ستستجيب إيران لمحاولات استرضائها من قبل الأوروبيين إما بالعودة ثانية إلى الأسرة الدولية أو بتزويد صواريخها برؤوس نووية، لتحصل بذلك على مزيد من التنازلات من أوروبا.وأياً كانت النتيجة، فالولاياتالمتحدة ستبقى على ما يبدو خارج المسرح، وما سيحدث سيكون إرثاً دبلوماسياً خاصاً بأوروبا. \r\n \r\n \r\n وأيضاً بدون تدخل أميركي، احتفلت الكوريتان الشمالية والجنوبية أخيراً معاً بالذكرى السنوية الستين لتحررهما من الاحتلال الياباني. ولم يتطرق أحد لذكر الإسهام الأميركي في تحريرهما، لا بل ان الكثيرين في كلا البلدين عبروا عن غضبهم من الولاياتالمتحدة لقيامها بالتفريق بين البلدين، وكثيراً ما يصرح كوريون جنوبيون بارزون بأن أميركا، وليس النظام الستاليني، هو سبب الحرب الكورية. \r\n \r\n \r\n ومع ذلك فإن الإدارات الأميركية الحالية رفضت الدخول في مفاوضات أحادية مع بيونغ يانغ وأصرت على انتهاج مسلك المفاوضات متعددة الأطراف ونزلت عند رغبة كوريا الجنوبية، وأحياناً يبدو أننا لن نمانع في تلبية أي دعوة من كوريا الجنوبية لمغادرة المنطقة منزوعة السلاح كلياً بحيث تستطيع التصالح مع شقيقتها «الاشتراكية» الحميدة في الشمال. \r\n \r\n \r\n وهذه الأمثلة الحية على استخدام السبل الدبلوماسية تكشف عن أوجه اختلاف صارخة عند مقارنتها بالعمليات العسكرية التي تقوم بها الولاياتالمتحدة في العراق وأفغانستان، والزمن وحده سيخبرنا أي المسلكين هو الأكثر صواباً وحكمة.ربما تصبح غزة المحررة شيئاً يشبه تركيا الديمقراطية وربما تتوصل إيران والأوروبيون إلى شراكة سلمية. وربما يضع الكوريون الشماليون أسلحتهم جانباً ويبدأون بالعمل باتجاه إعادة توحيدهم مع الجنوب. \r\n \r\n \r\n وفي المقابل ربما تنزلق الأمور في أفغانستان والعراق إلى مزيد من الفوضى لتؤكد صحة ظنون الكثيرين بأن فرض الحلول الأميركية على المشاكل المحلية المعقدة في هذين البلدين كان خطأ.أو ربما تتحول غزةوإيران وكوريا الشمالية إلى منابع للبؤس القاتل خارج حدودها. وفي هذه الأثناء وبفضل تضحيات الجنود الأميركيين، \r\n \r\n \r\n ربما يستقر العراق وأفغانستان ليستمتعا بأول حكومتين دستوريتين في الشرق الأوسط بالطريقة نفسها التي أصبحت فيها اليابان، إيطاليا، كوريا الجنوبية، تايوان، أوروبا الشرقية، بنما ودول البلقان أكثر ديمقراطية واستقراراً الآن بفضل العزيمة والتضحيات الأميركية.وحتى الآن، تنتابني الشكوك فيما إذا كان الفلسطينيونوالإيرانيون والكوريون الشماليون سوف يهدأون من جراء مراعاة الآخرين لهم، وعاجلاً أم آجلاً ربما يكونون على موعد للقاء الأميركيين الهادئين المتوارين في الظلال الآن. \r\n \r\n \r\n خدمة «لوس أنجلوس تايمز» \r\n \r\n \r\n خاص ل «البيان» \r\n \r\n