\r\n يرى بعض الخبراء ان هذه الهجمات - سواء اوقعت في لندن ام في شرم الشيخ - تستهدف الغرب جراء اعماله, وبعبارة اخرى جراء سياساته, كالحرب على العراق, في حين يصر اخرون على ان مرتكبي هذه الاعمال العنيفة على تنافر اكبر مع افكار الغرب ومثالياته, ومع »من نكون«. \r\n \r\n وبالنسبة للمجموعة الثانية, فهذه حرب حضارات او ايديولوجيات, التي لا خيار امام الغرب غير خوضها بشدة, لان اللجوء الى اية وسيلة اخرى ينطوي على استرضاء, وعلى تراجع عن الهوية والمبادىء. \r\n \r\n اما بالنسبة لاولئك الذين يعتقدون ان العنف نتيجة لما يقوم به الغرب, والولاياتالمتحدة بشكل خاص, في البلدان الاسلامية, فإن احد الاجوبة يتمثل في تجنب الاعمال التي تستبعد المسلمين وتستثير مخاوفهم, بينما تفتح المجال واسعاً امام القلة العنيفة منهم, ويرى بعض المراقبين ان الانشداد الى هذا النوع من الجدال مرده الى سبب واحد هو: تزايد الحديث بين صناع السياسة في واشنطن حول اسدال الستارة عن القوات الامريكية في العراق. \r\n \r\n ويوم الاربعاء الماضي, ايد وزير الدفاع دونالد رامسفيلد رغبة المسؤولين العراقيين في تسلم القوات العراقية مسؤوليات امنية اكبر, والسماح للقوات الامريكية بالبدء في مغادرة العراق خلال الاشهر المقبلة. وقال رامسفيلد في مؤتمر صحافي بأنه »اكد على رغبات رئيس الحكومة العراقية, ابراهيم الجعفري, مضيفاً بأنه بينما يتوافر الان جدول زمني لذلك, الا اننا »نرغب في التسريع في هذا الاتجاه«. \r\n \r\n وبطبيعة الحال, يؤكد بعض الخبراء على ان حقيقة دوافع الارهابيين تحمل في ثناياها عناصر من كلا الجدالين, وان اطالة الحوار الاكاديمي تجازف في ارجاء الرد الافضل. وفي هذا الخصوص, قال ماغنوس رانستورب, مدير مركز دراسة الارهاب والعنف السياسي, بجامعة سانت اندروز في سكتلندا, »المسألة لا تكمن في اما هذا او ذاك, فهناك عناصر محددة ذات حيثيات لكل طريقة في التفكير, قادرة على اعاقة ايجاد الرد الصحيح على اوجه الاختلاف«. \r\n \r\n مساحة ساحة التحرك \r\n \r\n على ان اخرين يقولون ان هذا الحوار على جانب من الاهمية, لانه هو الذي يستطيع تحديد ان كانت الاعمال المنفذة تساعد في اقتلاع جذور العنف, او انها تفاقم الامور. ويقول في هذا الصدد جوان كول, استاذ التاريخ الحديث للشرق الاوسط وجنوب آسيا في جامعة ميتشيغان, »ان المسألة تكمن في كيفية تقليص عدد قواعد »الارهابيين« ومساحة المياه التي يسبحون فيها, اما ما تقوم به حرب كالحرب على العراق فهو زيادة عدد القواعد التي ستتعامل معها ومساحة الساحة التي تعمل فيها«. \r\n \r\n ولعل تفجيرات لندن الاخيرة تبدو ملائمة تماماً لطريقة التفكير هذه. ذلك ان بريطانيا جرى استهدافها بسبب ارتباطها الوثيق مع الجهد الامريكي في العراق, وبسبب مشاركتها في الاحتلال الامريكي له. وفي الوقت ذاته, فإن التفجيرات التي وقعت في شرم الشيخ, تبدو مدعمة للجدل الحضاري.. اي ان هذا المحّج السياحي للسائحين المصريين المستغربين »نسبة الى الغرب« والاوروبيين, قد استهدف خطيئة كونه رأس جسر شاطئي لثقافة عولمية متسامحة في ارض عربية اسلامية. \r\n \r\n ويقول رانستورب ايضاً, ان من الطرائق الاخرى للنظر الى ما يجري ان »هناك معسكرين يعملان على نحو متوازٍ. احدهما يتصدى, للعدو القريب, كما رأينا في مصر« وحيث نفذت العمليات في قلب بلدان اسلامية لها موقع رئيسي في الصراع, »والثاني يواجه عدواً بعيداً تقوده الولاياتالمتحدة, واساساً بفضل دعمها لانظمة عربية واسلامية كافرة«. \r\n \r\n ومن الجانب الآخر, فإن حوارا »ما هي افعالنا مقابل »من نحن«, حول دوافع المتطرفين يغري الباحثين, من امثال الفرنسي اوليفر روي, مؤلف كتاب »الاسلام المعولم« باتخاذ موقف مغاير لموقف خبراء من امثال كول, ومسؤول »سي.آي.إيه« السابق مايكل شيوور, الذي قاد حملة تعقّب اسامة بن لادن اواخر التسعينيات, وروبرت بيب من جامعة شيكاغو, اما الصحن البتري الرئيس »بيئة الاختبار« التي ترعرعت فيها وجهات نظرهم فهي الحرب على العراق. \r\n \r\n فبالنسبة للفرنسي روي, استاذ علم الاجتماع في كلية الدراسات المتقدمة للعلوم الاجتماعية في باريس, تتمثل الحال في رؤية اسلام كوني سائد في حالة حرب مع غرب ديمقراطي ويسير نحو العولمة, وبالتالي يجر معه المتطرفين الاسلاميين. ويقول روي, انه ضمن هذا السياق, يغدو العراق اداة دعاية ملائمة تماماً لتجنيد الشباب المسلم, بمن فيهم اخوانهم المستغربين والمستائين »غير الموالين«, وان كانوا لا يشكلون نقطة مركزية في الايديولوجية الاسلامية. \r\n \r\n وجود القوات الامريكية \r\n \r\n ومن ناحية اخرى, يقول بيب في كتابه الجديد: »نموت لننتصر: المنطق الاستراتيجي للارهاب الانتحاري« ليس الدين, بل سياسة الولاياتالمتحدة التي تدفع الى العنف الاسلامي. ويخلص الى نتيجة ان وجود القوات الامريكية في بلدان اسلامية, كالعراق مثلاً, يزيد من احتمالية وقوع احداث 11 ايلول اخرى. \r\n \r\n ومن القضايا المصاحبة للسياسات الخاطئة عدم تفسير المواقف غير المقبولة, ولفترات طويلة في العالم الاسلامي, ولم تؤد الى القيام بأعمال عنف قبل الان. في هذا الصدد, تقول مارثا كرينشو, خبيرة قضايا الارهاب بجامعة ويسليان في ميدل تاون, بولاية كونيكتكت, »منذ زمن بعيد, اثارت بعض سياساتنا سخط الشعوب في المنطقة, مثل الدعم المقدم لاسرائيل على مدى عقود, ولكنها لم تشعل فتيل هذا النوع من العنف الذي نشهده اليوم«. \r\n \r\n ومثل رانستورب, ترى الاستاذة كرينشو ان هناك شيئاً اقرب الى الجمع بين تفسيرين للعنف, وتقول »ليس هذا بالاغراء التلقائي لمعاداة القيم الامريكية, بل المواصلة - كما يرى البعض, كالشباب المسلم مثلاً - التي يجري حالياً توكيد صحتها. وفي الواقع العملي, فانهم يشهدون ايديولوجية تبدو اكثر واكثر صحة بفضل الاحداث الجارية, مثل احتلال الولاياتالمتحدة للعراق. \r\n \r\n اما استاذ جامعة ميتشيغان, البروفسور كول, فيتفق مع الرأي بأن حرب العراق »لا صلة لها« بالزعماء الذين يقومون بصياغة الايديولجية الاسلامية ويتكهنون بها, ولكنه يقول ايضاً انها ليس ذات صلة على نحو مطلق بالمؤسسات والقواعد الجماهيرية المحلية التي ستتصرف كجنود مشاه عند هؤلاء الزعماء, مضيفاً »ان الايديولوجية نوع من السوفت وير التي يمكن زرعها في عقول بعض الناس, لكن السؤال هو ان كنا نساعد او نضر بالاندفاع نحو التجنيد في صفوفها«. \r\n \r\n قد لا ينطوي الشباب المسلم, الراغبون في حمل المتفجرات من اجل قضية, على حقد كامل على القيم الغربية, ولكنهم خائبو الامل من حيث انهم انساقوا اليها - وليجدوا انفسهم في النهاية, سواء اكانوا في القاهرة ام ليدز, امام باب موصد. \r\n \r\n وعلى اية حال, كما يقول كول, فإن الحرب على العراق حالة \"بائسة\" في محاربة الارهاب. وحسب رأيه, انها تخلق المزيد من الجنود المشاة لصالح الجهاد الكوني, ولا تقلل من اعدادهم. \r\n