\r\n وهذه القضية ربما تثبت أيضا كونها خيطا جديدا –رغم أنه خيط في غاية الأهمية– إذا تم شده بعزم كافٍ فإنه سيفك كرة مغزولة شديدة التعقيد، وهو خيط يؤكد ما تم إفشاؤه مؤخرا في صحيفة بريطانية –وهو مذكرة دوانينج ستريت– أن إدارة جورج بوش كانت تقوم ب\"تعديل الحقائق\" حول التهديد المزعوم من قبل الرئيس العراقي صدام حسين من أجل الإسراع بالحرب. \r\n وربما يكشف هذا أيضا كيف قامت مجموعة متكاتفة من المحافظين الجدد ونشطاء الجمهوريين داخل وخارج الإدارة بشن حرب ضد محترفين في وكالة المخابرات المركزية \"سي آي إيه\" ووزارة الخارجية قبيل الحرب تماما؛ لأنهم كخبراء توصلوا مرارا إلى \"حقائق\" جديدة تعارض الدعاية المضللة التي قام بها البيت الأبيض ومؤيدوه، وهي حقائق كان لابد من \"تعديلها\" أو تشويهها. \r\n وإذا وجد المدعي الخاص باتريك فيتزجيرالد وهيئة المحلفين الكبيرة التابعة له أن البيت الأبيض ومؤيديه \"غير الحكوميين\" قاموا بحملة متعمدة من أجل تشويه سمعة السفير جوزيف ويلسون، من جانب، من خلال كشف هوية زوجته فاليري بلايم التي تنتمي لل \"سي آي إيه\"، فإن العديد من المشرعين الجمهوريين القلقين والصامتين بشأن القضية سوف يُجبَرون على إبعاد أنفسهم عن الرئيس بوش والحرب في العراق، ليجعلوا الأمر أكثر صعوبة عليه في حشد التأييد لمغامرات جديدة، مثل ضربات جوية ضد إيران. \r\n وفي جريدة التايمز كتب فرانك ريتش يوم الأحد في عمود شهير تحت عنوان \"تعقب اليورانيوم\" فقال: \"إن هذه القضية تتعلق بالعراق وليس النيجر\"، مشيرا إلى أن ويلسون قد قام برحلة في فبراير 2002 إلى النيجر من أجل التحقق من وثيقة مخابرات، والتي تم تزييفها بعد اكتشافها، والتي بدا أنها تظهر ان صدام حسين قد قام بشراء كمية كبيرة من اليورانيوم الخام (الكعكة الصفراء) من هذه الدولة الإفريقية، ومن المفترض أنه قام بشرائها لأجل برنامجه المزعوم الخاص بالأسلحة النووية. \r\n واستمر ريتش يقول: \"إن الضحايا الحقيقيين هم الشعب الأمريكي وليس عائلة ويلسون، والمجرم الحقيقي ليس السيد روف ولكنها العصابة التي قامت بإرسال أبناء الأمريكيين وبناتهم إلى الحرب على أسس مفبركة، وبفعل هذا تم تحويل عدد من الموارد البشرية وغيرها عن قتال الإرهابيين الذي هاجمونا في الحادي عشر من سبتمبر. ولهذا السبب فإن الرهان مرتفع للغاية\". \r\n وقد أشار ويلسون في البداية إلى أن عملية \"تعديل الحقائق\" هذه هي تماما ما كانت تقوم به الإدارة عندما قام بكتابة مقالة في عدد جريدة التايمز في 6 يوليو 2003. ويسرد المقال كيف أرسلته سي آي إيه إلى النيجر من أجل التحقق من التقرير الخاص بخام اليورانيوم، وأنه اكتشف أن عملية النقل هذه \"غير محتملة إلى حد بعيد\"، وبعد عودته قام بإبلاغ هذه النتيجة شفويا إلى القائمين باستخلاص المعلومات في ال\"سي آي إيه\". \r\n كما كتب أنه كان قد فهم في الأصل أن تشيني هو الذي طلب تأدية هذه المهمة، وبالتالي فقد افترض أنه تم إبلاغها إلى مكتب نائب الرئيس. \r\n ومع هذا فقد حثه استمرار الإشارات التي ظلت تظهر في خطب بوش وتشيني في الأشهر التالية بخصوص امتلاك صدام حسين المزعوم لخام اليورانيوم على طرح السؤال الرئيسي في مقاله، وهو: \"هل تلاعبت إدارة بوش بالمخابرات بخصوص برامج أسلحة صدام حسين من أجل تبرير غزو العراق؟\" وبعد ثمانية أيام ذكر روبرت نوفاك كاتب العمود في الواشنطن بوست: \"إن اثنين من المسئولين الكبار في الإدارة\" هما المصدر، وهو بهذا لم يقم فقط بتعيين بلايم علانية كزوجة لويلسون، ولكنه أكد أيضا أن بلايم، والتي كانت خبرتها في الوكالة خاصة بأسلحة الدمار الشامل، قد اقترحت قيام زوجها بالمهمة، ومن بين الأسباب أنه عمل في النيجر. \r\n وفي الحقيقة أنه بسبب معلومات جديدة ظهرت للنور في الأسبوع الماضي فقد صار من المعروف أن روف وليبي قد أخبرا أو أكدا لاثنين من الصحفيين على الأقل قبل ظهور مقال نوفاك أن زوجة ويلسون عملت لل\"سي آي إيه\"، وأنها لعبت دورا في هذا الاختيار. \r\n وقد أصبح الآن بلا شك أن الهدف من هذه الاتصالات هو تشويه سمعة ويلسون، وفي الحقيقة فقد أعلنت لوس أنجلوس تايمز يوم الاثنين مستشهدة بمصادر قريبة من تحقيق هيئة المحلفين الكبرى، أن روف وليبي كانا \"معنيّين بشكل خاص بإضعاف مصداقية ويلسون\"، إلى نقطة سببت بعض الرعب في البيت الأبيض. \r\n وقد تم إلحاق حملة البيت الأبيض \"غير الرسمية\" ضد ويلسون بمجهود \"رسمي\" من قِبل رموز المحافظين الجدد ووسائل الإعلام الإخبارية التابعة لهم، ومن بينها الصفحة التحريرية في صحيفة وول ستريت جورنال، وويكلي ستاندارد، وناشيونال ريفيو أون لاين. \r\n وكان المقال الأخير في هذا الشأن في 11 يوليو، وقد كتبه كليفورد ماي، رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهو الشخص الوحيد الذي لم يكن صحفيا أو مسئولا في الإدارة الذي يدعي معرفته بعلاقة بلايم بويلسون قبل أن يعلن عنها نوفاك. \r\n وفي حين أن ماي، وهو مدير سابق للاتصالات للجنة الجمهورية الوطنية، لم يقم بتحديد علاقة ويلسون ببلايم، فإنه أورد قائمة طويلة من النقاط المهمة المتعلقة بموضوعية ويلسون، فقد أكد ماي أن ويلسون \"مؤيد للسعودية، يساري، وأناني\". \r\n وبعد أسبوع نشر ماي مقالا آخر قام فيه بتوسيع هجومه ليشمل ال\"سي آي إيه\" بوجه عام، قائلا إن اختيار \"دبلوماسي متقاعد شديد الانتقاد لبوش\" لمثل هذه المهمة الحساسة هو \"إهمال في الواجب\"، ملمحا إلى أن الاختيار إما أنه أظهر عجزا أو جهدا متعمدا من أجل إخراج الإدارة عن مسارها تجاه الحرب. \r\n وقد كانت هذه فكرة مألوفة عبّر عنها ماي كثيرا هو وغيره من منتقدي وكالة المخابرات، مثل ريتشارد بيرل، وجيمس وولزي، وفرانك جافني، ونوت جنجرتش، وبيل كريستول رئيس تحرير ويكلي ستاندارد –وقد عملوا جميعا في مجلس إدارة مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وكانوا من المؤيدين الصرحاء للحرب، وقد عبروا عنها جميعا خلال السنوات الماضية، وخاصة أثناء الإعداد للحرب. \r\n وفي الحقيقة أنه بينما كان صغار المسئولين في ال\"سي آي إيه\" يناقشون إرسال ويلسون إلى النيجر كانت العديد من الأخبار الأهم للمسئولين الأعلى تناقش كيف يمكن تنفيذ أمر في غاية السرية من الرئيس بوش للمخابرات يأمر ال\"سي آي إيه\" بدعم الجيش الأمريكي في تحقيق عملية تغيير نظام الحكم في العراق، بحسب كتاب بوب وودوارد \"خطة الهجوم\". \r\n وبينما كان المسئولون عن استخلاص المعلومات في ال\"سي آي إيه\" يجمعون تقديرهم الخاص بتقرير اليورانيوم الخام، بناء على مهمة ويلسون، بعد عودته في مارس 2002، كان تشيني يعلن لأول مرة أن صدام حسين كان \"يسعى بنشاط إلى امتلاك أسلحة نووية في هذا الوقت\". \r\n ومع إعطاء المخابرات أوامرها بالتحرك وبإعلان تشيني الرسمي، رأى كبار المسئولين في الوكالة أن \"حقائق\" ويلسون ليست محل ترحيب. وقبل ثلاثة أشهر من مذكرة دوانينج ستريت كان \"المأزق\" قد بدأ، ويبدو الآن أن النتيجة التي خرج بها ويلسون لم تمر أبدا إلى مكتب نائب الرئيس. (آي بي إس / 2005)