ولذلك قرأنا أن الفرنسيين صوتوا ب «لا» خوفاً من الليبرالية الأنغلوساكسونية، التي يقال إنها ألهمت الدستور هذا بخلط الأمر على البريطانيين، الذين ربما كانوا سيقولون «لا» بأغلبية معتبرة ولو لأسباب متعارضة، أهمها أن مشروع الدستور كان يفتح الطريق لدولة عظمى بيروقراطية. \r\n \r\n \r\n وبما أن مشروع الدستور بحد ذاته كان وثيقة ملتبسة، فإنه ليس مفاجئاً أن يوقظ هذه الانفعالات المتناقضة. لكن بدأ بالظهور استنتاجان واضحان بين ضباب التفسيرات والتعليقات. \r\n \r\n \r\n الاستنتاج الأول على المدى القصير ويكمن في أن مشروع الدستور ميت. فبعد أن صوت الدنماركيون ب «لا» في استفتائهم حول معاهدة ماسترخت في يونيو 1992، تحاذقنا لترتيب الأمور بحيث يشعرون بأنهم قادرون على التصويت ب «نعم» في استفتاء آخر في الربيع التالي. البريطانيون شغلوا الرئاسة الأوروبية أثناء هذه المرحلة الحاسمة. \r\n \r\n \r\n ومازلت فخوراً بهذا الإنجاز، الذي أنقذ المعاهدة، حيث استطعنا الوصول الى اتفاق حول تفسيرات المعاهدة التي لامست قلق الدنماركيين، على سبيل المثال، حول الدفاع والعملة الموحدة وذلك كي يكون الشعب الدنماركي راضياً بالنتيجة. لكن فيما يتعلق بمشروع الدستور فإنه ليس ممكناً هذه المرة اللجوء إلى تلك الممارسة الدبلوماسية. \r\n \r\n \r\n وليقل الرئيس شيراك ما يقول، إلا أنه من المستحيل تخيل المقترعين الفرنسيين والهولنديين وهم يبدلون وجهة نظرهم بعد كل هذا النقاش المثير للمشاعر وبعض الأصوات السلبية الواضحة. الشعب الاسباني صوت لإحياء المعاهدة. \r\n \r\n \r\n وندين له باعتذار على الضربات المميتة التي دمرتها منذ إدلائهم بأصواتهم. لكن ليس من المعقول انتظار أن يستمر البريطانيون والبولنديون والتشيكيون باستفتاءاتهم المنتظرة. فذلك سيكون بمثابة تنظيم رقصة حول جثة. \r\n \r\n \r\n الاستنتاج الثاني أساسي أكثر. خلال سنوات كثيرة كان المدافعون عن الاتحاد الأوروبي في بلداننا منقسمين على أنفسهم حول طبيعة ذلك الاتحاد. بالنسبة للبعض، الذين يسيرون على خطى مؤسسية في ميسينا عام 1955 كان الاتحاد الصلة التي سافر من خلالها الأوروبيون باتجاه هدفهم النهائي، المتمثل في ولايات متحدة أوروبية كاملة وعند كل حجر في الطريق انتقلت مسؤوليات وطنية قطاعاً إثر آخر إلى السلطة التي تتجاوز الحدود الوطنية في بروكسل والمسؤولة أمام البرلمان الأوروبي. \r\n \r\n \r\n وكان جان مونيه، الذي جرت العادة على نقاش هذه المسائل معه عندما كان شاباً فيلسوفاً جلوداً وأدرك ان المسار سيكون طويلاً، لكنه لم يشك حول المصير المتمثل في التخلي الطوعي عن كل السيادة الوطنية لصالح أوروبا فوق قومية. \r\n \r\n \r\n هذه كانت مثالية واضحة ونبيلة ومازلت ألتقي حتى في بريطانيا، بأشخاص يتمسكون بها، في حين مازالت تلك المثالية تؤثر في جزء كبير من البلاغة الأوروبية، لكن ذلك يبدو مخادعاً فلقد اتضح مع مر السنين أن الدول القومية الأوروبية لن تختفي. \r\n \r\n \r\n ولقد أوضحت البلدان الأعضاء كبيرة كانت أم صغيرة، أنه ليس لديها النية في قبول فكرة سلطة أوروبية تأخذ جميع القرارات السياسية المهمة. وغالباً ما يعزى هذا الإصرار العنيد على البقاء القومي إلى بريطانيا العظمى فقط، لكن ذلك غير دقيق. \r\n \r\n \r\n أزمة يأس \r\n \r\n \r\n لدي ذكرى حية عن السيد أثنار، عندما أبلغ الرئيس الاسباني مجموعة من المستثمرين الايطاليين بعدم وجود إمكانية لأن تنقل إسبانيا إلى بروكسل قرارات حول ضرائب داخلية في بلده. تكلم بحزم كفيل بأن يجعل مارغريت تاتشر تشعر بالفخر حياله. \r\n \r\n \r\n ومن الواضح الآن ان تلك الفكرة ستسود، ليس لأنه اتخذ قراراً فكرياً متماسكاً، بل لأنه من غير الممكن الآن تخيل اتحاد من 25 دولة ويقبل، بمعرفة شعبه، تأسيس أوروبا فوق قومية. \r\n \r\n \r\n لكن اذا كانت الدول القومية الأوروبية خالدة، فإنها غير مناسبة أيضا، اذ لا يستطيع أي منا، كبلد المساهمة بمفرده بالازدهار او الأمن او الرخاء العام، الذي يحتاجه مواطنونا وناخبونا يدركون هذه الحقيقة. \r\n \r\n \r\n والاصوات التي قالت: «لا» في فرنسا وهولندا والارتيابية المعممة في بلدان اوروبية اخرى، من بينها بريطانيا العظمى، يجب ألا تثير أزمة يأس، كما لا يتوجب على قادتنا محاولة اسكات او تهدئة هذه الأصوات بوابل من الجمل المبتذلة حول الوحدة الأوروبية التي تخلو من المضمون. \r\n \r\n \r\n وفي مقابل ذلك، فانه يتعين عليهم التركيز على برنامج ذلك التعاون الفريد في التاريخ الأوروبي وفي العالم الحالي ايضا، والذي تتناول من خلاله البلدان الأوروبية مجتمعة المشكلات التي لا يمكن حلها بشكل انفرادي. \r\n \r\n \r\n بين أولويات هذا البرنامج هناك الإصلاح الاقتصادي وتنسيق السياسات الاقتصادية الوطنية لتقليص البطالة وتحسين المنافسة في الخطوط المتفق عليها في لشبونة عام 2000. وعلى كل بلد سلوك طريقه الخاص، لكن بوسعنا مساعدة بعضنا بعضاً. \r\n \r\n \r\n فبريطانيا العظمى على سبيل المثال، لا تهتم في الوقت الحالي بالانضمام الى العملة الموحدة، لكن لاشك انها مهتمة ومن مصلحتها ان يستمر اليورو ويزدهر. وأنا كنت لأضع في المقام الثاني الحاجة إلى شراكة سليمة البنية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حول السياسة الخارجية والدفاعية لا أحد منا لا بريطانيا العظمى . \r\n \r\n \r\n ولا اسبانيا ولا فرنسا ولا ألمانيا، يمكن ان يكون راضياً عن الاسلوب الذي يدير به الأوروبيون الأزمة العراقية، حيث سلكنا ولانزال طرقاً منفصلة ولم يمارس أي منا التأثير الذي كنا ننتظره في الاحداث. \r\n \r\n \r\n وفي مقابل ذلك، فان التعاون الحالي حول ايران سواء انتصر بصورة فورية أو لا، هو نموذج جيد للتعاون بين الاتحاد الأوروبي بمجمله وقوتنا العظمى الحليفة. اذا نظر المرء إلى روسيا او منطقة البلقان او الشرق الأوسط او افريقيا فانه يجد ان هذه الشراكة بين الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة هي بالنسبة لكلا الجانبين حاجة وليست ترفا. \r\n \r\n \r\n الأمم الأوروبية بحاجة إلى قيادة ومن المحزن، بطريق الصدفة، ان تكون جودة القيادة الحالية شحيحة، لقد ذهب أثنار وقادة بريطانيا العظمى وفرنساوألمانيا وايطاليا وكل الرجال ذوو الهامات العالية يعاملون بصورة سيئة من جانب الاحداث والتطورات ويقتربون من نهاية مسيراتهم السياسية، لقد سمعنا عنهم الكثير من الأشياء وبتواتر مفرط حول احترامهم لكلماتهم المستقبلية. \r\n \r\n \r\n وأنا لا أريد ان اتكلم عن اسبانيا، لكن ميركل في ألمانيا وساركوزي في فرنسا وبراون في بريطانيا العظمى قد يمتلكون سلطة معتبرة خلال بضعة شهور، الأمر الذي قال البعض فيه انه بوسعنا انتظار ان يساهموا بالبرنامج الأوروبي وان يقدموا له طريقة معالجة عملية ونقدية وايجابية قد ترسخ سمعة الاتحاد الأوروبي في عقل مواطنيه. \r\n \r\n \r\n