وقد اخبر احدهم صحيفة (نيويورك تايمز) الاسبوع الماضي ان التدخل الاميركي في العراق يمكن ان يستمر سنوات عديدة. \r\n وقد وجد استطلاع للرأي أجرته شبكة (ان بي سي) وصحيفة (وول ستريت جورنال) ان 53% من الاميركيين يودون رؤية عدد القوات الاميركية في العراق وقد تم تخفيضه وقال 40% من المشاركين في الاستطلاع انهم يريدون الابقاء على العدد الحالي. \r\n واسمحوا لي ان اقترح طريقة مختلفة للبحث في مسألة ما طول المدة التي يجب ان تمكثها القوات الاميركية في العراق؟. \r\n اعتقد ان الاجابة تكمن لدى العراقيين انفسهم. والذي اقصده بذلك هو : ان القوات الاميركية باقية في العراق لان (تمردا) يشل البلد (العراق). وهذا التمرد ازداد ونما كثيرا بسبب الاخطاء الكبيرة من قبل كبار المسئولين المدنيين بالبنتاغون الذين اساءوا التخطيط واساءوا ادارة التعامل مع الوضع ما بعد الحرب على العراق. \r\n ولكن اذا انسحبت القوات الاميركية الآن فان العراق سينهار ويهوي الى حرب اهلية وفوضى وسيصبح بلدا جاذبا للاهاربيين اكثر. \r\n غير ان مفتاح انهاء هذا (التمرد) لا يكمن في الجهود العسكرية الاميركية ولكنه يكمن في الاستراتيجية السياسية للقادة العراقيين المنتخبين حديثا. هم وحدهم الذين لديهم القوة - بمساعدة اميركية - على تقسيم المتمردين وعزل اولئك الذين لن يلقوا اسلحتهم ان العراق ليس فيتنام فالحركة المسلحة او التمرد مؤلفة بالاساس من السنة وهم نسبة العشرين في المائة من العراقيين الذين استحوذوا على السلطة في عهد صدام حسين. وهم لا يمكنهم ان يهزموا 80% من العراقيين الذين هم من الشيعة او الاكراد ولكنهم يمكنهم الابقاء على العراق في حالة اضطراب. \r\n وبعض المسلحين هم من مؤيدي صدام البعثيين الذين يأملون في العودة وبعضهم ضباط من السنة غاضبون من قيام الولاياتالمتحدة بتسريح الجيش العراقي وبعضهم حانقون على المسئولين الاميركيين وبعضهم سنة يسعون الى الانتقام لقتل اقاربهم على ايدي القوات الاميركية وبعضهم يخشون من انهم ليس لهم مستقبل في عراق يهيمن عليه الشيعة او الاكراد. \r\n ولتهدئة التمرد يجب على الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة ان تفرق بين السنة وتقسمهم فتقنع القادة الرئيسيين بأن لهم مستقبلا في النظام الجديد ويحاول المسئولون الشيعة الآن فعل ذلك حتى بالرغم من ان معظم السنة قاطعوا الانتخابات في يناير الماضي ومن ثم فان لهم ممثلين قليلين في البرلمان الجديد. \r\n والاهم هو محاولة الشيعة اشراك السنة في صياغة دستور عراقي جديد وفي بغداد في شهر يناير الماضي قابلت همام حمودي عالم الدين الشيعي الذي هو الان رئيس اللجنة البرلمانية الدستورية فقال لي : بهذا الدستور نأمل ان يكون لدى كل عراقي حقوقه القانونية والوطنية وهوية حقيقية ، نحن لا نريد بلدا مقسما تقسيما دينيا او عرقيا. \r\n وتأمل القيادة الشيعية في عقد سلسلة من اللقاءات مع شخصيات سنية رئيسية وتحثهم على عقد مؤتمرات حول العراق لاختيار مندوبين في اللجنة الدستورية ويأمل الشيعة في ان مثل تلك المشاركة السياسية ستفرق بين السنة المعتدلين والمسلحين المتشددين. \r\n أين اذن يكمن دور القوات الاميركية؟ \r\n حتى في الوقت الذي يخطب فيه الشيعة ود القادة السنة فان المسلحين يحاولون تقويض تلك الجهود السياسية فهم يستهدفون المساجد الشيعية والمدنيين الشيعة محاولين اثارة فتنة طائفية ويوجه علماء الدين الشيعة الموعظة بحسم ضد الثأر او الانتقام لكنه من الصعب منع البعض من الثأر. \r\n ويخشى المسئولون العراقيون من انه اذا غادرت القوات الاميركية قبل الاوان فان الحكومة العراقية لن يكون لديها الوسيلة لدحر المسلحين. ويقول كبار القادة الشيعة ان الولاياتالمتحدة ارتكبت خطأ كبيرا بتسريح الجيش العراقي بدلا من فرز واعادة تشكيل وحداته . فالتقدم في بناء جيش عراقي جديد بطيئ. \r\n وفي شهر يناير الماضي قال لي ابراهيم الجعفري رئيس وزراء العراق الجديد الان : اذا انسحبت الولاياتالمتحدة بسرعة كبيرة ستكون هناك فوضى وسعي الى الثأر والانتقام وربما تدخل خارجي.. لقد وعدت الولاياتالمتحدة بأنها ستزيل النظام القديم وترسي استقرار الوضع في العراق. ولذا فانه سيكون نكوثا بالوعد اذا غادروا العراق قبل الاوان. \r\n وعبارة اخرى فان القادة العراقيين يحتاجون الى مزيد من الوقت لعزل الاطراف المتشددة في السنة ولتقوية وتنشيط قواتهم المسلحة وهذا يجعل الوجود الاميركي معتمدا على المهارات السياسية للقادة العراقيين الجدد .. فتمنوا لهم حظا جيدا! \r\n \r\n ترودي روبين \r\n كاتبة عمود صحفي وعضو هيئة تحرير في صحيفة (فيلاديلفيا انكويرر) الاميركية. \r\n \r\n \r\n