وزير الخزانة الاميركي ومن ورائه الكونغرس يحاولون الضغط على الصين لتخفيض قيمة عملتها من أجل اعطاء الشركات الاميركية فرصة افضل للمنافسة مع أسرع اقتصاد في النمو في العالم‚ ان المجادلات حول سعر الصرف هي جزء بسيط مما يجري في هذه الايام بين أهم دولتين في العالم‚ هناك مصالح حيوية تربط ما بين واشنطن وبكين‚ خاصة في مجال «الحرب على الارهاب» والرغبة في وجود استقرار استراتيجي في الباسفيك وجنوب آسيا‚ وما تزال الدولتان تحاولان بذل الجهود من أجل العمل معا‚ \r\n \r\n على الجانب الاميركي فان مسؤولية ما تدعوه واشنطن ب «الحوار العالمي» تقع بصورة رئيسية على كاهل نائب وزير الخارجية روبرت زوليك الذي يخطط لزيارة الصين قريبا‚ \r\n \r\n العلاقات والروابط الصينية الاميركية تشهد نوعا من الاهتراء البطيء وهو شيء ينكره رسميا كلا الطرفين‚ فبعيدا عن قضية تايوان التي لا تنتهي وقلق واشنطن من تنامي القدرات العسكرية الصينية فان هناك عوامل ضخمة تضع المزيد من الضغوط على العلاقات بين البلدين وفي مقدمتها عدم التوازن التجاري الهائل الذي يميل بقوة لصالح الصين‚ \r\n \r\n ان ما يعقد العلاقات الاميركية مع الصين هو ان كل قضية كبرى في السياسة الخارجية بين البلدين تعد ايضا قضية محلية‚ وهناك جماعات لوبي ومنظمات غير حكومية تعمل في الطيف السياسي الاميركي من حقوق الانسان الى الجماعات الداعمة للتبت‚ الاجندة الثنائية بين البلدين متخمة للغاية مثل تايوان والتبت وجماعة فالون كونغ وكوريا الشمالية وايران والتجارة وسعر الصرف وحقوق الملكية الفكرية وتسهيل الوصول للاسواق الصينية وتصدير التكنولوجيا الحساسة وحظر السلاح‚ \r\n \r\n يصعب الوصول في واشنطن الى سياسة واحدة متماسكة تجاه الصين بسبب اختلاف مواقف المسؤولين الاميركيين تجاه كل قضية ناهيك عن الدور الكبير الذي يلعبه الكونغرس‚ \r\n \r\n الصين من جانبها بنظامها الصارم بامكانها اقامة وتبني اهداف سياسية بعيدة المدى والعمل ببطء على تحقيقها‚ فالصينيون كما يحبون ان يذكروا الناس قوم صبورون للغاية‚ \r\n \r\n ان أخذ الصين بالاهداف بعيدة المدى قد أثمر نتائج اقتصادية غير عادية مع بدء قيام دنغ زياوبنع باصلاحاته في عام 1979‚ \r\n \r\n في مجال السياسة الخارجية كانت الامور مختلفة للغاية حتى وقت قريب‚ بعد الحرب ضد فيتنام في عام 1979 اصبحت مواقف الصين دفاعية على الساحة العالمية‚ \r\n \r\n ولكن بدأ قادة الصين الجدد يسايرون سياستهم الاقتصادية مع سياسة خارجية اكثر اصرارا‚ وقد تبدو اعمال الصين سلسلة من الاحداث غير المترابطة ولكنها جميعا تشكل سياسة استراتيجية بعيدة المدى‚ وفيما يلي بعض الامثلة الحديثة: \r\n \r\n وصف رئيس الوزراء الصيني دين جياباو زيارته الاخيرة للهند بأنها تاريخية حيث اعلن اكبر بلدين في العالم من حيث السكان عن قيام شراكة «استراتيجية» وهي كلمات مبهمة بالطبع وغامضة يمكن ان تعني اي شيء‚ ولكن بالتأكيد هناك تغييرا في العلاقات بين البلدين والعلاقة بالتأكيد ليست كتلك التي سادت خلال الخمسين عاما الماضية والتي اتسمت بالتنافس الشديد بل وبالحرب ايضا‚ \r\n \r\n اجتماعات الرئيس هوغنتاو في أواخر ابريل وبداية مايو مع كبار القادة السياسيين التايوانيين هي الاولى التي تعقد وجها لوجه منذ آخر اجتماع من هذا النوع عقد بين الطرفين في عام 1954‚ \r\n \r\n اعمال الشغب المعادية لليابانيين التي ما كانت لتحدث دون موافقة الحكومة الصينية في الاساس قصد من هذه الاحتجاجات اظهار الغضب على الكتب الدراسية اليابانية وسوء تفسيرها للاعمال الوحشية بحق الشعب الصيني خلال الحرب العالمية الثانية‚ والحقيقة ان تلك المظاهرات اشارة صينية فجة تقول انه وبغض النظر عن الموقف الصيني الرسمي فان الصين لا تريد لليابان حقيقة ان تصبح عضوا دائما في مجلس الامن الدولي‚ \r\n \r\n الانتقادات القوية غير العادية التي صدرت في 12 مايو عن مسؤول في وزارة الخارجية الصينية للسياسة الاميركية تجاه كوريا الشمالية‚ القصد من ذلك ان الصين تريد ان تقول ان هناك «فقدانا للتعاون من الجانب الاميركي» وان الصين قد ملت من لعب دور المنسق في الوقت الذي قاطعت فيه كوريا الشمالية محادثات الاطراف الستة‚ \r\n \r\n اعتزام الصين ولأول مرة منذ ان اصبحت عضوا في الاممالمتحدة بدل تايوان لعب دور مركزي في اختيار الامين العام القادم للأمم المتحدة الذي يقال انه سيكون من آسيا‚ الامين العام الجديد الذي سيتولى مهام منصبه في الاول من يناير 2007 لا يمكن ان يكون صينيا كون الصين عضوا دائما في مجلس الامن‚ وما تزال واشنطن حتى وقتتنا الحاضر تولي الموضوع أهمية غير كافية‚ \r\n \r\n أخيرا بدأت الصين بشراء حقول للنفط تقع في مناطق نائية مثل السودان وأنغولا وهذا هو جزء من استراتيجية بعيدة المدى لتوفير الاحتياجات المطردة للصين من الوقود مما يفسر لنا الموقف الصيني المتردد تجاه الاوضاع في دارفور‚ \r\n \r\n يأتي صعود الصين على المسرح الدولي في الوقت الذي بدأ يتولد انطباع لدى الدول الاخرى في شرق آسيا مفاده ان واشنطن لا تعطي الموضوع الاهمية التي يستحقها‚ \r\n \r\n ان التحدي الذي تمثله الصين شيء بديهي ولكن فقدان التركيز الواضح على أعلى المستويات في واشنطن بالنسبة للمصالح القومية الحيوية شيء مزعج ومدمر بالتأكيد‚ \r\n