و كان الرئيس الأميركي السابق فرانكلين روزفلت قد وقع على هذه الاتفاقية بسبب اطلاعه الكامل على حقيقة الأوضاع فى مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية و لأن الجيش الأحمر الروسي كان يسيطر بالفعل على معظم دول أوروبا الشرقية. و عليه لم يكن هناك من بد سوى التوقيع على هذه الاتفاقية لأن رفضها كان يعنى قيام حرب جديدة. و لكن أعضاء فرقة اليمين المحافظ داخل الولاياتالمتحدة الاميركية ينظرون الآن إلى معاهدة (يالتا) على أنها خطوة خاسرة. و فى الوقت الحاضر، أصبحت بنود الاتفاقية مجرد حبر على ورق ، لأن تلك الاتفاقية التى وقعت عام 1945 سقطت بسقوط حائط برلين و الاتحاد السوفييتى نفسه. و قد تحررت دول أوروبا الشرقية التى كانت ترزح تحت نير الاحتلال السوفييتى فى الوقت الحالي. و هذا هو السبب الذى دعا الرئيس بوش إلى نقد بنود تلك الاتفاقية و وصفها بالظالمة إضافة إلى الموازنة بينها و بين المعاهدة النازية السوفيتية و التى تسببت فى اندلاع الحرب العالمية الثانية. و تشير هذه الخطوات بوضوح إلى إصرار الادارة الأميركية الحالية على تعزيز مواقفها مع فرقة المحافظين داخل الولاياتالمتحدة و ذلك بالاضافة إلى الشعوب التى كانت تدخل تحت عباءة الاتحاد السوفييتى فى الماضي. و قد سافر بوش ايضا إلى جورجيا ، تلك الجمهورية التى انفصلت مؤخرا عن الاتحاد السوفيتي و التى تقع على الحدود مع روسيا كى يوجه أنشودة سلام أخرى. \r\n و لكن ما يثير الدهشة هو أن الرئيس بوش لم يأت بجديد عندما زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فى موسكو. و يمكن وصف الرئيس بوتين بأنه ستاليني جديد مناهض للديمقراطية. و كان بوتين قد عبر بوضوح عن حزنه لسقوط الامبراطورية السوفيتية. و لهذا ، فإذا كان بوش مصمما على تطوير الممارسة الديمقراطية فى شتى دول العالم ، لن يكون أمامه طريق أفضل من ترديد دعواته التى ترمي لجعل هذا القرن قرناً للحريات فى العالم حتى و إن استلزم الأمر إطلاق دعواته هذه فى قلب الكرملين. \r\n و لكن هدف بوش لا يكمن فى تحويل روسيا إلى دولة ديمقراطية ، لأن روسيا لا ترغب على وجه الخصوص فى هذا التحول و ذلك إذا ما عرفنا أن روسيا تمتلك ما لايقل عن 22 ألف رأس نووي. و لكن بوش يرغب فى جعل روسيا دولة محايدة ، و ذلك مع مضي واشنطن فى تنفيذ خطتها الحقيقية التى ترمى إلى الحد من نفوذ و سيطرة موسكو على منطقة أوراسيا. \r\n و لم تكن إدارة الرئيس بوش هى البادئة بانتهاج هذه الخطة ، ذلك أن إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون عملت جاهدة على توسيع نطاق حلف شمال الأطلنطي الذي تقوده الولاياتالمتحدة الأميركية و الذى يضم عدة دول تقع على الحدود الغربيةلروسيا. و لكن الادارة الأميركية الحالية تفكر بطريقة أكثر شمولية و توسعية فى الوقت الحالي فهى ترغب فى تكوين تحالفات عسكرية نشطة مع الدول الواقعة على طول الحدود الجنوبية لروسيا أيضا. و من بين تلك الدول جورجيا و بعض الدول الأخرى التى خرجت مؤخرا من عباءة الاتحاد السوفييتي و التى أضحت تتحرك فى مدار الولاياتالمتحدة مثل أوكرانيا و أوزبكستان و قيرغيزستان. و طالما أبدى بوتين استعداده للتسامح مع الاختراق الأميركي للدول التى يطلق عليها الروس اسم (دول الجوار القريبة)، فإن الولاياتالمتحدة سوف تترك لبوتين الحرية فى فعل كل ما يروق له داخل حدود بلده. و سوف يكون بوتين حراً فى ممارسة الظلم والطغيان على شعبه البائس الضعيف. \r\n و لكن ، إذا كانت الولاياتالمتحدة لا ترغب فى تغيير النظام داخل روسيا، فلماذا يبدو العم سام مهتماً بتعزيز قواه العسكرية داخل منطقة أوراسيا؟ و كى نستطيع الاجابة على هذا السؤال ، سوف نحتاج فقط إلى النظر على الخريطة. و يدرك الشخص الذى ينظر إلى الخريطة بفهم و تمعن أن الولاياتالمتحدة تسعى إلى بناء قوس من القوى فى منطقة الشرق الأوسط بغية تطويق المنطقة بشكل كامل.و هذا هو الهدف الأساسي الذى تقوم عليه السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية فى القرن الحادي و العشرين. و بالاضافة إلى ذلك ، ترغب الولاياتالمتحدة فى إحداث نوع من التحول الديمقراطي فى بعض الدول العربية ، و إيران و العراق و أفغانستان بطريقة أو بأخرى. و ترغب الادارة الاميركية فى أن تكون مستعدة للتدخل فى أى مكان بمنطقة الشرق الأوسط بقوة هائلة و ذلك إما لدواعى مكافحة الارهاب أو السيطرة على النفط أو لفرض أفكار جديدة. \r\n \r\n جيمس بينكرتون \r\n كاتب عمود بصحيفة نيوزداى الأميركية \r\n خدمة (لوس أنجلوس تايمز) خاص بالوطن