\r\n عند النظر الى هذه الخطوات الثلاث مجتمعة. فنجدها تجسد حالة التناقض والتعارض في العلاقات الامريكية- الروسية حالياً. فالروس مستاؤون جداً من امتداد النفوذ الامريكي الى بلاد مجاورة لبلادهم, ومن الانتقاد الامريكي للديمقراطية في روسيا ذاتها. ثم هناك محاولة ادارة الرئيس بوش تخفيف حدة المخاوف في موسكو بأن الولاياتالمتحدة تريد تطويق روسيا, وهي رسالة تطمين ينوي الرئيس حملها معه عندما يزور موسكو في ايار المقبل. \r\n \r\n اما كوندوليزا رايس, التي سبق لها وصرحت بأن بيلاروسيا هي آخر ديكتاتورية في اوروبا, فحذرت بصرامة من قيام الحكومة البيلاروسية باجراء »انتخابات كاذبة« في العالم المقبل, لان ذلك الاجراء سيكون »مراقبا من المجتمع الدولي«, مثلما كانت الانتخابات الاوكرانية مراقبة, في العام الماضي, وتبين انها مزيفة, فتساعد بالتالي في احداث ثورة. \r\n \r\n وفي وقت لاحق, قال زعماء المعارضة البيلاروسية الذين التقهم رايس, انهم عازمون على استعمال »ضغط الجماهير من اجل التغيير« في حكومة الرئيس أليكسندر لوكاشنيكو في بلاروسيا. لكن كانت حذرة عندما ابلغتهم بانها لم تقترح عليهم القيام بأي عمل محدد . ويذكر هنا ان وزير الخارجية الروسية, سيرغي لارو, قد وصل الى العاصمة الليتوانية, يلنيوس, التي كانت احدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقاً, والآن هي عضو في الناتو, للقاء وزراء خارجية الدول الاعضاء في حلف الاطلسي. وعبر عن ارتياحه حيال الاتفاق الذي تم إبرامه بين الناتو وروسيا, لكنه اضاف بانه غير راض عن لقاء رايس مع زعماء المعارضة البيلاروسية قائلاً ان روسيا لا تؤيد »تغيير النظام« هناك. اما نيقولاي تشيرغينتس, الذي يرئس »لجنة الشؤون الدولية والامن القومي« في مجلس الشيوخ البيلاروسي, فكان رد فعله حاداًَ على نحو خاص, وشخصياً ايضا, على تصريحات رايس, حسب ما ذكرته وكالة انباء »إنترفاكس« الروسية المستقلة. فوصف قولها بان بيلاروسيا هي آخر ديكتاتورية في اوروبا, على انها »دعوة للاطاحة بحكومة دولة ذات سيادة, وهو ما يذكرنا بالحرب الباردة«. وقال تشيرغينتس ايضا انه لا داعي لاخذ قول رايس على محمل الجد. ذلك أن »امرأة مبهورة بالسلطة هي مخلوق خطر. ومع هذا, فلا يجوز ان نعطيها وزناً وقيمة اكثر من وزنها وقيمتها«. \r\n \r\n وفي وقت سابق من الاسبوع الماضي, استمعت رايس في موسكو الى شكاوى من مسؤولين ومن مستمعين للاذاعة اتصلوا بأحد البرامج, تظهر تخوف الروس من محاولات الولاياتالمتحدة تطويق روسيا بدول حليفة لها, وبقوات عسكرية في بعض الاحيان. وازاء ذلك, ابلغت رايس الصحافيين بانه يبدو على الروس انهم غارقون في وجهة نظر»القرن التاسع عشر« عن العالم. \r\n \r\n ولمواجهة هذه الانشغالات الهامة, تحرك الناتو ووقع اتفاقاً عسكرياً جديداً مع روسيا يبيح توسيع المناورات العسكرية المشتركة على الاراضي الروسية, الامر الذي قد ينطوي على الاعداد لعمليات حفظ السلام في المستقبل. وقد سبق لمثل هذه المناورات المشتركة القليلة ان نفذت فعلاً في الماضي, وتركزت على كيفية التعامل مع الحالات والاوضاع الطارئة, او الازمات ذات الطابع الانساني. غير ان مسؤولين امريكيين وفي الناتو قالوا ان الاتفاق الجديد سيسهل عملية نقل القوات الاجنبية عبر روسيا, لمنع تهريب المخدرات والاسلحة, مثلاً, من بلدان مثل افغانستان. \r\n \r\n قفلت رايس راجعة الى واشنطن, مساء الخميس الفائت, بعد ثلاث زيارات اشتملت زيارتها الاولى لروسيا كوزيرة للخارجية. وكان الاعداد لزيارة الرئيس بوش لموسكو جزءاً من مهمتها, وهي زيارة تتوافق مع زيارة زعماء دول اخرين في العالم للعاصمة الروسية, للاحتفال بالذكرى الستين لنهاية الحرب العالمية الثانية. ويذكر في هذا الصدد, ان ليتوانيا تنوي مقاطعة هذه المناسبة, على اعتبار ان هذا الاحتفال يصادف ذكرى بداية احكام القبضة الروسية على شرق اوروبا وبداية الحرب الباردة. \r\n \r\n اخذ قرار الناتو حول اوكرانيا في التفاعل, بعد ان فاز يكتور يوتشينكو بالرئاسة العام الماضي, في اعقاب مظاهرات شعبية حاشدة, قلبت نتائج الاقتراع المزيف التي كانت لصالح المرشح المفضل لدى روسيا, رئيس الحكومة يكتور يانوكويتش. واندلعت تلك الانتفاضة بعد انتفاضة اخرى أتت بنظام موالٍ للغرب في جورجيا, وتلتها هذا العام انتفاضة في قرغيزيا, احدى الجمهوريات السوفياتية السابقة. \r\n \r\n وكان الرئيس يوتشيكنو, قد شدد الطلب على عضوية اوكرانيا في الناتو, في شهر نيسان الجاري, عندما زار الولاياتالمتحدة, والقى خطاباً في الكونغرس. وأيد الرئيس بوش هذا الطلب, غير ان مسؤولين امريكيين قالوا خلال الاسبوع الماضي, ان قبول اواكرانيا في الناتو لن يكون سهلاً او سريعاً. فجيش اوكرانيا كان الجيش الاكبر في اوروبا, وان كان قد ضعف في الفترة الاخيرة. \r\n \r\n وفي هذا الخصوص, قال احد كبار المسؤولين في وزارة الخارجية, ,»الناتو ليس نادباً. وعلى العضو فيه ان يكون قادراً على الاسهام«. مضيفاً بانه قبل الدخول الى الناتو, على اوكرانيا ان تبين ان الاشراف المدني على الجيش, وان الديمقراطية ستدوم, وان تثبت ان قواتها فعالة وليست »مثقلة« بالجنرالات«. \r\n \r\n على ان مباحثات الناتو شملت قضايا اخرى, بما في ذلك قرار الحلف بأن يكون جاهزاً, واذا ما طلب اليه الاتحاد الافريقي, نقل قوات اضافية الى منطقة دارفور السودانية, حيث لقي عشرات الالوف حتفهم في حرب اهلية, واجليت اعداد اكبر عن بيوتهم. وفي هذا السياق, قال امين عام الناتو, جا دي خو شيفر, ان الامداد بالقوات الاضافية سيتضمن »جوانب التخطيط والدعم الموضعي« اكثر من »مركزة القوات على الارض«. \r\n \r\n وكانت الولاياتالمتحدة قد حاولت من دون طائل, التوصل الى اتفاق سلمي حول دارفور, وتقديم الاغاثة الملائمة للناجين من ضحايا ما يسمى الابادة. وقالت انها ملتزمة بارسال المزيد من القوات الاجنبية الى تلك المنطقة. اذ قالت رايس, اننا جميعاً نتحمل مسؤولية ما نستطيع القيام به, للتخفيف من معاناة اهل دارفور, وخلق الظروف التي تجعل تقديم المساعدات والامدادات ممكنة«. وعلاوة على ذلك, قال شيفر انه جرى بحث- وعلى اسس محض افتراضية- حول امكانية ارسال قوات من الناتو الى مناطق اخرى, كقوات لحفظ السلام في النزاع الاسرائيلي- الفلسطيني, مثلاً. \r\n \r\n ودعت رايس الى دور اوسع للناتو, او على الاقل مناقشة مثل هذا الدور. وقالت »اننا نود استخدام الناتو على نحو اكثر واكثر فاعلية, باعتباره منتدى للأمن عبر الاطلسي«. غير ان وزير الخارجية الفرنسي, ميشيل بارنيير, حذر من تحويل الناتو الى »شرطي عالمي«, ومن اضطلاعه بمهمات كبيرة وعديدة جداً خارج اوروبا.0 \r\n \r\n »نيويورك تايمز« \r\n