المواجهة بين روسيا والناتو هاني شادي تمخض لقاء وزراء خارجية دول حلف الناتو في بروكسل (19/8) عن مجموعة من الإجراءات لدعم جورجيا في مواجهة ما يسميه الحلف بالعدوان الروسي عليها. ولكن الحلف فشل عمليا في الاستجابة لمطالب وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس بعزل روسيا ووقف التعاون معها. فقد أكد الأمين العام للحلف ياب دي هوب شيفر أن الحلف لن يوقف التعاون مع روسيا بالكامل ولكنه سيعلق اجتماعات مجلس روسيا الناتو إلى حين تنفيذ روسيا لخطة المبادئ الستة للتسوية مع جورجيا. كما أن الناتو قرر إنشاء لجنة مشتركة مع جورجيا لتقييم الخسائر العسكرية الناجمة عن العمليات العسكرية وسيعمل على مساعدة الجانب الجورجي في إعادة بناء بنيته التحتية. وفي موسكو استبقوا الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية الحلف بالحديث عن إعادة النظر في العلاقة مع الناتو طالما أن الحلف يعتبر جورجيا ضحية في حين أنها هي التي اعتدت على أوسيتيا الجنوبية وأفراد قوة السلام الروسية فيها. روسيا تتعاون مع الحلف منذ عام 1994 بموجب اتفاقية الشراكة من أجل السلام والتي استكملت بعد ذلك بميثاق باريس في 1997، وإعلان روما لعام 2002 الذي تأسس بموجبه مجلس روسيا الناتو. وعلى الأرض يتعاون الجانبان في عمليات مكافحة الإرهاب والمخدرات والإغاثة والمساعدات الإنسانية ويجريان بعض التدريبات العسكرية المشتركة. العلاقة بين روسيا والحلف وقبل الأزمة الروسية الجورجية كانت متوترة بسبب زحف الناتو نحو الحدود الروسية ونيته ضم جورجيا وأوكرانيا بعد أن ضم دول البلطيق الثلاث وأصبح على بعد 600 كيلومتر تقريبا من العاصمة الروسية موسكو. موسكو أعلنت مرارا وتكرارا عن رفضها لتوسع الحلف، ورفضها القاطع لضم جورجيا وأوكرانيا، فهي تشعر بأن الحلف الذي تسيطر عليه الولاياتالمتحدة يفرض طوقا من الحصار عليها. الأزمة الأخيرة والرد الروسي السريع والمفاجئ سواء لجورجيا أو للولايات المتحدة والناتو، أعاد للذاكرة أيام الحرب الباردة في زمن الاتحاد السوفيتي وإن كانت في ثوب جديد استبدل فيها الاتحاد السوفيتي بروسيا المعاصرة. روسيا أفهمت الولاياتالمتحدة وأوروبا أنها لن تتراخى عن الدفاع عن مصالحها وخاصة في المناطق المجاورة لها حيث الأمن القومي الروسي المباشر وموارد الطاقة ومسارات نقلها. ولكن الولاياتالمتحدة التي بدت عاجزة في الرد على المفاجأة العسكرية الجورجية سرعت الاتفاق مع بولندا لنشر درعها الصاروخية فيها. الرد الروسي المحتمل سيأتي لا ريب في ذلك، ويمكن أن يشمل نصب صواريخ دفاعية وهجومية في إقليم كالينجراد الروسي القريب تماما من أوروبا بجانب تدابير عسكرية أخرى ستكشف الأيام المقبلة عنها. من هذه التدابير زيادة تسليح بعض الدول غير المرضي عنها من قبل واشنطن كإيران وفنزويلا وسوريا. كما أن من هذه التدبير ما تمخض عنه لقاء الرئيسين الروسي والبيلاروسي ميدفيديف ولوكاشينكو في التاسع عشر من الشهر الجاري بالتوقيع في الخريف القادم على اتفاقية لإنشاء منظومة موحدة بين البلدين للدفاع الجوي. عن صحيفة الوطن العمانية 20/8/2008