انتخابات "النواب" 2025.. "الشباب المصري" يدعو المواطنين إلى المشاركة الواسعة في جولة الإعادة    برعاية السيسي.. وزير التعليم العالي يعلن نتائج مبادرة "تحالف وتنمية" وتوقيع اتفاقيات التحالفات الفائزة    وزير الخارجية يبحث مع أمين عام الأمم المتحدة تطورات الأوضاع في فلسطين    حبس عاطل بتهمة التحرش بفنانة شابة بالنزهة    وزيرة التنمية المحلية والبيئة تعلن الإمساك بتمساح مصرف قرية الزوامل بالشرقية    مصر تتابع مع البنك الدولي إعداد الاستراتيجية الوطنية للاستثمار الأجنبي المباشر    محافظ المنوفية يسلم 45 كرسي متحرك ومساعدات مالية وعينية لذوي الهمم    الهيئة الوطنية للانتخابات تجدد تحذيرها من أي خروقات خلال الانتخابات    الخارجية السورية: إلغاء قانون قيصر يمثل انتصارا    القاهرة الإخبارية: الأمطار والبرد يفاقمان الأزمة الإنسانية في غزة.. وفاة طفلة وغرق آلاف الخيام    أكسيوس: ترامب يخطط لتعيين جنرال أمريكي لقيادة قوة الاستقرار الدولية في غزة    ليفربول يرفض إقامة حفل وداع لمحمد صلاح ويحدد موقفه من انتقاله    منتخب مصر يخوض تدريبا صباحيا استعدادا لأمم أفريقيا    صحيفة.. 24 ساعة تحسم مستقبل صلاح مع ليفربول    ضبط شخص لنقله ناخبين لحثهم على التصويت لصالح مرشح بدائرة حوش عيسى بالبحيرة    تفاصيل السيارة المصرية الكهربائية بمعرض البحوث: سرعتها 70 كم وب200 ألف جنيه    وزارة الداخلية تحبط محاولة سيدتين توزيع أموال بمحيط لجان دير مواس    ضربات أمنية لضبط الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي    سقوط طفل من الطابق الخامس ببورسعيد.. وجهود طبية مكثفة لإنقاذ حياته    ضبط شخص ظهر في فيديو يحمل سلاحًا ناريًا بالغربية    أحمد مراد يعتذر: استخدمت كلمة رسول بصيغة عامة.. ولم يكن في نيتي المقارنة أو توجيه إساءة تتعلق بالمقدسات الدينية    مباحثات مصرية - يونانية لتنفيذ برامج سياحية مشتركة    الصحة: للعام الثالث على التوالي مصر تحافظ على خلوها الكامل من الحصبة والحصبة الألمانية    القوات الروسية تسيطر على بلدة بخاركيف    وزير الخارجية يؤكد الرفض القاطع لأي دعوات تستهدف تهجير الفلسطينيين أو تغيير الوضعية الجغرافية لغزة    سباليتي: أداء يوفنتوس أمام بافوس كان محرجا في الشوط الأول    53 مترشحًا يتنافسون على 3 مقاعد فردية فى دوائر أسوان المعاد الاقتراع بها    سعر كرتونه البيض الأبيض والأحمر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025 فى أسواق المنيا    «الصحة» تعلن نجاح مصر في القضاء على الحصبة والحصبة الألمانية للعام الثالث على التوالي    شوبير: الأهلي ينجز صفقة يزن النعيمات ويقترب من تجديد عقد حسين الشحات    التراث العربي: إدراج الكشري في قائمة اليونسكو خطوة مبهجة تعزز الهوية الثقافية المصرية    اليوم.. الكنيسة القبطية تحتفي بيوم الصحافة والإعلام في المقر البابوي بالعباسية    الجامعة البريطانية توقع بروتوكول تعاون مع ولفرهامبتون البريطانية    الليلة.. حفل ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2025    إغلاق مطار بغداد موقتًا أمام الرحلات الجوية بسبب كثافة الضباب    «أسامة ربيع»: نستهدف تحقيق طفرة في جهود توطين الصناعة البحرية    قرارات النيابة في واقعة اتهام فرد أمن بالتحرش بأطفال بمدرسة شهيرة بالتجمع    يوسف القعيد: نجيب محفوظ كان منظمًا بشكل صارم وصاحب رسالة وتفانٍ في إيصالها    قافلة طبية لجامعة بنها بمدرسة برقطا توقع الكشف على 237 حالة    تايلاند تعلن عن أول قتلى مدنيين عقب تجدد الصراع الحدودي مع كمبوديا    إعتماد تعديل المخطط التفصيلي ل 6 مدن بمحافظتي الشرقية والقليوبية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    «الوطنية للانتخابات» تعلن تخصيص الخط الساخن 19826 لتلقي الشكاوى    تقييم مرموش أمام ريال مدريد من الصحف الإنجليزية    ثلاث مباريات في افتتاح الجولة ال15 لمسابقة دوري المحترفين    بتكلفة 68 مليون جنيه، رئيس جامعة القاهرة يفتتح مشروعات تطوير قصر العيني    طرق الوقاية من الحوداث أثناء سقوط الأمطار    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    حالة الطقس في السعودية اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    DC تطرح أول بوستر رسمي لفيلم Supergirl    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    التحضير لجزء ثانٍ من مسلسل «ورد وشوكولاتة»    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    التعادل السلبي يحسم موقعة باريس سان جيرمان وأتلتيك بلباو    "الصحة" تكشف عن الفيروس الأكثر انتشارا بين المواطنين حاليا    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    حاسوب القرآن.. طالب بكلية الطب يذهل لجنة التحكيم في مسابقة بورسعيد الدولية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحياة السرية لرؤساء أمريكا !
نشر في التغيير يوم 11 - 05 - 2005

سوف يكتشف القارئ ان اول رئيس للولايات المتحدة قد امضي معظم سنوات الرئاسة تحت وطأة الخمر، اذ كان لا يكاد يفيق من الدوار الذي يحدثه عبء كميات ضخمة من الخمور، اي ان الرئيس جورج واشنطن لم يكن على تلك الدرجة من النقاء التي ترتفع به الى مراتب القديسين!! في حين كان الرئيس جون كونيسي آدمز الذي يحتل الترتيب الثاني من رؤساء الولايات المتحدة مدمنا لجلسات القمار وكانت جلسات القمار تعقد في البيت الابيض المقر الرسمي للرئاسة، ايضا كان آدمز مفلسا دائما اثناء وجوده حول المائدة اللعينة، ولم يكن يتورع عن اقتراض مبالغ زهيدة من الاشخاص الذين يرغمهم على المشاركة في جلسات القمار، ولم تكن المبالغ قابلة للسداد، وعندما انتهت رئاسة آدمز رجع الى جورجيا، حيث انهمك في الترويج لمقولات كاذبة عن اتصاله بالأرواح من العالم الآخر، فضلا عن ادعائه رؤية الاطباق الطائرة بلا انقطاع.
\r\n
\r\n
يتضمن الكتاب معلومات عن جميع الرؤساء الامريكيين منذ تأسيس الولايات المتحدة خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر الامر الذي يجعل هذا الكتاب بمثابة دائرة معارف عن الرؤساء الامريكيين، وقد تمكن المؤلفان من اعداد تلك المعلومات بطريقة في غاية الامتاع، مما جعل الكتاب اشبه برواية مثيرة تتابع وقائعها دون ملل، فلم يكترث المؤلفان بما اذا كان الرئيس موضع الدراسة يحظي بالاعجاب او الازدراء بين الرأي العام، بالرغم من ان المؤلفين خصصا خمس صفحات لاستعراض حياة كل من الرؤساء الامريكيين ، ويؤكد القارئ الامريكي اندرو وجنتر من مدينة دالاس بولاية تكساس بالولايات المتحدة ان الطريقة التي التزم بها الكتاب تعد افضل الاساليب لاعداد السيرة الذاتية للمشاهير، وذلك من خلال التركيز على التصرفات السلبية التي لا تليق بارباب المناصب السامية، خاصة ان هذه الفئة من الاشخاص يجب ان تتنزه عن الصغائر، باعتبار ان تصرفاتها تؤثر في شعوب باكملها، دون ان يتوقف صدي القرار الذي يتخذه الرئيس الامريكي على حدود الولايات المتحدة وحدها.
\r\n
\r\n
لم يتوقف الكتاب عند الطريقة التقليدية لتقييم الرؤساء، اذ لم يهتم المؤلفان بسرد انجازات الرئيس او حالات الاخفاق والفشل التي واجهها، وانما عمد الكتاب الى دراسة الحياة اليومية للرؤساء، على اساس ان القرارات الكبري ربما تأثرت بعوامل في منتهي الضآلة، وهو منهج في غاية العمق والاصالة ربما تغافل عنه المؤرخون، ومع تحليل هذا المنهج يتبين ان الرئيس او الزعيم شخص مثل غيره يتعرض للاوجاع والاحزان، بل ربما كان الرئيس اكثر عرضة من غيره لمنغصات الحياة وهموم المناصب كذلك قد يكون شاغل المنصب الكبير دنئ النفس غير جدير بموقع الصدارة، وينصح بضرورة تقرير هذا الكتاب على طلاب المدارس الثانوية في الولايات المتحدة، فدراسة التاريخ بهذا الاسلوب المحبب سوف تجعل منه مادة تجمع بين الفائدة والتشويق، بصرف النظر عن الطريقة العقيمة لتدريس التاريخ حاليا والتي تعتمد على الحفظ والتلقين مع حشد صفحات الكتاب بسلسلة متداخلة من الوقائع والاشخاص.
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
أضواء
\r\n
\r\n
تبدو اهمية هذا الكتاب في تسليط اضواء كاشفة على الجوانب الخفية من حياة القادة الامريكيين، ومن هنا جاء تحديد جوانب الضعف في شخصيات هؤلاء الزعماء، اذ تبدو بعض القرارات التي اتخذها هؤلاء الرؤساء في غاية الغرابة وغير قابلة للتفسير.
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
التاريخ الحقيقي
\r\n
\r\n
يعد هذا حصيلة لجهود دؤوب استغرقت زمنا غير قصير من المؤلفين، وبالتالي اتاحت الفرصة امام القارئ للاطلاع على التاريخ الحقيقي لرؤساء الولايات المتحدة، وبذا تبدو قيمة الكتاب حتى بالنسبة للمتخصصين في دراسة التاريخ الامريكي، ومن المؤسف ان ممارسات الرؤساء الامريكيين لم تزد على كونها منظومة متعاقبة من الفضائح.
\r\n
\r\n
ويضيف جاري ماك كولم من مدينة ديستون بولاية فيرجينيا الامريكية ان هناك اهمية اضافية لهذا الكتاب وتنبع تلك الاهمية من رصد الانحرافات الخطيرة التي شابت سلوك الرؤساء الامريكيين والغريب ان هناك شبه اجماع بين الرؤساء على التورط في تلك الانحرافات، وكأن سلوك شاغلي مقعد الرئاسة يجب ان يتسم دائما بالانحراف والخروج على المالوف، وقد بذل المؤلف جهدا خارقا لتتبع هذه الانحرافات، ومع ذلك فإن الدراسة التي قام بها المؤلف لبعض الرؤساء قد يشوبها عدم التقيد بالمعايير العلمية الصارمة ويبدو المؤلف وكأنه يحابي بعض الرؤساء على حساب الحقائق المعروفة.
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
انتقادات
\r\n
\r\n
فعلي سبيل المثال ينهال المؤلف بالنقد والتوبيخ على الرئيس الديمقراطي فرانكلين ديلافو روزفلت، بالرغم من انه احد ابرز الرؤساء في التاريخ الامريكي بأكلمه، يتهم المؤلف روزفلت بالمسؤولية عن الكساد العظيم الذي بدأت احداثه المأساوية منذ عام 1929، عندما انهارت البورصة وافلست مئات الألوف من الشركات وفقد الملايين من الامريكيين وظائفهم، واوشكت الولايات المتحدة على مواجهة شبح المجاعة والكارثة الاجتماعية، بينما اقترب الدعاية السياسية من تحويل الكتلة الكبري من المواطنين نحو الشيوعية، وكانت الظروف مهيأة لهذا الانقلاب الاكثر خطورة في تاريخ العالم وقتذاك، ولكن اقدم رزوفلت على اتخاذ العديد من الاجراءات الصارمة للتخفيف من شبح الازمة، وامر بانشاء مطاعم عامة تقدم الوجبات الاساسية للعمال العاطلين واسرهم، كذلك اقترضت الحكومة الفيدرالية مبالغ طائلة من المصارف، وتم تخصيص هذه الاموال لإقامة العديد من المشروعات العملاقة في مجال الانشاءات لاستيعاب اكبر عدد ممكن من الباحثين عن العمل.
\r\n
\r\n
الا ان الانتعاش الفعلي للاقتصاد الامريكي لم يتحقق بالرغم من تلك الاجراءات، ومثلت الحرب العالمية الثانية طوق الانقاذ الوحيد الذي انتشل امريكا من هاوية الانهيار والركود، فمع نشوب الحرب تزايد الطلب على الاسلحة الامريكية خصوصا من معسكر الحلفاء الذي قادته بريطانيا، غير ان الاتهامات التي يسوقها المؤلف ضد الرئيس روزفلت تنطوي على انتقادات في غاية الخطورة، اذ انها تنسف من الاساس المكانة التي احتلها روزفلت في التاريخ الامريكي باعتباره المنقذ الذي حال دون سيطرة الشيوعية على الولايات المتحدة، بينما يبدو من وجهة نظر المؤلف كشخص بيروقراطي لم يتمكن من التصدي لشبح المجاعة الا من خلال الاساليب التي طبقتها الشيوعية، بالاضافة الى تورطه في توسيع نطاق الحرب، حتى تحصل الولايات المتحدة على اكبر نسبة ممكنة من مكاسب الحرب، وبالتالي يظل الاقتصاد الامريكي مختلطا باشلاء القتلي وانهار الدماء !!فلم يتمكن رجال الاقتصاد من توظيف الموارد الطبيعية الهائلة للولايات المتحدة بصورة تتميز بالنجاح والعبقرية، بل ترك هؤلاء الفرصة لقوي السوق الغاشمة لكي تعصف بالمدخرات الضئيلة للعمال وصغار المزارعين، ومن ثم ظهرت العورات الفاضحة التي تشكل الملامح الحقيقية للاقتصاد وللحياة الامريكية.
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
التشويق
\r\n
\r\n
نظرا لاسلوب التشويق الذي التزم به المؤلف في صياغة المادة العلمية المدرجة في هذا الكتاب يستطيع القارئ في اللغة الانجليزية ان يأتي عليه في ساعات معدودة، وان كان هذا التشويق ناجما عن الانكباب على مراجعة اعداد لا تحصي من المراجع التي تنقب عن الزوايا الخفية والمجهولة في حياة الرؤساء الامريكيين، وحتي الروايات الشائعة عن غرائب الرؤساء عمل المؤلف على تحليلها بنظرة مغايرة، فعلي سبيل المثال يري المؤلف ان انتخابات عام 2000 التي تنافس فيها المرشح الجمهوري جورج بوش الابن مع غريمه الديمقراطي آل جور كانت مهزلة بكل المقاييس، فلم يكن اي من المرشحين جديرا بهذا المنصب الخطير، بينما اتسمت البرامج التي تقدم بها كل من المرشحين بالخفة وانعدام الاصالة والموضوعية، وجاءت نتيجة هذه الانتخابات بمثابة مهزلة اخري، فقد اوشك كل من بوش وال جور على الفوز، ولكن تم ترجيح كفة بوش بعد قيام الجهة المشرفة على الاقتراع بتعداد اصوات الناخبين في فلوريدا بطريقة يدوية، طبقا للقرار الصادر عن المحكمة الدستورية العليا.
\r\n
\r\n
ويكشف المؤلف عن الدور الخطير الذي تضطلع به الدعاية الانتخابية في تزييف الحقائق وقلب الاوضاع، فقد اشتهر آل جور بانه واحد من كبار المثقفين في الولايات المتحدة، فضلا عن تبنيه التوسع في استخدام الانترنت وحماية البيئة، ولكن هذه القشرة الزاهية تخفي الكثير من ابعاد الحقيقة المظلمة، فلم يتمكن جور من التعرف على الرئيس الامريكي الذي قام بزيارة منطقة مونتيي سيللو، وما اذا كان الرئيس الاول جورج واشنطن ام الرئيس فرانكلين روزفلت، وحتي الرئيس كلينتون نفسه الذي اشتهر بدوره بالولع بالقراءة لم يكن يكترث بالدقة الكافية لدى اعداد الخطب التي يتقدم بها الى الرأي العام، مع ملاحظة ان تلك الخطب تعد وثائق سياسية بالغة الاهمية في وقت باتت فيه الولايات المتحدة القوة العظمي الوحيدة في العالم.
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
طرائف
\r\n
\r\n
يشير آندرو جونتر من مدينة دالاس بالولايات المتحدة الى ان الكتاب يحفل بالطرائف المضحكة عن رؤساء امريكا، بالرغم من ان الهدف الذي حدده المؤلف بعيد تماما عن استدراج القارئ الى التفكه والمرح، اذ كان المؤلف يقصد تعرية الانماط غير المعتادة في السلوك الصادرة من الرؤساء الامريكيين، ويشدد المؤلف على ان شاغل المنصب الرفيع لا يشترط ان يكون عبقريا، وان ما يصدر عنه من اقوال وآراء يعد من خصوص الدور ونقاش الحكم!! بل ان الرئيس \"انسان\" يعاني من لحظات ضعف قاتلة وربما اصابه العجز عن التمييز بين الصحة والخطأ، ولذا يصدر القرار محملا بهذا القصور، دون ان يعني ذلك التماس العذر لمن يتبوأ هذا الموقع السامي.
\r\n
\r\n
يعد هذا الكتاب بمثابة دائرة معارف حافلة بالاسرار والتقييم لرؤساء امريكا منذ تأسيس الولايات المتحدة وحتي الرئيس الحالي جورج بوش الابن.
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
ليس رجلا
\r\n
\r\n
كان يوم الخميس السادس والعشرين من فبراير 1987 أحد الايام العصيبة في الفترة الثانية من رئاسة رونالد ريجان، فقد نشرت لجنة نادر تقريرها السنوي عن انحرافات كبار المسؤولين بالحكومة، واورد التقرير ادلة موثقة عن مشاعر ريجان رئيس هيئة العاملين بالرئاسة ونص التقرير على مسئولية ريجان الرئيس ومساعده الذي يحمل نفس الاسم عن الفوضي التي حلت بالبيت الابيض، أراد الرئيس ان يخرج مساعده من الحكومة، ولكن لم يجرؤ على مواجهته، ولذا طلب من نائبه بوش الاب القيام بهذه المهمة البغيضة بدلا منه، والتقي بوش مع ريجان، وعندما استفسر ريجان عن سبب اللقاء اجابه بوش الاب ببرود بان الرئيس يتمني ان يعلم خططه عن المستقبل، كانت هذه العبارات بمثابة انذار باقالة ريجان، وهنا اندفع ريجان في نوبة من الصراخ المحموم، واخذ يتفوه بعبارات في غاية القسوة ضد ريجان، وقال الم يكن ريجان رجلا بما فيه الكفاية حتى يستطيع ان يواجهني، وأبدي ريجان عنادا مستفزا، وقال انني لو تقدمت باستقالتي فسوف يعتبرني الرأي العام السبب في فضيحة ايران - جيت، في تلك المرحلة كانت الإدارة تعاني من ذيول فضيحة توريد اسلحة لايران، بالرغم من ان الموقف الرسمي كان يتظاهر بالعداء والكراهية للجمهورية الاسلامية في ايران.
\r\n
\r\n
طلب بوش من ريجان التماسك والهدوء وحاول طمأنته بان الاستقالة ستمر دون ان تثير ضجة تذكر، واستنكر ريجان هذا التبسيط الساذج للامور وقال ان نانسي ريجان وأصدقاءها قتلوه في وسائل الاعلام، مع انه يشعر بانه لم يرتكب خطأ، وبالتالي فان الرئيس غير منصف معه، خاصة عندما يطرد بهذه الطريقة البالغة الاهانة، كما لو كان كاتبا في احد المتاجر الصغيرة لبيع الاحذية، وطلب ريجان من جورج بوش الأب ان ينقل هذه العبارات بحذافيرها الى ريجان، وكشف ريجان عن السبب الحقيقي للصدام مع زوجة الرئيس، فقد اعترض على انهماكها في الخضوع للعرافات والسحرة، كذلك رفض ريجان رهن القرار السياسي لريجان الرئيس بما يقوله السحرة، فقد تمكنت نانسي من التأثير على زوجها بالا يقدم على اتخاذ قرار الا بعد استطلاع اراء العرافين، الامر الذي ادي الى ارتباك فاضح في اداء الحكومة الفيدرالية والوكالات المنبثقة عنها، ولم يعد صحيحا ما يقال عن تقدم الولايات المتحدة وتأثر القرار السياسي فيها باحدث مبتكرات العلم، بل ان العكس هو الصحيح.
\r\n
\r\n
امام سطوة نانسي ريجان على زوجها لم يجد بدا من اقالة ريجان كبير العاملين بالبيت الابيض، وبحث ريجان عمن يخلف كبير مساعديه واختار هوارد بيكر للمنصب الشاغر باقالة ريجان، كانت اسباب اقتناع ريجان بالمساعد الجديد في غاية الغرابة، فقد كان بيكر خبيرا بالفضائح فضلا عن قدراته المشهود بها في متابعة هذه الفضائح، ولكن بيكر لم يتميز بالاخلاص، فقد سبق له العمل في مجلس الشيوخ لمدة ثمانية عشر عاما، ورغم انتمائه للحزب الجمهوري فقد ساهم في ادانة ريتشارد نيكسون ابان انفجار فضيحة ووتر جيت.
\r\n
\r\n
كان هوارد بيكر في احدي حدائق الحيوان عندما اتصل به الرئيس ريجان، وعندما عاد الى المنزل ابلغته زوجته بهذا الاتصال، ولم تبد على هوارد مظاهر السعادة، فقد كان يدرك انه بالرغم من البريق المصاحب لمنصب كبير العاملين بالبيت الابيض، فقد كانت المهمة الرئيسية للمنصب هي التجسس على كبار المسئولين بالحكومة الامريكية، كان ريجان يدرك مواهب بيكر في التجسس! عند ما كان بيكر في سن السابعة والاربعين اي في عام1973 رشحه مجلس الشيوخ لتولي منصب نائب رئيس اللجنة المكلفة بالتحقيق في فضيحة ووتر جيت، ورغم حساسية المهمة الا ان بيكر اراد توظيفها لاغراضه السياسية، فقد توصل الى اتفاق سري مع الرئيس المتهم نيكسون، وبمقتضي هذا الاتفاق تعهد بيكر بنقل اسرار التحقيقات الى نيكسون اولا باول، وقد رصدت اجهزة الامن الامريكية هذا الاجتماع في الثاني والعشرين من فبراير 1973 بعد انتخاب نيكسون لرئاسته الثانية التي لم يتمها بفترة وجيزة، بالرغم من ان نيكسون لم يكن يتوقع هذا التواطؤ، فقد باغته الى درجة الدهشة والذهول، خاصة ان بيكر خاطب نيكسون قائلا : سيدي الرئيس انني صديق وأود انني ساحمي مصالحك اثناء التحقيقات وفيما بعد حاول بيكر تبرير هذا الموقف فزعم انه كان يعتقد ان تفجير فضيحة ووتر جيت كان احد مظاهر الصراع السياسي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
\r\n
\r\n
اكتشفت لجنة التحقيقات التابعة لمجلس الشيوخ وجود نظام للتجسس على الحزب الديمقراطي، وكان الرئيس نيكسون قد امر بإنشاء هذا النظام لمعرفة اسرار الحملات الانتخابية لخصومه في الحزب المنافس، وبعد تشكيل لجنة التحقيق تعرض اعضاؤها لمضايقات رهيبة وصلت لحد التهديد بالقتل احيانا، فذات ليلة في اغسطس 1973 عاد بيكر الى منزله في واشنطن في ساعة متأخرة من الليل، وفوجئ بتحطيم الخزانة التي يحتفظ فيها ببعض وثائق تحقيق ووتر جيت، وقد حرص الذين نفذوا عملية السطو على العبث بمحتويات المنزل دون ان يتعرض اي منها للسرقة، وكانت هذه العملية بمثابة رسالة واضحة الى بيكر، فقد انطوت على عدم المضي قدما في التحقيقات الى حين يهدد بفضح كل الاسرار، وفي الصباح توجه بيكر الى مقر ادارة مكتب التحقيقات الفيدرالية، وطلب الاطلاع على الملف السري الخاص به.
\r\n
\r\n
رفض القائمون على ادارة المكتب السماح لبيكر برؤية الملف في بادئ الامر وبعد مفاوضات مضنية وافقت ادارة المكتب على الافراج عن ملف بيكر، ولكنه ذهل لدى مشاهدته، اذ تم تجريده من كل الوثائق والمذكرات السرية، واقتصرت الاوراق على عدد من اوراق التعريف بهوية بيكر، وادرك بيكر ان ادارة المكتب تسعي لابتزازه، بل انه لم يستبعد قيام عملاء المكتب بالاغارة على منزله والعبث باثاثه وخزائنه.
\r\n
\r\n
وذعر بيكر من احتمال تعرضه للقتل، ولذا تعاقد مع احدي شركات الحراسة لتوفير اقصي قدر من الاحساس بالأمان، واكتشف خبراء الشركة ان اقتحام منزل بيكر قام به افراد محترفون وعلي اعلي مستوي من التدريب والاحتراف، وعندما انتهت رئاسة نيكسون اتضحت الحقيقة المفزعة امام بيكر، فقد كان نيكسون ورجاله وراء عملية الاعتداء مع تكليف عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالية بالتنفيذ.
\r\n
\r\n
تشعبت التحقيقات في فضيحة ايران - كونتراجيت، وحاول الرئيس التستر على انحرافات رجاله المقربين خصوصا الكولونيل اوليفر تورث والادميرال جون بويند اكستر مستشار الرئيس للامن القومي، وقد استدعت لجنة تاور المسئولة عن التحقيق نانسي زوجة الرئيس رونالد ريجان، واستفسر منها المحققون عن الاجتماعات السرية التي شارك فيها تورث ويونيدا اكستر مع الرئيس وبحضور وليم كيسي مدير وكالة الاستخبارات المركزية ونفت السيدة نانسي مشاركة تيسي او نورث في مثل هذه الاجتماعات.
\r\n
\r\n
ولكن اكدت وثائق الوكالة مشاركتهما حتى موعد مبكر من عام 1986 وادرك المحققون ان السيدة الاولي تكذب، ومع ذلك قرروا عدم مواجهتها بتلك الاكاذيب في تلك المرحلة من التحقيق، وزعمت نانسي ريجان ان كل المخالفات التي ارتكبها يويند اكستر تمت بدون علم زوجها الرئيس. الا ان شهادة يويند اكستر امام لجنة تادر كشفت عن الاكاذيب الفاضحة التي تورطت فيها زوجة الرئيس، فقد قال يونيدا اكستر ان كل التصرفات الملتوية كانت بناء على الاوامر المباشرة من ريجان، بل ان ريجان لم يعترض قط على مبادلة الرهائن الامريكيين في لبنان بالاسلحة وقطع الغيار التي تم تصديرها لايران، وهي الجهة التي كانت الادارة الامريكية تتهمها بمساندة الخاطفين، وبالطبع احاط هوارد بيكر رئيس هيئة العاملين بالبيت الابيض بهذه المعلومات، وقرر مواجهة الرئيس بالحقائق، وتوجه بيكر الى جناح الرئيس الذي لم يغضب لدى علمه بشهادة يونيد اكستر، وانما استغرق في نوبة صاخبة من الضحك العميق، وخاطب ريجان هوارد بيكر بقوله: لاحظ.. لقد كنت على علم بهذه الاحداث طوال الاشهر السبعة الماضية.
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
ذاكرة الرئيس
\r\n
\r\n
يبدو ان الرئيس ريجان لم يصب بالزهايمر بعد مغادرة البيت الابيض، ولكنه كما يؤكد امضي السنوات الاخيرة من حكمه وهو يعاني من متاعب في الذاكرة، فعندما استمرت ازمة الرهائن الامريكيين في لبنان دون حل، وطرق الرئيس ريجان كل الابواب بلا امل، واخيرا اقترح عليه جون ولتش احد مساعديه الاتصال بالرئيس السوري حافظ الاسد، ورد ريجان بانه يحاول ان يتذكر من يكون هذا الرجل الذي يحمل اسم الاسد، ولم تسعف الذاكرة ريجان، وحاول ولتش تذكيره بحادث اختطاف طائرة ترانس وورلد اير لاينز من بيروت عام 1985 وعلى متنها 15 راكبا، وكيف تدخلت سوريا لانهاء العملية سلميا، فقال الرئيس انه لم يعد يتذكر الاحداث البعيدة.
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.