\r\n ولكن وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس كانت قد وصفت هذا الأمر في وقت مبكر بأنه \"طريق يؤدي إلى الحروب\". أما أعضاء الكونجرس فقد تخوفوا من أن الأسلحة الأوروبية ربما يتم استخدامها ضد القوات الأميركية التي تدعم تايوان ضد هجوم تشنه عليها القوات الصينية. وكانت صحيفة \"الواشنطن تايمز\" المعروفة بميولها اليمينية قد كتبت تقول: \"هنالك جهود متنامية من حلفاء أميركا القدامى في أوروبا تعمل على مواجهة -إن لم يكن الإضرار- بالأمن والمصالح الأميركية وبحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم\". \r\n \r\n على أن أوروبا لا تعتزم بيع صواريخ من نوع إكسوست أو طائرات من نوع يوروفايتر إلى الصين تماماً كما أن الأميركيين الذين سيذهبون للدفاع عن تايوان من المرجح في الحقيقة أن يواجهوا الأسلحة الإسرائيلية وليس الأوروبية طالما أن إسرائيل ظلت ولسنوات طويلة تمثل أكبر مورد رئيسي لتزويد الصين بالتكنولوجيا العسكرية المتقدمة. وعلى كل فيبدو أن الكونجرس والإدارة الأميركية على حق حين يعتبران أن مبيعات الأسلحة الأوروبية ستفرض إعادة لتوزيع مراكز القوة في النظام الدولي بشكل يفضي إلى الحفاظ على توازن القوى والتقليل من النفوذ العسكري للولايات المتحدة الأميركية. \r\n \r\n وإلى المدى الذي تعتبر فيه هذه الخطوة متعمدة فإن الاتحاد الأوروبي بلا شك قد أصبح يساهم في جعل الصين لاعباً دولياً مؤثراً وبشكل لم تكن عليه في الماضي على الإطلاق علماً بأن نابليون \"الأوروبي\" هو الذي قال ذات مرة: \"دع الصين نائمة فعندما تصحو سيشعر العالم كله بالندم\". ولقد كانت الصين تمثل هاجساً في الخيال الغربي في الفترة ما بين عام 1950 ووفاة زعيمها ماوتسي تونغ ليس بسبب قوتها الفعلية ولكن لأنها كانت تعتبر مصدراً للأيديولوجية الراديكالية والتغير السياسي في الغرب وهو الأمر الذي عززته أهداف حرب فيتنام. إذ أن من الخطأ الفادح الربط بين ادعاءات الصين الراديكالية بتلك النزعات الوطنية التي نشطت في جنوب شرق آسيا والتي لم تكن الصين تقف خلفها بأي صورة من الصور. \r\n \r\n على أن الصين في الحقيقة لديها اليوم طموحات لكي تصبح قوة تقليدية عظمى منافسة لليابان والولاياتالمتحدة الأميركية فيما يختص بشؤون شرق آسيا، وهي تعتمد دبلوماسية متزايدة النشاط في دعم مطالبها الإقليمية في بحر الصين الجنوبي، بعد أن قامت بنشاط دبلوماسي مكثف في إيران وأفريقيا وفي دول الاتحاد السوفييتي السابق من أجل ضمان موطئ قدم لها في مجال الطاقة. ولكن هذا الأمر درج على التعامل معه من قبل واشنطن على أنه ينطوي على تحديات مستقبلية للولايات المتحدة الأميركية أي القوة العظمى الوحيدة في العالم، وهي فكرة تعتمد مجدداً على المبالغة في مقدار القوة الحقيقية للصين (ناهيك عن الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي يبدو هشاً أيضاً). وعلى كل فإن الخطوات الأولى التي اتخذتها الصين تجاه نشر أساطيلها في المياه العميقة ورفع شعار المحرمات والتهديدات ضد استقلال تايوان قد أثارت قلق العديدين. ويبدو أن أوروبا ليس لديها دور تلعبه في هذا الصدد ولعلها ارتكبت خطأ في تجاوز هذه المسألة إلى الاهتمام بالاعتبارات التجارية الصرفة في علاقتها مع الصين أو تايوان. ولكن العامل الأساسي أصبح يتمثل في أن التهديدات الأميركية الحالية بردّ فعل ضد أوروبا قد تشكل تهديداً بدورها للمصالح الأميركية. فلقد هددت إدارة بوش بإيقاف نقل التكنولوجيا الأميركية إلى أوروبا. وهذا تهديد فارغ من المحتوى لأنه من الناحية العملية لا يوجد نقل للتكنولوجيا الاستراتيجية الأميركية إلى أوروبا. وحتى ضمن المؤسسات المتعددة الجنسيات مثل شركة بريتش إيروسبيس التي حازت على عقود البنتاغون فإن الأعمال الحساسة اقتصرت على الشركات الأميركية. أما الاستثناء الوحيد الواضح في هذا الأمر فهو يتمثل في مشروع المقاتلة الضاربة المشتركة الأميركية الصنع من نوع (F-35) التي ترغب الولاياتالمتحدة في بيعها لأوروبا. وهذا البرنامج يتمتع أصلاً بشركاء أوروبيين غربيين أوفوا بالتزامات مالية كبيرة. وهذه الطائرة صممت بحيث تعمل ذاتياً. فهي عبارة عن سلاح يعتمد على التشغيل من نظام خارجي للاستحواذ على المعلومات الاستخباراتية حيث يتم تقييم الاختيار والهدف بالاعتماد على أجهزة أرضية أو في طائرة أخرى. وما لم يتم تضمين وسائل السيطرة الخارجية -شفرات برامج المعلومات والتكنولوجيا المصاحبة لها- في الطائرات التي سيتم تسليمها فإن المقاتلة الضاربة المشتركة لا يمكنها أن تعمل بالطريقة التي صممت من أجلها. \r\n \r\n وعلى ضوء الرعب الأمني الذي شهدته الولاياتالمتحدة الأميركية في مرحلة ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر والضغوط التي يمارسها الكونجرس الأميركي، فإن الشركاء الأوروبيين في البرنامج قد أصبحت تساورهم المخاوف بسبب الخطوات التي يمكن أن تتخذها الولاياتالمتحدة بشأن هذه الشفرات عندما يحين موعد تسلمهم لهذه الطائرات (بحلول عام 2010 أو أي موعد بعد ذلك). وكان أحد المسؤولين في وزارة الدفاع البريطانية قد صرح لأجهزة الإعلام حتى قبل الجدل الذي احتدم بشأن صادرات الأسلحة للصين مشيراً إلى أن بريطانيا مهتمة بشأن \"نقل التكنولوجيا التي نحتاجها.. وعلى الرغم من أن هذه الطائرات يمكن تشغيلها بصورة جيدة من قبل الأطقم البريطانية إلا أننا ندرك أن هذا الأمر يمثل اختباراً للحدود التي تسمح بها السياسة الوطنية الأميركية فيما يتعلق بالسرية\". ويذكر أن الدول المتوقعة حالياً لشراء المقاتلة الضاربة المشتركة هي من الحلفاء المقربين للولايات المتحدة في أوروبا الغربية. وفي حال أن الولاياتالمتحدة ارتأت الاحتفاظ بتكنولوجيا هذه الطائرة فإن هذه الدول ستكون قد أهدرت أموالها وفي نفس الوقت لن تتمكن الولاياتالمتحدة من بيع طائراتها. أما الدول التي ستصبح مستفيدة من توقف نقل تكنولوجيا الطائرة المقاتلة فهي الدول الأوروبية المصنعة للطائرات والمركبات الفضائية وهي فرنسا وألمانيا والسويد، وإذا ما أصر المستشار جيرهارد شرودر والرئيس جاك شيراك على رفع الحظر عن الصين فربما تبرهن هذه الخطوة على أنها ناجحة من الناحية التجارية في الداخل والخارج على حد سواء. \r\n \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز\"