\r\n لكن في الحقيقة تتحمل الولاياتالمتحدة والحكومات الاوروبية المسؤولية عن سنوات الحكم الفاسد والعاجز الذي قام بعد انهيار الاتحاد السوفياتي مباشرة‚ فقد برزت قيرغيزستان باعتبارها البلد الوحيد في آسيا الوسطى الذي بدا مستعدا للتخلي عن ماضيه الشيوعي‚ \r\n \r\n فقد تعهد رئيس قيرغيزيا الجديد آنذاك عسكر اكاييف وهو عالم كاريزمي سابق بتطبيق الديمقراطية على الطريقة الغربية واتباع سياسة تحرير الاقتصاد‚ وجرى الترحيب ببلاده الصغيرة كما لو انها سويسرا آسيا الوسطى‚ \r\n \r\n اسفرت مهارة أكاييف في كسب ود الغرب واظهار بلاده بصورة متحررة عن مرابح كبيرة له شخصيا ولنظامه خلال عقد التسعينيات وكانت قيرغيزستان بالنسبة للحكومات الغربية والمنظمات الدولية نموذجا للاقتداء من قبل البلدان الاخرى فقد اصبحت قيرغيزستان وسط طوفان من اموال المساعدات الغربية وتم اغراقها باعداد لا تحصى من المنظمات غير الحكومية والمستشارين وكلها سعت لمساعدة قيرغيزستان على تحقيق اهدافها المعلنة للاصلاح‚ \r\n \r\n بحلول نهاية عقد التسعينيات تراكمت على البلاد ديون خارجية ضخمة جراء برامجها الممولة خارجيا ولم يكن لديها سوى القليل لتقدمه من حيث التنمية الاقتصادية‚ فقد اختلس المسؤولون في الدولة اموال المساعدات الخارجية‚ \r\n \r\n المسؤولون الغربيون عن المساعدات الخارجية لم يبلغوا حكوماتهم عن مدى التزوير في الانتخابات الرئاسية والانتخابات البرلمانية وان اكاييف بات منشغلا تماما بالحفاظ على سلطته على حساب اصلاح بلاده‚ \r\n \r\n وجاءت احداث 11 سبتمبر لتعطي حكومة قيرغيزستان متنفسا سياسيا فقد تفاوضت الولاياتالمتحدة معها وحصلت على حقوق بناء وتشغيل قاعدة عسكرية في مطار ماناس في العاصمة بيشكيك لتدعيم العمليات العسكرية الاميركية في افغانستانالغربية‚ \r\n \r\n ولخدمة مصالح الاحتفاظ بالقاعدة العسكرية تجنبت الولاياتالمتحدة وشركاؤها في التحالف التشكيك بالانتهاكات السياسية للحكومة القيرغيزية وانتشار المحسوبية التي استفحلت في البلاد‚ \r\n \r\n وكانت الحكومة القيرغيزية سريعة في تأكيد دعمها للحرب على الارهاب وبدهاء وصفت جماعات المعارضة السياسية المحلية كمنشقين وارهابيين من اجل ان تحصل على معدات عسكرية من الغرب لتسليح قواتها الامنية فلا غرابة او مفاجأة ان ظل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقدم الدعم القوي لنظام اكاييف بغية الحفاظ على «الاستقرار الاقليمي» وهذا عزز بدوره الميول المناهضة للديمقراطية في البلاد‚ \r\n \r\n فهل ستنجح الثورة القيرغيزية؟‚‚ التحديات ضخمة‚ فالقادة الجدد بزعامة الرئيس المؤقت كورمانبيك باكييف متحدون في معارضتهم لاكاييف ولكن ليس بينهم اية قواسم مشتركة اخرى‚ \r\n \r\n اما البلاد فهي مقسمة اثنيا وجغرافيا حيث العديد من مناطق الجنوب تدار خارج سيطرة سلطات الدولة‚ وكثيرا ما يتم تجاهل حكم القانون لصالح سياسات محابية للقبلية والانتماءات الاقليمية‚ والبلاد الفقيرة مثقلة لدرجة الكساح بالديون التي بددها اكاييف وزمرته‚ \r\n \r\n على عكس ما زعمه انصار اكاييف بان هناك مؤامرة غربية لانقلاب ضده‚ وكان انصار اكاييف هم الذين احدثوا التغيير الفجائي‚ فالشجاعة السياسية والفطنة والحكمة التنظيمية لعبت الدور الاساسي في الاحاطة بالحكومة الفاسدة وخلقت هذه الفرصة السانحة لاعادة احياء البلاء‚ \r\n \r\n فالغرب يستطيع ويجب عليه ان يقدم دعمه لهذه الحركة الديمقراطية ولكن يجب ان تلزم الشعب القيرغيزي وقيادته الجديدة بنفس المعايير التي وضعتها للبلدان الشيوعية سابقا في اوروبا‚ وهذه طريقة يمكن بواسطتها للغرب ان يستعيد مصداقيته في قيرغيزستان ويلعب كقوة حقيقية دورا فاعلا في التغيير المطلوب في منطقة آسيا الوسطى‚ \r\n