فالأمن الوطني لا يعتمد فقط على نشر الجيوش وإنما هو على علاقة بالسياسات الخاصة بالضرائب والطاقة والمنافسة التجارية. وإذا نظرت إلى كل هذه الحقول فإنك تجد فريق بوش يعمل بشكل مواظب على تقليص قدرات أميركا الدافعة ومساحة المناورة تجاه أكبر المنافسين على الأمد البعيد أي الصين، فيما يجعلنا أكثر اعتمادا من أي فترة سابقة على بكين. فتقليص الضرائب على الأغنياء يترافق مع غياب ضبط للنفس في الانفاق من قبل فريق بوش والكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون، وهذا ما ساعد الصين كي تصبح أكبر ثاني دائن لأميركا بمبلغ يبلغ أقل بقليل من 200 مليار دولار. \r\n أما على مستوى الطاقة، فقد كان هوس فريق بوش في التنقيب عن النفط في منطقة ألاسكا البرية لزيادة التجهيزات أمر يبعث على الحيرة. ويقول اقتصادي الطاقة الذائع الصيت فيليب فرلغر: «أنا متأكد من أن الصين ستبتهج كثيرا مع قرار بوش بحفر الآبار في ألاسكا... لا يمكن للنفط في ألاسكا أن يشحن إلى المصافي الموجودة على «ساحل الخليج» الخاص بنا. لذلك فإن من المنطقي أن تكون الأسواق واقعة على الساحل الغربي لأميركا وفي آسيا، فيما سيكون المستهلكون في الصين واليابان المستفيدين الحقيقيين من أي اكتشاف كبير للنفط في ألاسكا». \r\n والأكثر من ذلك فإن التركيز بشكل خاص على اعتصار ما لدينا من احتياط نفطي، سيؤدي إلى تثبيط همة أولئك المعنيين بحفظ البيئة، وحسبما قال فرغلر: «سيفتح هذا الاستثمار الطريق لارتفاع الأسعار مرة أخرى خلال ثلاث أو أربع سنوات، فيما سيؤدي استهلاك الاحتياطي وتنامي الطلب من الصين والهند حينها إلى ارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من 100 دولار للبرميل الواحد». وهذا سيضع أموالا أكبر في خزائن بعض أسوأ الحكومات في العالم. لهذا السبب تحتاج أميركا إلى تبني استراتيجية «جيولوجية خضراء»، تجمع بين السياسات الجيولوجية وقضايا الحفاظ على البيئة. تبدأ السياسة «الجيو خضراء» من وضع ضريبة قدرها دولار واحد على كل غالون من الغازولين، وهذا سيسد جانبا من الفجوة القائمة في ميزانيتنا ويجبر صناعة السيارات لدينا على التحول صوب تكنولوجيا الوقود البديل. \r\n وأخيرا، وبخصوص المنافسة فإن فريق بوش والكونغرس قلصا ميزانية «مؤسسة العلوم الوطنية» لهذه السنة المالية بمقدار 105 ملايين دولار. ولا أستطيع في هذا السياق أن أقول ما هو أفضل مما قاله عضو الكونغرس فيرن اهلرز أحد الجمهوريين القلائل المعارضين: «هذا القرار يكشف عن احتقار خطير لمستقبل أمتنا... في وقت تستمر الأمم الأخرى في تجاوز عدد طلبتنا في الرياضيات والعلوم وتزيد باستمرار ودأب الحصص المخصصة لتمويل البحوث. نحن لا نستطيع أن نأمل في التمكن من إبقاء الوظائف التي نخسرها حاليا لصالح المنافسة الدولية بدون أن ندرب ونعلم قوة العمل عندنا». \r\n إضافة إلى ذلك، فإنه في الوقت الذي تشجع الصين شركاتها على توفير فرصة الحصول على الأسهم للعاملين فيها كي يتمكن المبدعون الصينيون من البقاء داخل بلدهم والبدء بفتح شركات جديدة، نجد أن فريق بوش يتحرك بصمت في مجال تغيير معايير المحاسبة التي ستجبر الشركات الأميركية على التخلي عن خيار الأسهم قبل انتهاء يونيو 2005 . وهذا سيقلص نمو شركاتنا ذات التكنولوجيا العالية ويشجع التقنيين الصينيين والهنود المتعلمين في أميركا كي يعودوا لبلادهم. \r\n وأخيرا، فأنا لست من خصوم الصين، لأننا نحتاج للتفاعل معها والمساعدة على احتواء قوتها المتزايدة ضمن النظام العالمي، لكن يجب أن يتم ذلك بواسطة طريقة مستندة إلى موقع قوة، فيما يصب كل شيء يقوم به فريق بوش في الاتجاه المعاكس ويشير إلى أن القيام بذلك سيكون من موقع ضعف. \r\n \r\n * خدمة «نيويورك تايمز» \r\n