أرجوكم أن تدركوا معنى ذلك.. خصوصا على ضوء أننا نعاني من أزمة متصاعدة في تدريس المواد العلمية والهندسية. فجيل العلماء والمهندسين والمختصين في الرياضيات الذين حفزهم قيام السوفييت بإطلاق المركبة سبوتنيك إلى الفضاء عام 1957، والتحدي الذي وضعهم أمامه الرئيس جون كنيدي بضرورة إرسال رجل إلى القمر للرد على الإنجاز السوفييتي، وإلى الحصول على درجات علمية عليا.. هذا الجيل يتقاعد الآن تدريجيا. \r\n ونظرا للتدهور المستمر في تعليم العلوم والرياضيات والهندسة في المدارس الثانوية الأميركية، فإن هذا الجيل من العلماء الأميركيين لم يتم تعويضه بشكل كامل، وإنما كان الذي يحدث عادة هو أننا كنا نقوم بسد الفجوة من خلال الاستعانة بالهنود والصينيين والعقول المهاجرة من جنسيات أخرى. والتي توقف قدومها إلى الولاياتالمتحدة أو كاد عقب الحادي عشر من سبتمبر. \r\n \r\n وإذا لم نقم بإجراءات عاجلة وجذرية من أجل عكس هذا ( التآكل)، فإن ما سيحدث، كما قالت لي شيرلي آن جاكسون، رئيسة معهد رينسيلاير بوليتكنيك ورئيسة الجمعية الأميركية لترقية العلوم، هو أنه(لن تكون لدينا القاعدة العملية التي تتيح لنا القدرة على الاستمرار في مستوى المعيشة المرتفع الذي نعيش فيه حاليا بعد 15 أو 20 سنة من الآن). \r\n \r\n فبدلا من القيام بمضاعفة ميزانية المؤسسة القومية للعلوم، من أجل تعزيز التعليم العلمي، وزيادة طاقته، ودعم الأبحاث في جميع المستويات.. فإن الكونجرس الأميركي الموقر قرر تقليص هذه الميزانية.. هل رأيتم غباء أكثر من هذا؟! \r\n \r\n وإذا ما كان الرئيس بوش يبحث عن شيء يتركه للشعب الأميركي فسوف أدله على تلك التركة. هذه التركة تتمثل في مشروع علوم قومي سوف يكون بمثابة رحلة القمر الخاصة بجيلنا. وهذا المشروع- للمزيد من التفصيل- عبارة عن مبادرة علمية عاجلة للتوصل إلى مصادر للطاقة البديلة، وإلى سياسات للاقتصاد في استخدام الطاقة الموجودة لدينا، بشكل يسمح لأميركا أن تصبح قادرة على الاعتماد على نفسها في مجال الطاقة في غضون 10 سنوات من الآن. \r\n \r\n تخيلوا معي لو أن كل طفل أميركي، في كل مدرسة، قد تم استقطاب اهتمامه حول هذه الرؤية. قد تقولون لي: نعم! هذه فكرة جيدة يا سيد فريدمان.. ولكن ما العلاقة بينها وبين الموضوع الذي نتحدث عنه وهو السياسة الخارجية؟. \r\n \r\n هناك الكثير من العلاقات.. فعندما تصبح أميركا مستقلة بذاتها في مجال الطاقة، فإن ذلك سوف يعني تخفيض إيرادات النفط التي تتحصل عليها بعض من أسوأ الحكومات في العالم. وإذا ما تحقق ذلك الاستقلال في مجال الطاقة، فإن ذلك سوف يفتح الباب لتحقيق إصلاحات سياسية من موسكو إلى الرياض إلى طهران. نعم.. ما علينا سوى أن نحرم هذه الأنظمة من عوائد النفط الضخمة التي تهبط عليها من السماء، والذين يعتمدون عليها كل الاعتماد، وسوف نكون قادرين بعد ذلك على إجبار تلك الأنظمة على الإصلاح من خلال جعلها مضطرة إلى استنزاف شعوبها، بدلا من استنزاف حقول النفط. يجب أن نعرف أن تلك الأنظمة لن تتغير بمجرد أن نقول لها إنها يجب أن تتغير.. وإنما ستتغير عندما تقتنع فيما بينها وبين نفسها بأنها يجب أن تتغير. \r\n \r\n متى سقط الاتحاد السوفييتي؟ متى انطلقت الاصلاحات في إيران؟، متى بدأت عملية أوسلو للسلام؟، متى أصبح الإصلاح الاقتصادي موضوعا ساخنا في العالم العربي؟ كل ذلك حدث في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات.. وماذا كان يحدث أيضا في تلك الفترة؟، كانت أسعار النفط تنهار. \r\n \r\n يقول عالم اقتصاد النفط البارز فيليب فيرليجار:( في ذلك الوقت كان سعر البرميل من النفط 30 دولارا.. وبحلول شهر يوليو 1986 كان سعر البرميل قد هبط إلى 10 دولارات للبرميل. ولم يرتفع هذا السعر إلى 20 دولارا للبرميل إلى في أبريل 1989... إن الجميع يعتقدون أن ريجان هو الذي أسقط السوفييت ، وهذا ليس صحيحا لأن الذي أسقطهم هو انهيار أسعار نفطهم). تعليقا على ذلك أقول إنه لم يكن من قبيل المصادفة أن يكون عقد التسعينيات من القرن الماضي هو عقد انهيار أسعار النفط، وانهيار الجدران كذلك. \r\n \r\n إذا ما قام الرئيس بوش بجعل الاستقلال في مجال الطاقة هو مشروعه الشبيه بمشروع إطلاق رجل إلى القمر (مشروع كنيدي).. فإن ذلك سوف يؤدي إلى تجفيف العوائد التي يحصل عليها الإرهاب، وإلى إجبار إيران وروسيا وفنزويلا والمملكة العربية السعودية على تبني طريق الإصلاح الذي لن يتبنوه أبدا، طالما ظل سعر برميل النفط 45 دولارا. وعليه أيضا أن يعمل على تقوية الدولار، وتحسين موقفه في أوروبا، والقيام بخطوة كبيرة في مجال الإحماء الحراري. \r\n \r\n إذا ما قام بوش بذلك.. فسوف يقوم بتكوين بؤرة جذب تقوم بإلهام الأجيال الشابة، ودفعها للمساهمة في الحرب على الإرهاب، وفي صياغة مستقبل أميركا من خلال تحولهم إلى علماء ومهندسين وعلماء رياضيات. لو تحقق ذلك فإن النجاح سوف يكون مضمونا وباهرا إلى أقصى درجة.. كما يقول (مايكل ماندباوم) خبير السياسة الخارجية في معهد جون هوبكنز. \r\n \r\n إن استدعاء جميع مهاراتنا، واستخدام كل طاقتنا من أجل إنتاج وقود القرن الحادي والعشرين، يمثل الفرصة المتاحة لجورج بوش كي يحقق الإنجاز الذي حققه نيكسون من خلال التقارب مع الصين، والذي حققه جون فيتزجيرالد كنيدي، عندما قام بإرسال رجل إلى القمر.. في خطوة واحدة. \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n