وفي الشهر الماضي، اجتمعت أربعة أطراف إقليمية هي مصر والأردن وإسرائيل والسلطة الفلسطينية - دون أي حضور دولي- في منتجع شرم الشيخ المصري، ونجحت في التوصل إلى إجماع على السلام، وعلى بداية تحالف إقليمي من أجل تحقيق هذا السلام. وفي الصف المضاد لتحالف السلام، يقف المخربون الذين يشملون \"حزب الله\" اللبناني، وقيادة \"الجهاد الإسلامي\" وقيادة \"منظمة حماس\" اللتين تتخذان من دمشق مقرا لهما، بالإضافة إلى مؤيديهم في سوريا ذاتها وفي إيران. وكل طرف من تلك الأطراف المخربة، لديه مصلحة في بقاء نار الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني مشتعلة. \r\n \r\n ولعل عملية التفجير التي وقعت في تل أبيب منذ فترة، تبين إلى أي حد يمكن لأفعال \"منظمة الجهاد الإسلامي\" أن تكون مدمرة، خصوصا وأن هذه المنظمة التي تدار من سوريا، بتمويل إيراني أساسا، هي التي أعلنت مسؤوليتها عن العملية. ومما يساهم في تعقيد الصورة، أنه قد توافرت معلومات مفادها أن \"حزب الله\" اللبناني، وبتمويل ودعم لوجستي إيراني، قام بإنشاء منظمة مستقلة بغرض تدريب الفلسطينيين في الضفة الغربية والفلسطينيين من عرب إسرائيل، على كيفية القيام بالهجمات الانتحارية. وهذه المعلومات لو صحت، فسيكون معناها أن الحزب، يستهين بشكل وقح بالقرارات المتخذة من قبل القادة الفلسطينيين في غزة ورام الله، بتفضيل خيار الدخول في فترة تهدئة، يمكن أن تتطور فيما بعد إلى سلام دائم. \r\n \r\n إن الخطر الرئيسي الذي يتهدد المنطقة، هو قدرة \"حزب الله\" و\"منظمة الجهاد الإسلامي\"، على إحباط جهود التحالف الجديد من أجل السلام، بل واستدراج كل من سوريا وإسرائيل للدخول في مواجهة. وعند تقييم هذا الخطر، ينبغي أن نأخذ في الاعتبار أنه من المهم عدم وضع جميع المخربين في سلة واحدة، لأنه من المحتمل أن تلجأ سوريا بسبب الأضواء الدولية المسلطة على لبنان عقب اغتيال الحريري وما تبعه من تداعيات، إلى تقليص دعمها للمجموعات المسلحة التي تقوم بتوفير الحماية لها في دمشق، إلى أقصى حد ممكن. \r\n \r\n وإذا ما كانت إيران تحاول إرسال رسالة إلى الولاياتالمتحدة في إطار المواجهة القائمة بينهما بشأن البرنامج النووي الإيراني، وذلك من خلال قيامها بدعم واستخدام المسلحين الفلسطينيين المحليين في الضفة وقطاع غزة، لتقويض مبادرة السلام الفلسطينية، فإن الاحتمال المرجح هو أن أية محاولة لأن تكون لها يد في أي تفجيرات انتحارية سوف تخفق. فباعتبارها داعمة ل\"منظمة الجهاد الإسلامي\" الفلسطينية وراعية \"حزب الله\"، فإن إيران على وشك أن تنضم إلى سوريا - التي تتعرض لحملة هجوم شديدة بالفعل لاتهامها بالضلوع في اغتيال رفيق الحريري، رئيس الوزراء اللبناني السابق- كدولة مخربة للجهود الفلسطينية الساعية نحو السلام. وهناك نوع من البرود الواضح في العلاقات الفلسطينية- الإيرانية، حاليا، وخصوصا بعد أن قام محمود عباس بالإدلاء بتصريح قال فيه إن قوات الأمن الفلسطينية، ستقبض على أي مسلحين في الضفة الغربية تشتبه في أنهم يقومون بالعمل \"في خدمة دولة أجنبية\". \r\n \r\n لقد قام \"حزب الله\" بتكديس آلاف الصواريخ في المدن والمساجد والمستشفيات وغيرها من المباني العامة، وهو ما جعل إسرائيل في الوقت الحالي على الأقل، عاجزة عن القيام بعمل عسكري يكون مقبولا دوليا ضد التفجيرات الانتحارية التي يمكن أن تتم بتحريض من \"حزب الله\"، أو ضد الهجمات التي قد تشنها عناصره عبر الحدود. بيد أن \"حزب الله\" سيرتكب حماقة إذا ما ظن أنه بمنأى عن الانتقام. \r\n \r\n إن خروج سوريا من لبنان الذي بدأ بالفعل، يمثل منعطفا مهما بالنسبة ل\"حزب الله\". فمنذ الآن ستلعب أوروبا دورا حاسما في تشجيع \"حزب الله\" على التخلي عن خياره العسكري، وأن يقصر نشاطه على الساحة السياسية اللبنانية تحديدا، وهي الساحة التي يكمن فيها مستقبله. \r\n \r\n وفي داخل الأراضي الفلسطينية، نجد أن \"حماس\" قد أصبحت في وضع يمكنها من التحول إلى لاعب مهم في ساحة اتخاذ القرار الفلسطيني. ويتبين هذا من خلال قيام مرشحيها بهزيمة مرشحي فتح الأكثر رسوخا في المناطق الفلسطينية في انتخابات المجالس البلدية، التي جرت في قطاع غزة، والتوقعات السائدة بأن أداءها في الانتخابات التشريعية القادمة سيكون جيدا أيضا. \r\n \r\n وهذا لا يمثل سوى نصف القصة. فدرجة إصرار السلطة الفلسطينية على أنها يجب أن تكون الجهة المحتكرة للسلاح، أي الجهة التي يسمح للتابعين لأفرادها فقط بحمل السلاح، ستكون أكبر الآن مما كانت عليه قبل وقوع العملية الأخيرة في تل أبيب. ويجب أن نعلم في هذا السياق أن التحالف من أجل السلام لن يستطيع المضي قدما في طريقه، كما أن الدولة الفلسطينية ستكون أمامها فرصة ضئيلة كي تتبلور، إذا ما تحولت حماس إلى \"حزب الله\" آخر: أي أصبحت ذات قدرات عسكرية مستقلة. وفي حالة ما إذا ما تحولت حماس إلى \"حزب الله\" آخر فستكون لديها القدرة، مثل الحزب تماما، على شن هجمات انتحارية، أو هجمات بالصواريخ عبر الحدود، في أي وقت تريد فيه هز استقرار الحكومة الفلسطينية. \r\n \r\n لم يحدث في أي وقت من قبل أن كانت الأحزاب المصطفة تحت راية السلام تحت قيادة الفلسطينيين التابعين لعباس، في تعارض حاد مع مخربي السلام مثلما هو الحال الآن. ولكن الميزة المترتبة على براجماتية معسكر السلام، هي أن المخربين لا يمثلون جبهة موحدة، في حين أن مؤيدي السلام وخاصة الإسرائيليين والفلسطينيين، بدءوا يقدمون إشارات، على أنهم يحققون نوعا من الوحدة الاستراتيجية ضد الرافضين. \r\n \r\n \r\n جوناثان إس. باريس \r\n \r\n عضو رئيسي مشارك في كلية \"سانت انتوني\"، ب\"جامعة أكسفورد\" \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n