\r\n وقليلون هم الذين نفسوا عن نفاد الصبر وهم يدقون الابواب الفولاذية للمدرسة, ونادرون هم الذين عقروا واولئك الذين تجاسروا على من دسَّ انفه ليرى ما يجري في الداخل. فالأمر الواضح بكل بساطة هو ان معظم الناس كانوا ينتظرون دورهم, في الظلام الآخد في التراكم, ليدلوا باصواتهم في اول انتخابات بلدية فلسطينية تجري منذ ثلاثين عاماً تقريباً. \r\n \r\n وقال شفيق قيسية, مراقب الانتخابات من حركة »فتح« في هذه المدينةالفلسطينية, »ليس لدينا أية مشكلة هنا. فالجميع ينتخبون بمنتهى الحرية. وقد تكون هناك بعض المشاكل ذات الطبيعة الادارية, لكن هذه هي الديمقراطية«. \r\n \r\n في هذه المدينة التي تعد 30000 نسمة, وفي مدن بلدات اخرى اصغر منها, شرع الفلسطينيون في ممارسة ما يتوقع له ان يكون موسماً انتخابيا مطولاً. فالانتخابات الرئاسية ستجري في 9 كانون الثاني, كما ان انتخابات المجلس التشريعي وعدداً اكبر من المجالس البلدية ستقام خلال العام .2005 \r\n \r\n كانت انتخابات المجالس البلدية الاخيرة قد جرت في عام .1976 اما معظم الفائزين فيها فتقاعدوا الآن, او انهم اجبروا على التخلي عن موقعهم على مر السنين, ليحل محلهم اشخاص معينون من »فتح«, والذين يصفهم العديد من الفلسطينيين بالفاسدين او غير المؤهلين. \r\n \r\n وعلى الرغم من ان اجراء هذه الانتخاب قد تقرر قبل رحيل عرفات, فإن الانتخابات الجديدة تأتي, الآن, قبل اسابيع فقط من انتخاب خلفه, وفي وقت تمضي اسرائيل قدماً للجلاء عن قطاع غزة كثيف السكان. ووصف الرئيس بوش, ورئيس الحكومة البريطانية طوني بلير, وغيرهما من قادة دول العالم, هذا التزامن في الاحداث بأنها فرصة يظهر فيها الفلسطينيون التزامهم بالديمقراطية. \r\n \r\n ولأول مرة, تتعاطف اصوات الناخبين مع حركة »فتح« ضد »حماس« وشاركت في إدلاء الاصوات فصائل اخرى ايضا. ويقول بعض المحللين ان النتائج ستتباين من مدينة لاخرى على الارجح. وستعلن النتائج الرسمية اواخر هذا الاسبوع. \r\n \r\n اما »حماس«, الرافضة لاتفاقات اوسلو عام ,1993 ولنظام حكم الذات الفلسطيني المحدود الناجم منها, فقد قاطعت انتخابات عام ,1996 واعلنت انها ستتخذ الموقف ذاته خلال حملة الرئاسة الجديدة. وفي الانتخابات التي جرت مؤخراً في 26 مدينة وبلدة في الضفة الغربية, لانتخاب المجالس البلدية فيها, شارك المرشحون, الذين عرفوا انفسهم بانتمائهم لحماس, في هذه الانتخابات بقوائم خاصة بأحزاب ذات توجه اسلامي محدد ذاتياً. \r\n \r\n في ابو ديس, شرقي القدس, وقف عبدالباسط الرازم, احد مسؤولي الائتلاف المؤيد لحماس, أمام مقر حزبه, ولوح الى الجماهير المحتشدة والمتداخلة فيما بينها دون نظام, وهي تصدح بالاناشيد وتتحاور بطريقة تضج بالحيوية والنشاط, قائلاً: »إنه عيد بالنسبة لنا ان تعقد هذه الانتخابات.فنحن منضمون الآن لحزب يضم الاسلاميين وغيرهم«. \r\n \r\n وفي مكتب هذا الحزب, المكسو بالستائر الخضراء, قالت ناريمان مصطفى, المواطنة في بروكلين, لكنها تعيش في أبو ديس, والتي يشارك زوجها في الانتخابات على قائمة »كتلة الاصلاح الاسلامية«, انها وجدت في هذه الحملة امراً »مختلفاً تماماً عما رأته في الولاياتالمتحدة... وقالت« لعل الديمقراطية هنا اكبر منها هناك«. مضيفة بأن مؤازري الكتلة الاسلامية« يرون ان هذه الانتخابات ستفرز شيئاً مختلفاً. اما غيرهم, فقد يبدون امام الآخرين بأنهم يريدون احتلال مواقع اعلى او امتيازات أكبر, كأن يتظاهروا ويقولون: »انظروا, لقد اصبحت شخصاً هاماً«. \r\n \r\n اما احمد عياد, المرشح رقم 3 على قائمة الكتلة الاسلامية, فأدرج قائمة من المطالب التي يعتبرها حاجات ملحة بالنسبة لابو ديس, مثل: شق شبكات طرق, وتقديم خدمات نسوية, وانشاء الحدائق العامة, وبناء مسلخ وفق المعايير الصحية اللازمة. وتشير لحيته الطويلة الى انتمائه الى حركة اسلامية راديكالية, ترفض وجود اسرائيل, ولكنه بدا أيضاً شخصاً متقلقلاً في توجهاته السياسية المتنوعة حيال القاعدة الاجتماعية المتباينة كحديقة ازهار, فقال انه يريد »تجسير الهوة القائمة بين المواطنين والسلطات المحلية«. ويضيف قائلاً بأن »حماس« حركة دينية, و»فتح« علمانية. وعلى الرغم من انهما متنافستان, الا ان الحملة »تسير على خير ما يرام. وهي حملة صحيحة, وتسير بهدوء وسلاسة«. \r\n \r\n وعند صندوق الاقتراع في الجهة المقابلة من الشارع, قال الدكتور سميح ابراهيم حسن, الاختصاصي في طب الاطفال, ويصف نفسه بأنه من مؤيدي »فتح«, إن الحملة الانتخابية السلمية والتنظيم المتبع فيها ليس بالأمر الغريب. انها تعكس »تفكير الشعب الفلسطيني ورغبته الاكيدة في الحرية والتحرر«. \r\n \r\n ومع هذا, فبعد ان تخبو نشوة الانتخابات, فان الواقع الذي سيواجهه الفائزون سيكون واقعاً متزناً ورصيناً, كما يقول صلاح عياد, مرشح الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في ابو ديس. مضيفاً بأن »المسؤولية ستكون كبيرة بالنسبة لاي فائز في الانتخابات«, ذلك ان سنوات من الاحتلال الاسرائيلي وبناء المستوطنات والاجراءات الامنية, قد حرمت بلدة ابو ديس من الاراضي والمياه الصالحة والحصول على الرعاية الصحية. \r\n \r\n واضاف صلاح عياد يقول ان »ابو ديس مركز بالنسبة للضفة الغربية, ومركز للمواصلات بين شمالها وجنوبها. ويدور حديث حول جعلها عاصمة للدولة الفلسطينية ... وهكذا, فإن تولي المسؤولية في أبو ديس لن يكون بالأمر البسيط أو السهل«. \r\n \r\n وفي الظاهرية, المندسة بين المزارع المشرفة والتلال المكسوة بالغابات, والتي تبعد مسافة 40 كيلو متراً الى الجنوب من القدس, خلفت الحملة الانتخابية وراءها عدداً كبيراً من الناخبين اكثر تشاؤماً واحساساً بالمرارة. فقد اعتقل اربعة مرشحين على قائمة ائتلاف »حماس« قبل اسبوعين, وما يزالون في السجن, الامر الذي خلق تذمراً وشكوى لدى مؤيديهم, من أن فرصتهم بالفوز جرى تفويتها. فقال عثمان تل, احد مؤازري »حماس«, »لا أشك أبداً في ان لهذه الاعتقالات تأثيراً سلبياً على الحركة. فبعض الناس يتساءلون : كيف يمكن التصويت لصالح شخص في السجن? وكيف يمكن لهذا الشخص ان يخدمنا من داخل المعتقل?. \r\n \r\n ومن ناحية أخرى, فإن النية السيئة بين الناخبين خارج مدرسة الظاهرية للأناث, قد ضاعفتها الطوابير الطويلة وعملية التدقيق البطيئة على الناخبين قبل الادلاء باصواتهم في الصناديق. وفي هذا الصدد, قال عدد من الاحزاب المشاركة في الانتخابات ان نسبة لا يستهان بها من المقترعين لم يسجلوا اسماءهم مسبقا- ومع ذلك سمح لهم بالانتخاب وفقاً لقوانين السلطة الفلسطينية - وتوجهوا الى صناديق الاقتراع في المدرسة, فأثقلوا على طاقتها الاستيعابية. \r\n \r\n وفي حين وقف العشرات من الناخبين ينتظرون دورهم في الظلام, فان القاعة الرئيسية للمدرسة اكتظت بالنساء المحجبات, والرجال ذوي الكوفيات ورجال الأمن وضباطه بمختلف الأزياء الرسمية. فقال قيسية »إن المشكلة تكمن فقط في أنه يجري السماح للناس بالدخول والادلاء باصواتهم ببطء شديد تجنباً للفوضى, مع ان الفوضى قائمة.0 \r\n \r\n »الواشنطن بوست« \r\n