وعلى رغم ذلك، من الممكن لك أن تواجه صعوبة في التحدث إلى السكان الذين يلوحون لك باليد رافضين الكلام معك إن كنت لا تتحدث لغتهم البولندية. لكن أغطية الرأس الروسية الطراز التي يرتديها المقيمون القدماء باتت تواجه الحجاب الذي يرتديه الوافدون الجدد، وباتت اللهجات السلافية في مواجهة تنويعات اللهجات العربية. \r\n \r\n وعند ركن الشارع، تهيمن كنيسة القديس \"لاديسلوس\" الكاثوليكية وملحقاتها على المنطقة وتخاطب تاريخ البلدة، لكن في الجهة المقابلة من الشارع هناك مبنى مركز الإصلاح، وهو مبنى صغير عتيق غير واضح ويحكي الكثير عن مستقبله. \r\n \r\n وممّا يثير الاهتمام إلى درجة كافية أن مبني كمركز الإصلاح هو الذي أعطى الجمهوريين والرئيس بوش آمالاً كبيرة بالفوز في \"ميتشيغان\" قبل أربع سنوات قبل التوجه في النهاية إلى دعم \"آل غور\". واليوم، باتت دعواتها تثير حملة بوش في هذه الولاية والولايات الأخرى. \r\n \r\n وصبت أصوات الناخبين المسلمين طويلاً في مصلحة الديمقراطيين، لكن ذلك تغيّر في عام 2000. وكانت هناك جملة من مواقف الاستخفاف في حملة \"آل غور\" ومحاولات تقرب بوش، أدت إلى انقطاع في هذا التوجه العام. وقد مضت جماعات المسلمين الرئيسية بعيداً إلى حد تأييد بوش في عام 2000، وكان مرد ذلك إلى حد بعيد مسألة كبيرة وهي التمييز العنصري. ففي موكب الحملة والمناظرات، استخدم بوش المسألة للتحدث عن تأييده لقانون لإلغاء الأدلة السرية، وهو اقتراح يقضي بإبطال أجزاء من قانون تم سنُّه في حقبة \"كلينتون\" وكان يسهّل على المدعين العامين استخدام الأدلة السرية في قضايا \"الإرهاب\". \r\n \r\n وأظهرت استطلاعات الرأي عام 2000 أن المسلمين يفضلون بوش على السيد \"غور\" بهامش واسع- وأظهر بعضها أنه تأييد بحدود 90%- وتحججت بعض الجماعات بأن 60 ألف صوت من الناخبين المسلمين قد وضعت السيد بوش على القمة في فلوريدا. \r\n \r\n وما يدهش هو كم من الأمور يمكن أن تتغير في أربع سنوات - وهي السنوات التي اشتملت على 11 سبتمبر و\"جون أشكروفت\" وقانون الوطني. ويُظهر استطلاع الرأي الأحدث الذي أجراه مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية أن \"جون كيري\" يتمتع بتأييد 54% من أصوات الناخبين المسلمين في انتخابات 2004، أي أنه يتقدم بفارق مريح على \"رالف نادر\" الذي يضمن نسبة 26%. والرئيس؟ من الممكن له بعمل صغير أن يخرج من خانة الرقم الواحد بفضل الناخبين الأميركيين المسلمين. \r\n \r\n ويقول عبدالمطلب رئيس مركز الإصلاح في \"هامترامك\" إن معظم الأشخاص الذين يترددون على هذا المركز لا يتحدثون في السياسة، ولكنهم عندما يفعلون يتضح موقفهم. \"نحن نقف بقوة كبيرة خلف الديمقراطيين\"، يقول عبدالمطلب، مقدراً أن عبارة \"بقوة كبيرة\" تساوي تأييداً يعادل نسبة تقترب من 80%. \r\n \r\n والسؤال بالطبع هو: ماذا يعني هذا كله؟ للوهلة الأولى، من الجائز ألاّ يبدو ذلك عدداً كبيراً. فعلى رغم أن السيد عبدالمطلب يقدّر أن هناك 4 آلاف إلى 5 آلاف مسلم في منطقة \"هامترامك\"، فإنه يضيف بسرعة قائلاً إنه لا يوجد بينهم سوى 1000 ناخب تقريباً. وإذا ما طبّقتم تلك العملية الحسابية على التقديرات الوطنية لعدد السكان المسلمين وهو 5 ملايين، فسينتهي بكم المطاف إلى نتيجة من الجائز ألاّ تكشف عن وجود ما يشبه كتلة تتصرف وتصوّت ككتلة لكنها لا تتمتع بوزن كبير خلفها. \r\n \r\n وحتى الحديث عن الأثر في فلوريدا يبدو مبالغاً فيه. فهل قام المسلمون بتسليم فلوريدا إلى بوش؟ هذا جائز، لكن النتائج كانت متقاربة هناك إلى حد أنه كان من الممكن للمرء أن يورد الحجة نفسها حيال أي عدد من الدوائر الانتخابية الأخرى: ناخبو رالف نادر، المنفيون الكوبيون واللاعبون الذين يمارسون رياضة تنس الريشة باليد اليسرى. ولذلك فإن القلق الحقيقي بالنسبة إلى إدارة بوش يكمن في الاتجاه وليس في الأرقام. \r\n \r\n وفي واشنطن، أي حيث تأتي إعاقة السباق الرئاسي مباشرة تحت الترويج الذاتي كتسلية مفضلة، هناك نظرية تدور حول الحملة الانتخابية لعام 2004، وهي نظرية تمضي إلى حد قول شيء يشبه التالي: إن بوش بخوضه السباق المرن في الموسم الانتخابي، له اليد الأضعف. فجمهور الناخبين مستقطب إلى حد بعيد، والانتخابات الرئاسية في عام 2000 كانت فيها منافسة شديدة ونتائج متقاربة إلى درجة أن معظم \"المزايا\" الشهيرة التي يتمتع بها الرئيس المرشح الشاغل لمنصبه ليست قابلة للتطبيق هنا. وكل شخص في واشنطن، بل وحتى في المناطق النائية عنها ، يعرف ناخباً سابقاً أيّد الرئيس بوش، أي أنه يعرف شخصاً أدلى بصوته الانتخابي لصالح الرئيس بوش في عام 2000 لكنه ليس متأكداً من موقفه في 2004، أو أنه- وهذا هو الأسوأ بالنسبة إلى الإدارة- يعرف شخصاً ليس متأكداً مما إذا كان سيصوت لصالح الرئيس بوش هذه السنة. ذلك لأنه في السنوات الأربع الماضية فعل شيئاً أغضب هؤلاء أو اتخذ موقفاً لا يمكنهم الالتزام به. \r\n \r\n ولا يمكن قول الأمر نفسه عن ناخبي \"آل غور\" السابقين. فالأغلبية الساحقة منهم لم تكن متحمسة إطلاقاً للرئيس أو اعتبرته كخيار جدي. وبكلمات أخرى، وفي ما يتعلق ببوش، يكون أي تآكل في نسبة مؤيديه أمراً ذا أهمية. \r\n \r\n فهل للألف ناخب في \"هامترامك\" أهمية وشأن؟ ربما لا، ولا سيما في \"ميتشيغان\"، حيث بيّنت استطلاعات الرأي الأخيرة أن \"جون كيري\" متقدمّ بمقدار7 نقاط. لكن صوت الأذان كلما انطلق هنا داعياً إلى الصلاة، فإنه سيكون تذكرة بأن حملة بوش لا يجب فقط أن تحاول بلوغ مجموعة من المؤيدين السابقين، بل أن تقوم بتنشئة واحد موجود الآن- من بين الذين تحولوا عن تأييد بوش. \r\n \r\n \r\n دانتي تشيني \r\n \r\n كاتب ومحلل سياسي أميركي \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\"