و يمكن القول إن أكثر الروايات الإخبارية بروزاً، هي تلك التي تناولت الانتخابات الفلسطينية التي ينص القانون على وجوب إجرائها خلال 60 يوماً من خلو منصب الرئيس (من المقرر إجراؤها في التاسع من شهر يناير المقبل). \r\n وفي جميع الاحتمالات، ستقام انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني في موعد لاحق خلال العام القادم، أما الانتخابات البلدية الأولية التي سجلت نسبة مشاركة مرتفعة في 26 دائرة انتخابية صغيرة الأسبوع الماضي فسيتم استكمالها. وليس هذا فحسب بل إن هناك إشارات من إسرائيل مفادها أن الفلسطينيين الذين يعيشون في القدسالشرقية سيسمح لهم بالتصويت في انتخابات الرئاسة الفلسطينية تماماً مثلما حدث في الانتخابات التي جرت في الضفة الغربية وقطاع غزة في عام 1996. \r\n وبالنسبة للمنظمات الدولية التي عملت على مدار السنوات من أجل تقديم المساعدة والعون للفلسطينيين لتعزيز مؤسساتهم العامة، فإن حقيقة أن الآلية اللازمة لإجراء الانتخابات قد وضعت في مكانها لإجراء الانتخابات المنتظرة، ولتقديم الخدمات الأخرى المتوقعة من حكومة كفؤة وديمقراطية، ليست بالشيء المفاجئ أو المستغرب. ففي الواقع أن الانتخابات التي تم اعتبارها حرة ونزيهة من قبل المجتمع الدولي، هي تلك التي أجرتها السلطة الفلسطينية عام 1996، كما أن الحكومة الفلسطينية تظل واحدة من الحكومات التي تعد على أصابع اليد الواحدة في المنطقة العربية، التي تم اختيار رئيس دولتها انتخاباً ديمقراطياً. \r\n \r\n ويشار إلى أن تطوير تلك المؤسسات قد تم على الرغم من وجود الاحتلال، وعلى الرغم من التدهور المستمر للاقتصاد، وعلى الرغم من مصرع 4000 فلسطيني وما يزيد عن 1000 إسرائيلي خلال السنوات الأربع الماضية. \r\n \r\n أما فيما يتعلق بالانتخابات الحالية، فإن 67 في المئة من مجموع الناخبين الفلسطينيين، قد تم تسجيلهم خلال (حملة تسجيل الناخبين)، على الرغم من التعطيل الذي تعرضت له الحملة في القدسالشرقية خلال شهري سبتمبر وأكتوبر الماضيين. وهذه النسبة من المصوتين المشاركين في الانتخابات تفوق بكثير النسب المثيلة في جميع الدول العربية في المنطقة، وهي جميعها دول غير واقعة تحت احتلال، كما أنها أعلى بكثير من العديد من الديمقراطيات الراسخة في أوروبا، وتكاد تماثل النسبة المثيلة في الولاياتالمتحدة الأميركية. \r\n \r\n والتسجيل للانتخابات يعد شيئاً مهماً. وهو يظهر مرة أخرى قدرة المؤسسات الفلسطينية والإرادة الديمقراطية التي يتمتع بها أبناء الشعب الفلسطيني. أما السؤال هل سيكون الفلسطينيون قادرين فعلا على إجراء الانتخابات سواء تلك التي ستجرى في التاسع من يناير أو فيما بعد ذلك فأمر سيتوقف على توفير حرية الحركة دون قيود، ليكونوا قادرين على الوصول إلى 2000 مركز اقتراع في الضفة الغربية وقطاع غزة، كما سيتوقف كذلك على قدرتهم على إدارة الحملات الدعائية للمرشحين المختلفين. \r\n \r\n كما تلزم الإشارة هنا أن الآلية الانتخابية الفلسطينية هذه لم تظهر إلى الوجود خلال الأسابيع القليلة الماضية فقط وإنما كان لها تمهيد سابق. فباعتبارها جزءا من أجندة الإصلاح الذاتي الفلسطينية التي بدأت في شهر يونيو 2002، فإن الإصلاح الانتخابي كان يحتل مرتبة متقدمة على الأجندة العامة الفلسطينية والدليل ما تم في أكتوبر 2002 حين تم تعيين لجنة انتخابات مركزية تحظى باحترام كبير من قِبل الرئيس الراحل ياسر عرفات. \r\n \r\n وعندما توفي عرفات في شهر نوفمبر الماضي، لم تكن عملية تسجيل أسماء الناخبين فقط هي التي تمت، ولكن وضع لجنة الانتخابات المركزية نفسه كان قد تعزز، حيث أصبح لها طاقم موظفين يبلغ عدده 300 موظف، وقيادة مؤثثة في رام الله، ومكتب في غزة، و16 مكتباً في الأحياء المختلفة في الضفة والقطاع. وبدأت هذه اللجنة تدريب 14 ألف موظف متخصصين في شؤون التسجيل والتصويت، كما قامت بشن حملة للتواصل مع المجتمع المحلي، وحملة لتوعية الناخبين، كما قامت بتطوير الخبرات في تقنية المعلومات من أجل توفير الأمن الانتخابي، ووضعت آلية لمعالجة البيانات. \r\n \r\n وعلى الرغم من أن حملات المرشحين وعملية التصويت نفسها تستحق التغطية الإعلامية، باعتبارها عملية حرة وشفافة أو حتى باعتبارها غير ذلك، فإنه يجب الإشارة إلى أن عقد انتخابات حرة للمرة الثانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ما كان يمكن أن يكون شيئاً ممكناً لولا العمل الذي كان يتم في صمت ودون ضجيج- والمهم جدا مع ذلك- الذي كان يقوم به البرنامج الإنمائي التابع للأمم المتحدة الممول من قبل اليابان وكندا والمزود بالخبرات اللازمة من قسم المساعدة الانتخابية التابع للأمم المتحدة، بالإضافة إلى الجهود التي تقوم بها المنظمات والهيئات الأخرى ذات الصلة. \r\n \r\n فبعد تعيين لجنة الانتخابات المركزية بأسابيع قليلة، قام البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بتوفير وتأثيث المكاتب اللازمة لعمل اللجنة، كما ساهم بتوفير الخبراء سواء من دول العالم المختلفة أو من المغتربين الفلسطينيين أو المقيمين في الضفة وقطاع غزة، كما وفر الإمكانات اللازمة لتعيين وتدريب الأفراد الرئيسيين في طاقم لجنة الانتخابات المركزية، وتوفير أنظمة للتسجيل، وإعداد الجداول الانتخابية، وتدوين القيود، بالإضافة إلى الآليات اللازمة لتوعية الناخبين ولإتاحة الإمكانية للمراقبين الدوليين للقيام بمهام عملهم. \r\n \r\n وسيكون البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة مسؤولا أيضاً عن تأسيس وتشغيل وحدة اتصال ودعم للمراقبين الانتخابيين الدوليين، الذين سيمارسون عملهم في الانتخابات الرئاسية. \r\n \r\n وقصارى القول، إنه إذا لم يتم منع أو تعطيل الناخبين من الإدلاء بأصوتهم، فإن المتوقع هو أن تصبح الانتخابات الرئاسية الفلسطينية القادمة نموذجاً للشفافية والديمقراطية في المنطقة بأسرها. \r\n \r\n ومن المأمول أن تؤدي الأضواء الدولية المسلطة على الانتخابات الفلسطينية، إلى إظهار الشيء الذي كان الأشخاص الذين حظوا بميزة العمل مع الشعب الفلسطيني يعرفونه لفترة طويلة وهو: أن الفلسطينيين شعب- إذا ما منح فرصة عادلة- يمتلك الكفاءة والتصميم اللذين يمكنانه من جعل دولته المستقلة ذات السيادة نموذجاً بارزاً للحيوية والديمقراطية والقيادة في المنطقة. \r\n \r\n \r\n تيموثي روثرميل \r\n \r\n الممثل الخاص لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي في القدس \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\"