تجديد الثقة في الدكتور محمد أبو السعد وكيلًا لصحة كفر الشيخ    الغربية تستجيب لمطالب أولياء الأمور وتُخفض الحد الأدنى للقبول بالثانوي العام    محافظ الجيزة يوجه بإنهاء أعمال تغيير الكابلات المتضررة بساقية مكي وإعادة التيار الكهربائي في أسرع وقت    وزير السياحة: 22% زيادة في إيرادات السياحة خلال النصف الأول من 2025    رئيس الوزراء يوجه بإجراء مراجعة شاملة لأعمال الصيانة بجميع الطرق    «المنصور للسيارات» تطرح فئة جديدة من «إم جي7 موديل 2026».. وتخفيضات تصل ل 75 ألف جنيه    نتانياهو: "لا أعذار بعد اليوم" في غزة    إنزال جوي لمساعدات من الأردن و الإمارات في غزة    رابطة الأندية تعلن تعديل عقوبة الانسحاب في لائحة الدوري المصري    أحمد دياب يعلن انطلاق الدوري يوم 8 أغسطس وقرعة جديدة للدور الثاني    الأهلي يستأنف تدريباته غدًا استعدادًا للدوري    رسميًا.. موعد مواجهتي مصر ضد إثيوبيا وبوركينا فاسو في تصفيات كأس العالم 2026    سائق ينهي حياته شنقًا داخل منزله في الفيوم    رانيا فريد شوقي في ذكرى رحيل والدها: "27 سنة من غير حضنك.. ولسه بدوّر عليك في كل حاجة"    تجديد الثقة في الدكتور عمرو دويدار وكيلاً لوزارة الصحة بسوهاج    تجديد الثقة بوكيل صحة الإسماعيلية: استقبلت الخبر أثناء زيارتي لزميل بالمجمع الطبي    المغرب.. إخماد حريق بواحة نخيل في إقليم زاكورة    حماس: خطة الاحتلال بشأن الإنزال الجوي إدارة للتجويع لا لإنهائه وتمثل جريمة حرب    بورسعيد تودع "السمعة" أشهر مشجعي النادي المصري في جنازة مهيبة.. فيديو    نتنياهو: نقاتل في قطاع غزة ولدينا قتلى ومصابون    درجات الحرارة تزيد على 45.. توقعات حالة الطقس غدا الاثنين 28 يوليو 2025 في مصر    "تعليم أسوان" يعلن قائمة أوائل الدبلومات الفنية.. صور    الداخلية تضبط 254 قضية مخدرات فى القاهرة والجيزة    إصابة 9 أشخاص إثر انقلاب سيارة على الطريق الصحراوي الشرقي ببني سويف    تاجيل محاكمه ام يحيى المصري و8 آخرين ب "الخليه العنقوديه بداعش" لسماع أقوال الشهود    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم قرية جنوب نابلس.. وتطلق قنابل صوت تجاه الفلسطينيين    القصة الكاملة لعلاقة وفاء عامر بإبراهيم شيكا.. بدأت بدعم إنساني وانتهت باتهامات صادمة بتجارة الأعضاء    نجوى كرم تتألق في حفلها بإسطنبول.. وتستعد لمهرجان قرطاج الدولي    «فتح»: غزة بلا ملاذ آمن.. الاحتلال يقصف كل مكان والضحية الشعب الفلسطيني    غدًا.. وزير الثقافة ومحافظ الإسكندرية يفتتحان الدورة العاشرة لمعرض الإسكندرية للكتاب    الثلاثاء.. سهرة غنائية لريهام عبدالحكيم وشباب الموسيقى العربية باستاد الإسكندرية الدولي    ارتفاع المؤشر الرئيسى للبورصة بنسبة 1.3% ليغلق أعلى مستوى عند 34500 نقطة    رئيس اقتصادية قناة السويس يستقبل وفدا صينيا لبحث التعاون المشترك    7 عادات صباحية تُسرّع فقدان الوزن    داليا مصطفى تدعم وفاء عامر: "يا جبل ما يهزك ريح"    الدكتور أسامة قابيل: دعاء النبي في الحر تربية إيمانية تذكّرنا بالآخرة    أمين الفتوى: النذر لا يسقط ويجب الوفاء به متى تيسر الحال أو تُخرَج كفارته    "دفاع النواب": حركة الداخلية ضخت دماء جديدة لمواكبة التحديات    بالصور- معاون محافظ أسوان يتابع تجهيزات مقار لجان انتخابات مجلس الشيوخ    قبل كوكا.. ماذا قدم لاعبو الأهلي في الدوري التركي؟    قرار وزاري بتعيين الدكتور حمودة الجزار وكيلا لوزارة الصحة بالدقهلية    مجلس جامعة بني سويف ينظم ممراً شرفياً لاستقبال الدكتور منصور حسن    وزير البترول يبحث خطط IPIC لصناعة المواسير لزيادة استثماراتها في مصر    «مصر تستحق» «الوطنية للانتخابات» تحث الناخبين على التصويت فى انتخابات الشيوخ    تنسيق الجامعات 2025 .. تعرف علي قائمة ب71 معهدا للشعبة التجارية بدائل للكليات    وزير التموين يفتتح سوق "اليوم الواحد" بمنطقة الجمالية    تفاصيل تشاجر 12 شخصا بسبب شقة فى السلام    وزارة الصحة توجة نصائح هامة للمواطنين بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة    جواو فيليكس يقترب من الانتقال إلى النصر السعودي    ريم أحمد: شخصية «هدى» ما زالت تلاحقني.. وصورة الطفلة تعطل انطلاقتي الفنية| خاص    إصابة 11 شخصا في حادثة طعن بولاية ميشيجان الأمريكية    بدعم من شيطان العرب .."حميدتي" يشكل حكومة موازية ومجلسا رئاسيا غربي السودان    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر.. والإدعاء بحِلِّه تضليل وفتح لأبواب الانحراف    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    تأكيدا لما نشرته الشروق - النيابة العامة: سم مبيد حشري في أجساد أطفال دير مواس ووالدهم    "سنلتقي مجددًًا".. وسام أبوعلي يوجه رسالة مفاجئة لجمهور الأهلي    الأمم المتحدة: العام الماضي وفاة 39 ألف طفل في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حين خاض الإعلاميون في دماء جنين، لارسون : التصدي للعنف لا يعطي اسرائيل تخويلاً ب
نشر في التغيير يوم 27 - 12 - 2004


\r\n
وقد كان أول تقرير في ال «نيويورك تايمز» حول جنين لديفيد رود الذي أعلن في 16 ابريل انه في مقابلات شخصية اتهم السكان القوات الإسرائيلية بإطلاق النار على الفلسطينيين وإخفاء الجثث وهدم البيوت على رؤوس ساكنيها.
\r\n
\r\n
وقاد أحد السكان مجموعة من الإعلاميين إلى كومة من الحجارة، حيث قال إنه شاهد من خلال نافذة غرفة نومه القوات الإسرائيلية وهي تدفن عشر جثث هناك. مضيفاً: لقد كانت هناك فتحة، حيث كانوا يدفنون الجثث، ثم أهالوا التراث عليها.
\r\n
\r\n
وهنا يعلق المؤلف، في محاولة للتشكيك برواية المراسل، قائلاً: لقد سلم رود بأن ادعاءات الفلسطينيين لا يمكن تبريرها.
\r\n
\r\n
ومواصلة للتشكيك في المراسل يقول المؤلف انه في 17 ابريل استمر رود في العزف على نغمة قصص وشكاوى منظمات الإغاثة من أن إسرائيل لم تكن تساعدها المساعدة الكافية، مستشهداً بعامل واحد لم يذكر اسمه قال: «إن الدمار كان أسوأ مما توقعت، لم أكن أتوقع شيئاً أسوأ من هذا». أي أن المراسل، وفقاً للمؤلف، غير دقيق وكذلك المنظمات الإغاثية وكذلك الفلسطينيون، ولم يبق على صواب سوى إسرائيل، أو رؤيته هو للأحداث!
\r\n
\r\n
أسرار مذبحة جنين
\r\n
\r\n
ينتقد المؤلف رود مجدداً تقريراً له يشير إلى قيام الفلسطينيين باستخراج أشلاء آدمية من الحفر في أكوام الحجارة، حيث بدا حسب رؤية مورافتشيك وكأنه يدعم الادعاءات بحدوث مذبحة، وهو ما يعني بمفهوم المخالفة ان المؤلف نفسه يدعم الادعاءات الاسرائيلية لعدم حدوث مثل هذه المذبحة.
\r\n
\r\n
ويترك المؤلف رود لينتقل إلى كيل انتقاداته إلى آخرين وهذه المرة تيري لارسن في سياق تعليقه على تغطية تناولت موقفه، فيشير إلى أن من بين العوامل التي جعلت التغطية الإعلامية لموضوع جنين وليس لمذبحة جنين وأظهرته على انه من أبرز الجوانب السيئة على الجانب الإسرائيلي.
\r\n
\r\n
وهو الدور المثير لتيري لارسن الدبلوماسي النرويجي الذي يعمل في الأمم المتحدة، وقد كان لارسن باعتراف المؤلف قوة دافعة وراء اتفاقات أوسلو، ولكنه ربما كان مهتاجاً لنهاية مشروعه مثل هذه النهاية المحزنة.
\r\n
\r\n
ومصدر انتقاد المؤلف له يتمثل فيما أشار إليه مراسل «التايمز» جيمس بينيت في 19 ابريل من أن لارسن قال إن مكافحة «الإرهاب» لا تعطي شيكاً على بياض لإسرائيل لقتل المدنيين.
\r\n
\r\n
ويصف مورافتشيك هنا ما قاله لارسن بأنه كان أقوالاً طائشة، أو ينقصها الحكومة، ففيما بعد أشار تقرير للأمم المتحدة إلى أن عدد القتلى في أحداث جنين يقدر بحوالي 52 شخصاً، وهو ما يتوافق مع الاحصاءات الاسرائيلية التي تشير إلى أن كل من لقي حتفه في هذه الأحداث نحو 38 مسلحاً و14 مدنياً، في مقابل 23 جندياً إسرائيلياً لقوا حتفهم في جنين، وهو ما يعني وفقاً للمؤلف تبرئة إسرائيل من المذبحة البشعة التي اهتز لها العالم أجمع.
\r\n
\r\n
ولا يمل مورافتشيك من صب جام غضبه على أقل تغطية يشتم منها عدم المناصرة لموقف إسرائيل، فيعيد انتقاد ديفيد سانجر مراسل «التايمز» على اعتراضه على تصريح لبوش استحسن فيه الانسحاب الإسرائيلي من جنين، حيث أخذ سانجر يقول: «عندما يأتي اليوم الذي يركز فيه العرب والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على كم الدمار الذي خلفته إسرائيل خلفها في جنين فإن تعليقات بوش سوف تعزز الشكوك لدى الفلسطينيين بأن الولايات المتحدة تدعم شارون».
\r\n
\r\n
وفي السياق نفسه يشير إلى تغطية «مراسلة الواشنطن بوست» مولي موار، والتي راحت ترسم صورة وحشية للدمار في جنين. ويبدو ان كل وسائل الاعلام الاميركية متهمة لدى المؤلف بالتحيز، فهو ينتقل إلى تغطية «ايه بي سي» لحدث تدمير وزارة التعليم الفلسطينية من قبل القوات الاسرائيلية.
\r\n
\r\n
حيث راحت مراسلتها جيليان فندلي تصف ما حدث قائلة: وسط كل هذا الدمار مبان مهدمة، طرق وانظمة طاقة ومياه مدمرة ولم تعد صالحة للعمل، كانت هناك حسابات اخرى، فالسلطة الفلسطينية نفسها على لسان وزير التعليم قالت إن الأبواب تم تفجيرها، والمكاتب تم تخريبها، والموظفون قالوا إنهم أجبروا تحت تهديد السلاح على أن يقودوا الجنود من غرفة إلى غرفة.
\r\n
\r\n
قال احد الموظفين ان الجنود توجهوا إلى اجهزة الكمبيوتر واستولوا على الاقراص الصلبة وصادروا السجلات المالية الخاصة بالطلبة، وانهم فجروا طرقات الوزارة واستولوا على شيكات وعشرة آلاف دولار نقداً كانت موجودة.
\r\n
\r\n
ثم تحدثت فندلي مع صائب عريقات والذي اعلن ان كل شيء خاص بالبنية التحتية المدنية والبنية الامنية تم تدميره. حدث كل ذلك قبل ان تعطى أخيراً الوقت للمتحدث الاسرائيلي ليقول جملة واحدة عاجلة دفاعاً عن تصرفات حكومته.
\r\n
\r\n
ويدافع المؤلف عن هذه السياسة من قبل الحكومة الاسرائيلية مشيراً إلى انها جاءت لمكافحة الارهاب فيما يحاول تقرير «ايه بي سي» ان يشير إلى ان اسرائيل إنما استخدمت «الارهاب» الذي ترفع لافتته لقمع الطموحات الفلسطينية.
\r\n
\r\n
ويقدم هنا تساؤلات في محاولة لتأكيد تهمة «الارهاب» بالشكل الذي يجعل السلوك الاسرائيلي بشأن تدمير وزارة التعليم الفلسطينية مبرراً قائلاً: فلو صدق الواحد بأن هذه السلطة الفلسطينية والتي طالما رعت «الارهاب» حتى لو رفضته اسمياً حيث انها كثيراً ما اغلقت المدارس لإرسال الاطفال إلى الخطوط الامامية للمواجهة، فهل كانت هذه السلطة فوق الشكوك باستعمالها لوزارة التعليم التابعة لها كواجهة لانشطة مرتبطة ل «الارهاب».
\r\n
\r\n
ووفقاً لهذا القول الذي يطرحه المؤلف فإنه على هذا الاساس ومن وجهة نظره وهي الوجهة الاسرائيلية كذلك فإنه ليست هناك حصانة لأي مكان أو منشأة حيث انها يمكن ان تستخدم للهدف نفسه، وهو ما يعطي لإسرائيل بالفعل شيكاً على بياض بشأن ما تدعيه من محاربة «الارهاب» من دون ان تدعنا حتى نفكر لماذا يلجأ الفلسطينيون إلى هذا الذي تسميه هي «ارهاب»؟
\r\n
\r\n
فالعرض الاسرائيلي للقضية الفلسطينية يجعل من يتلقى هذا العرض يتصور ان هؤلاء الفلسطينيين الذين تتحدث عنهم اسرائيل أناس مهووسون، لا هم لهم سوى أن يموتوا أو يقوموا بقتل الآخرين، هكذا من دون اي سبب سوى التعطش للدماء، سواء كانت دماؤهم او دماء الآخرين.
\r\n
\r\n
وهو عرض مغلوط ومزيف ويغيب القضية الاساسية، الا وهي انهم شعب مغلوب على امره يواجه محاولة إبادة من قبل دولة اقيمت على ارضه ويقوم بعمليات مقاومة اقرتها له كافة المواثيق الدولية من اجل استرداد ليس كل حقوقه وإنما بعض من هذه الحقوق، وهو ما يكشف عن مدى الزيف الذي يشمله منطق مورافتشيك او غيره من المناصرين لإسرائيل.
\r\n
\r\n
صدمة الدمار
\r\n
\r\n
مع استحسانه الذي نادراً ما يبديه لتقرير لمراسل «الواشنطن بوست» عن غياب دليل حول حدوث مذبحة في جنين فإنه يتخذ من ذلك سبيلاً لكيل الانتقادات لذلك الصوت الجديد الذي انضم إلى «الايه بي سي» وهو صوت جون يانج والذي اضيف إلى صوات تغطية الصراع وكان من الواضح وفق تقويم المؤلف انه ينطلق من نفسه منطق زملائه. المهم ان يانج في تناوله للمذبحة أكد في 19 أبريل على أنه:
\r\n
\r\n
لا توجد تقديرات مؤكدة عن عدد الفلسطينيين الذين ماتوا في جنين، فالجيش الإسرائيلي يقول إنهم بالعشرات بينما يقول الفلسطينيون إنهم بالمئات وربما بالألوف. وفي المساء التالي أخذ يانج يقول:
\r\n
\r\n
إن كل هذا الدمار أصبح صدمة لكل العالم العربي ورمز غطرسة القوة الإسرائيلية. ويبدو أن هذه العبارة الأخيرة من قبل يانج لم تلق استحسان المؤلف فتوقف عندها قليلا متسائلا: بأي معيار متوازن فإن العدد القليل للقتلى من المدنيين لا يمكن أن يقارن بأعداد القتلى المدنيين الإسرائيليين، ما يعني أن اسرائيل مرة ثانية لم ترتكب مذبحة في جنين.
\r\n
\r\n
ويحاول المؤلف أن يضيف بعدا أعمق لتحليله فيقول ان الجيوش التي تواجه «الإرهاب»، بما في ذلك الجيوش العربية وفي أماكن أخرى بخلاف جنين - ما يكرس الانطباع بأن اسرائيل إنما كانت تخوض حربا ضد «إرهابيين» وليس ضد مدنيين أو مقاومين - المهم أنه يرى مثل هذه الجيوش لو خاضت مثل هذه المعركة لأدت الى مقتل أعداد أكبر بكثير مما قتل في صفوف المدنيين.
\r\n
\r\n
ثم يعرض لتغطية ال «سي بي إس» في 19 أبريل حيث قام مراسلها مارك فيليبس برواية قصة حول الانسحاب الإسرائيلي من جنين اتهم فيها اسرائيل بتدمير الاحتمالات بشأن قيام سلام قائلا:
\r\n
\r\n
إن المعتدلين على الجانبين يشعرون وكأنهم مقيدون في دائرة من العنف ولا يوجد من يعتقد بإمكانية استمرار التهدئة المتوقعة لأمد طويل. فما الذي أنجزته هذه العملية الإسرائيلية؟ لقد قللت فقط ولم تدمر قدرة الفلسطينيين على الانتقام، وبالطبع لم تثبط من عزائمهم».
\r\n
\r\n
وعلى هذا الأساس يتهم المؤلف فيليبس بتجاوز نطاق مهامه كمراسل والقيام بدور محلل عليم بأمور وقضايا المنطقة رغم أنه من الواضح أنه لم يكن على دراية بما كان معروفا خلال السنة والنصف سنة السابقة لذلك، من دون أن يوضح لنا ما هذا الذي جرى خلال السنة ونصف سنة تلك. مضيفا أنه لمن دواعي السخرية أن ينزلق مذيع من ال «سي بي إس» الى هذا الحد في اصطناع موازنة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي مع الفشل في إيجاد طريقة واقعية لرواية الأحداث عن الجانبين.
\r\n
\r\n
إطلالة على الجحيم
\r\n
\r\n
يقدم هذا التناول مزيدا من الضوء على طريقة المؤلف بالغة التحيز في معالجته لموضوعه فهو يضيف في إطار عرضه لتغطية مذبحة جنين أن «إن بي سي» لم تكن أقل شراهة في رسم صورة الدمار الذي كان يعانيه الفلسطينيون وإن كانت سمحت للمشاهدين في بعض اللقطات المختصرة برؤية ما يعبر عن الجانب الإسرائيلي. فعلى شاشة ال «إن بي سي» قال مراسلها توم برون:
\r\n
\r\n
إن جنين شهدت أشد عمليات القتال في الحرب وهدمت خلالها الكثير من البيوت وقتل عدد غير محدد من الفلسطينيين، وعلى الجانب العربي ساد القول بأنها كانت مذبحة، فيما ساد على الجانب الإسرائيلي الإدعاء بأن هذا القول لا يعدو أن يكون سوى مجرد مبالغة. ثم يشير المؤلف الى أن المراسل مارتن فليتشر قام من أرض الحدث ببث ما يلي:
\r\n
\r\n
إن الموقف صعب في جنين ولكنه يزداد سوءا، عندما تذهب الى هناك فإنه وسط مخيم اللاجئين يبدو وكأنه ضربه زلزال غير ان الحقيقة هي ان الجيش الإسرائيلي هو الذي فعل ذلك، كما أعلن الفلسطينيون أنه كانت توجد هناك مذبحة حيث تم قتل قرابة الخمسمئة فلسطيني، وتم دفن جثثهم من قبل الجنود الإسرائيليين في مقابر مجهولة.
\r\n
\r\n
يعتبر مورافتشيك أن في ذلك تناولا يقدم بشكل واضح الموقف العربي للأحداث، مشيرا الى أنه فيما بعد عرض المراسل لضابط إسرائيل واصفا الإدعاءات بحدوث مذبحة بأنها «ليست سوى مجرد كذبة» واستمر فليتشر في تلخيص التقديرات الإسرائيلية لعدد القتلى في جنين.
\r\n
\r\n
الى هنا تبدو تغطية فليتشر، وكأنها محايدة غير أن المؤلف يأخذ عليه أن مشاهد لقاءاته مع الإسرائيليين قوطعت باثنتين من النساء القاطنات للمنطقة قالتا حسبما ترجم فليتشر عن العربية، ليس لدينا طعام أو ماء، إننا لا نعرف أين أولادنا؟
\r\n
\r\n
ربما ماتوا.. تعال معنا سوف تجد جثثاً. هنا يميل المؤلف إلى اعتبار التغطية منحازة حيث أن هذه العبارات وفي هذا السياق تكتسب قوة في ضوء اعتبار أنها تبدو وكأنها شهادة تلقائية من الجانب الفلسطيني. رغم ان الرواية التي يقدمها ومن الواضح أنها دقيقة وفق سياق التقرير تشير إلى ان ما قدمه فليتشر يعد من أبسط قواعد اعداد التقرير الاخباري من موقع الأحداث.
\r\n
\r\n
في خاتمة كتابه، يعود المؤلف لارتداء ثوب النزاهة العلمية مشيراً إلى أنه ساق على مدى صفحات كتابه العشرات من الأمثلة على الأجزاء غير الدقيقة أو المنحازة أو المضللة أو غير العادلة من التقارير الاخبارية التي قام بتحليلها، مضيفاً أنه «ان تخطيء فهذه طبيعة البشر» .
\r\n
\r\n
وان الصحافيين وفي إطار تغطيتهم لصراع معقد ومرير انما يكشفون عن الكثير من الحقائق التي يكون معظمها في طي الكتمان وانه ليس من المتوقع على الاطلاق ان يصلوا إلى الكمال، فضلاً عن ان الظروف المحيطة بعملهم دائماً ما تكون خطرة وأنهم لذلك يستحقون التقدير.
\r\n
\r\n
بعد هذا الاستهلال يضيف أنه رغم ذلك أيضاً يكون هناك بعض الأخطاء والتي من غير المفترض ان يلتمس العذر لمرتكبيها وأخطر هذه الأخطاء التحامل أو الانحياز، ويخلص المؤلف بناء على نتائج دراسته أنه من بين المؤسسات الإعلامية التي قام بدراستها والتي كان انحيازها واضحاً جداً شبكة ال «أيه بي سي، والتي حسب المؤلف كانت تجعل في تغطيتها وفي مختلف المحطات التي حددها الكاتب لدراسته من إسرائيل أسوأ مما تبدو عليه في وسائل الإعلام الأخرى والجريدتين الرئيسيتين.
\r\n
\r\n
وينسب المؤلف هذه «التحاملات» على إسرائيل بشكل أساسي إلى بيتر جينينجز والذي أراد من مشاهديه على حد قول مورافتشيك ان يصدقوا ان إسرائيل لم تكن في حالة حرب ضد «الإرهاب» .
\r\n
\r\n
وانما كانت تستخدم «الإرهاب» كذريعة فقط للقضاء على طموحات الشعب الفلسطيني، وهو يرجع احتلال ال «أيه بي سي» إلى هذا الموقع إلى أنه ربما من وجهة نظره كان لجينينجز الدور الرئيسي في كتابة الاخبار والتقارير المتعلقة بالموضوع وفي اختيار الكثير من محرري الأخبار معه.
\r\n
\r\n
ما لم يقله المؤلف أنه ربما قامت السلطة الفلسطينية بتوظيفه كعميل لها لدى ال «ايه بي سي» ليجمل صورتها السيئة أمام العالم!
\r\n
\r\n
وهو ينتقد بحدة تناول الشبكة قائلاً انه اثبت بوضوح وجود قدر كبير من التحريف لم يوجد لدى أي مؤسسة أخرى.
\r\n
\r\n
فخلال فترة المراجعة لهذه الدراسة لم يرَ مشاهدو ال «ايه بي سي» على الاطلاق، على سبيل المثال، المخلين بالأمن فيما يسميه بجبل الهيكل وهم يمطرون بالحجارة والزجاجات المصلين اليهود عند حائط المبكي بأسفلهم، ولم يروا أيضاً الكمائن المنصوبة في جنين، والتي دعت إسرائيل لهدم المباني.
\r\n
\r\n
هذه الصورة التي يقدمها المؤلف، ويتهم على أساسها ال «ايه بي سي» بالتحامل والانحياز تمثل هي ذاتها قمة الانحياز للجانب الإسرائيلي، وتعبر عن قدر كبير من التزييف من المؤكد انه سيكون مكشوفاً للقاريء أو المشاهد في ضوء ان الواقع على الأرض وفق ما نقلته وسائل الإعلام الأميركية انما يكشف عن ان الفلسطينيين هم الطرف الأضعف في معادلة الصراع.
\r\n
\r\n
وانهم لا حول لهم ولا قوة، وان الحجارة التي يتحدث عنها المؤلف لا توازي بأي شكل من الأشكال طائرات الآباتشي والصواريخ والعيارات المطاطية والقنابل المحرمة دولياً، وانها ليست سوى حيلة الضعيف التي يلجأ إليها في مواجهة قوة عاتية.
\r\n
\r\n
وهو الأمر الذي يؤكد من جهة أخرى فشل إسرائيل بكل ما تملكه في جلب الأمان لمواطنيها، حتى بافتراض صحة الصورة التي يرسمها المؤلف بشأن اليهود المتعبدين «المساكين» الذين لا حول لهم ولا قوة ولا يملكون سوى تلقي الحجارة من قبل الفلسطينيين المشاغبين دون ان يحركوا ساكنا.
\r\n
\r\n
وإذا كانت ال «ايه بي سي» احتلت المرتبة الأولى في العداء لإسرائيل تحت عنوان التغطية غير المنحازة، وفق تصنيف المؤلف، فإن المؤسسات الأخرى لم تسلم هي الأخرى من هذه التهمة، ولكن على مستوى الأفراد هذه المرة، وكأن المؤسسة شيء والمراسل شيء آخر، وهو ما ينفي ان المراسل ليس سوى تعبير عن سياسة المؤسسة الأمر الذي يمثل أبسط قواعد الممارسات الإعلامية.
\r\n
\r\n
يقول المؤلف أنه لدى المؤسسات الأخرى كان هناك مراسلون برزت اتجاهاتهم المعادية لإسرائيل يعرض المؤلف لأسمائهم وكأنه يضعها في قائمة سوداء: ديفيد هوكينز من ال «سي بي إس»، ومايك حنا وجيروليد كيسيل من ال «سي إن إن» وأندريا ميتشيل من ان بي سي، وديبورا سونتاج في النيويورك تايمز ودانيال ويليامز في الواشنطن بوست.
\r\n
\r\n
غير انه على عكس ايه بي سي فقد كانت هذه الأصوات يتم موازنتها بأصوات أخرى ذات اتجاهات أقل تحاملاً ولكنها متحاملة في العموم وفق سياق عبارة المؤلف!
\r\n
\r\n
وقد كان أفضل تقرير اخباري من ال «إن بي سي» على لسان مارتن فليتشر، ومعيار الأفضيلة هنا ليس أسلوب التغطية أو طريقة العرض ولكن هو الموقف من إسرائيل. فقد كان فليتشر، حسب مورافتشيك، لينا بالكاد مع إسرائيل، وكانت تغطيته للدمار في جنين في صورة شرهة مثله مثل أي صحفي ولكن على عكس معظم المراسلين الآخرين فقد قدم فليتشر مشاهد واضحة للكمائن التي نصبها المقاتلون الفلسطينيون ولذلك استطاع مشاهدوه ان يدركوا ما كان يواجهه الجنود الإسرائيليون.
\r\n
\r\n
في محاولته الكشف عن أسباب التحامل ضد إسرائيل بافتراض وجود مثل هذا التحامل واعتبار ان الأمر لا يعدو ان يكون محاولة تغطية إعلامية منصفة، فإن المؤلف يقول أنه ربما يأتي على رأس الأسباب ان بعض الأفراد معادون لإسرائيل، غير أن المؤلف يذهب إلى أن هذا التفسير قد يكون من غير المحتمل وجوده، مرجحا تفسيرا آخر ينقض ما قاله في السطور السابقة التي تشير الى كون اليهود هم ضحية الفلسطينيين.
\r\n
\r\n
فيشير الى أن التفسير يمكن أن نجده وفقا له في مقال لمراسل «الإيكونوميست» والذي وصف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني كصراع ملحمي وبطولي للجانب الضغيف ضد الجانب القوي، وحيث أن الضعفاء غالبا ما يفخرون بأنفسهم عند وقوفهم ضد الجانب القوي فإن هؤلاء الذين ينظرون للصراع في الشرق الأوسط من هذا المنظور فإنه كان من الطبيعي أن يجدوا أنفسهم بجانب الفلسطينيين.
\r\n
\r\n
ويلاحظ على محاولات تفسيرات مورافتشيك أنها تستبعد جانب العدالة او عدم العدالة في موقف اسرائيل، إنها لا تنظر للقضية في إطارها الأصلي لأن ذلك لن يخدم الهدف الذي يسعى الى تحقيقه ومن هنا فإنه يبحث عن تفسيرات فلسفية هى أبعد ما تكون عن الحقيقة.
\r\n
\r\n
التحامل والجهل
\r\n
\r\n
بعد التحامل يشير الى أن أخطر خطأ صحفي هو الجهل - كلمة حق يراد بها باطل - فمعظم الصحفيين هم غالبا من غير الاختصاصيين ولذلك ليس من العدل أن نتوقع أن يكونوا خبراء بالمنطقة التي يقوموا بتغطيتها، مضيفا أنهم رغم ذلك مدينون لجمهورهم بأن تكون لديهم المعلومة بشكل جيد. وفضلا عن أن هذا الأمر يحمل اتهاما عاماً لجميع الإعلاميين الأميركيين الذين شاركوا في تغطية الانتفاضة بالجهل، فإنه يمثل تحاملا من قبل المؤلف ومغالطة، فضلا عن الجهل ذاته بطبيعة التغطية الإعلامية.
\r\n
\r\n
فهناك فرق كبير كما أشار هو في مقدمة كتابه بين مقال الرأي والتغطية الصحفية، صحيح أن التغطية تتضمن معلومات إلا أن الجانب الأساسي فيها هو الحدث.
\r\n
\r\n
والجهل والتحامل والتحيز وارد في التغطيات الصحفية بشكل عام إلا أنها ليست هي المحور الأساسي اذا افترضنا أن أبسط مقومات الصحفي تتوافر فيمن يقوم بالعمل، ومن غير المعقول أن يكون كل طاقم التغطية الإعلامية الأميركية للانتفاضة على هذا المستوى من غياب المعايير المهنية .
\r\n
\r\n
ولا يعدو الأمر أن يكون في النهاية حسبما نرى طلقات في الهواء يطلقها مورافتشيك لكى يخيف الإعلاميين الأميركيين أو قارئه لكي يشوش على الهدف الذي يسعى اليه وهو تبرئة اسرائيل من التهم التي تلحق بها والتي نتجت عن الانتفاضة ووضعت تل أبيب في موقف لا تحسد عليه خاصة إزاء ما درج على تسميته بالاستخدام المفرط للقوة في مواجهة شعب أعزل لا يملك حتى بمعايير المؤلف نفسه سوى الحجارة.
\r\n
\r\n
ويقدم المؤلف هنا ما يعتبره كشفا أو اكتشافا لواحدة من المشاكل الكبرى وراء فشل الصحفيين كأفراد أو المؤسسات الصحفية ذاتها من خلال الدراسة والتي من الممكن أن تتجاوز التحامل أو الانحياز هذه المشكلة تتمثل في أن الصحفيين قد يكونون يتبعون المبدأ القائل بأنه اذا كان هناك جانبان يتقاتلان فإنه من الافضل لهم أن يلتزموا بأن ينقلوا وبشكل عادل ومتساوٍ عن الجانبين ما قاله كل منهما.
\r\n
\r\n
وعلى الرغم من أي تحفظات إلا أن هذا المبدأ لو اتبع بشكل سليم قد يكون مجالا لتقديم تغطية منصفة إلا أن المؤلف يرى أن المساواة في كم المعلومات الذي تم إعلانه من كلا الجانبين لا يعبر عن تقييم سليم للأمور.
\r\n
\r\n
ويضيف أعنى ببساطة أن الفلسطينيين كانوا يكذبون باستمرار وبشكل متكرر وقد بدأ الأمر بعرفات وانتهي بكثير من نواب البرلمان ويبدو أن الأمر وصل الى الأطباء في المستشفيات الفلسطينية بل والى كثير من الفلسطينيين بما فيهم رجل الشارع مثلما حدث في جنين حيث راح سكانها يعلنون أنهم شاهدوا الإسرائيليين يدفنون الجثث أسفل المباني.
\r\n
\r\n
ولو أن المؤلف ذهب الى أن الجانبين اتبعا استراتيجية الكذب لخفف ذلك من امكانية توجيه تهمة الانحياز له، غير أنه راح يقدم دفاعه عن اسرائيل بطريقة سيئة على شاكلة المحامي الذي يضر بالقضية التي يدافع عنها.
\r\n
\r\n
ويخلص المؤلف الى أن الصراع بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية غالبا ما يوصف بأنه صراع بين شخصين، وأنه كذلك بالفعل، ولكنه أيضا من وجهة نظر المؤلف صراع بين مجتمع ديمقراطي مفتوح ومجتمع فاشستي يتفشى فيه العنف. ولو أن المؤلف أضاف «وأنه صراع ايضا بين دولة استولت على أرض ليست لها وشعب يدافع عن أرضه» لارتفع بمستوى مصداقيته بغض النظر عن كم المغالطة في الشق الأول من تفسيره.
\r\n
\r\n
غير أن المؤلف يأبى أن يرى في الجانب الفلسطيني مزية واحدة، منتهيا بالتنديد بهذه القلة من الإعلاميين الأميركيين التي يبدو أنها تعمل ضد اسرائيل فيما أن الحقيقة غير ذلك فما يجب أن يعملوا من أجله فقط هو قرائهم ومشاهديهم وفاعلية مهنتهم، فواجب الصحفي توضيح المشكلة التي يتعامل معها فيما يخص الأطراف المتحاربة .
\r\n
\r\n
ونسي أن واجب الباحث أو الدارس أن يتناول المشكلة أيضا بعيدا عن أية انحيازات سابقة وأن ينحى توجهاته قدر الامكان على الأقل من أجل كسب عقول من يقرأ له وهو ما فشل فيه مورافتشيك ببراعة.
\r\n
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.