وبالرغم من أنه كان هناك إجماع بين قيادات الاتحاد الأوروبي على أن ذلك القرار كان هو القرار الصحيح، إلا أن ذلك القرار أثار في نفس الوقت قدرا هائلا من الجدل في كل من فرنساوألمانيا على وجه التحديد. ونتيجة لذلك، فإن المتوقع هو أن المفاوضات التي ستتم خلال السنوات القادمة ستكون صعبة، وستتم على خلفية الخوف المرضي من الإسلام(إسلاموفوبيا). وهذا الخوف نابع من العمليات التي يقوم بها المتطرفون الإسلاميون في أوروبا مثل سلسلة التفجيرات التي تمت في محطات قطارات مدريد، وقيام المسلمين المتعصبين باغتيال الفنان الهولندي ثيو فان جوخ في شهر نوفمبر الماضي. \r\n \r\n ومما يؤسف له أن تلك الأحداث، والتي لا علاقة لها بتركيا من قريب أو بعيد، تدعم حجة هؤلاء الذين يقولون إن أوروبا غير قادرة على استيعاب عشرات إضافية من ملايين المسلمين، خصوصا وأنها لا تزال تعاني مشكلات عديدة جراء محاولاتها استيعاب العشرة ملايين مسلم الذين يقيمون حاليا في دولها. ويقول هؤلاء إن عدد سكان تركيا الذي يصل الآن إلى 71 مليون نسمة سوف يتجاوز عدد سكان ألمانيا الذي يبلغ الآن 83 مليون نسمة بحلول عام 2015، كما تشير إلى ذلك بعض التقديرات، مما يجعل من تركيا أكبر الدول الأوروبية سكانا في ذلك الوقت، ويشكل أعباء هائلة على ميزانية الاتحاد الأوروبي. \r\n \r\n وهناك أيضا مخاوف من أن يؤدي انضمام تركيا إلى إحداث تأثيرات ثقافية في الاتحاد الأوروبي، خصوصا إذا ما أخذنا في الاعتبار اختلاف العادات والتقاليد التركية الاجتماعية خصوصا في المناطق الريفية، عن مثيلتها في الدول الأخرى بالاتحاد. \r\n \r\n وفي الحقيقة أن الجدل الدائر حول انضمام تركيا للاتحاد هو جزء من جدل أوسع نطاقا يدور حول علاقة أوروبا بالإسلام. فألمانياوفرنسا اللتان تعتبر موافقتهما ضرورية للغاية لانضمام تركيا، تواجهان تحديات إسلامية مختلفة. فعدد المسلمين في فرنسا يتجاوز عدة ملايين. وهناك العديد من المشكلات التي تواجه الحكومة الفرنسية التي تحاول استيعاب هؤلاء المسلمين في نسيجها المجتمعي منها على سبيل المثال لا الحصر السجال العنيف الذي يدور منذ عدة شهور حول منع الحجاب. \r\n \r\n أما ألمانيا فإن معظم المسلمين المقيمين بها من أصول تركية، كما أنها تضم الكثير من الأكراد كذلك. والألمان يعرفون جيدا أن هناك صراعات ونزاعات عديدة- لم يتم حلها بين الحكومة التركية وبين الأكراد حول المسألة الكردية ويخشون بالتالي أن يؤدي السماح لتركيا بدخول الاتحاد الأوروبي إلى تحويل بلدهم إلى ساحة لتصفية الحسابات بينها وبين الأكراد. \r\n \r\n وهناك دول أوروبية أخرى منها النمسا وبريطانيا وهولندا والدانمارك تواجه انتقادات عنيفة من الرأي العام، بسبب ما تكشف من وجود علاقات بين بعض المسلمين الذين كانوا مقيمين في تلك البلاد لأسباب مختلفة وبين الأشخاص الذين قاموا بتنفيذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولاياتالمتحدة الأميركية. وما يجعل الأمر في غاية الخطورة في نظر الرأي العام في تلك الدول، أنه قد تبين أيضا أن الكثير من الخلايا النائمة التابعة للمنظمات الإرهابية تضم شبابا مسلمين ينتمون إلى الجيل الثاني والجيل الثالث من المهاجرين المسلمين إلى البلدان الأوروبية. \r\n \r\n طبعا هناك العديد من التطورات، التي يمكن أن تحدث خلال الفترة التي ستستغرقها تركيا والاتحاد الأوروبي لاستكمال المناقشات التي ستجري من أجل انضمام تركيا للاتحاد. فعلى سبيل المثال يمكن أن تنشأ تطورات إيجابية في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك ظهور المزيد من الدول الديمقراطية، واحتواء الإرهاب، وحدوث تحسن في النمو اقتصادي، وانخفاض معدلات البطالة، وتقلص الحاجة إلى الهجرة بالتالي. ومثل تلك التغييرات سوف تؤدي- إلى حد كبير- إلى تقليص الشكوك الأوروبية تجاه العالم الإسلامي، وتجعل من التوقع الخاص بانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي أقل تهديدا مما يبدو عليه الآن. \r\n \r\n