ذلك ان فترة التضامن التي سادت ضد الارهاب في عام ,2001 سرعان ما حلت محلها محاكات حادة حول الحرب على العراق, والتي تبين لاحقاً انها اعراض لانقسامات عميقة بشأن قضايا جوهرية. فما هي الطرق الافضل لحماية انفسنا من الارهاب واسلحة الدمار الشامل? ومتى يكون استخدام القوة مسموحاً به - ومن الذي يقرر ذلك? وما هو الدور الذي ينبغي ان تلعبه الاممالمتحدة في ما اصبح عالماً »احادي القطب«? \r\n \r\n لقد تقدمت هذه الحوارات الجديدة على اخرى رئيسة قبلها ظهرت في سنوات التسعينات, مثل: هل السيادة الوطنية لدولة ما شيء مطلق, ام ان المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية حل النزاعات داخل الدول - خاصة اذا اشتملت هذه النزاعات على اعمال وحشية? \r\n \r\n لتقديم اجابات عن مثل هذه الاسئلة, عينت قبل سنة هيئة تحكيم من 16 شخصاً من جميع انحاء العالم, ومن مختلف حقول الخبرة, وطلبت اليهم وضع تقييم للاخطار التي تواجه المجتمع البشري حالياً, وتقديم توصيات عن حاجتنا الى التغيير, وكيف, في البرامج السياسية والمؤسسات, في مواجهة هذه الاخطار, ويوم الخميس الماضي, قدمت هذه الهيئة تقريرها الذي حمل عنوان: »عالم اكثر امناً: مسؤوليتنا المشتركة«. وتعتبر توصياته المئة وواحدة, اكثر المقترحات شمولاً وترابطاً منطقياً, لرد عام متماسك على اخطار عامة شهدتها في حياتي. \r\n \r\n يؤكد التقرير مجدداً على حق الدول في الدفاع عن نفسها, بما في ذلك استباقياً, وعندما يكون الخطر وشيكاً عليها. ويقول انه في حالة وضع »السيناريوهات الكابوسية«, مثل تلك المتعلقة بالارهابيين المستحوذين على اسلحة الدمار الشامل, فقد يكون لزاماً على مجلس الامن الدولي القيام بعمل في وقت مبكر, وعلى نحو اكثر حزماً من السابق, كما يعرض هذا التقرير لخطوط ارشادية عامة لمساعدة المجلس على اتخاذ القرار بالتفويض باستخدام القوة, ومتى. \r\n \r\n وليس اقل فائدة من ذلك, توصل الهيئة الى اتفاق عام حول تعريف الارهاب, وهو امر لم توفق الدول الاعضاء في الاممالمتحدة في الوصول اليه, لان بعضها قال ان اي تعريف للارهاب يجب ان يشتمل على استخدام الدول للقوة المسلحة, وكذلك المسلحة ضد المدنيين ولان بعضها - وخاصة الدول العربية والاسلامية - اصر على عدم تجاهل التعريف للحق في مقاومة الاحتلال الاجنبي. \r\n \r\n على ان اعضاء الهيئة »ومن بينهم عدد من الاسلاميين الممثلين المرموقين« قد اوضحوا ان القانون الدولي القائم اكثر شفافية في ادانة استخدام القوة على نطاق واسع, من جانب الدول, ضد المدنيين, اكثر من ادانته لمجموعات خاصة, وانهم اتفقوا على انه »ما من سبب في واقع الاحتلال يبرر استهداف المدنيين«. فإن التزمت الحكومات بموقعها القيادي - وهو ما آمل فيه - فمن شأن ذلك ان يسهل على الاممالمتحدة وضع سياسة شاملة لمناهضة الارهاب, وان اكون في مقدمة تدعيمها وترشيحها, كما يطالبني التقرير بذلك. ويتضمن التقرير كذلك مجموعة من الاقتراحات العملية للحيلولة دون الاندفاع نحو انتشار الاسلحة النووية, ولتسحين الامن الحيوي, ولجعل الاممالمتحدة ذاتها اكثر فاعلية, خاصة في مجال درء الحرب وبناء السلام. \r\n \r\n ومن بين التوصيات الاكثر اهمية وبروزاً, التوصية بتوسيع عضوية مجلس الامن من 15 الى 24 عضواً, اما بإضافة ستة اعضاء دائمين جدد, دون التمتع بحق الفيتو »النقض«, او باستحداث فئة جديدة لاعضاء يحتلون مقاعد تتجد كل اربع سنوات, وتتوزع على اساس المناطق في العالم. وانني لاعتقد بأن أياً من الصيغتين سيعزز شرعية مجلس في نظر العالم, من حيث انها تجعل عضويته اقرب الى حقائق القرن الواحد والعشرين, وبالمفارقة مع وقائع عام ,1945 عندما وضعت مسودة وثيقة »ميثاق الاممالمتحدة«. \r\n \r\n ففي المقام الاول, انها تؤكد بوضوح على العلاقة المتداخلة لعصرنا, حيث مصائر الشعوب والتهديدات التي تواجهها متشابكة, ليس فقط لان الخطر المحدق بشعب ما هو خطر يهدد جميع الشعوب, بل لان الفشل في معالجة احد الاخطار يمكن ان ينسف دفاعاتنا ضد جميع الاخطار الاخرى. ذلك ان هجوماً ارهابياً كبيراً يقع في العالم الصناعي يمكن ان يدمر الاقتصاد العالمي, ويقذف بملايين البشر الى براثن الفقر المدقع. كما ان انهيار دولة فقيرة قد يفتح ثغرة في دفاعنا المشترك ضد الارهاب والامراض السارية. \r\n \r\n قليلون الذين تمكنوا من قراءة هذا التقرير وظلوا في حالة شك من ان جعل هذا العالم اكثر امناً هو في الحقيقة مسؤولية مشتركة, ومصلحة مشتركة ايضاً. غير ان هذا التقرير يدلنا على طريقة عمل ذلك, وعلى الاسباب التي تدعونا للقيام بذلك الان. وهكذا, فإن هذا التقرير يضع الكرة في ملعب القادة السياسيين في العالم. فعلى هؤلاء الزعماء مناقشة التفاصيل والاتفاق عليها, وإنني لاطالبهم بإلحاح بأن يركزوا على التوجه العام لتوصيات الهيئة. \r\n \r\n * الامين العام للأمم المتحدة. وقد وزعت هذا التعليق »غلوبال فيوبوينت فور تريبيون ميديا سيرفيسس انترناشيونال« \r\n \r\n انترناشيونال هيرالد تريبيون