الصين تدعو لاتخاذ إجراءات ملموسة لدفع حل الدولتين ووقف إطلاق النار بغزة    من هم «بنو معروف» المؤمنون بعودة «الحاكم بأمر الله»؟!    أول رواية كتبها نجيب محفوظ وعمره 16 سنة!    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    انتخابات مجلس الشيوخ.. الآليات والضوابط المنظمة لتصويت المصريين فى الخارج    "الزراعة" تنفيذ 286 ندوة إرشادية والتعامل مع 5300 شكوى للمزارعين    وزارة التموين تنتهى من صرف مقررات شهر يوليو 2025 للبقالين    ميناء سفاجا ركيزة أساسية في الممر التجاري الإقليمي الجديد    عبدالغفار التحول الرقمي ركيزة أساسية لتطوير المنظومة الصحية    وزير الإسكان يُصدر قرارًا بإزالة 89 حالة تعد ومخالفة بناء بمدينة الشروق    قبول دفعة جديدة من الأطباء البشريين الحاصلين على الماجستير والدكتوراه للعمل كضباط مكلفين بالقوات المسلحة    تنسيق الجامعات.. تفاصيل الدراسة ببرنامج الهندسة الإنشائية ب"هندسة حلوان"    إدارة الطوارئ في ولاية هاواي الأمريكية: إغلاق جميع المواني التجارية بسبب تسونامي    محمد السادس: مستعدون لحوار صريح ومسؤول مع الجزائر    تحليل جديد: رسوم ترامب الجمركية سترفع نفقات المصانع الأمريكية بنسبة 4.5%    الخارجية الأمريكية: قمنا بتقييم عواقب العقوبات الجديدة ضد روسيا علينا    33 لاعبا فى معسكر منتخب 20 سنة استعدادا لكأس العالم    لم نؤلف اللائحة.. ثروت سويلم يرد على انتقاد عضو الزمالك    إصابة طفل نتيجة هجوم كلب في مدينة الشيخ زايد    انخفاض تدريجي في الحرارة.. والأرصاد تحذر من شبورة ورياح نشطة    جدول امتحانات الشهادة الإعداية 2025 الدور الثاني في محافظة البحيرة    البترول: السيطرة على حريق سفينة حاويات قرب «جنوب شرق الحمد»    التصريح بدفن جثة طفل لقى مصرعه غرقا بإحدى الترع بمركز سوهاج    حفل جماهيري حاشد بالشرقية لدعم مرشح حزب الجبهة بالشرقية    ليلى علوي تعيد ذكريات «حب البنات» بصور نادرة من الكواليس    فقد الوعي بشكل جزئي، آخر تطورات الحالة الصحية للفنان لطفي لبيب    عزاء شقيق المخرج خالد جلال في الحامدية الشاذلية اليوم    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    قافلة طبية توقع الكشف على 1586 مواطنا في "المستعمرة الشرقية" بالدقهلية (صور)    محافظ الدقهلية:1586 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بقرية المستعمرة الشرقية بلقاس    فتح باب التقدم لاختبارات الدبلومات والمعاهد الفنية للقبول بكلية الهندسة    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    "البترول" تتلقى إخطارًا باندلاع حريق في غرفة ماكينات مركب الحاويات PUMBA    البنك العربى الإفريقى يقود إصدار سندات توريق ب 4.7 مليار جنيه ل«تساهيل»    جدول مباريات بيراميدز في الدوري المصري الممتاز الموسم الجديد 2025-2026    وزير الثقافة: جوائز الدولة هذا العام ضمت نخبة عظيمة.. ونقدم برنامجا متكاملا بمهرجان العلمين    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    الدقيقة بتفرق في إنقاذ حياة .. أعراض السكتة الدماغية    يسمح ب«تقسيط المصروفات».. حكاية معهد السياحة والفنادق بعد قضية تزوير رمضان صبحي    تنسيق الجامعات 2025 .. تفاصيل برامج كلية التجارة جامعة عين شمس (مصروفات)    منافسة غنائية مثيرة في استاد الإسكندرية بين ريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقى العربية.. صور    الخارجية الباكستانية تعلن عن مساعدات إنسانية طارئة لقطاع غزة    إنجاز غير مسبوق.. إجراء 52 عملية جراحية في يوم واحد بمستشفى نجع حمادي    الجنايني يتحدث عن مفاوضات عبد القادر.. وعرض نيوم "الكوبري" وصدمة الجفالي    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى سطح المنزل في شبين القناطر    عاجل- ترمب: زوجتي ميلانيا شاهدت الصور المروعة من غزة والوضع هناك قاس ويجب إدخال المساعدات    نبيل الكوكي يقيم مأدبة عشاء للاعبى وأفراد بعثة المصرى بمعسكر تونس    عمرو الجناينى: تفاجأت باعتزال شيكابالا.. ولم أتفاوض مع أحمد عبد القادر    عيار 21 الآن يسجل رقمًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 30 يوليو بعد الانخفاض بالصاغة    تنسيق المرحلة الثانية 2025.. موعد الانطلاق والمؤشرات الأولية المتوقعة للقبول    التفاصيل الكاملة لسيدة تدعي أنها "ابنة مبارك" واتهمت مشاهير بجرائم خطيرة    سبب غياب كريم فؤاد عن ودية الأهلي وإنبي وموعد عودته    الجنايني عن شروط عبدالله السعيد للتجديد مع الزمالك: "سيب اللي يفتي يفتي"    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟.. واعظة تجيب    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل كانت الحرب مقررة سلفاً؟، واشنطن اتخذت قرار الغزو في صيف 2000 واستخدمت المفتشي
نشر في التغيير يوم 12 - 07 - 2004


\r\n
وقد بدا آنذاك ان الولايات المتحدة مصرة على احلال جيش للغزو محل فرق التفتيش على الرغم من ان نظام التفتيش كان يعمل آنذاك بكامل طاقته، كما كان العراق قد قرر السماح الفوري بزيارة المفتشين لأي مكان يريدونه.
\r\n
\r\n
وفي مجلس الامن انهارت جميع الجهود للتوصل الى اتفاق على ما يمكن طلبه من العراق في الاسابيع القليلة التالية. وقدم البريطانيون اقتراحاً بأن يتوجه صدام حسين الى مبنى التلفزيون العراقي، ويعلن التزامه بنزع السلاح والتعاون الكامل مع المفتشين ويجب ان يلازم اعلانه هذا انجاز العراق لعدد معين من مهام نزع السلاح، خلال مهلة قصيرة جداً ربما تصل الى عشرة ايام.
\r\n
\r\n
ويرى بليكس ان هذا المسلك البريطاني يشابه الجهود البريطانية التي بذلت بعد عشرة شهور لحث الزعيم الليبي معمر القذافي على إعلان ان ليبيا تعمل على وقف جميع جهودها لحيازة أسلحة دمار شامل وفتح الابواب لاجراء تفتيش كامل، ولقد اعتبرت الولايات المتحدة وبريطانيا انهما مفوضتان باتخاذ اجراء عسكري ضد العراق، اذا قررتا انه لم يلب تلك المطالب، بينما كانت معظم الدول الاعضاء في مجلس الامن الدولي ترى ان مثل هذا القرار يجب ان يكون جماعياً من المجلس ككل لأمن دولتين منفردتين كما تصر الولايات المتحدة وبريطانيا.
\r\n
\r\n
لحظة الحقيقة
\r\n
\r\n
في 16 مارس 2003 اجتمع الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش، وتوني بلير رئيس الوزراء البريطاني، وخوزيه ماريا أزنار لوبيز رئيس الوزراء الاسباني، لمدة ساعة في جزر الآزور في منتصف المحيط الاطلنطي، وشعر معظم المراقبين بأن الحرب اصبحت امراً مؤكداً، ولذلك تلقى هانز بليكس تعليمات من مساعد الامين العام للامم المتحدة بسحب المفتشين من العراق.
\r\n
\r\n
ومع اصرار اميركا وبريطانيا واسبانيا على الانفراد بشن الحرب، زعم قادتها ان مجلس الامن لم ينجح في الاختبار، وربما كان امراً مريحاً لهم ايضاً ان يلقوا باللوم على فرنسا لفشل الجهود الدبلوماسية، ولكن كان من الواضح ان غالبية الدول الاعضاء في المجلس كانت تقف ضد أي عمل عسكري في تلك المرحلة.
\r\n
\r\n
ويرى بليكس غرابة شديدة في ذلك المفهوم الذي يدعي فشل الاغلبية في الاختبار عندما تقوم أغلبية قوية برفض موقف أقلية صغيرة. كذلك استخدم كولن باول وزير الخارجية الاميركي تعبيرا شاع بين المتحدثين الرسميين فقال في مؤتمر صحافي يوم 17 مارس ان «نافذة الدبلوماسية قد أغلقت» وان «لحظة الحقيقة قد حانت». ويعلق بليكس على ذلك بقوله: الحقيقة هي ان العمل العسكري يتعارض مع الدبلوماسية ولكنه لا يحل محل الحقيقة.
\r\n
\r\n
ولا أجد من اللائق ان يجعل احد من الدبلوماسية نقيضا للحقيقة لكي يصورها على انها أكاذيب أو أوهام.
\r\n
\r\n
ويضع هانز بليكس عنوانا فرعيا يتساءل فيه: هل كانت الحرب مقررة سلفا؟ ويشير الى ان كثيرين يرون ان قرار الحرب اتخذ في واشنطن في صيف عام 2000، وانه سمح لمفتشي الامم المتحدة بالعمل لمجرد ملء الفراغ الى ان تكون القوات المسلحة جاهزة.
\r\n
\r\n
ويستشهد مؤلف الكتاب بمقال نشر في صحيفة «انترناشيونال هيرالد تريبيون» في 4 سبتمبر 2004 يشير الى ما ذكرته صحيفة «واشنطن تايمز» عن تقرير عسكري مقدم الى هيئة رؤساء الاركان الاميركية المشتركة. ويفيد هذا التقرير ان الرئيس بوش وافق على الاستراتيجية الشاملة لحرب العراق في اغسطس 2002، وسوف تنكشف الحقيقة في نهاية الامر بمرور الزمن عندما تنشر المذكرات السياسية ويفرج عن الوثائق الرسمية.
\r\n
\r\n
\r\n
ويعبر بليكس عن رأيه الشخصي في هذه المسألة ويحرص على التأكيد على انه نابع عن حدسه فحسب، فيقول ان ادارة بوش قررت في صيف 2002 الذي أعقب أحداث 11 سبتمبر، ان عليها ان تكون مستعدة لتوجيه ضربة وقائية الى أي عدو تحدده وتخشى ان يشكل خطرا على اميركا. وقد رأت في صدام حسين الشخص الملائم لكي تصوره على انه يجسد الشر لنجاحه في احباط عملية البحث عن أسلحة الدمار الشامل والتخلص منها بواسطة المفتشين التابعين للأمم المتحدة.
\r\n
\r\n
وانه الشخص الذي يحتمل ان يدعم الارهابيين الدوليين ويتعاون معهم، وباعتباره ايضا واحدا من غلاة المعارضين للسلام مع اسرائيل. وقد قررت الادارة الاميركية في النهاية ان بوش يحتاج الى التخلص من ذلك الخطر المفترض قبل الحملة الانتخابية المقبلة، خاصة وانه كان قد أعلن الحرب على الارهاب.
\r\n
\r\n
\r\n
ويطرح بليكس السؤال التالي: «أين الأمم المتحدة والتفتيش من هذا؟» وبعد ان يسرد تصريحات لديك تشيني نائب الرئيس الاميركي، ودونالد رامسفيلد وزير الدفاع التي تثير الشك في عمليات التفتيش وتعتمد على المنشقين العراقيين كمصدر للمعلومات، يفترض المؤلف ان الادارة الأميركية لم تر ضرراً كبيراً في شغل الأمم المتحدة بمحاولة أخيرة.
\r\n
\r\n
\r\n
وربما تكون عميقة، لنزع سلاح العراق، فإذا رفض السماح بذلك لمفتشي الأمم المتحدة، عندئذ يمكن اعتبار أي عمل عسكري أميركي تنفيذاً لمطالب المنظمة الدولية لا مجرد دفاع عن الأمن الأميركي، وإذا سمح العراق مرة أخرى للمفتشين بدخول العراق، ورفض السماح لهم بالوصول الى بعض المواقع وأظهر عدم الاذعان لهم مرة ثانية، فإن العمل العسكري الأميركي سوف يخدم المصالح الأمنية الأميركية ويدعم مطالب هيئة الأمم المتحدة. أما إذا فرض وأن العراق سمح للمفتشين بالعمل وسلم الاسلحة وهذا أفضل بكثير فمن الموسف أن يبقى صدام حسين في موقعه، ولكنه عندئذ سوف يكون صداماً آخر مختلفاً.
\r\n
\r\n
مفاجأة لأميركا
\r\n
\r\n
يرد بليكس في كتابه على الرأي الذي يقول ان أميركا كانت تود إفشال عملية التفتيش، ويعرب عن عدم موافقته على هذا الرأي قائلاً: إن الولايات المتحدة كانت مهتمة جداً بعمليات التفتيش، وتحثنا على توسيع نطاقها على وجه السرعة لأنها كانت تأمل أو على الأقل تتوقع ان العراق سيرفض السماح للمفتشين بفحص المواقع منتهكاً بذلك قرار مجلس الأمن الدولي ومعرضاً نفسه ل «نتائج خطيرة». وأصبحت التطورات في عام 2003 تمثل مشكلة من وجهة النظر الأميركية.
\r\n
\r\n
ذلك لأن المفتشين حددوا الصواريخ التي تتجاوز قليلاً المدى المسموح به وأشرفوا على تدميرها، ولكنهم في الوقت نفسه لم يجدوا أي أسلحة للدمار الشامل ولم يتلقوا تفسيرات يعتد بها لعدم وجودها. وقد تذمر العراقيون من عمليات التفتيش ولكنهم تصرفوا بشكل جيد، بل انهم لم يبدوا أي مقاومة جدية حتى لتفتيش موقعين رئاسيين يعتبران على جانب كبير من الأهمية في نظرهم. وأصبح الموقف الناتج عن التفتيش الأكثر سوءاً في نظر الولايات المتحدة إذ لم يتم انجاز نزع السلاح، ولا نشأ أي مبرر جيد لشن الحرب.
\r\n
\r\n
وأكثر ما فاجأ الاميركيين هو إصرار غالبية أعضاء مجلس الأمن، والرأي العام القوي في معظم دول العالم، بما فيها أميركا نفسها، على رفض السماح باستخدام القوة المسلحة، والمطالبة بإتاحة مزيد من الوقت لعمليات التفتيش. ونشبت خلافات سياسية ودبلوماسية بين الولايات المتحدة وغالبية الدول الأعضاء في المنظمة الدولية وفي حلف شمال الاطلسي، وبين الاوروبيين. ومن المثير للاهتمام ان تلك الخلافات لم تكن صداماً بين القوى الكبرى حول ما اذا كان يتعين نزع سلاح العراق أم لا، ولكن حول وسيلة تحقيق ذلك.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي رأي هانز بليكس ان حشد جيش من نحو 300 ألف جندي بالقرب من العراق، واقتراب فصل الصيف، جعلا من الصعب تجنب الحرب. ولم يكن من الممكن سحب القوات المسلحة من دون إحداث نتائج أكثر إبهاراً مما هو قائم بالفعل (من ذلك مثلا إزالة مواقع نحو سبعين صاروخا).
\r\n
\r\n
ولم يكن ممكناً ايضا ان تظل القوات ساكنة بلا عمل وفي مناخ تتزايد درجة حرارته، وفي انتظار توفر سبب واضح ومقنع للقيام بالغزو. ولذا في النهاية كان لابد ان تشن تلك القوات عملية الغزو. وينتهي بليكس من تحليله الى القول ان الاستنتاج الذي يخرج به هو ان قرار الحرب كان متوقعا ولكنه لم يكن نهائيا أو غير قابل للنقض.
\r\n
\r\n
يتناول الكتاب حكاية الرجل الصارم ديفيد كاي المفتش في الوكالة الدولية للطاقة النووية الذي اتهم بعلاقته بوكالة المخابرات المركزية الاميركية، ويبدأ بليكس حكاية هذا الرجل بقوله انها تبدأ من قبل تقديم تقارير المفتشين الدوليين الى مجلس الامن الدولي والى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة النووية في يوليو عام 1991.
\r\n
\r\n
ويذكر المؤلف ان بعثة اخرى للوكالة شكلت بطريقة دراماتيكية، فعندما ترك البروفيسور زيفيريرو بعثة التفتيش الثانية لكي يحضر اجتماع مجلس الامن الدولي، كلف دافيد كاي برئاسة فريق التفتيش في غيابه. وقد تلقى كاي مساعدة مهمة من اجهزة المخابرات مكنته هو وفريقه في نهاية يونيو 1991 من خداع مرافقيهم العراقيين، والوصول الى موقف للشاحنات، حيث تعرفوا على عدد من يحمل معدات نووية.
\r\n
\r\n
وقاموا بمطاردتها وتصوير حمولاتها الى ان بدأ العراقيون في اطلاق النار في الهواء، ثم تمكن فريق كاي ايضا من العثور على ورقة تصف خطة برنامج الاسلحة النووية العراقي، واخراجها من العراق. ويصفه بليكس بالدهاء والغرور، واطلقت عليه وكالة «السي آي ايه» وصف «الصارم» عندما عينته رئيسا لمجموعة الاستطلاع الاميركية الخاصة بالعراق في صيف عام 2003.
\r\n
\r\n
ويرى المؤلف انه كان يشعر بانتسابه الى «رعاة البقر» في بعثة «الأنسكوم» بدرجة أكبر من ارتباطه بالوكالة الدولية للطاقة النووية التي كان يعمل في خدمتها. ولذلك يقول بليكس انه لم يندهش عندما كتب مقالة في صحيفة «الواشنطن بوست» في يناير 2003 يصف نفسه فيها بانه مفتش في الانسكوم على الرغم من انه لم يلتحق أبدا بتلك البعثة، ولكن الذي أصاب بليكس بالدهشة انه أخذ يشن هجوما بعد عشر سنوات عليه وعلى الدكتور محمد البرادعي وينسب اليهما أقوالا لم يتفوها بها.
\r\n
\r\n
ويؤكد بليكس ان العقيد كاي كان على علاقة بأجهزة المخابرات الاميركية ترتبط بعمليات التفتيش في العراق. ولم يكن بليكس يدرك في بداية الامر انه عميل اميركي ولم يكن كاي من بين كوادر الوكالة الدولية للطاقة النووية من المفتشين المحترفين ولكنه كان يعمل في تقويم مشروعات المساعدة التقنية الحميدة الخاصة بتلك الوكالة، وان كانت لها علاقة بالطاقة النووية.
\r\n
\r\n
ويقول المؤلف ان هذا الرجل عمل مع مجتمع المخابرات والمجتمع العسكري في واشنطن كما يؤكد انه لا يخامره الشك في ان وجهات نظر كاي وأقاويله دعمت الاصوات في هذين العسكريين التي كانت تشكك في دور عمليات التفتيش بشكل عام وتلك التابعة للوكالة الدولية للطاقة النووية بشكل خاص. وعندما اصبح نجماً تبنى وجهة النظر القائلة ان الاحتلال العسكري للعراق هو السبيل الوحيد لنزع اسلحة الدمار الشامل العراقية. ولم يعلم كاي مدى نجاح عمليات التفتيش والعقوبات المدعومة بالضغط العسكري وكشف حقيقة تلك الاسلحة.
\r\n
\r\n
ولقد اتاحت فترة التفتيش الطويلة التي امتدت من 1992 حتى نهاية 1998 امعان النظر في برامج الاسلحة العراقية ولكنها لم تجد شيئاً ذا قيمة من اسلحة مخبوءة وبالنسبة للوكالة الدولية للطاقة النووية التي كان يتولى رئاستها بليكس فإن تلك الفترة مرت بهدوء بالمقارنة بعام 1991 واستطاعت الوكالة في البداية ازالة جميع المواد القابلة للانشطار من العراق ونقلها الى روسيا.
\r\n
\r\n
\r\n
كما اشرفت بعد ذلك على تدمير الكثير من المنشآت الضخمة التي استخدمت في برامج الاسلحة العراقية. وقد تم انجاز معظم هذه المهمة قبل عام 1992 وأصبح هناك اتفاق عام بين الحكومات على عدم وجود اية مسائل اخرى خاصة بنزع السلاح او ما يمكن الافصاح عنه في الملف النووي فيما عدا بعض الاسئلة فحسب.
\r\n
\r\n
اما بالنسبة لبعثة «الانسكوم» فإنها قامت مثل وكالة الطاقة بتدمير الكثير من البنى التحتية التي كان يعتقد بأنها ذات علاقة ببرامج الاسلحة العراقية كذلك انجزت البعثة تدمير الصواريخ وساهمت بشجاعة في عمليات تدمير كميات كبيرة من العناصر الكيميائية وقالت البعثة ان الاسلحة التي دمرت تحت اشراف مفتشيها تزيد عما تم تدميره اثناء حرب الخليج.
\r\n
\r\n
علاقة مثيرة للجدل
\r\n
\r\n
يتناول الكتاب العلاقة المثيرة للجدل بين بعثة الانسكوم للتفتيش وبين التجسس الاميركي في العراق، ففي يناير 1999 نشرت انباء وتحقيقات كثيرة تشير الى اختراق بعثة الامم المتحدة من جانب عملاء المخابرات التابعين لعدة دول، وخاصة من الولايات المتحدة وبريطانيا.
\r\n
\r\n
كما اشارت تلك التحقيقات الصحافية الى ان هؤلاء العملاء اعضاء في فرق التفتيش وأصبح في امكانهم نقل معلومات الى اجهزة مخابرات بلادهم عن اهداف عسكرية عراقية وعن تحركات القيادة في العراق، وقد استفادت عمليات القصف التي وجهت الى العراق بتلك المعلومات في مرحلة لاحقة، وتحدثت تقارير وسائل الاعلام عن عمليات تجسس ودس اجهزة تنصت اليكترونية بين انشطة يونسكوم وفرقها ومنشآت للرقابة عن بعد.
\r\n
\r\n
وقد اشارت تلك التقارير الى ان هذه الانشطة التجسسية، جرت تحت ستار البعثة ولكن خارج سيطرتها، والواقع انه قيل ان المعلومات الاستخبارية لم يقدم شيء منها الى أنسكوم وانها تركزت على جهاز الامن وحماية صدام حسين.
\r\n
\r\n
ويقول هانز بليكس انه اعتقد ان الجزء الاكبر مما نشر حقيقي، ورأى ان البداية العامة المقبولة بشكل عام هي ان اجهزة المخابرات يجب ان «تشرك» المفتشين في المعلومات التي لديها لمساعدتهم في مهمتهم الرسمية، ولكن بالتدريج اصبحت «المشاركة» تعني بالعكس ان الشركاء في اجهزة المخابرات اصبحوا «يشتركون» في جميع معلومات أنسكوم التي يريدونها بينما لم تشرك هذه الاجهزة البعثة في المعلومات التي حصلت عليها من عمليات التجسس.
\r\n
\r\n
وقد أدت التقارير المنشورة عن عمليات التجسس الى تدمير بعثة أنسكوم بشكل خطير، واعتبرها الكثيرون اداة تسيطر عليها الولايات المتحدة الاميركية اكثر من كونها اداة تجسس الامن الدولي. وازداد هذا التأثير بعد ان تحدث المفتش الاميركي سكوت ريتر، الذي رأس احدى حملات أنسكوم، في بعض المقابلات ثم في بعض الكتب بعد ذلك.
\r\n
\r\n
واخذ يصف الهيمنة الاميركية على بعثة التفتيش، وتعاونه واسع النطاق مع أجهزة المخابرات الاميركية والاسرائيلية.. وقد كتبت مقالات كثيرة تتحدث عن موت أنسكوم، اما النظام العراقي، الذي ظل مدة طويلة يتهمها بالتجسس، فإنه شعر بأنه كان على حق.
\r\n
\r\n
وساد احتكاك كبير داخل الوكالة الدولية للطاقة النووية عندما شعر موظفوها بان «انسكوم» سعت الى معاملة وكالتهم كما لو كانت عاجزة عن الحركة ويرى بليكس ان وراء الحملة قوى في واشنطن عارضت دور الوكالة في عملية التفتيش. والاخطر من ذلك اختلاف اسلوب التفتيش بين المنظمتين، فقد اعتبرت بعثة الأنسكوم ان مفتشي الوكالة الدولية للطاقة النووية يشبهون الموظفين الحكوميين الى حد كبير.
\r\n
\r\n
واعتبرت الوكالة الدولية للطاقة النووية ان سلوك بعض موظفي بعثة الانسكوم اقرب الى «اسلوب رامبو» اما عمليات التجميع والاستجواب من جانب فريق كل بعثة تفتيش في القاعدة العسكرية الاميركية في البحرين، فضلا عن سلوك الفرق في الميدان، فقد ساهمت في جعل كثير من اعمال التفتيش تبدو وكأنها عمليات عسكرية. ويقول بليكس: لم يكن لدينا وحدنا هذا الانطباع، فقد اعتاد رجال الامم المتحدة الذين كانوا في بغداد لمهام انسانية مختلفة على ان يطلقوا على موظفي «الانسكوم» اسم «رعاة البقر» وكان الاخيرون يردون بتسمية موظفي الامم المتحدة باسم «حاضني الارانب» ويحتمل انهم كذلك شملوا معظم موظفي الوكالة الدولية للطاقة النووية بهذه التسمية.
\r\n
\r\n
الخوف من الطوربيد
\r\n
\r\n
يتناول مؤلف الكتاب انهاء مهمة فرق الانسكوم واعادة تشكيل بعثة اخرى سميت بعثة الامم المتحدة للمراقبة والتحقق والتفتيش والتي عرفت باسم الانموفيك والتي اسندت رئاستها الى الدكتور هانز بليكس، ثم يشير بعد ذلك الى المزيد من محاولات الادارة الاميركية، التشكيك في تقارير المفتيش الدوليين، والاعتماد على معلومات العراقيين المنشقين.
\r\n
\r\n
وردد بليكس ما جاء في بعض التقارير التي نشرتها صحيفة «الواشنطن بوست» للصحافي والتر بينكوس في ابريل 2000 ويرى ان اكثرها اثارة للاهتمام تقريره الذي يقول فيه ان وولفويتز نائب وزير الدفاع الاميركي وزملاءه المدنيين البنتاغون كانوا يخشون من ان تصبح عمليات التفتيش الجديدة «كالطوربيد» الذي يفجر خططهم لشن الهجوم العسكري للاطاحة بصدام حسين.
\r\n
\r\n
ونسب الصحافي الاميركي الى احد المسئولين قوله «ان الكابوس الذي يؤرق الصقور هو ان يسمح للمفتشين بممارسة نشاطهم، والا يتصرفوا بشراسة ولا يجدوا اي شيء، وعندئذ تخفف العقوبات الاقتصادية على العراق وتصبح الولايات المتحدة الاميركية عاجزة عن التصرف».
\r\n
\r\n
وفي مايو 2002 عقدت في نيويورك جولة ثانية من الحوار بين الامم المتحدة والعراق في الفترة من الاول الى الثالث من ذلك الشهر، وكان ناجي صبري وزير الخارجية العراقي آنذاك قد انهى الاجتماع السابق الذي عقد في شهر مارس، بتقديم تسعة عشر سؤالا الى الامم المتحدة، وفي الاجتماع الجديد انضم الى الجانب العراقي عضوان بارزان هما الفريق الدكتور عامر السعدي، الذي اصبح نظير بليكس منذ ذلك الوقت، والدكتور جعفر ضياء جعفر، وكلاهما من كبار المثقفين.
\r\n
\r\n
وكانا يوصفان بأنهما مستشاران رئاسيان، ويعتبر الدكتور جعفر عالما نوويا بارعاً وقد اعتقله صدام حسين ثم أفرج عنه وأبقى على حياته مقابل خدماته، وقد وصل جعفر الى نيويورك متأخرا لانه تخلف في العاصمة الاردنية عمان لان تأشيرته لدخول اميركا تأخرت، كما انه فقد حقائبه اثناء السفر، وقيل ان احد عملاء المخابرات «لم يذكر بليكس اسمه» اقترب منه اثناء رحلته واخبره بأن حقائبه احتجزت لتفتيشها، كذلك سأله العميل، عما اذا كان مستعدا للهرب من العراق.
\r\n
\r\n
ومهما كانت الحقيقة فإن الدكتور جعفر حضر جلسة الحوار وكان غاضبا، وانتقد الدكتور محمد البرادعي بقسوة بسبب امتناعه عن إعطاء العراق شهادة لتبرئته في المجال النووي.
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.