يروي باول في المناسبات قصة ذلك اليوم من عام 1948 عندما كان ترومان يفكر ما اذا كان ينبغي عليه الاعتراف بدولة اسرائيل عندما اعلنت ونصحه مارشال بعدم الاعتراف بها ولكن ترومان قرر الاعتراف بها‚ \r\n \r\n واكثر من مرة وصف باول كيف ان بعض مساعدي مارشال تجمعوا حول هذا المكتب ليقولوا له بأنه ليس امامه سوى خيار الاستقالة فرد عليهم مارشال بسؤالهم من الذي صنعه أليس الرئيس؟ واشار مارشال الى ان ترومان هو الرئيس وعليه ان يتخذ القرارات واما دور وزير الخارجية فهو تقديم افضل النصيحة وبعد ذلك يقدم له الدعم‚ \r\n \r\n عندما يروي باول القصة غداة غزو العراق فمن الواضح انه يناقش نفسه ويناقش مارشال ايضا ولكن من المفيد ملاحظة ان الفرق الرئيسي بين الرجلين ان باول تبين ان موقفه صحيح بخصوص معظم النصائح التي قدمها حول العراق‚ ولهذا السبب فانه من غير المنتظر ان يقوم المعلقون الحاليون ولا المؤرخون اللاحقون بمعاملة باول بالاحترام الذي اعطوه لمارشال‚ \r\n \r\n ان مشكلة باول تكمن ان كلا من الموالين لادارة بوش ومنتقديها اصيبوا بخيبة أمل من باول‚ المجموعة الاولى لانه لم يكن مؤيدا بالكامل للاستراتيجية والتكتيكات التي ادت الى احتلال العراق والمجموعة الثانية لانه لم يقم علنا بالقاء نفسه امام ذلك القطار‚ وقد حكم عليه كفاشل لانه خسر حرب الافكار لصالح نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد واتباعهما من المحافظين الجدد‚ \r\n \r\n مع ذلك ينبغي ان يكون هناك مكان شرف في صفحات التاريخ لرجال الدولة الذين ثبتت صحة افكارهم وتكهناتهم الغريزية حتى لو تم تجاهلها‚‚ ودعونا نترك جانبا مسألة ما اذا كان قادرا على عمل ما هو اكثر لكي تنتصر وجهات نظره ويمنع الحرب وبدلا من ذلك دعونا نقرر ما هي الدروس التي يجب استخلاصها وتدوينها من ولايته لوزارة الخارجية‚ \r\n \r\n ان باول رجل شريف ويجب ان نثق بكلامه مثل معظم الاميركيين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري‚ فقد كان يحبذ ازالة صدام حسين وانه اعتقد بأن هناك دليل اثبات على ان الدكتاتور كان يراكم اسلحة دمار شامل ولذلك دعم غزو العراق‚ وعلى هذه الاسس لم يكن باول يفتقر الى الذكاء ولم يعط شرعية للسياسات التي عارضها‚ \r\n \r\n ولكن باول قدم بالفعل تحذيرات وتحفظات‚ فالنظرية التي اقترنت باسمه طويلا تقول ان اي تدخل عسكري يجب ان تكون له مهمة محددة جيدا وتستعمل القوة الكافية التي تستطيع ان تنجزها دون خسائر وبنجاح ويشتمل على استراتيجية واضحة للخروج‚ وكان باول يطالب قبل الغزو بمزيد من الوقت لتشكيل تحالف اوسع من الحلفاء وبمزيد من التخطيط المكثف للامن والاحتلال في مرحلة ما بعد الحرب‚ \r\n \r\n بدرجات متباينة خسر باول امام المدنيين في البنتاغون في جميع وكل واحدة من هذه النقاط وفي كل حالة تقريبا تبين انه اكثر حكمة وتنبؤا من الآخرين فالدرس الذي ينبغي ان نتذكره عنه ليس لكونه فشل في الانتصار وانما كان يجب ان ينتصر‚ \r\n \r\n دخل باول مكتبه كوزير للخارجية كرجل يحظى بأقصى الاحترام في اميركا وكجندي بطل ورجل دولة حكيم ولكن فترة ولايته كوزير كانت تشوهت بالعواقب غير المرئية لنجاحه البيروقراطي الرئيسي الوحيد باقناعه للرئيس الذهاب الى الاممالمتحدة للحصول على قرار دعم منها حول العراق‚ \r\n \r\n كانت جائزة باول تلك الصورة التي بهتت مأثرته عندما كان يجلس مع جورج تينيت مدير وكالة المخابرات المركزية امام مجلس الامن الدولي ويقدمان دليل الاثبات المخابراتي على ان العراق كان منهمكا في تطوير اسلحة دمار شامل وكان العرض مقنعا باستثناء الادراك الذي جاء متأخرا‚ \r\n \r\n كان خط التقسيم داخل مؤسسة السياسة الخارجية قد ترسخ منذ وقت طويل بين المثاليين مثل المحافظين الجدد الذين يأملون بأن اميركا تستطيع ان تساعد على دمقرطة الشرق الاوسط والواقعيين الذين يؤمنون بالمصالح الاميركية الاستراتيجية بقليل من الحذر والتركيز‚ \r\n \r\n ومن الواقعيين البارزين برينت سكوكروفت احد معلمي باول وعريف السياسة الخارجية الناجحة جدا في ادارة الرئيس بوش الاول والذي يطلق على السياسة الخارجية عملية صراع بين التطويريين والتقليديين‚ وكل سياسة منهما تعتبر جزءا ضروريا لسياسة خارجية مستديمة‚ فمنذ نظرية مونرو حتى خطة مارشال كانت الدبلوماسية الاميركية في افضل حالاتها عندما تم الجمع بين السياستين معا‚ \r\n \r\n خلال السنوات الاربعين من خدمته الوطنية كان باول مثالا لهاتين السياستين وبتوازن يجب ان يتم خلقه بينهما‚ واما دوره في ادارة بوش فكان مجرد الضغط قليلا من اجل اضافة القليل من الواقعية وزيادة قليلة من الحرص والتخطيط والتواضع في تنفيذ الحرب على العراق لكي يكون جزءا من التوازن الحالي‚ وقد كان دورا يستحق القيام به وما كان ينبغي التخلي عنه والاختفاء معه‚ \r\n