فمما لا شكّ فيه, ان القضية الفلسطينية والحرب الاستباقية على العراق, قد ابرزتا المشاعر المعادية للغرب عند المسلمين, من المغرب حتى اندونيسيا. غير ان سلوك الزعماء المسلمين من جهة, وفشلهم في معالجة الركود في مجتمعاتهم, من جهة ثانية, قد اشعلت كذلك التوترات القائمة بين الاسلام والغرب. وستواصل العلاقات بين المسلمين والغرب تفاقمها, الى ان تتم ايضا معالجة الازمة الداخلية في العالم الاسلامي. \r\n \r\n فبعد 11 ايلول, تحول الجنرال مشّرف من دعم »طالبان« افغانستان الى الحرب على الارهاب تحت قيادة الولاياتالمتحدة, ومذ ذاك, وهو يتلقى رزمة كبيرة من المساعدات العسكرية والاقتصادية من الولاياتالمتحدة ويتحدث بفصاحة عن الحاجة الى »اعتدال متنّور«. \r\n \r\n وحسب استطلاع للرأي, اجراه مركز ييو للبحوث في واشنطن كجزء من دراسته للاتجاهات العالمية, فان 76 بالمئة من الباكستانيين يحملون وجهة نظر مؤيدة للجنرال مشّرف, بينما يؤيد 65 بالمئة منهم اسامة بن لادن. ويذكر هنا ان ابن لادن يحظى بنسب اكبر من التأييد في بلدان اسلامية اخرى ذات حكام »معتدلين«. \r\n \r\n ومن الواضح تماما ان بعض المسلمين قد يقبلون مشرفا, الذي تعتبره الولاياتالمتحدة شخصية رئيسية في ملاحقة ابن لادن, بينما تطيب لهم مطاردته في الوقت ذاته. اما التناقض في بعض اجزاء العالم الاسلامي حول حالة الارتباك العامة فيها, فتتحدث عنها المجلدات, بما فيها الباكستان. \r\n \r\n وبدلا من التحليل الواقعي, الذي لا يمكن له ان يزدهر الا في مجتمع حرّ, فقد ترّبى المسلمون بشكل عام, على الدعاية, التي ترعاها الدولة في الغالب وعادة ما تركزّ هذه الدعاية على اذلال المسلمين من قبل الآخرين بدلا من الاعتراف بالخلل القائم في المجتماعت والزعماء المسلمين. \r\n \r\n ان التركيز على الاعداء الخارجيين يجعل المسلمين يعجبون بالسلطة والقوة بدلا من الافكار, فالمحاربون, وليس الباحثون او المخترعون, هم ابطال عامة الناس. فهذا التبسيط في »نحن« مقابل »هم« في جميع انحاء العلم, يصير كل من مشّرف وابن لادن محاربين ضد الاعداء الخارجيين, وهكذا فان دق نواقيس الخطر حول الستار الحديدي بين الغرب والعالم الاسلامي, دون الاعتراف بأخطاء المجتمعات والزعماء المسلمين انما يبقي على التمحور, وعلى تدفق المساعدات الغربية للحكام المتصدّعين. \r\n \r\n ومما له مغزاه ان عبادة شخصية المحارب قد حددت وجهة نظر المسلمين عن العالم طوال فترة التراجع الاسلامي. فقليلة هي انتصارات المسلمين خلال القرنين الماضيين, غير ان اعجابهم بالسيف والرمح الشهيرين تضاعف. \r\n \r\n والكتب الدراسية في البلدان الاسلامية تتحدث عن انتصارات الممقاتلين المسلمين من عهد بعيد. والخطباء لا زالوا يدعون الى ايام المجاهدين الاخيرة, واستعادة عظمة الاسلام المفقودة. والعديد من اسماء الشوارع في العالم العربي تحمل اسماء قادة عسكريين مسلمين اكثر من اسماء اهل العلم. بل حتى الديكتاتوريون بلباس مدني في العالم الاسلامي يفضلون تصويرهم بالزي العسكري.. وصدام حسين احد هذه الامثلة. \r\n \r\n وفي فترة ما بعد الكولونيالية (الاستعمار), افاد القادة العسكريون في العالم الاسلامي من الانبهار الشعبي بالقوة العسكرية باستمرار. وتبين عبادة الشخصية الاسلامية للمحارب الرد الصامت نسبيا في العالم الاسلامي, على الجرائم التي يرتكبها الاخوة المسلمون. \r\n \r\n وبينما يشجع انغماس العالم الاسلامي في القوة العسكرية محاولات »استعادة« الشرف الاسلامي عن طريق العنف, فان اسباب اذلال المسلمين وتخلفهم آخذة في التضاعف والمراكمة. ففي عام 2000 بلغ معدل دخل الفرد, حسب احصاءات البنك الدولي, 27.450 دولارا في البلدان المتقدمة, مع دخله في الولاياتالمتحدة و 34260 دولارا في المعدل العام و 19.320 دولارا في اسرائيل. \r\n \r\n اما في العالم الاسلامي, فان معدل الدخل 3.700 دولار, وبلغ معدل دخل الفرد 2.060 دولارا في الباكستان في عام .2003 وباستثناء البلدان المصدرة للنفط, فما من بلد اسلامي في العالم, بلغ فيه معدل دخل الفرد اعلى من المعدل العالمي الذي يساوي 7.350 دولارا. \r\n \r\n واما الكرامة الوطنية في العالم الاسلامي, فليست ناجمة من الانتاجية الاقتصادية او الابداعات التكنولوجية, او المخرجات الثقافية, بل من خطاب »تدمير العدو«, و»تحصين الدولة«. فمثل هذا الخطاب يمهد الساحة لصراع الحضارات, مثلما هي السياسات الغربية المعينة. \r\n \r\n ويا للسخرية! فلطالما اصرت الحكومات الغربية على محاولة التعامل مع مظاهر عبادة شخصية المحارب - الارهاب - بتنصيب رجال مسلمين اقوياء, الذين لا يمثلون الا مظهر آخر للظاهرة ذاتها.0 \r\n \r\n عن صحيفة انترناشيونال هيرالد تريبيون