للأسف اثبت الجسر في ارنهم انه بعيد جدا‚ فبعد عشرة أيام من القتال الضاري اضطر البريطانيون إلى اخلاء المنطقة بالكامل‚ \r\n \r\n نفس الشيء يمكن ان يقال عن العراق‚ فلو ان الأمور سارت كما هو مخطط لها‚ لبلغ عدد القوات الأميركية الموجودة الآن في العراق في حدود 30 ألف جندي أو ربما اقل ولربما أيضا كان العراق ينعم بالسلام والديمقراطية‚ بدل ذلك يوجد في العراق 140 الف جندي اميركي بالاضافة الى 34 الف جندي آخر يشكلون قوات دعم توجد في الكويت‚ والمحافظة على هذا الوجود الكثيف للقوات من أجل توفير الأمن وقمع المقاومة قد تثبت انه «جسر بعيد» بالنسبة للقوات الأميركية‚ \r\n \r\n كيف يمكن لأكبر قوة عسكرية في العالم 9‚1 مليون عسكري منهم 500 الف جندي مقاتل ان تنشر بهذه الرقة والسطحية في العراق؟ \r\n \r\n ان الاجابة عن هذا السؤال تتألف من شعبتين‚ الأولى ان هناك مشكلة في معدل استبدال القوات‚ فالقوات الموجودة في العراق وفي اماكن اخرى يجب ان تستبدل بقوات جديدة‚ فاجبار الجنود على الوجود لفترة طويلة او متكررة بعيدا عن الوطن يحمل في طياته مخاطر ان يقرر الجنود ان امتهان العسكرية أمر شاق عليهم وعلى أسرهم مما سيؤدي الى حدوث عملية خروج كبرى من القوات المسلحة‚ \r\n \r\n بالنسبة للقوات العسكرية المتطوعة والمحترفة فإن معدل الاستبدال يتراوح ما بين 3:1 و5:1‚ إن معدل الاستبدال 3:1 يعني انه مقابل كل وحدة تنشر تكون هناك وحدتان غير منتشرتين للمحافظة على معدل الاستبدال‚ بكلمة أخرى يجب نشر وحدة عسكرية واحدة من أصل ثلاث وحدات‚ وهذا يعني ان ثلث القوات يتم نشرها لأداء مهمات في الوقت الذي يبقى فيه ثلثا القوات في الوطن بين اسرهم‚ \r\n \r\n فمن اجل الاحتفاظ ب 174 الف جندي في العراق والكويت يجب ان يكون حجم القوات الاجمالي هو 522 الف جندي هذا إذا ما اخذنا معدل استبدال 3:1 و870 الف جندي بمعدل استبدال 5:1‚ وكلا الرقمين يفوقان ما هو موجود من قوات فاعلة في الجيش الأميركي‚ \r\n \r\n من أجل محاولة الابقاء على معدل استبدال 1:3 توجب على البنتاغون الاعتماد بصورة كبيرة على الاحتياط وعلى قوات الحرس الوطني‚ \r\n \r\n والنتيجة ان 40% من القوات الأميركية في العراق تتألف من قوات الاحتياط وقوات الحرس الوطني مما يعني وجود حشد اجمالي من الحرس الوطني والاحتياط قدره 140 الف جندي مما خلق مشكلة للاحتياط والحرس الوطني فهؤلاء هم جنود بخدمة جزئية ومعدل الاستبدال المناسب لهم يتراوح ما بين 7:1 و9:1‚ هذا يتطلب لهذه الفئة من الجنود قوة اجمالية قدرها 980 الفا الى 3‚1 مليون جندي مواطن وهو ضعف عدد قوات الاحتياط والحرس الوطني الموجود حاليا‚ \r\n \r\n وإذا لم يكن بالإمكان المحافظة على معدل استبدال مقبول فإن الطريقة الأخرى للابقاء على انتشار الجنود تتمثل بتقصير معدل الاستبدال وهذا ما لجأ البنتاغون الى فعله في الصيف الماضي حيث لجأ الى تمديد فترة الخدمة للجنود الذين انتهت فترة خدمتهم لأشهر عديدة‚ \r\n \r\n الجزء الثاني من المشكلة هو استمرار الولاياتالمتحدة في المحافظة على التزاماتها العسكرية حول العالم‚ \r\n \r\n فبعيدا عن العراق هناك 250 الف عسكري أميركي منتشرون فيما وراء البحار منهم 100 الف جندي من الجيش‚ \r\n \r\n هذه الالتزامات كانت تتضمن الدفاع عن أوروبا ضد التهديد السوفياتي وهو تهديد لم يعد له وجود‚ بالاضافة الى وجود آخر في البلقان وفي كوريا الجنوبية واليابان‚ وهاتان الأخيرتان دولتان غنيتان لهما اقتصاد قوي يفوق كثيرا ما لدى كوريا الشمالية‚ \r\n \r\n القوات المنشورة في هذه المناطق من العالم ليس بالامكان نشرها في العراق وهذا يجعل الخيارات الأميركية في العراق محدودة اضافة الى ان ارسال المزيد من القوات الأجنبية هو مجرد احلام وتمنيات لا غير‚ وتدريب القوات العراقية سيستغرق بعض الوقت مما يعني استمرار الولاياتالمتحدة في تحمل العبء العراقي وحدها الى حد بعيد‚ \r\n \r\n وربما تطرأ اوضاع جديدة تجعل من القوة الحالية قوة غير كافية‚ وقد حذر قائد الأركان السابق الجنرال اريك شنسكي من «ان الحاجة قد تستدعي نشر مئات الألوف من الجنود للسيطرة على العراق»‚ وقد جلبت تصريحات شنسكي الكثير من الانتقادات الحادة له من قبل القيادة المدنية في البنتاغون ولكن اثبتت الأيام صحة ملاحظاته‚ \r\n \r\n ويقر الجنرال جون ابي زيد قائد القيادة المركزية الأميركية اليوم باننا سوف نحتاج لمزيد من القوات أكثر مما نمتلكه حاليا لتأمين عملية الانتخابات في العراق‚ \r\n \r\n ويأمل ابي زيد في ان تكون تلك القوات عراقية او دولية وان كان لم يستبعد ارسال المزيد من القوات الأميركية‚ \r\n \r\n هناك حقيقة مؤكدة وهي ان القوة الأميركية الحالية عجزت عن انهاء المقاومة العراقية‚ ومن الناحية التاريخية وحسب الخبرة البريطانية فإن معدل القوات المطلوبة لفرض الاستقرار والأمن هو 20 جنديا لكل ألف نسمة والعراق لديه من السكان 25 مليون نسمة وهذا يتطلب توفير 500 ألف جندي ربما لعقد أو أكثر‚ ومثل هذا سيكون بالتأكيد جسرا بعيدا‚ \r\n