\r\n النيران التي تُطلق من غزة على مستوطنات النقب الغربي جاءت قبل الاحتلال. في مايو 1967 شرعت بطاريات المدفعية التابعة لألوية الحرس الوطني الفلسطيني باطلاق القذائف على الكيبوتسات الواقعة على امتداد الخط الاخضر بمصادقة من الجيش المصري الذي كان يسيطر على القطاع في حينه. \r\n \r\n حكومة اسرائيل خفضت من صدى ذلك ولم تعتبر العملية ذريعة لاحتلال القطاع. خطة الحرب التي وضعها وزير الدفاع، موشيه ديان، لهيئة اركانه كلفت فرقة الفولاذ، بقيادة اللواء يسرائيل طال، اقتحام مقدمة سيناء عبر خانيونس ورفح وتخفيف الضغط على غزة. ولكن في وقت لاحق بعد ذلك صدرت الأوامر للمظليين والمدرعات بالسيطرة على كل غزة ايضا. \r\n \r\n الآن لا يسيطر أحد على القطاع، على الرغم من ان ياسر عرفات يؤثر عليه ومثله - ليس دائما في الاتجاه نفسه - قيادة حماس في الخارج. قبل شهر عملت هذه القيادة على تخفيف اطلاق الصواريخ من خلال صفقة هادئة تضمنت ضبط الجيش الاسرائيلي لنفسه وعدم اقتحامه المدمر المتكرر لبيت حانون. \r\n \r\n ولكن في الاسابيع الأخيرة انهارت الصفقة. أحد أهداف عملية الجيش الاسرائيلي الحالية المسماة «أيام الرد» هو اعادة حماس الى تلك التفاهمات. في قيادة المنطقة الجنوبية يقدرون ان احتمالية تحقق ذلك معدومة في الوقت الحالي في ظل غياب تسلسل قيادي موحد يتخذ القرارات بهذه الروحية ويفرضها بصورة انضباطية على الخلايا القاذفة. \r\n \r\n الجيش الاسرائيلي يكره خطة اخلاء غزة التي لم يُتخذ القرار بصددها نهائيا في الحكومة. ويكره الغموض الذي يلف الجدول الزمني المراوغ المحدد للخطة والتصعيد الذي تسببت به لدى الفلسطينيين. اخلاء المستوطنات من دون اتفاق مع طرف مسيطر في الجانب الآخر لن يضع حدا للقتال ولن يوفر الأمن لسدروت. هو فقط سينهي اطلاق قاذفات الراجمات من خانيونس نحو نفيه دكاليم. \r\n \r\n استعدادا لعملية الاخلاء سيتأهب جيش الدفاع للقتال وهو داخل الى القطاع وسيحتل مساحات كبيرة حول المستوطنات. الجيش الاسرائيلي سينتزع من هذه المناطق المستوطنين ويقاتل إبان انسحابه منها فقط من اجل العودة الى احتلال القطاع بعد اطلاق النار المقبل من الغرب الى الشرق. \r\n \r\n الفلسطينيان اللذان اجتازا جدار نيسانيت مؤخرا، والتي تقع الى جانب الخط الاخضر، كانا قادرين بسهولة على الوصول ايضا الى أية نقطة في وسط اسرائيل. كانت بحوزتهما أحزمة ناسفة وملابس للجيش الاسرائيلي. الاثنان مرا سيرا على الأقدام من أمام موقع الشرطي والجندي الموجود بين نيسانيت وايرز، وواصلا طريقهما جنوبا حتى مفترق ياد مردخاي. المسافة حتى تل ابيب: فقط ساعة سفر في السيارة العابرة التي يمكن ان تُقلهما، أو من خلال سيارة تكون بالانتظار. \r\n \r\n الاثنان اكتشفا وقتلا فقط لانهما اختارا لانفسهما أهدافا محلية: مواطنة وجندي هب لمساعدتها. والوضع الثابت في غزة هو عكس الوضع السائد في الضفة الغربية بدرجة كبيرة. في غزة يوجد جدار ولا توجد عمليات تسلل للانتحاريين تقريبا، هناك اطلاق للصواريخ ولا يوجد وجود عسكري اسرائيلي في المدن تقريبا. \r\n \r\n في الضفة لا يوجد جدار بما يكفي ولكن هناك عمليات تسلل كثيرة يتم احباطها بالعوائق الجدارية والعمليات الاستخبارية والميدانية، كما انه لا يوجد اطلاق نار تقريبا على المستوطنات الاسرائيلية منذ ان أُقنعت بيت جالا بالكف عن توجيه الضربات الى جيلو، كما ان هناك وجودا اسرائيليا عسكريا دائما في المدن. \r\n \r\n سب حسابات الجيش الاسرائيلي، هناك استنتاج بسيط: تحويل الوضع في الضفة الى مثيله في غزة في مجال عمليات التسلل يتطلب استكمال الجدار، وبالعكس، يستوجب الوضع في غزة طبعة جديدة غزية من عملية «السور الواقي» لتترك من ورائها قوات قادرة على الاجتياح والاعتقال في داخل المناطق المأهولة المكتظة. \r\n \r\n هالصعوبة التي تبرز من هذه العملية الحسابية ليست فقط ثمن العملية، ذلك لان مس الجنود بالفلسطينيين والتدمير الحي أمام عدسات الكاميرا، وجر المسألة الى الاممالمتحدة ولاهاي، هو المسألة الأساسية بالاضافة الى حاجة قيادة المنطقة الوسطى للمزيد من القوى. مثل هذا الثمن يمكن ان يكون قابلا للتحمل في نظر الحكومة أكثر من ردود سكان سدروت الذين سيملون قادتهم في نهاية المطاف ويتوجهون لشن عمليات قذف ذاتية على بيت حانون. \r\n \r\n المشكلة الجوهرية هي التناقض بين اتجاه العمل العسكري وبين اتجاه الخطة السياسية. شارون أمل ان يكون اخلاء غزة نهاية موسم الاخلاء لعدة سنوات مقبلة، ولكن التصعيد سيحفز التدخل الدولي من اجل التوصل الى وقف اطلاق نار قائم على التفاهم. \r\n \r\n الأطراف الخارجية التي ستجلب الهدوء الى سدروت ستقول ان الاخلاء سيكون سابقة مهمة، ولكن ليست ناجحة تماما، ولذلك يتوجب التعامل معه كسابقة واخلاء الضفة بالاتفاق. شارون يُحب إبراز نفسه كقائد عسكري جريء وأصيل. الخطة أحادية الجانب لاخلاء غزة هي كما يزعمون اجتياز للقناة في الاتجاه المعاكس. \r\n \r\n ولكن فرقة شارون لم تكن لتعبر القناة لو كان قائدها قد صرح بنواياه قبل ذلك بسنة وسمح للطرف الآخر «ولأطراف جانبية اخرى» بالاستعداد وضرب المواطنين والقوات العسكرية. التصعيد في غزة في الايام الأخيرة حوّل شارون الى عسكري يكرر نفسه. \r\n \r\n \r\n