سان فرانسيسكو 1984: وكانت تلك هي المرة الأولى التي يشارك فيها الأميركيون العرب بصفتهم جالية منظمة في الحملة السياسية لذلك العام. وكان داعية الحقوق المدنية البارز \"جيسي جاكسون\"، قد دعانا إلى ما أسماه ب\"قوس قزح\"، كناية عن التنوع والتباين الذي ميز تلك المناسبة. قبل عام 1984 كان هناك مندوبون سوريون ولبنانيون وغيرهم في مثل تلك الاجتماعات، غير أنه لم يجر تمثيل العرب الأميركيين بتلك الصفة مطلقاً، قبل ذلك التاريخ. وبالإضافة إلى سعي \"جاكسون\" لكسب تأييد الجالية العربية، كان قد طلب مني أن أكون نائباً لمدير حملته. وبالفعل استجاب أفراد الجالية، فساهموا في جمع التبرعات، وعملوا كمتطوعين، علاوة على الإدلاء بأصواتهم الانتخابية. ولما كانت التجربة لم تزلْ جديدة بالنسبة لنا، فإن عدد مندوبي الجالية في ذلك الاجتماع لم يزد على أربعة مندوبين. \r\n \r\n أتلانتا 1988: وجاء هذا الاجتماع عقب أربع سنوات من التعبئة السياسية التي خاضتها الجالية، فكان من نتائجها أن مُثلت الجالية بأكثر من خمسين مندوباً، باعتبارهم أعضاء في لجنة الاجتماع القومي الديمقراطي. وخلال الجولة الأولى من الانتخابات، أثبتنا أننا قاعدة انتخابية لا يستهان بها. وبفضل أصواتنا، حقق \"جيسي جاكسون\" نصراً، حفز حملته إلى الأمام. ولم يقف الأمر عند ذلك الحد، بل تعداه إلى نجاحنا في إصدار توصية في عشر من الولايات الأميركية، بأن ترتفع الدعوة للحقوق الفلسطينية. وقد تم ذلك بفضل مؤازرة \"جيسي جاكسون\"، وعملنا المشترك مع التيارات التقدمية من اليهود الأميركيين. وفي الاجتماع نفسه، نجحنا في الدعوة إلى أن يكون هناك منبر للأقلية داخل الحزب، وكسبنا الدعوة لحق \"الاعتراف المتبادل\" بين طرفي النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، بحيث يتم الاعتراف بحق تقرير المصير للفلسطينيين، وضمان أمن إسرائيل في ذات الوقت. \r\n \r\n نيويورك 1992: وكنا ممثلين في الاجتماع القومي الذي عقد في نيويورك بحوالي أربعين مندوباً، وعضواً من أعضاء اللجنة القومية. ولولا النصيحة التي أسداها لي \"جيسي جاكسون\"، لما تمكنا من الدخول والمشاركة في حملة الرئيس السابق \"بيل كلينتون\" مطلقا. فقد كان هناك في صفوف الحزب، من يحرص على عدم مشاركتنا في تلك الحملة. ولكن كان من رأي \"جاكسون\" وحكمته السديدة، أن الخطر الذي يمثله الواحد منا على خصومه، ليس في أن يغضب وينصرف، تاركا الساحة للآخرين، ولكن في أن يصمد ويقاتل. وبالفعل فقد انفتحت أمامنا أبواب الحملة الانتخابية الرئاسية، بفضل مساعدة كل من \"رون براون\" رئيس الحزب، والسيناتور \"جوزيف ليبرمان\"، فبنينا عبر ذلك، علاقات جيدة وبناءة مع حملة \"كلينتون\" الانتخابية. وفي العام نفسه، تمكنا من إصدار قرار يدعو للتمثيل الكامل للجالية، على كافة المستويات داخل الحزب. \r\n \r\n شيكاغو 1996: وفي هذا الاجتماع أيضا، تم تمثيل الجالية بما يزيد على الأربعين مندوباً وعضواً، بينما أعلن الاعتراف بمجلس القيادة الديمقراطية للعرب الأميركيين، رسميا على كافة مستويات الحزب، وأصبحنا أعضاء مؤسسين للمجلس الديمقراطي الخاص بالمجموعات العرقية. كما كان أكبر إنجاز حققناه في ذلك العام، قيادة حملة لرفض مشروع قرار أميركي، بالاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لدولة إسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إليها. وقد تمكنا من إحباط مشروع ذلك القرار، بفضل مساندة الآخرين، والجهود التي بذلناها مع \"ساندي بيرجر\"، الذي كان وقتها مستشاراً للأمن القومي. \r\n \r\n لوس أنجلوس 2000: وبحلول موعد انعقاد هذا الاجتماع، كانت قد ترسخت أقدام العرب الأميركيين داخل صفوف الحزب الديمقراطي وهيئاته. وفي هذه المرة أيضا، مثلت الجالية بما يزيد على الأربعين مندوبا وعضوا. وكانت بدايات الحملة الانتخابية على أشدها، والحوار الانتخابي محتدما في صفوف الجالية، وبين أعضائها. غير أن كل ذلك كان مثمراً ومفيداً، لكونها المرة الأولى، التي يسعى فيها كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري، لكسب دعم الجالية وتأييدها. نتيجة لذلك فقد التقى كل من نائب الرئيس \"آل جور\"، وحاكم الولاية \"بوش\"، بأفراد الجالية، وطلبوا منهم الدعم الانتخابي. وكان \"آل جور\" أول نائب لرئيس البلاد، يطلب العون مباشرة من الجالية. \r\n \r\n بوسطن 2004: وكان تمثيلنا في هذا الاجتماع، قد شارف على بلوغ الخمسين مندوبا وعضوا. لذلك فهو يعد التمثيل الأكبر والأكثر تنوعاً، منذ اجتماع 1988. وإلى جانب مستوى الحضور في هذا الاجتماع- أكثر من خمسين من أعضاء الكونجرس، وكبار المسؤولين في حملة \"كيري\" الانتخابية على امتداد البلاد- فقد رفعنا قضايا \"الحريات المدنية والمسؤولية الدولية\". فلقيت أصداء وتجاوبا معتبرا معها. \r\n \r\n صحيح أنه لا يزال هناك الكثير مما يجب فعله، غير أن الجهود التي بذلناها خلال العقدين الماضيين، تؤكد أن التقدم الذي أحرزناه كان حقيقياً وجاداً. وها هو جيل جديد من العرب الأميركيين الشباب، يتأهب لتولي مسؤوليته ودوره في العملية السياسية في البلاد، وإحداث التغيير المأمول فيها.