هذا وسوف تعقد الانتخابات الإيرانية المقبلة في شهر يونيو من العام المقبل 2005. وخلال المدة المؤدية إلى ذلك التاريخ، سترتفع الأصوات المطالبة بإجراء تعديلات على الدستور الحالي للبلاد. الهدف الرئيسي للتعديلات الدستورية المطلوبة، هو السعي لخفض الصلاحيات والسلطات التي يتمتع بها القائد الأعلى، الذي يحكم بموجب نصوص الدستور الحالي وفقا لمبدأ ولاية الفقيه، الذي يستمد سلطاته ونفوذه وتعاليمه من الله، وليس من الشعب أو أي مصدر آخر لسلطات دنيوية. لذا فإن تعديل الدستور يستهدف الحد من السلطات السياسية الواسعة التي يتمتع بها رجال الدين المحافظون هناك. ولما كان المحافظون على وعي بهذه الحقيقة، فإنه ليس من المرجح أن يفسحوا المجال لإجراء استفتاء شعبي عام، باعتباره الوسيلة المفضية إلى تلك التعديلات. \r\n \r\n ولكن فيما لو أدير حوار عام ومفتوح حقا حول هذا الاستفتاء، فإنه سوف يضع المحافظين في خانة الدفاع بدلا من الهجوم. ومما لا شك فيه أن الكابوس الذي يقض مضاجع المحافظين الإيرانيين، هو أن تأتي حكومة أغلبية شيعية في العراق، تقر مبدأ الفصل بين المسجد وجهاز الدولة. فتلك هي رؤية آية الله العظمى علي السيستاني، الشخصية الدينية الأكثر احتراما في العراق. والمعروف أن للسيستاني أتباعا كثرا في أوساط الإصلاحيين الإيرانيين. أما المشكلة الثانية التي تؤرق المحافظين، فتتمثل في الضغوط المتزايدة التي يمارسها الأوروبيون على طهران، فيما يتصل ببرامجها وأنشطتها النووية. \r\n \r\n وكانت الولاياتالمتحدة قد توخت الحكمة، بتركها للأوروبيين مهمة التصدي لطهران عبر اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقد تركزت تلك الضغوط في مطالبة طهران بالكشف عن كافة برامجها وأنشطتها النووية، ووقف برنامج إعادة تدويرها للوقود النووي. وفي شهر يونيو المقبل، سوف تعقد اجتماعات حاسمة لمناقشة الوضع النووي في إيران. وعلى رغم أنه ليس متوقعا لتلك الاجتماعات أن تصل إلى وضع حد قريب للأزمة الراهنة، إلا أن المعروف عن فرنسا على وجه التحديد، أنها الدولة الأوروبية الأكثر تشددا، فيما يتصل بعدم إذعان إيران، وتلبيتها لمطالب الشفافية النووية، والكشف عن كافة برامجها وأنشطتها في هذا المجال. بل إن الاتحاد الأوروبي نفسه، جمَّد مفاوضات تهدف لإبرام اتفاقيات تجارة وتعاون مشتركين مع طهران، للسبب عينه، إضافة إلى القضايا ذات الصلة ببرامج أسلحة الدمار الشامل الأخرى، والإرهاب والنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، علاوة على قضايا حقوق الإنسان في إيران نفسها. \r\n \r\n وبسبب انشغال الولاياتالمتحدة الأميركية بتطورات الأوضاع والتعقيدات الجارية في العراق، ولعلمها في الوقت ذاته، أن لإيران القدرة على التسبب في مشكلة أخرى، وتعقيدات إضافية، فقد لجأت واشنطن إلى التعاون مع حلفائها الأوروبيين والوكالة الدولية للطاقة الذرية، فيما يتصل بالأزمة النووية الإيرانية. ولكل هذه الأسباب، فقد أضحى صعبا جدا على طهران أن تلجأ إلى استخدام تكتيكاتها التقليدية المعروفة، المتمثلة في دق إسفين بين واشنطن وأوروبا، فيما يتعلق بالسياسات الأطلسية إزاء إيران. وفي حال عدم امتثال طهران لمطالب الشفافية النووية، فإنه ليس مستبعدا أن يلجأ مجلس محافظي الوكالة الدولية إلى إحالة الأمر لمجلس الأمن الدولي كي يقرر بشأنه. \r\n \r\n وينقسم الرأي العام الإيراني حول هذه الأزمة بين مؤيد ومعارض لسعي طهران إلى تطوير التكنولوجيا النووية. غير أن المؤكد أنه لن يتكرر هنا ما حدث في ليبيا مثلا، حيث أقدم العقيد معمر القذافي، على تسليم بنيته التكنولوجية النووية بالكامل، إلى كل من بريطانيا والوكالة الدولية للطاقة الذرية وأميركا. ومن المؤكد في الوقت ذاته، إدراك إيران ووعيها لمدى حجم الضرر الذي يمكن أن يصيبها على المستوى العالمي، فيما لو لم تذعن للمطالب المثارة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ولهذه الأخيرة وحدها، القدرة على الحيلولة دون تطوير القنبلة النووية الإيرانية. \r\n \r\n \r\n