ولكنه غادر إسرائيل إلى الابد قبل أيام قليلة عائدا إلى موسكو وهو في الحادية والاربعين من عمره‚ ليبحث عن عمل هناك‚ وقد سار بذلك على خطى آلاف آخرين من الذين غادروا ما يعرف باسم «وطن الشعب اليهودي» نظرا لما تجرعوه من مرارة الانهيار الاقتصادي ونار العنف الذي لا نهاية له‚ ميممين شطر بلادهم الاصلية التي ولدوا فيها‚ أو صوب بلاد جديدة بحثا عن فرص حياة افضل‚ وقال كاريف: «فجأة أصبحت إسرائيل تضيق على سكانها بدرجة كبيرة‚ فحيثما توجهت تجد المزيد والمزيد من الاشخاص ممن يفكرون على غرار ما افكر به‚ فلقد امضوا في إسرائيل عشر سنوات‚ ولكنهم وجدوا أنهم يراوحون أماكنهم دون تحقيق تقدم‚ فهم لا يرون لهم مستقبلا افضل فيها أو امكانية تحقيق اهدافهم‚ ان هجرة الموهوبين من دولة مثل إسرائيل يعتبر نذير شؤم مدمرا‚ ومما زاد الطين بلة التراجع الحاد في عدد القادمين الجدد إلى إسرائيل‚ \r\n \r\n وكان ارييل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي قد وعد بجلب مليون يهودي اضافي إلى إسرائيل التي يبلغ عدد سكانها حاليا 6‚6 مليون نسمة‚ وذلك خلال العقد القادم‚ ولكن عدد المهاجرين إلى إسرائيل انحسر في العام الماضي ليصل إلى 200‚23 وهو اقل عدد من المهاجرين اليهود خلال عام واحد منذ عام 1990‚ \r\n \r\n وأدى انهيار الاتحاد السوفياتي ورفع القيود عن هجرة اليهود السوفيات إلى زيادة عدد سكان إسرائيل‚ حيث تدفق إليها عامي 1990 و 1991 (376000) مهاجر من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق‚ وبلغ عدد من استقر بهم المقام في إسرائيل من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة منذ 1989 وحتى 2003 نحو 973000 من اليهود السوفيات‚ وها هم الآن يعودون ادراجهم‚ ووفقا للارقام والاحصاءات الرسمية الإسرائيلية‚ فان 72000 من هؤلاء قد غادروا إسرائيل ومعظمهم توجه إلى كندا وأميركا وأوروبا‚ وتقدر وزارة الهجرة الإسرائيلية عدد من غادروا إسرائيل عام 2002 من اليهود السوفيات بنحو 13200 شخص‚ الا انه من الصعب الحصول على الارقام الدقيقة نظرا لان عددا قليلا من هؤلاء اليهود يعلن عن مغادرة إسرائيل إلى الأبد‚ واذا ما عادوا إلى إسرائيل خلال عام من مغادرتهم‚ فلن يحتسبوا بين اعداد المغادرين نهائيا حتى وان عاشوا في المهجر‚ ولكن التقديرات غير الرسمية تقدر عدد المغادرين لإسرائيل نهائيا الذين غادروها إلى موسكو فقط ما بين 000‚50 000‚90 يهودي وكشفت دراسة اجراها معهد موثاغيم في تل ابيب عن ان 26% من اليهود السوفيات يفكرون في مغادرة إسرائيل‚ مقابل 6% فقط قبل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في شهر سبتمبر 2000‚ ونظرا للاحباط وخيبة الأمل في اوساط المهاجرين المستثمرين من ذوي الطموحات الكبيرة‚ فقد قرروا العودة إلى روسيا‚ ومن هؤلاء اناتون توسيك 38 عاما الذي وجد ان السوق الإسرائيلية المحلية‚ وبعد ان قضى سبع سنوات في إسرائيل أصغر من ان تلبي طموحات شركة الانترنت الإخبارية التي يديرها‚ فقفل راجعا نظرا لحالة السوق والتجارة التي تحول دون وصول قادمين جدد الأمر الذي تسبب في كساد عمله‚ وقال نوسيك: «لقد وصل كل منا إلى مداه الأقصى وسقفه الأعلى الذي لا يمكنه ان يتخطاه» ويدير نوسيك الآن أكبر خدمة للانترنت في روسيا ومقرها موسكو‚ واستطرد قائلا: «ان وضعك في إسرائيل مرتبط بالجماعة التي تنتمي إليها‚ حيث يسود طابع المحسوبية‚ كما هي الحال في البلدان الصغيرة‚ ورغم ان إسرائيل قد اسست على اكتاف المهاجرين الا ان بنيانها يكتنفه طابع غريب حيث توضع العقبات أمام القادمين من الخارج»‚ ويقول الحاخام ابراهام بركويتس والمدير التنفيذي لرابطة الجاليات اليهودية في روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة‚ ان العديد من العائدين ما زالوا يحتفظون بتقاليدهم وعاداتهم اليهودية‚ وينوون العودة إلى إسرائيل ولكن هجرة هؤلاء تشكل وجها آخر للمشكلة السكانية التي تواجهها إسرائيل والمعروفة بالقنبلة الديمغرافية‚ فهناك 2‚5 مليون يهودي في إسرائيل مقارنة مع 000‚800 عربي و 5‚3 مليون فلسطيني في المناطق المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة‚ نظرا لان نسبة المواليد بين الفلسطينيين تعادل ثلاثة أضعاف مثيلتها بين اليهود الإسرائيليين‚ فان الهجرة تعتبر على قدر كبير من الأهمية بالنسبة لإسرائيل شأنها شأن المغادرين لها‚ \r\n \r\n تايمز \r\n