\r\n ذلك أنه ليس لهذا الرئيس من برامج اقتصادية أو إنجازات تدفعه للتبجح بها أصلا. زد على ذلك أن سياساته الاجتماعية مثيرة للجدل والخلاف. وحتى دون أن ينبري له خصومه من طراز آل جور، فإن تهور الرئيس، أضحى مثيرا لضيق وتبرم الكثير جدا من الناخبين. \r\n \r\n لكن ومنذ الحادي عشر من سبتمبر فقد أصبح بوش قائدا في مجال السياسات الخارجية. وربما تكون ممن يحسبون أن نتائج تلك السياسات كانت كارثية وغير ذات طائل. غير أن آخر جلسات السماع التي عقدت حول هذه السياسات ونتائجها، تؤكد أنه كان أفضل بكثير من سلفه بيل كلينتون، سيما خلال العامين الأخيرين من فترة إدارته. ولهذا السبب ذاته، فقد انصب الاهتمام على تسويق أحداث الحادي عشر من سبتمبر باعتبارها أداة فاعلة لقيادة حملة سياسية انتخابية معادية للرئيس بوش. بسبب ذلك، فإنه ليس في وسع المرء إلا أن يتخيل كيف يستبد الضحك بأسامة بن لادن وهو في كهفه، نتيجة للنجاح الذي أحرزه على كل من الديمقراطيين والجمهوريين، بوضعهما في مواجهة بعضهما بعضاً، تماما مثلما يحدث في مصارعات الديكة! \r\n \r\n وفيما يبدو فإن تبرير غياب السياسات المضادة للإرهاب قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر- وهو التبرير الذي تطالب به إدارة بوش حاليا- يبدو مدعاة كبيرة للسخرية والمفارقة، ومهمة في غاية التعقيد والصعوبة، بالنسبة لرئيس راديكالي مثلما هو الرئيس بوش، الذي لم يصل للبيت الأبيض إلا ليمحو مرة واحدة وإلى الأبد، تلك الآثار التي خلفتها إدارة كلينتون في التاريخ السياسي للولايات المتحدة الأميركية. وفيما قاله ريتشارد أرميتاج نائب وزير الخارجية الأميركي في هذا الصدد أمام لجنة التحقيقات القومية حول هجمات الحادي عشر من سبتمبر الأسبوع الماضي، \"إن هناك تشابها مدهشا جدا في التواصل والاستمرار ما بين سياسات كل من الرئيسين كلينتون وبوش في هذا الجانب بالذات\". \r\n \r\n وكان أرميتاج قد رمى بإجابته تلك، لإخراس كل المزاعم التي يروج لها زميله السابق ريتشارد كلارك بقوله إن فشل وخيبة إدارة بوش في الجانب الأمني والسياسات ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، يفوقان كثيرا الفشل والخيبات المنسوبة إلى إدارة سلفه كلينتون. وكان أرميتاج هو من أكد هذا الفشل بإقراره بعجز كلتا الإدارتين في انتهاج استراتيجية فاعلة وناجعة ضد أسامة بن لادن وأمثاله. المعروف عن ريتشارد كلارك أنه عمل قائدا لفرق البيت الأبيض المضادة للإرهاب في كلتا الإدارتين- بوش وكلينتون- ثم إن عليه تحديدا، تقع أكبر المسؤوليات المتعلقة بمكافحة الإرهاب وتفادي وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر. لكن وعلى رغم ذلك كله، فهو الأكثر ترويجا وتسويقا للفشل الدفاعي والأمني الذي سبق وقوع الهجمات، عبر وسائل الإعلام المختلفة، ومنها الصحف اليومية بالطبع. وإن كنت من المتشككين في هذا، فعليك أن تقرأ كتابه الصادر حديثا:\"قبلة كلارك وقصة الذكريات\". يذكر أن الجهة الناشرة للكتاب هي مجموعة شركات \"فياكوم\" وهي نفسها المالكة للشبكة التلفزيونية التي قادت حملة ترويجية قوية للكتاب الأسبوع الماضي. \r\n \r\n كان كلارك قد تعامل مع مهمة المثول أمام لجنة التحقيقات القومية حول أحداث 11 سبتمبر بالكثير من الذكاء والمكر. فقد بدأ شهادته بالاعتذار أولا لأسر ضحايا الهجمات، دون أن يترك أي مجال لتحميله أدنى مسؤولية عن القصور الأمني الدفاعي الذي سبق تلك الهجمات، على الرغم من اعترافه اللاحق في حديثه بوقوع تقصير أمني دفاعي ما. وقد اتضح كذلك أن الفشل المعني كان بسبب أشخاص ومسؤولين آخرين حسب ادعائه. ولكن ما أن حوصر أثناء التحقيقات مرارا حول الأسباب التي منعته من لفت نظر الكونجرس وغيره من المؤسسات القيادية الأميركية لما يراه من نقاط ضعف وقصور واضحة من جانب الإدارة في أدائها الأمني الدفاعي السابق للهجمات، حتى اضطر كلارك للانزلاق في وحل \"تلك مسألة سياسة كما تعلمون\"! ثم انخرط كلارك بعدها في طرح سيل من الافتراضات غير الواقعية والتمنيات لما كان يمكن أن تدرأ به الكارثة، وهو أمر لم يكن ليقدم أو يؤخر في سير مجرى التحقيقات. فماذا يفيد التحقيق مثلا قول كلارك لو أن وكالة المخابرات المركزية أخطرته- كلارك- أن أعضاء تنظيم \"القاعدة\" الذين نفذوا الهجمات كانوا بداخل الولاياتالمتحدة الأميركية، وليس خارجها. وهكذا نكون قد دخلنا في سيل من التمنيات والتنصل من المسؤولية: آه لو أن بيل كلينتون كان قد أبلغ جورج تينيت صراحة عن رغبته في أن يرى ابن لادن ميتا! وآه لو تقبل كوندوليزا رايس بأن تدلي بشهادتها علنا! وآه وآه وآه! وما بين الآه والأخرى، فقدت الإدارة ثقتها بالجمهور الأميركي، وتنصل الجميع من المسؤولية. ولم يبق لطاقمي كل من كلينتون وبوش إلا أن \"يحلا الشعب\" وينتخبا شعبا آخر غيره، بينما يجلجل كهف ابن لادن ضحكا وسخرية وشماتة! يا لغرابة دراما هذه اللحظة في التاريخ السياسي الأميركي! \r\n \r\n \r\n جيم هوجلاند \r\n \r\n كاتب- واشنطن بوست \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\"