تثير مذكرات جديدة نشرت لديك تشيني النائب السابق للرئيس الأمريكي معارك شرسة حول سياسات الأمن القومي الأمريكي بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر ونكأت جروحا قديمة بين مساعدي الرئيس السابق جورج بوش. ويروي تشيني في المذكرات تفاصيل نشأته في مروج ولاية وايومنج حيث كان يصطاد الأرانب البرية وتعلم صيد السمك قبل أن يلقي الضوء على سنواته الثمانية التي قضاها في البيت الأبيض مع إدارة بوش والتي روج فيها لرؤية أحادية للعالم أغضبت منتقديه. وتصدرت أخبار الكتاب وهو بعنوان "في عهدي" العناوين بسبب محاولات تشيني تصفية حساباته مع أعداء له مثل كولن باول وزير الخارجية الأسبق وكوندوليزا رايس وزيرة الخارجية السابقة. واتهم باول تشيني بتوجيه "ضربات مبتذلة" لزملائه السابقين. وقالت رايس في مقابلة مع رويترز يوم الأربعاء إنه لم يعجبها هجوم تشيني "على نزاهتها." وبعيدا عن هذه المناوشات يشير الكتاب أيضا إلى مدى التغير الذي طرأ على الجدل حول الأمن القومي بينما تستعد الولاياتالمتحدة لإحياء ذكرى مرور 10 سنوات على هجمات الحادي عشر من سبتمبر على وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) ومركز التجارة العالمي في نيويورك. وفوجئ الكثيرون في واشنطن بسبب دفاع تشيني المستميت في الكتاب عن السياسات التي روج لها مثل أساليب التحقيق القاسية مع المشتبه بأنهم إرهابيون والسياسة الخارجية التي تقوم على التدخل. والأمر الذي سبب مزيدا من الدهشة هو الابتعاد الملحوظ عن الرؤية التي قدمها تشيني الذي انتصر في العديد من جدليات السياسة في السنوات الاولى لبوش في الرئاسة ثم انحسر نفوذه في الفترة الرئاسية الثانية للرئيس الجمهوري. وقال ديفيد روثكوبف وهو مسؤول سابق في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون ومؤلف كتاب عن مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض "جرى التخلص من أغلب مما كان مرتبطا بتشيني وما يعرضه في الكتاب من نهج أحادي يقوم على مبدأ إما أنا أو العدم." وأصبح خوف الولاياتالمتحدة من خوض حرب جديدة بعد العراق وأفغانستان واضحا للغاية لدرجة أن الدفاع عن سياسة خارجية تقوم على القوة كان قد روج لها جون مكين المرشح الجمهوري السابق للرئاسة في عام 2008 لم يلق الكثير من التأييد في صفوف الجمهوريين الذين سيخوضون المنافسة على الرئاسة أمام أوباما في عام 2012 . وكان النواب الجمهوريون من أعلى الأصوات التي وجهت تساؤلات حول قرار أوباما التدخل في ليبيا في مارس. وأشار روثكوبف إلى أن أسلوب تدخل الولاياتالمتحدة في ليبيا وإصرار إدارة أوباما على التعددية وتولي دول أخرى القيادة يمثل تراجعا عن النهج الذي كان يفضله تشيني. وعلى الرغم من دفع تشيني باتجاه التعامل بقوة مع إيران وسوريا بل واقتراحه قصف مفاعل نووي سوري عام 2007 الا إن فكرة التدخل العسكري الأمريكي في البلدين ليست مطروحة في الحوار الوطني في الوقت الحالي. وفيما يتعلق بسياسات مكافحة الإرهاب كان قرار وقف أساليب التحقيق القاسية والتعهد بإغلاق معتقل خليج جوانتانامو العسكري الأمريكي في كوبا من أول القرارات التي اتخذها أوباما عندما تولى الرئاسة في 2009 على الرغم من أن المعتقل مازال مفتوحا حتى اليوم لان الادارة الأمريكية لم تجد بدائل قوية. وكان ألد خصوم تشيني خلال الفترة الرئاسية الأولى لبوش هما باول ونائبه ريتشارد ارميتاج. ويصف تشيني رايس في الكتاب بأنها ساذجة ويقول إنها جاءت إلى مكتبه في إحدى المرات وقد اغرورقت عيناها بالدموع وأعربت عن أسفها حول جدل بشأن السياسة. وشككت رايس في ذهابها إلى مكتب تشيني قط والدموع تملأ عينيها.