\r\n \r\n بالمقابل ساد في العالم العربي الاعتقاد ان شارون أراد من خلال عرض الانسحاب من غزة ومن أربع مستوطنات في الضفة الغربية تشديد القبضة على بقية المستوطنات في الضفة الغربية. \r\n \r\n الرأي الآخر كان أن الانسحاب من غزة يحظى بتأييد الرأي العام والجيش الاسرائيلي، بسبب التذمر منذ سنين من الحاجة الى ادامة حضور عسكري ضخم هناك لحماية ما لا يزيد عن 7800 مستوطن. \r\n \r\n من جهتي أرى ان دعم الرئيس بوش لشارون كان كارثة دولية، بغض النظر عن تأثيره الممكن على السياسة الداخلية الأميركية. فقد تخلى بوش فجأة عن السياسة التي اتبعتها وزارة الخارجية الأميركية عبر عقود، وهو ما دعا خمسين من الديبلوماسيين الأميركيين السابقين الى توجيه رسالة الى الرئيس تعبر عن القلق من أن الولاياتالمتحدة ستخسر الكثير من اصدقائها في الخارج. وجاءت خطوة بوش دون مشاورة حلفاء أميركا الرئيسيين، وأصابت العلاقات مع الدول العربية المعتدلة بالمزيد من الضرر. وكان العاهل الأردني عبد الله محقاً عندما الغى اجتماعاً مزمعاً مع بوش في البيت الأبيض. \r\n \r\n المفترض أن الرئيس بوش يقود المجموعة الرباعية المكونة من الولاياتالمتحدة والأمم المتحدة وأوروبا وروسيا لمواصلة مسيرة السلام في الشرق الأوسط، وها هو يدعم صراحة موقف اسرائيل من المستوطنات في الضفة الغربية ورفض حق العودة للاجئين الفلسطينيين. أي انه، كما أرى، أجهز على «خريطة الطريق» في شكلها الحالي - مع أن من الضروري طرحها في صيغة جديدة لأنها السبيل الأفضل للتقدم. \r\n \r\n وواجه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير عاصفة من الاحتجاج بعد اجتماعه بالرئيس بوش في الولاياتالمتحدة. فقد ارتكب خطأ جسيماً عندما لم يبد اثناء المؤتمر الصحافي المشترك بعد اللقاء أي تحفظ، ولو شكلياً، على موقف بوش. وكان 52 من أبرز الديبلوماسيين البريطانيين السابقين حذروا بلير من أن سياساته تجاه الشرق الأوسط «محكومة بالفشل» - وهو تعبير قوي غير متوقع من مسؤولين قضوا حياتهم في السلك الديبلوماسي. وعرف ان الكثيرين من الديبلوماسيين العاملين يؤيدون المواقف التي أوردتها الرسالة. \r\n \r\n وهناك في حزب العمال معسكر مؤيد لاسرائيل وآخر للفلسطينيين، ويحظى هذا الأخير بدعم كبير في أوساط الحزب. وواجه بلير انتقادات صريحة من الكثيرين من النواب العماليين المؤيدين لحقوق الفلسطينيين. \r\n \r\n المستغرب أن ارييل شارون لم يتخذ ما يكفي من الاستعدادات للاستفتاء في شأن الانسحاب من غزة، وهو ما ضاعف من حجم المخاطرة. وربما اعتقد انه قام بما يكفي للفوز بعودته المظفرة من أميركا حاملا تأييد بوش لمشروعه، وأيضا لنحاجه في قتل زعيمي حماس. النتيجة كانت أن 60 في المئة من الأصوات جاءت ضده (ولو ان الاقبال على الاستفتاء كان ضعيفاً). وكانت الحجة الرئيسية لدى معارضيه في حزب ليكود اليميني أن الفلسطينيين سيعتبرون الانسحاب مؤشراً على الضعف، ما يشجعهم على التصعيد. \r\n \r\n وكانت صحيفة «تايمز» عددت الخيارات المتاحة أمام شارون: «بامكانه القبول بنتيجة الاستفتاء والتخلي عن مقترحاته. لكن يمكنه أيضا ان يختار التخفيف من الخطة ليجعلها مقبولة من قبل عضوية ليكود. اخيرا، له أن يبحث عن وسيلة أخرى لتنفيذ استراتيجيته على رغم عداء حزبه لها». \r\n \r\n ويجد شارون نفسه الآن في موقف حرج. فقد صرح في مقابلة أواخر الشهر الماضي بأن «على كل من يثق بي التصويت لصالح الفصل... لا يمكن تأييدي وفي الوقت نفسه معارضة خطتي». ثم اتهم الجناح اليميني في الحزب بالسعي الى اطاحة الحكومة، معتبرا ان ذلك سيكون «انتصاراً لحماس». ولا شك ان هزيمته في الاستفتاء أصابت صدقيته بضرر كبير في اسرائيل والولاياتالمتحدة. \r\n \r\n في الرابع من الشهر اجتمعت الهيئة الرباعية في نيويورك، وأكد الاعضاء انها ستستمر في مساعيها للتوصل الى توافق يقدم بعض الأمل ويخفف بذلك من مستوى العنف. لنا بالطبع ان نتمنى لها النجاح، لكن الحقيقة هي ان للرئيس بوش أولويات أخرى اليوم، كما ليس هناك ما يدعونا الى الثقة بنيات رئيس الوزراء شارون. \r\n \r\n ٭ سياسي بريطاني من حزب المحافظين. \r\n