تجارة عين شمس تطلق أول بكالوريوس لتكنولوجيا البنوك بالتعاون مع المركزي والمعهد المصرفي    حزب النور يدشن غرفة مركزية لإدارة حملات انتخابات مجلس الشيوخ    تفاصيل بلاغ رسمي ضد صفحة على فيسبوك تسعى لبث الفتنة داخل نقابة الصحفيين    تنويه عاجل من «التنظيم والإدارة» بشأن مستندات المتقدمين لوظائف هيئة البريد    «الصناعات الهندسية» تستهدف تطوير وتأهيل 600 شركة للتصدير    بنوك محلية تدرس تمويلا مشتركا بقيمة 4.5 مليار جنيه لصالح مدكور للمشروعات    حصيلة بيع وشراء الدولار بين البنوك المصرية تسجل 870 مليون دولار خلال أسبوع    بيان عاجل من الأردن بشأن اجتماعها مع سوريا وأمريكا بشأن تثبيت وقف إطلاق النار ب السويداء    تفاصيل إصابة حسين الشحات في معسكر الأهلي بتونس    «غياب مُقلق وتناقض في الروايات».. القيود تهدد مستقبل إيزاك مع نيوكاسل وترقب ليفربول    موجة حارة تضرب الإسكندرية.. والشواطئ كاملة العدد حتى الفجر    النيابة تعاين حريق مخزن أجهزة كهربائية في أبو صير.. وتقديرات أولية للخسائر بالملايين (تفاصيل)    «أمن قنا» يكشف ملابسات العثور على «رضيع» في مقابر أبوتشت    تحديات تحويل السرد التاريخي إلى دراما في ندوة «التاريخ من الكتاب إلى الشاشة»    أنغام تُشعل افتتاح مهرجان العلمين بحفل «كامل العدد».. وتامر عاشور يفاجئ الجمهور على المسرح (صور)    فيلم مصري يقفز بايراداته إلى 137.6 مليون جنيه.. من أبطاله ؟    الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدمت 5.47 مليون خدمة طبية مجانية خلال 4 أيام    قوات العشائر تسيطر على بلدة شهبا بريف السويداء    إزالة 38 حالة تعدٍّ على الأراضي أملاك الدولة بالجيزة    براتب 900 يورو.. آخر فرصة للتقديم على فرص عمل في البوسنة ومقدونيا    أحمد رمضان يجمع بين تدريب منتخب مصر للكرة النسائية ووادى دجلة    التفاصيل المالية لصفقة انتقال راشفورد إلى برشلونة    فستان جريء ومكشوف.. 5 صور ل نادين نجيم من حفل زفاف ابن ايلي صعب    ليالي المسرح الحر تختتم الدورة ال20 وتعلن نتائج المسابقات    تامر حسني يكتسح تريند يوتيوب بألبوم "لينا ميعاد".. ويزيح عمرو دياب من قائمة الTop 5    تيسير مطر: مصر والسعودية حجرا الزاوية لتحقيق السلام في المنطقة    ضبط 20 سائقًا يتعاطون المخدرات في حملة مفاجئة بأسوان (صور)    القسام تعلن استهداف جرافة عسكرية إسرائيلية ودبابتين ميركافا في مدينة جباليا    دون إبداء أسباب.. روسيا تعلن إرجاء منتدى الجيش 2025 إلى موعد لاحق    الأهلي يعلن استقالة أمير توفيق من منصبه في شركة الكرة    وفد الناتو يشيد بجهود مصر في دعم السلم والأمن الأفريقي    رئيس جامعة قناة السويس يوجه بسرعة الانتهاء من إعلان نتائج الامتحانات    روسيا: مجموعة بريكس تتجه نحو التعامل بالعملات الوطنية بدلاً من الدولار    صدقي صخر صاحب شركة إعلانات في مسلسل كتالوج    هل يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها إلى زوجها الفقير؟.. محمد علي يوضح    دعاء أواخر شهر محرم.. اغتنم الفرصة وردده الآن    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح أسباب الهجرة النبوية    يومًا من البحث والألم.. لغز اختفاء جثمان غريق الدقهلية يحيّر الجميع    "نقلة طبية في سوهاج".. افتتاح وحدة رنين مغناطيسي بتقنيات حديثة (صور)    وزير الصحة يوجه بتعزيز الخدمات الطبية بمستشفى جوستاف روسي    محافظ كفرالشيخ ورئيس جامعة الأزهر يتفقدان القافلة الطبية التنموية الشاملة بقرية سنهور المدينة بدسوق    ليلى علوي نجم الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    داعية إسلامي يوضح أسرار الصلاة المشيشية    وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يتابع مستجدات الموقف التنفيذي لأعمال توفير التغذية الكهربائية لمشروعات الدلتا الجديدة    محافظ البنك المركزي يشارك في الاجتماع الثالث لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين "G20"    "بائعة طيور تستغيث والداخلية تستجيب".. ماذا حدث في المعادي؟    هل خصم فيفا 9 نقاط من الإسماعيلي؟.. النادي يرد ببيان رسمي    ليفربول يعزز هجومه بهداف أينتراخت    توقيع اتفاقيات تعاون بين 12 جامعة مصرية ولويفيل الأمريكية    ضبط طن من زيت الطعام المستعمل داخل مصنع مخالف لإعادة تدوير زيوت الطعام ببنى سويف    إعادة الحركة المرورية بالطريق الزراعي بعد تصادم دون إصابات بالقليوبية    جهاز تنظيم الاتصالات يُقر تعويضات إضافية لمستخدمي الإنترنت    خبر في الجول - جلسة بين جون إدوارد ومسؤولي زد لحسم انتقال محمد إسماعيل للزمالك    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    أسعار اللحوم اليوم السبت 19-7-2025 بأسواق محافظة مطروح    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    سوريا وإسرائيل تتفقان على إنهاء الصراع برعاية أمريكية    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تنظيم السلام في الشرق الأوسط
نشر في التغيير يوم 03 - 07 - 2014

في مسرحية برتولت بريخت العظيمة المناهضة للحرب "الأم شجاعة وأولادها"، تقول إحدى الشخصيات "أتدرون ما هي مشكلة السلام؟ عدم التنظيم" .
تدور أحداث المسرحية خلال حرب الثلاثين عاماً في أوروبا، التي دمرت أوروبا في النصف الأول من القرن السابع عشر، والتي لم تنته إلا بإبرام معاهدات "صُلح وستفاليا" في عام 1648 . بدأت تلك الحرب كصراع ديني بين البروتستانت والكاثوليك، ولكنها سرعان ما تحولت إلى معركة طويلة بين بلدان وأسر حاكمة متنافسة، خاصة بين آل هابسبورغ والإمبراطورية الرومانية المقدسة من جانب، وفرنسا بقيادة الكاردينال ريشيليو على الجانب الآخر .
ومن غير المستغرب أن يقارن البعض الصراع الدائر اليوم بين السُنّة والشيعة، الذي يستنزف مساحات عريضة من بلاد ما بين النهرين وغرب آسيا، بتلك الحرب التي كانت سبباً في الموت على نطاق هائل، فضلاً عن الأوبئة، والدمار الاقتصادي، والاضطرابات الاجتماعية التي تميزت على سبيل المثال بموجة من مطاردة الساحرات .
الواقع أن تسوية سلمية دامت نصف قرن من الزمان قبل أن يندلع القتال، وكان ذلك بمثابة محاولة لتنظيم السلام . كان الإمبراطور شارل الخامس مهندس عملية السلام في أوجسبورغ في عام 1555 التي استندت إلى اتفاق يقضي بتمكين الدول ذات السيادة من اختيار النسخة التي تريد اعتمادها من المسيحية . وعندما انهارت المعاهدة بدأ القتل .
ولكن متى كان "السلام المنظم" الذي سبق الاضطرابات الدموية الحالية في العراق وسوريا وأماكن أخرى؟ تتوقف الإجابة على المسافة التي قد نعود إليها في الماضي .
مع انهيار الإمبراطورية العثمانية، أطلقت القوى الغربية مشروعاً توسعياً لإعادة رسم خريطة المنطقة، وتثبيت بعض الأنظمة وخلق تبعيات وإنشاء مناطق نفوذ، وتأمين القدرة على الوصول إلى الإمدادات المتزايدة الأهمية من النفط . ثم ظهر ميل مثابر إلى الحكم على سلوك الدول بين المغرب العربي وبلاد الشام من خلال استعدادها لإثارة مشكلات دبلوماسية (وغير ذلك من المشكلات) بشأن موقف "إسرائيل" في التعامل مع الفلسطينيين ومطالبة الفلسطينيين بدولة قابلة للحياة . ولم يخل الأمر أيضاً من تدخلات سافرة، من إزاحة رئيس الوزراء الإيراني المنتخب ديمقراطياً محمد مصدق، إلى التدخل العسكري الأخير في العراق، الذي أدى إلى وفاة ربع مليون عراقي .
ولكن البلدان الغربية لم تكن راغبة في مواجهة الحقائق الأساسية في المنطقة، والتي وردت في تقرير صادر في عام 2002 عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي . وقد حرص الباحثون وصناع السياسات العرب الذين أعدوا التقرير على لفت الانتباه إلى الارتباط بين الحكم الاستبدادي والضعف الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة والسياسات المفرطة في الطائفية . فكلما أصبحت السياسة في المنطقة أكثر استبدادية، كلما تزايدت أعداد الشباب المحرومين من الوظائف وحرية التعبير الذين يتحولون إلى التطرف والعنف الإسلامي والانحراف عن فهم صحيح هذا الدين العظيم .
هذا هو ما وصلنا إليه اليوم، فنحن إزاء إجابة واضحة ولكنها غير كافية للسؤال: "حسنا، ماذا كنت لتفعل حيال ذلك؟"، والتي هي أشبه بإجابة المزارع الإيرلندي للمسافر الذي يسأل عن الاتجاه: "ما كنت لأبدأ من هنا" .
من المؤسف أنها ليست إجابة على الإطلاق، ولو أنها قد تكون رداً سريعاً مفيداً على أولئك الذين يناصرون تكرار الماضي القريب من أمثال نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني . من الواضح أن المحافظين الجدد الأمريكيين والبريطانيين بإنكارهم للواقع يعتقدون أن الأحداث الأخيرة تبرر وجهة نظهرهم التي تزعم أن الحرب التي خاضوها في العراق باختيارهم كانت لتحقق نجاحاً كبيراً لو صاحبها المزيد منها .
ولكن المحافظين الجدد ليسوا مضللين تماماً . ذلك أن الولايات المتحدة، كما زعمت عن حق وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس، لاحقت لفترة طويلة هدف "تحقيق الاستقرار على حساب الديمقراطية"؛ ونتيجة لهذا "لم تحقق لا هذا ولا تلك" .
الواقع أنها حجة قوية لمصلحة عدم التخلي عن التزام طويل الأمد بهذا النوع من القيم التعددية التي تبناها من بين أمور أخرى واضعو تقرير 2002 . وكان الغرب متناقضاً في تطبيقه لهذه المبادئ، وحاول في بعض الأحيان فرضها بالقوة (فكانت العواقب مأساوية)، وفشل في استخدام الأموال والآليات التي ابتكرها لدعم هذه المبادئ بفعالية . ولنتذكر هنا على سبيل المثال النتائج البائسة التي أسفرت عنها اتفاقيات الاتحاد الأوروبي للتجارة والتعاون التي أبرمها مع مختلف بلدان البحر الأبيض المتوسط .
يتعين على الغرب أن يستخدم كل موارده الدبلوماسية في الوساطة من أجل التوصل إلى تفاهم بين إيران والمملكة العربية السعودية، لتأثيرها في الصراع الدائر بين الشيعة والسُنّة . فليس من مصلحة البلدين على الإطلاق أن تنزلق منطقتهما إلى صراع دموي . وينبغي للبلدين أن يشرعا في إصلاح العلاقات بينهما، وهو الاحتمال الذي بدا كأنه إمكانية حقيقية في شهر مايو/ أيار (ولكنه تراجع مؤخراً) .
وبمساعدة أمريكية تركية، لابد من توجيه العراق في اتجاه الدولة الفيدرالية، التي تعترف بتطلعات الأكراد والسُنّة والشيعة . وفي سوريا، يظل الرئيس بشار الأسد في منصبه ولكنه ليس متمكناً من السلطة إلا بالكاد . وربما يكون جيشه فائزاً، ولكن القتال مستمر . وفي الوقت الراهن، يبدو أن أفضل التوقعات يتلخص في ذلك الذي وصفه المؤرخ الروماني تاسيتوس "إنهم يبيدون شعباً، ويسمونه سلاماً" .
لقد مر وقت طويل منذ كان بوسع أطراف خارجية أن تفكر في تدخل عسكري فعّال . ولكن بدعم من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لابد أن تكون الجهود الإنسانية العالمية أكثر قوة وتركيزاً، بحيث يصبح في الإمكان جلب أكبر قدر من الإغاثة لنحو 11 مليون لاجئ سوري يحتاجون إليها .
وأخيراً، لا ينبغي لنا أن نتجاهل السم المستمر الذي يبثه الصراع "الإسرائيلي" - الفلسطيني الذي لم يُحَل إلى الآن، والذي يظل يغذي التطرف السياسي ويثير تساؤلات خطرة حول التزام الغرب بحقوق الإنسان .
وتواجه البلدان خارج المنطقة مهمة إضافية: الحاجة إلى محاولة إثناء الشباب عن الانضمام إلى القتال في حرب الإسلام الأهلية . وهي مشكلة تواجه بلدي ذاته، حيث يبدو الأمر كأننا لم نؤد وظيفتنا كما ينبغي في بعض المجتمعات في غرس عناصر فهم وقبول القيم التي كانت غالباً هي التي جلبت آباء هؤلاء الشباب إلى المملكة المتحدة في المقام الأول .
إن أجندة السلام الحقيقي والدائم طويلة ومعقدة . ولابد من تنظيم وإعداد الخطط، وسوف يستغرق تنفيذ هذه الخطط سنوات . وما لم نبدأ الآن فسوف تنتشر الحرائق التي تؤججها النزاعات السياسية والدينية ولن تلتهم النيران نينوى فحسب .
نوع المقال:
سياسة دولية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.