ركز الجدل بشأن قرار أوباما بتبادل خمسة زعماء كبار في «طالبان» مقابل الرقيب «بوي بيرجدال» الشهر الماضي إلى حد كبير على السعر المدفوع. وقل التركيز على تجاهل أوباما للقانون الاتحادي الذي يتطلب منه إبلاغ الكونجرس قبل 30 يوما من الإفراج عن محتجزين في معتقل جوانتنامو. وقد سنت قوانين مثل هذه للسماح برقابة حيوية على أفعال لها عواقب مهمة كهذه. ولو كانت هذه حالة منفصلة، لأمكن التغاضي عنها لكنها ليست حالة منفصلة. فبعد إعلان أوباما أنه ينتوي أن يتصرف بمفرده في مواجهة المعارضة في الكونجرس، أمر الرئيس الأميركي بعدم إنفاذ عدة قوانين بما فيها عدة تعديلات على قانون الرعاية الطبية الميسورة ونقل مئات الملايين من الدولارات بعيداً عن الأغراض التي وافق الكونجرس على إنفاقها فيها واضطلع بسلطات واسعة للتصرف دون ضوابط قضائية أو تشريعية. فهناك أزمة تتضخم في نظامنا الدستوري تهدد بأن تغير من الأساس توازن السلطات والمحاسبة داخل حكومتنا. وهذه الأزمة لم تبدأ مع أوباما لكنها وصلت إلى ذروتها الدستورية أثناء رئاسته. وعندما أثيرت مشكلات الفصل بين السلطات تم النظر إليها نمطياً لسوء الحظ من خلال عدسات السياسة، ف"الديمقراطيون" الذين عارضوا أفعال جورج بوش صمتوا في مواجهة الالتفاف على الدستور من باراك أوباما، و"الجمهوريون" الذين التزموا الصمت أثناء سنوات بوش ينتقدون بشدة مثل هذه الأعمال من أوباما. ولا يستطيع أحد أن يتوقع على وجه اليقين ما الذي قد يحدث بعد إدارة أوباما. والشيء الوحيد الذي نعلمه أن رئيساً جديداً سينتخب عام 2016 والأغلبيات في الكونجرس ستواصل تغييرها. وعدم اليقين هذا يفتح نافذة لأعضاء كلا الحزبين والأكاديميين وآخرين أن يجتمعوا معا للتركيز على ثلاثة أسئلة قد تحدد مدى قدرة نظام الفصل بين السلطات على الصمود في العقود التالية. نحتاج إلى مناقشة تآكل السلطة التشريعية داخل النموذج المتطور للحكومة الاتحادية. لقد حدث تحول كبير في السلطات نحو الرئاسة وظهور ما يمثل في الأساس الفرع الرابع من الحكومة وهي شبكة هائلة من الوكالات الاتحادية لها سلطات قضائية وتشريعية موسعة. وبينما البيروقراطية الاتحادية تمثل علامة مميزة للدولة الإدارية الحديثة فإنها تمثل تغيراً أساسياً في نظام من ثلاثة أفرع متساوية قصد بها أن تراقب إحداها الأخرى وتتوازن فيما بينها. والسلطة المتنامية المخولة للوكالات الاتحادية سببها تقلص الكونجرس الذي يتمتع فيما يبدو بقدرة انحسرت كثيراً في المراقبة بشكل فاعل ناهيك عن النفوذ وعمل الوكالات. على الكونجرس أن يعالج القسط المتزايد من الانفاق الاتحادي الذي لا يخضع لسيطرته. ففي العام الماضي، لم يتم التخصيص والتصويت في الكونجرس إلا على 35 في المئة من الميزانية. والنسبة المتبقية وهي 65 في المئة تمت تلقائياً، ونتيجة لهذا تجاوزت ديوننا حجم اقتصادنا والكونجرس يفقد سلطته المحورية على المال. اعتقد واضعو الدستور الأميركي أن أعضاء كل فرع من أفرع الحكومة سيتجاوزون الطموحات السياسية الفردية إلى الدفاع بقوة عن سلطة مؤسساتهم. ودأب الرؤساء دوماً على توسيع سلطتهم بنجاح ملحوظ، وكان الكونجرس سلبياً إلى حد كبير أو الأسوأ من هذا، متواطئا، في إضعاف السلطة التشريعية. وتبنى القضاة مبدأ التجنب الذي أبعد المحاكم عن صراعات مهمة بين أفرع الحكومة. لقد حان الوقت الآن لأعضاء الكونجرس والقضاء أن يبروا بقسمهم وهو «أن يدعموا ويدافعوا عن الدستور» ويعملوا على إعادة إرساء توازننا الدستوري الدقيق. نوع المقال: سياسة دولية الولاياتالمتحدة الامريكية