يبدو أن سلاح (الاعدام) هو الوسيلة الجديدة التي بدأت تلجأ لها سلطة الانقلاب في مصر للجم مظاهرات معارضي الانقلاب ووقف الحراك الثوري الذي يتصاعد في الجامعات والمدن المصرية المختلفة ، بعدما أصدر قضاة موالون للانقلاب أحكاما ظالمة مخالفة للقانون بإعدام معارضين بالجملة بتهمة التظاهر أو الانضمام لما يسمي "تنظيم إرهابي" والاعتداء علي مقار شرطية عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة . وفيما حكمت محكمة مصرية بحبس ضابط شرطة 10 سنوات وبرأت ثلاثة ضباط أخرين (السجن عام مع وقف التنفيذ) في قضية سيارة ترحيلات سجن أبو زعبل التي استشهد فيها 37 معتقلا ، بما يعادل الحبس حوالي 270 يوما سجن عن كل نفس قتلها هذا الضابط ، حكم قاضي مصري ، سبق أن برأ قتلة الثوار في 25 يناير ، اليوم الاثنين باعدام 529 من معارضي الانقلاب بتهمة القيام بأعمال عنف عقب فض اعتصام رابعة العدوية وميدان نهضة مصر في 14 أغسطس الماضي، والتي قتل فيها ضابط شرطة واحد !. وسبق هذا الحكم باعدام 529 من معارضي الانقلاب حكم أخر للمستشار شعبان الشامي بإعدام 26 من معارضي الانقلاب بتهمة التخطيط لارتكاب أعمال إرهابية في منطقة قناة السويس ، برغم أنهم لم يقتلوا أحدا وتهمتهم هي الانضمام الي "تنظيم إرهابي" ، وأصر القاضي علي الاعدام برغم رفض "مفتي السلطة" تأييد حكم الاعدام لعدم وجود قتلي في الواقعة محل الحكم ، وقوله : " الجرم في تلك القضية لا يندرج تحت جريمة القصاص لعدم وجود قتلي " رغم تاييد مفتي السلطة ضمنا لإعدامهم بدعوي "التعزير" !. أحكام سياسية واتهم قضاة وحقوقيون القضاة الذين أصدروا هذه الاحكام بأنهم يصدرون أحكاما سياسية ، ووصفوا هذه الأحكام بانها مخالفة للقانون وهي والعدم سواء ، فالقاضي وليد شرابي قال : "قضاء يحكم بإعدام 529 نفس دون أن يسمع دفاعهم ، ويخلى سبيل من حرقوا 37 نفس داخل سيارة ترحيلات ، يجعلنا نصلى على العدالة أربع تكبيرات (صلاة الجنازة) وندعوا لها بالرحمة " . والمستشار محمد عوض رئيس "استئناف الإسكندرية" قال أن : الحكم بإعدام 529 هو "محاولة لإفراغ الساحة لقائد الانقلاب " ، ود. محمد محسوب وزير الشئون القانونية سابقا وصف الحكم باعدام 529 مصريا بأنه "حكم باعدام العدالة وماتبقى للقضاء من شرف وسمعة" ، والحقوقي جمال عيد قال أنه "حكم لم يحدث في التاريخ القديم ولا المعاصر ولا في اي مكان في العالم وهو كارثة ومصيبة .. لا نيرون ولا روبيسبير ولا هتلر ولا موسيليني ولا فرانكو ولا صدام ولا بينوشيه ولا القذافي فعلها، قد تكون أشد جريمة ضد الانسانية بغطا قانوني" !. أما د. هيثم أبو خليل رئيس مركز "ضحايا" لحقوق الانسان - الذي اضطر للخروج من مصر بعد مهاجمة الشرطة لمقر المركز واعتقال من فيه – فقال أن "هؤلاء ليسو قضاة بل هم جناة.. جناة على انفسهم وعلى مهنتهم وعلى وطنهم وسيحاسبون حتما على جنايانهم وجرائمهم بحق البشرية " . وكشف د. خليل عن أن المستشار سعيد يوسف صبري الذي قضي باعدام هؤلاء ال 529 هو نفسه الذي أصدر حكما في 15 يناير 2013 ببراءة مدير أمن بني سويف وضباط الشرطة المتهمين بقتل ثوار 25 يناير ، وقال أن الشاهد الوحيد الذى استمع له القاضي في قضية الاعدام الاخيرة هو ضابط شرطة نقطة مطاي ولم يكن موجودا يوم الحادث لأنه كان مسافر وتم الحكم بدون مرافعات او دخول المحامين اصلا !. أيضا كشف خالد الكومى محامى المتهمين المحكومين بالإعدام بالمنيا تفاصيل مشينة تؤكد أن الاحكام سياسية ومجهزة ، حيث أكد إن المحاكمة استمرت ثلاثة ايام فقط حيث بدأت يوم 22 مارس وصدر الحكم يوم 24 مارس ، ولم يحضر من المتهمين سوي 68 متهما وأنه عندما قدم محامون طلبات قانونية انفعل القاضي، وقال "أنا كنت عارف إنكم حتعملوا كده" وأمر الحرس بإحاطة هيئة الدفاع، وقال أنا جيت لأقضى في القضية خلال 3 أيام !!. وتساءل الكومى" كيف يحكم قاضى فى قضية من 3070 صفحة فى 3 أيام"، مشيرا إلى أنه عندما أفصح القاضي عن موقفه من القضية قال له أحد المحامين "أفصحت عما بداخلك ولا يجوز لك نظر القضية، وطلب رد المحكمة، فإذا برئيس المحكمة - دون أن يسمع طلبات ودون إبداء مرافعة شفوية وفض الأحراز، وإثبات للمتهمين، وكلها أخطاء إجرائية - يقول : الحكم يوم الاثنين 24 مارس " وهو ما يخالف القانون والدستور الذي وضعه الانقلابيون !!. ووصف محامي المتهمين حكم المحكمة بإحالة 529 من رافضى الانقلاب للمفتى تمهيدا لصدور قرار نهائي بالاعدام (رأي المفتي استشاري) بأنه "هو والعدم سواء وشابه البطلان في جميع إجراءاته و"لطمة" على جبين القضاء ". تخويف المتظاهرين وسخر نشطاء من حكم القاضي باعدام 529 من بينهم مرشد جماعة الاخوان د. محمد بديع ورئيس مجلس الشعب السابق الكتاتني ، وكذا إعدام 26 من معارضي الانقلاب في السويس ، معتبرين أنها أحكام تستهدف تخويف المتظاهرين وردع معارضي الانقلاب ، وانها أحكام اعلامية جاءت بالتزامن مع قيام صحف وفضائيات الانقلاب بالمطالبة بإعدام المتظاهرين عبر إصدار أحكام إعدام تردعهم عن التظاهر ، رغم مجازر الشرطة والقضاء المستمرة في حقهم وبهدف تمهيد الطريق للمشير السيسي كي يترشح للرئاسة ويفوز في هدوء . وكتب نشطاء علي تويتر يسخرون من أحكام القضاء المصري مثل قوله بعضهم : "أنا اقول نسلمهم لإسرائيل ارحم !! " ، و"هذا ليس حكما قضائيا على الإطلاق هذا شعار وعنوان للمرحلة القادمة .. سيناريو عبد الناصر يتكرر في عهد السيسي بصورة أبشع " . وقال أخر : "السيسي قدم تجربة إنسانية تاريخية بكل المقاييس .. قواته الأمنية قتلت من المصريين أكتر مم اللي الإنجليز قتلوه خلال ثورة 1919 ، وقضاءه أمر بإعدام مصريين أكتر من اللي الاحتلال أمر بإعدامهم في حادثة دنشواي ! " .