من يعتقد أن الاتفاق الذى تجرى بلورته بين نتنياهو ومحمود عباس بضغط من وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى، سيشكل نهاية للنزاع الفلسطينى الإسرائيلى فهو مخطئ، فالنزاع سيستمر حتى بعد إنجاز الاتفاق وتوقيعه، وسيواصل الفلسطينيون ومؤيدوهم تشويه سمعة إسرائيل، كما أنهم سيواصلون مطالبتهم بالمزيد من التنازلات الإسرائيلية وبتطبيق «حق العودة». وسنظل نسمع دعوات إلى فرض عقوبات على إسرائيل ومقاطعتها، ورفض حقها فى الوجود. وحتى العمليات الإرهابية، فإنها لن تتوقف. تجرى المفاوضات مع محمود عباس بصورة سرية. والانطباع السائد لدى الجمهور هو أن هناك محاولة جدية لحل النزاع الإسرائيلى الفلسطينى المستمر منذ أعوام طويلة، وأنه إذا كان الطرفان مستعدين لاتخاذ قرارات صعبة ومؤلمة، فمن الممكن إنهاء النزاع. لكن أى إنسان عاقل لا بد أن يسأل نفسه كيف يمكن تحقيق هذا الهدف من خلال المفاوضات مع محمود عباس من دون «حماس» والفلسطينيين الذين يعيشون فى قطاع غزة؟ ففى أفضل الأحوال لا يمثل عباس أكثر من نصف الفلسطينيين. ربما هناك من يأمل أن يحدث فى مرحلة ما شيء يؤدى إلى حل هذه المشكلة. ومن المحتمل أن يكون الحل موجودا لدى المشاركين فى هذه المفاوضات، أى تسيبى ليفنى وبنيامين نتنياهو ومحمود عباس وجون كيرى، فهم يعرفون هذه المشكلة جيدا. لكن، ومع تزايد الضغط من أجل دفع المحادثات نحو اتفاق، كشف الرئيس باراك أوباما الورقة الخفية ليتضح لنا أن هذه المفاوضات لن تؤدى إلى إنهاء النزاع الإسرائيلى الفلسطينى، وأن الهدف منها هو إخراج الجيش الإسرائيلى من يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، فى الوقت الذى يستمر تقيّح النزاع الإسرائيلى الفلسطينى. لقد أوضح أوباما فى منتدى صبّان الذى انعقد فى واشنطن الأسبوع الماضى، أن التسوية السلمية ستتحقق على مراحل، وقال: «إذا نجحنا فى شق مسار السلام حتى لو كان فى البداية محصورا بالضفة الغربية وإذا جعلناه نموذجا يمكن أن يرى من خلاله شباب غزة كيف تحولت الضفة الغربية إلى مكان يستطيع الفلسطينيون العيش فيه بكرامة وأن يحصلوا على الاستقلال الذاتى وعلى الازدهار الاقتصادى والتجارى، فهم سيرغبون بذلك أيضا». يبدو هذا الكلام مألوفا بصورة مخيفة، فعندما انسحب الجيش الإسرائيلى من الحزام الأمنى فى جنوبلبنان سنة 2000 وتخلّى عن حليفه جيش لبنانالجنوبى، كان هناك من ادّعى أن حزب الله سيتخلى عن العمليات الإرهابية وسيتحول إلى حزب سياسى. كذلك عندما انسحب الجيش الإسرائيلى من منطقة غوش قطيف سنة 2005واقتلع 8000 مواطن إسرائيلى من منازلهم فى خرق صارخ لحقوقهم المدنية، قيل إن الفلسطينيين فى غزة سيكتفون بالانسحاب الإسرائيلى وإن السلام سيسود جنوب إسرائيل. واليوم، يلوّحون أمام إسرائيل بحل مشابه ويقولون إن الانسحاب من يهودا والسامرة سيوقع فلسطينيى غزة تحت تأثير سحر السلام. ومن أجل تبديد أى سوء فهم، أعلن محمود الزهار وزير خارجية «حماس»، أن «كل صفقة توقعها السلطة الفلسطينية مع إسرائيل لن تكون ملزمة للشعب الفلسطينى، وأن الفلسطينيين الذين يجرون المفاوضات لا يتمتعون بالشرعية، وهم لا يمثلون الشعب الفلسطينى». موشيه أرينز - عضو كنيست سابق عن حزب الليكود «هاآرتس» نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية. نوع المقال: الولاياتالمتحدةالامريكية القضية الفلسطينية