سعر سبيكة الذهب اليوم الأربعاء 11-6-2025 جميع الأوزان.. «بكام سبائك ال5 جرام؟»    بأمر للبنوك، سموتريتش يقطع شريان الحياة على السلطة الفلسطينية ردا على عقوبات غربية    يتحدث نيابة عن نفسه.. الخارجية الأمريكية ترفض تصريحات سفيرها لدى إسرائيل بشأن الدولة الفلسطينية    البنتاجون: إيران قادرة على صناعة 10 شحنات نووية خلال 3 أسابيع    رابط نتيجة الصف الأول الثانوي الترم الثاني 2025 في القاهرة والمحافظات    حملات صحية في بني سويف تحرر 6 محاضر وتُعدم أغذية فاسدة    طقس اليوم: شديد الحرارة نهارا ومعتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 37    تامر حسني يتحدث عن مرض نجله "آدم" ويوجه رسالة اعتذار ل محمد شاهين    والدة عريس الشرقية المصاب بمتلازمة داون: «مراته زعلانة بسبب ألبوم صور»    "الأول في التاريخ".. منتخب السنغال يحقق فوزا كبيرا على حساب إنجلترا    عنان: متحور «نيمبوس» أقل خطورة.. ولكن أكثر تماسكاً مع خلايا الجسم    الدولار ب49.52 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 11-6-2025    تراجع جديد يلامس 500 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 11-6-2025    إصابة 3 بطلقات نارية في مشاجرة بسبب النزاع على قطعة أرض بسوهاج    حملة دمياط الشاملة ترفع الإشغالات وتحمي المستهلك من تلاعب التجار    غرق طالب أثناء استحمامه فى ترعة بسوهاج    فلسطين: استشهاد شقيقين برصاص الاحتلال في نابلس    "صفقة القرن".. تعليق قوي من حسين الشحات على انضمام زيزو إلى الأهلي    يحيى الفخراني عن نبيل الحلفاوي: "أصدق الأصدقاء"    البرازيل ضد باراجواى.. أنشيلوتى يدفع بتشكيل نارى لحسم بطاقة كأس العالم    رئيس جامعة دمنهور: «صيدلة البحيرة» أول كلية تحصل على اعتماد مؤسسي وبرامجي في مصر    نظرة إلى العين السخنة    هل شريكك من بينهم؟ 3 أبراج الأكثر خيانة    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    تصفيات كأس العالم.. أنشيلوتي يعلن تشكيل البرازيل الرسمي في مواجهة باراجواي    لكسر الحصار.. التفاصيل الكاملة حول قافلة صمود    السلطات الأوكرانية: قتيلان و28 جريحًا إثر ضربات روسية جديدة على مدينة خاركيف    كندا تعتزم بيع سندات أجل 28 يوما بقيمة 2.5 مليار دولار كندي    محاقظ المنوفية يحيل موظف وحدة محلية في أشمون إلى النيابة بتهمة الرشوة    عن "اللحظة الدستورية" المقيدة بمطالب الشعب الثائر    تقارير: فيرتز على أعتاب ليفربول مقابل 150 مليون يورو    إنفانتينو: الجميع يعرف تاريخ الأهلي.. وأعلم أنه بمثابة حياة لجماهيره    10 أيام ونستقبل فصل الصيف .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : «توخوا الحذر»    ظاهرة تتفاقم في الأعياد والمناسبات .. المخدرات تغزو شوارع مصر برعاية شرطة السيسي    محمود وفا حكما لمباراة نهائى كأس عاصمة مصر بين سيراميكا والبنك الأهلى    بعد زيزو.. تفاصيل إنهاء الأهلي لصفقته قبل السفر لكأس العالم للأندية    «صفقات فاشلة».. تفاصيل تقرير ميدو في الزمالك (خاص)    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: لن نسمح بالتلاعب بمصير الشعب الفلسطينى    لا تقسُ على نفسك.. برج العقرب اليوم 11 يونيو    مرض ابنى آدم وعملياته السبب.. تامر حسنى يعتذر عن حضور فرح محمد شاهين    محافظ الدقهلية يتفقد شوارع المنصورة ليلا.. ويؤكد: لا تهاون فى مواجهة الإشغالات    «ابني تعبان وعملياته السبب».. تامر حسني يعتذر عن عدم حضور فرح محمد شاهين    المذاكرة وحدها لا تكفي.. أهم الفيتامينات لطلاب الثانوية العامة قبل الامتحانات ومصادرها    بطريقة آمنة وطبيعية.. خطوات فعالة للتخلص من الناموس    هل لاحظت رائحة كريهة من تكييف العربية؟ إليك الأسباب المحتملة    فريق «هندسة القاهرة» الثالث عالميًا في «ماراثون شل البيئي» لعام 2025    مُخترق درع «الإيدز»: نجحت في كشف حيلة الفيروس الخبيثة    وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات الإقليمية لمتابعة سير العمل    "الأوقاف" تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الصوت الندي 2025    التعليم: عودة قوية لاختبار "SAT".. بمشاركة 100% دون شكاوى    يحيى الفخراني عن اختياره شخصية العام الثقافية: شعرت باطمئنان بوجودي على الساحة    فن إدارة الوقت بأنامل مصرية.. ندوة ومعرض فني بمكتبة القاهرة الكبرى تحت رعاية وزير الثقافة    غدا.. 42 حزبا يجتمعون لتحديد مصيرهم بانتخابات 2025 (تفاصيل)    أستاذ اقتصاديات الصحة: نسبة تحور "كورونا" ارتفعت عالميًا إلى 10%    أمين " البحوث الإسلامية " يتفقَّد إدارات المجمع ويشدد على أهميَّة العمل الجماعي وتطوير الأداء    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    الجريدة الرسمية تنشر قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يااااااا عم أحمد
نشر في التغيير يوم 05 - 12 - 2013

لا إله إلا الله، أعرف والله أن كلنا سنموت، لكن لا تقنعنى أن منظر عم أحمد فى النعش كان منطقيا. لا تقل لى أنك لم تشعر ولو للحظة وأنت إلى جوار النعش أنك ستسمع فجأة «واحدة اسكندرانى» تنبعث مدوية من داخل النعش، قبل أن يطل عم أحمد منه بوجهه الذى «تدلدق منه الحياة» على الدوام، ليقذف بالكفن بعيدا، ويحيى المشايخ والمصلين، قبل أن يندمج معهم فى مكلمة طويلة عن ذكريات حوش قدم وعن ولعه القديم بالشيخ مصطفى اسماعيل، قبل أن يلقى قصيدتين أو ثلاثا لكى لا يخذل مريديه الذين جاءوا من آخر الدنيا، قبل أن يعتذر لهم عن الإزعاج الذى تسبب فيه الخبر الكاذب، ثم يعود لاستئناف الحياة التى ظننا أنه لن يفارقها أبدا.
نعم، أنت طيلة الوقت تعرف أن كل الناس سيموتون، كل من تحبهم، كل أساتذتك، كل الذين اكتسبت الحياة معناها بهم، لكن هناك أناسا كان يصعب أن تتصور أنهم سيموتون: محمود السعدنى وأحمد زكى وخيرى شلبى وعمار الشريعى وأحمد فؤاد نجم، لم يكونوا مجرد أحياء، كانوا الحياة نفسها بكل بهجتها وشجنها وصخبها وعبثها، لكنهم رحلوا وبقى كثيرون يجسدون الحياة بكل بواختها وغلظتها وثقل وطأتها وقسوتها، رحلوا وتركوك موزعا بين الرضا لأن زمانك أسعدك بالقرب منهم، وبين الأسى لأن قربهم الذى أسعدك أياما سيتعسك دهرا وأنت تحن إلى زمانهم الذى لن يعود.
فى النعش بدا عم أحمد أطول بكثير، خلال العشرين عاما التى عرفته فيها كانت هذه هى المرة الوحيدة التى رأيته فيها هادئا، فسبحان من له الدوام، وسبحان من أراد لجنازة عم أحمد أن تشبه حياته تماما، قال لى شاب يجلس إلى جوار النعش وهو ينظر إلى الكوفرتة التى تغطى الجسد الذى لم تهده السجون ولا المنافى «مش كان المفروض يلفوه فى علم مصر؟»، قلت له «كان هيزعل أصله يا ما شاف حرامية وطواغيت بيتلفوا بعلم البلد اللى باعوها وظلموا أهلها»، إلى جوار النعش كان هناك الكثير من المجاذيب: مجاذيب نجم ومجاذيب سيدنا الحسين الذين كان وجودهم كافيا ليشعر نجم بالألفة مع المشهد الغريب عليه، والنعش المفتوح دون غطاء كئيب جعل «ابو النجوم» يبدو كأنه يرتاح حبتين قبل أن يواصل اللبط مع الحياة من جديد.
صخب الكاميرات التى لم تأت هذه المرة لتصوير أمسية حاشدة، أيقظ متسولا كان مستغرقا فى نوم عميق، أخذ يدعك عينيه وهو يتأمل المشهد، قبل أن يسأل رجلا يجلس متكئا على العمود المجاور «هو فى إيه؟»، ليبتعد الرجل عنه متأففا قبل أن يقول بتهكم «ماتشغلش بالك مش جايين لك إنت»، هذه المرة لن يكون عم أحمد هو الحاضر على الطرف الآخر من المكالمة إذا قررت أن تحكى له أن ذلك حدث أثناء نومه.
بعد صلاة الظهر تطلع رجل أشيب إلى الزحام المحيط فى دهشة ومال على مصور ليسأله «هو مين اللى مات؟»، كان الإمام يشرح صفة صلاة الجنازة للناس، حين قال الرجل الأشيب بحزن حقيقى بعد أن سمع الإسم «ياااه ياخسارة ده كان راجل زى العسل»، لتجدد الجملة بكاءك لأنها ستكشف لك أنك لم تستوعب بعد حجم ما خسرته.
بعد أيام كان يفترض أن يدخل الفاجومى قصرا ملكيا لأول مرة فى حياته، ليستلم واحدة من أهم جوائز العالم: جائزة الأمير كلاوس الهولندية التى لم يحصل على مثلها من بلده، لكنه لم يكن ممرورا لأنه كان سعيدا باختياره، ولأن أحرار بلاده عوضوه عن أيام العذاب والضنى عندما منحوه أعظم جائزة كان يتمناها، حين رأى كلماته تعيش فى التحرير ويعيش بها أهل التحرير، ربما شعر الموت أن أبو النجوم لن يكون سعيدا بأن يختم حياته فى قصر ملكى، فأراد له أن يكون آخر حظه من الدنيا مساكن الزلزال بالمقطم، ليغادر الحياة كما عاشها: اليوم بيومه، واللحظة بلحظتها، والأرزاق على الله.
تواصل الجنازة سيرها فى شارع الأزهر تاركة (حوش قدم) خلفها، متجهة نحو المقابر القريبة، يسيرون بالنعش بسرعة شديدة لم يكن نجم سيفوت فرصة أن يقول عنها ساخرا «شايفين النعش بيطير أهوه زى الأوليا»، أنت تعرف أنه لن يقولها هكذا بالضبط، لكنك خلاص، رأيت عم أحمد صامتا رغما عنه داخل النعش، وتعرف أنه إذا أتيح له أن يقول شيئا الآن، فلن يقول كعادته جملة تضحكك أو فكرة تدهشك أو قصيدة تشجيك، لو تكلم الآن سيطلب من نوارة أن تأخذ بالها من طفلتها القادمة بالسلامة، ومن زينب أن تأخذ بالها من نفسها ومن «التروماي»، وكان أكيد سيمنح أم زينب حضنا طويلا لن يخلو حتما من تأكيد على ما ينبغى أن تفعله لو لم تسر كل الأمور على ما يرام.
عند مستشفى الحسين الجامعى وقفت لألتقط أنفاسى إلى جوار سيدات تحملن أطفالهن وملفات الاشعة والتحاليل، كن يرقُبن حركة الجنازة المحاطة بالكاميرات، استغربت إحداهن أن يسير كل هؤلاء الناس حاملين «نعش فاضى» قبل أن تحرص على إظهار قوة ملاحظتها قائلة «شكلها جنازة مسيحيين»، لترد عليها جارتها «لا فيهم مسلمين برضه»، فى حين قطعت الثالثة الشك باليقين حين نظرت إلى النعش الذى يبتعد بإتجاه المقابر وقالت «طالما فى الكاميرات دى كلها تبقى جنازة شهيد».
أعلم أنك لن تصدقنى، لكننى وعزة جلال الله، رأيت لحظتها أحمد فؤاد نجم الذى لم يترك أبدا جمهورا سعى إليه إلا وأعاده راضيا، وقد وقف فى نعشه منشدا بصوته الذى لن يقوى عليه الموت «حتقولوا كانوا.. وياما كانوا.. وياما شربوا وياما عانوا.. وياما جالهم.. وياما جيلهم دفع.. وكان التمن أمانُه.. وياما ناس فى المسيرة مشيت.. وناس ف نص المسيرة خانوا.. حتقولوا كانوا.. أو ياما كانوا.. لكن ح يبقى فى الأمر حاجة.. إن اللى عربد ما سابش حاجة.. وساب كلابه.. على كل حاجة.. تهبش وتنهش.. فى كل حاجة.. ما قدرش يقتل فى أى حاجة.. روح التفاؤل بكل حاجة.
رابط المقال:
http://shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=05122013&id=5efc4a33-6ec5-43ba-b5aa-140831b27311


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.