ما حدث أمس يكشف إلى أي مدى تحولت شارة رابعة إلى كابوس مروع لدى قطاع واسع من أنصار الفريق السيسي وخصوم جماعة الإخوان والإعلام الموالي لهم ، وليس في ذلك عجب إذا كانت أجهزة الدولة الأمنية ذاتها أصابتها متلازمة رابعة ، فأصبحت تعتقل أي شاب أو شابة يلوح بها أو حتى ينفخ بالونات تحمل العلامة ، أو إذا ضبط تلميذ أو تلميذة وهم يضعون الشارة في حقيبة المدرسة ، ربما باعتبار ذلك عملا إرهابيا والدليل أنهم يلوحون بشارة رابعة ، والمشكلة أن الجميع لا يريدون الاعتراف بأن إشارة رابعة لا تعني بالضرورة تضامنا سياسيا مع جماعة الإخوان ، بقدر ما تحولت إلى رمزية لغضب شعبي وإنساني من المذبحة الدموية التي اقترفتها الأجهزة الأمنية ضد المواطنين المعتصمين في ذلك الميدان ، وهي مذبحة غير مسبوقة أبدا في تاريخ مصر ، حتى أيام الاحتلال الانجليزي ، فقط ربما حدث ما يشبهها أيام الغزو الفرنسي لمصر ، ولذل كانت الصدمة كبيرة ، وملايين المصريين لا يتصورون حتى الآن كيف وقعت تلك المذبحة ، ولا يخفى أن هناك موجات تضامن دولي تتسع مع الوقت مع ضحايا تلك المذبحة ، حتى في دوائر لا تعرف شيئا عن الإخوان أساسا ، فأنا مقتنع تماما أن شارة رابعة لها بعد إنساني بالأساس ، لا يمكن للفطرة البشرية المجردة ألا تتعاطف مع فتيات في عمر الزهور يقتلن بمثل هذه العشوائية والجرأة على حياة الإنسان ، ولا يمكن للفطرة البشرية أن تتجاهل مشاعرها العفوية تجاه مئات الجثث التي رؤي بعضها متفحما وتجرفه الجرافات كما لو كانوا كلابا نافقة ، لا يمكن لقلب إنسان أن يتحمل مشهد عشرات الجثث الملفوفة في أكفانها وهي ملقاة في مجرات الصرف الصحي في مشرحة زينهم ، أعرف أن البعض يغلب عليه العصبية في الانحياز السياسي ، وأعرف أن البعض يحاول توظيف الشارة سياسيا ، ولكن هذا لا يمكن أن يسقط حقيقة البعد الإنساني المجرد لهذه الواقعة البشعة وغير المسبوقة في تاريخ مصر ، وكل من يتجاهل تلك الحقيقة ويفكر في عقوبة لمواطن أو سياسي أو رياضي رفع تلك الشارة ، فعليه أن يراجع ضميره وإنسانيته ، لأنه أقرب إلى عالم الوحوش منه إلى عالم البشر . لقراءة هذا المقال كاملا اضعط هنا