حلم طال انتظاره وتحققت بعض مراحله ، إلا إنه سرعان ما سقط أمام الأزمات السياسة والاقتصادية .. دعمته الدولة بأموال مواطنيها لكنه وقع أسيراً أمام قرارات الحكومة التي أهدرت هذه الأموال وعلى رأسها حظر التجوال الذي كتب نهاية المشروع لتشييع جثمانه إلى مثواه الأخير.. إنه مشروع التاكسي الأبيض الذي تعددت مشاكله ليتحول من أمل لدي البعض إلى كابوس ملئ بالديون و يهدده شبح البطالة. كانت المرحلة الأولي لهذا المشروع شهدت إقبالاً كبيرا والتي بدأت فى أبريل 2009 ، حيث كشفت التقارير تزايد الإقبال على المشروع من قبل أصحاب سيارات التاكسى القديمة، كما أصدرت البنوك أكثر من 29 ألف موافقة على طلبات القروض منذ بدء المشروع وحتى نهاية شهر فبراير من نفس العام ، وبلغ عدد السيارات الجديدة التى تم تسليمها أكثر من 16 ألف سيارة. بدأت المرحلة الثانية بنفس الإقبال ، حيث تم تخريد أكثر من14 ألف سيارة وتسليم 14 ألف سيارة جديدة ، وجاء هذا الإقبال رغم عدم تمتع المرحلة الثانية بميزة الإعلان علي جسم السيارة نظرا لعدم قدرة سوق الإعلانات في مصر علي استيعاب كل السيارات التي تم إحلالها والتي بلغت أكثر من35 ألف سيارة تاكسي حيت المرحلة الثانية. سددت المالية دعماً للمشروع بلغ نحو 500 مليون جنيه في المرحلتين الأولي والثانية ما بين إيرادات عامة سددتها وزارة المالية نيابة عن المستفيدين مثل ضريبة المبيعات والرسوم الجمركية وأيضا الفائدة المدعمة والتي تقدمها البنوك للقروض ضمن المشروع ل خفض ثمن السيارة بما يعادل حوالي 20 ألف جنيه لكل سيارة عن سعرها السوقي. بدأت المرحلة الثالثة بمزيد من الامتيازات وكشف تقرير لوزارة المالية في يونيو الماضي عن ارتفاع حجم المزايا والدعم الذي استفاد منه المشاركين بالمشروع إلى مليار ومائة مليون جنيه حتي الآن حيث تحملت الخزانة العامة للدولة 506 مليون جنيه كدعم مقابل الإعلان على جسم التاكسى الأبيض. وكانت وزارة المالية تحملت أعباء الإعلان على التاكسي للمشتركين في المرحلتين الأولى والثانية بواقع 550 جنيه شهرياً رغم عدم وجود شركات دعاية راغبة في وضع الإعلان على السيارات في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة. وسط هذه الامتيازات عاش المستفيدون من هذا المشروع أحلاماً وردية ، إلا أن هذه الأحلام لم تستمر كثيراً خاصةً بالنسبة لسائقي هذا التاكسي وليس مالكيه بسبب تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية على أيدي النظام الحالي. سيطرت حالة من الغضب الشديد على عدد من سائقى التاكسى بسبب ما أسموه ب«خراب البيوت» نتيجة تطبيق حظر التجوال ، الذى تسبب في إلغاء الوردية الليلية ، بالإضافة إلى حالة الاختناق المرورى التى ألقت بظلالها على جميع الشوارع مما أدي إلى تراجع معدل الدخل للتاكسي، فضلاً عن عودة أزمة السولار والبنزين بسبب تكالب السائقين على تموين سياراتهم خلال ساعات النهار. "التاكسي الأسود" .. المسمي البديل الذي أطلقه العاملون بهذا المشروع بسبب تفاقم أزماته وعلى رأسها صعوبة الظروف الاقتصادية كالغلاء وأزمات الوقود والتي أثرت سلباً علي الجميع فالمواطن لم يعد يستخدم التاكسي ولجأ للميكروباص وأتوبيسات النقل العام لتقليل نفقاته ما أدي إلى تراجع الدخل اليومي للتاكسي وبالتالي أصبح السائق عاجزاً أمام الوفاء بالالتزامات من أقساط وخلافه ، فضلاً عن تعرضهم لسرقة سياراتهم بالقوة في ظل الانفلات الأمني الحالي ووجود عصابات متخصصة في ذلك. الأزمة لم تقتصر على وجود أزمة مالية تواجه العاملين بهذا المشروع فحسب وإنما وصل الأمر لأن يتوقف بعضهم عن العمل وينضم لطابور البطالة بعد أن تراجعت الأدوار التي يؤديها السائق في الوردية الواحدة لما يقرب من الربع ، في حين لجأ آخرون إلى مطالبة الحكومة بتأجيل سداد الأقساط لمدة 4 شهور، نظرا للظروف المضطربة التي تمر بها البلاد.