عمرو الجارحي أميناً للخطة والموازنة بحزب الجبهة الوطنية    وزير التموين يؤكد أهمية تطوير منافذ «العامة لتجارة الجملة» لضمان استدامة الإمدادات    وزير السياحة يطلق منصة إلكترونية مجانية لتدريب العاملين.. ومبادرة لاحتواء غير المتخصصين بالقطاع    محافظ أسوان يتابع جهود رصف الطرق للحد من الحوادث    ارتفاع المؤشر الرئيسى للبورصة بنسبة 1.3% ليغلق أعلى مستوى عند 34500 نقطة    رئيس اقتصادية قناة السويس يستقبل وفدا صينيا لبحث التعاون المشترك    زعيما تايلاند وكمبوديا يلتقيان في ماليزيا    المغرب.. إخماد حريق بواحة نخيل في إقليم زاكورة    حماس: خطة الاحتلال بشأن الإنزال الجوي إدارة للتجويع لا لإنهائه وتمثل جريمة حرب    المستشار الألماني يجري مجددا اتصالا هاتفيا مع نتنياهو ويطالب بوقف إطلاق النار في غزة    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم قرية جنوب نابلس.. وتطلق قنابل صوت تجاه الفلسطينيين    النصر السعودي يحسم صفقة نجم تشيلسي    مباراة الأهلي والزمالك فى الجولة التاسعة من الموسم الجديد للدوري    6 مباريات خارج القاهرة.. تعرف على مشوار الأهلي في بطولة الدوري    تحديد موعد مباراتي المنتخب ضد إثيوبيا وبوركينا فاسو    بورسعيد تودع "السمعة" أشهر مشجعي النادي المصري في جنازة مهيبة.. فيديو    جنايات الإسكندرية تُصدر حكم الإعدام بحق محامي المعمورة بعد إدانته بقتل 3 أشخاص    درجات الحرارة تزيد على 45.. توقعات حالة الطقس غدا الاثنين 28 يوليو 2025 في مصر    "تعليم أسوان" يعلن قائمة أوائل الدبلومات الفنية.. صور    الداخلية تضبط 254 قضية مخدرات فى القاهرة والجيزة    بسبب هزار مع طفل.. تفاصيل الاعتداء على شاب بسلاح أبيض في بولاق الدكرور    تاجيل محاكمه ام يحيى المصري و8 آخرين ب "الخليه العنقوديه بداعش" لسماع أقوال الشهود    أحمد جمال يروج لحفله وخطيبته فرح الموجي: لأول مرة يجمعنا مهرجان واحد    نجوى كرم تتألق في حفلها بإسطنبول.. وتستعد لمهرجان قرطاج الدولي    «فتح»: غزة بلا ملاذ آمن.. الاحتلال يقصف كل مكان والضحية الشعب الفلسطيني    وزير الثقافة ومحافظ الإسكندرية يفتتحان الدورة العاشرة لمعرض الإسكندرية للكتاب.. غدًا    الثلاثاء.. سهرة غنائية لريهام عبدالحكيم وشباب الموسيقى العربية باستاد الإسكندرية الدولي    رانيا فريد شوقي تحيي ذكرى والدها: الأب الحنين ما بيروحش بيفضل جوه الروح    وزير الصحة يعتمد حركة مديري ووكلاء مديريات الشئون الصحية بالمحافظات لعام 2025    7 عادات صباحية تُسرّع فقدان الوزن    قبل كوكا.. ماذا قدم لاعبو الأهلي في الدوري التركي؟    بمشاركة 4 جامعات.. انطلاق مؤتمر "اختر كليتك" بالبحيرة - صور    بعد عودتها.. تعرف على أسعار أكبر سيارة تقدمها "ساوايست" في مصر    داليا مصطفى تدعم وفاء عامر: "يا جبل ما يهزك ريح"    الدكتور أسامة قابيل: دعاء النبي في الحر تربية إيمانية تذكّرنا بالآخرة    أمين الفتوى: النذر لا يسقط ويجب الوفاء به متى تيسر الحال أو تُخرَج كفارته    "دفاع النواب": حركة الداخلية ضخت دماء جديدة لمواكبة التحديات    بالصور- معاون محافظ أسوان يتابع تجهيزات مقار لجان انتخابات مجلس الشيوخ    15.6 مليون خدمة.. ماذا قدمت حملة "100 يوم صحة" حتى الآن؟    وزير البترول يبحث خطط IPIC لصناعة المواسير لزيادة استثماراتها في مصر    مجلس جامعة بني سويف ينظم ممراً شرفياً لاستقبال الدكتور منصور حسن    لمروره بأزمة نفسيه.. انتحار سائق سرفيس شنقًا في الفيوم    تنسيق الجامعات 2025، تعرف على أهم التخصصات الدراسية بجامعة مصر للمعلوماتية الأهلية    «مصر تستحق» «الوطنية للانتخابات» تحث الناخبين على التصويت فى انتخابات الشيوخ    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القطاع يحتاج إلى 600 شاحنة إغاثية يوميا    وزير التموين يفتتح سوق "اليوم الواحد" بمنطقة الجمالية    تفاصيل تشاجر 12 شخصا بسبب شقة فى السلام    وزارة الصحة توجة نصائح هامة للمواطنين بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة    جواو فيليكس يقترب من الانتقال إلى النصر السعودي    مصر تنتصر ل«نون النسوة».. نائبات مصر تحت قبة البرلمان وحضور رقابي وتشريعي.. تمثيل نسائي واسع في مواقع قيادية    ريم أحمد: شخصية «هدى» ما زالت تلاحقني.. وصورة الطفلة تعطل انطلاقتي الفنية| خاص    بدعم من شيطان العرب .."حميدتي" يشكل حكومة موازية ومجلسا رئاسيا غربي السودان    إصابة 11 شخصا في حادثة طعن بولاية ميشيجان الأمريكية    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر.. والإدعاء بحِلِّه تضليل وفتح لأبواب الانحراف    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    "سنلتقي مجددًًا".. وسام أبوعلي يوجه رسالة مفاجئة لجمهور الأهلي    الأمم المتحدة: العام الماضي وفاة 39 ألف طفل في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تختتم خطابك ؟
نشر في التغيير يوم 29 - 09 - 2013

هل تود أن تعلم في أية اجزاء من خطابك تظهر عدم تجربتك ومهارتك وبراعتك؟ في الافتتاحية وفي الخاتمة.. هناك قول قديم عن المسرح يتحدث بالطبع عن الممثلين وهو (تعرفهم من خلال دخولهم وخروجهم).. من خلال البداية والنهاية! فما هي أصعب الأشياء التي تقوم بها خلال أي نشاط.. فمثلاً في الوظيفة الاجتماعية أليس من أصعب الأعمال الدخول برشاقة والخروج برشاقة؟ وخلال مقابلة عمل ,أليس من أصعب المهمات أسلوب التقرب والانتهاء الناجح؟
إن الخاتمة في الحقيقة هي أكثر النقاط استراتيجية في الخطاب , فما يقوله الإنسان في النهاية , أي ما يبقى يرن في آذان المستمعين هو ربما الكلمات التي تبقى عالقة في أذهانهم لكن المبتدئين نادراً ما يقدرون أهمية هذه الزاوية المفيدة , وغالباً ماتترك خاتمتهم بشكل لايقبل به أحد.. فما هي اخطاؤهم الشائعة؟ لنناقش القليل منها ونبحث عن علاج.
أولاً: هناك من ينهي خطابه ب :
(هذا كل ما أملك قوله حول الموضوع ,أظن أن من الأفضل أن اتوقف). هذه ليست بنهاية ,بل هي غلطة تفضح المبتدىء وهي غير مغتفرة تقريباً فإن كان ذلك كل ما يمكنك قوله لم لاتتوقف وتعود إلى مقعدك من دون أن تتكلم عن التوقف؟
وهناك الخطيب الذي يقول كل ما عليه قوله ,لكنه لايدري كيف يختتم خطابه, أعتقد أن جوش بيلينغ هو من نصح الناس بالامساك بالثور من ذنبه بدلاً من قرنيه , لأن من السهل الافلات منه هذا الخطيب أمسك الثور من قرنيه , ويريد التخلص منه لكن برغم محاولاته لن يستطيع التعلق بسياج أو شجرة ,وهكذا يبقى ضمن الدائرة يكرر نفسه ويخلف انطباعاً سيئاً.
ماهو العلاج؟ يجب أن يخطط للخاتمة مسبقاً , أليس كذلك؟ فهل من الحكمة أن تحاول إن شاءها وأنت تواجه الناس فيما أنت واقع تحت ضغط وتأثير الخطاب ,وفيما ذهنك مشغول بما تقوله؟ ألا يقترح عليك المنطق فعل ذلك بهدوء ورصانة مسبقاً؟
إن الخطباء المشهورين أمثال وبستر وبرايت وغلادستون رغم معرفتهم الواسعة باللغة الانجليزية شعروا أن من الضروري كتابة وحفظ الكلمات المناسبة لخاتمتهم. فإذا ما اتبع أي خطيب خطواتهم فنادراً ما يندم على ذلك, ويجب أن يدرك بالتحديد الأفكار التي ينهي بها خطابه, ويجب أن يكرر خاتمته عدة مرات , من دون أن يستخدم بالضرورة الكلمات ذاتها خلال كل مرة, بل أن يترجم الأفكار إلى كلمات.. إن الخطاب المرتجل خلال عملية الأداء يجب أن يعدل في بعض الأحيان ,وأن يقطع وينسق ليناسب التطورات غير المرتقبة ويتناغم مع انفعالات المستمعين ,لذلك من الحكمة أن تخطط لخاتمتين أوثلاثة ,فإذا لم تتناسب احداها تتناسب الأخرى.
بعض الخطباء لايتوصل إلى النهاية أبداً , ففي وسط رحلته يبدأ بالتدخين والاختلال كالمحرك عندما يفرغ من الزيت, وبعد عدة اندفاعات يائسة يتوقف تماماً وينهار أنه بحاجة إلى تحضير أفضل وإلى المزيد من التدريب والمزيد من الزيت.. يتوقف الكثيرون من المبتدئين فجأة , وطريقتهم في الاختتام تنقصها السلاسة واللمسة الأخيرة , وبكلمات أوضح ليست لديهم أية خاتمة ,بل هم يتوقفون فجأة وبسرعة فتأتي النتيجة غير سارة وغير متقنة , وهي تبدو وكأن صديقاً توقف فجأة أثناء محادثة اجتماعية وتسلل من الغرفة من دون أن يخرج بلباقة.. ما من خطيب أدنى من لنكولن اقترف هذا الخطأ في المسودة الأصلية لخطابه الافتتاحي الأول : ألقي هذا الخطاب في وقت عصيب فقد كانت غيوم التفرقة والكراهية السوداء تعصف وتتجمع فوق الرؤوس,وبعد عدة أسابيع أريقت الدماء وساد الخراب في الوطن,وعندما خاطب لنكولن سكان الجنوب كان يقصد أن ينهي خطابه على هذا النحو:(إن مسألة الحرب الأهلية الراهنة هي بأيديكم يارفاقي المواطنين , وليست بيدي, أن الحكومة لن تهاجمكم لايمكنكم أن تتنازعوا من دون أن تكونوا أنتم المهاجمين, وليس لديكم وعد مسجل في السماء للقضاء على الحكومة فيما لدي وعد أهم هو أن أحافظ عليه وأحميه وأدافع عنه , باستطاعتكم مهاجمته ولن استطيع التملص من الدفاع عنه أن مسألة السلام والحرب هي بين أيديكم وليست بين يدي)..
بعد ذلك قدم خطابه إلى السكرتير سيوارد الذي أشار إلى أن النهاية فظة جداً , ومفاجئة ومثيرة فحاول أن يكتب هو الخاتمة وفي الواقع كتب اثنتين وقد قبل لنكولن واحدة منها واستخدمها بعدما أجرى عليها تعديلاً طفيفاً , فكانت النتيجة أن فقد خطابه الافتتاحي الأول الفظاظة وعنصر المفاجأة المثيرة وبدا معتدلاً وشاعرياً.
أكره أن اتوقف فنحن لسنا اعداء بل اصدقاء ويجب ألا نكون اعداء , ومع أن عواطفنا قد توترت فلا ينبغي أن تتحطم روابط الألفة بيننا لتعزف أوتار الذاكرة الخفية الممتدة من كل ساحة معركة وقبر وطني إلى كل قلب حي وموقد في هذه الأرض الشاسعة انشودة الاتحاد لدى ملامستها ثانية مثلما تفعل عندما يلامسها أفضل ملاك لدينا.
كيف يستطيع المبتدىء أن يولد الشعور الملائم في نهاية الخطاب؟ هل من خلال قواعد آلية).
كلا.. فإن ذلك كالتراث دقيق جداً ولايمكن معالجته كذلك وهو مسألة شعور ووحي تقريباً , وعندما يشعر الخطيب ان ذلك تم بشكل متناغم ولائق فكيف يمكنه أن يفعل ذلك بنفسه؟
لكن هذا الشعور يمكن أن ينمو, ويمكن لهذه التجربة أن تتطور إلى حد ما من خلال دراسة الطرق التي توصل إليها الخطباء المشهورون ,هنا مثال خاتمة خطاب ألقاه أمير ويلز أمام النادي الملكي في تورنتو :
(أخشى أيها السادة أن أكون قد ابتعدت عن تحفظاتي وتحدثت عن نفسي القدر الكثير ,لكنني أردت أن اخبركم, كأعظم جمهور سنحت لي الفرصة التحدث إليه في كندا , عما أشعر به تجاه المسئولية التي يفرضها علي مركزي ومسئووليتي , يمكنني فقط أن أؤكد أنني سأسعى دائماً للمحافظة على المسؤولية العظيمة وأن أكون جديراً بثقتكم.
إن الرجل الأعمى الذي يستمع إلى هذا الخطاب , سيشعر أنه أنتهى.. فهو لم يترك يتأرجح في الهواء كالحبل المتدلي , ولم يترك بأهمال ودون اتقان بل أنه تم وانتهى.
لخص أفكارك
إن الخطيب ميال لتغطية افكار كثيرة حتى في خطاب قصير تتراوح مدته بين ثلاث أو خمس دقائق ومع ذلك قلة من الخطباء يدركون ذلك , فهي تنقاد لافتراض أن تلك الأفكار واضحة وجلية في أذهانها وبالتالي هي واضحة في أذهان المستمعين لكن أفكاره كلها هي جديدة بالنسبة للمستمع وبعضها يعلق في الذهن لكن معظمها يتدحرج باضطراب والمستمع هو عرضة لأن يتذكر مجموعة أشياء, ولكن ليس شيئاً واحداً بوضوح.. مثلما قال اياغو.
هنا مثل جيد الخطيب هو منظم سير في أحد خطوط شيكاغو الحديدية:
باختصار أيها السادة , إن تجربتنا الخلفية بجهاز الخطوط وتجربتنا في استخدامها في الشرق والغرب والشمال والمبادىء الفعالة الكامنة وراء تشغيلها والمال الذي جرى توفيره في سنة واحدة من خلال الحؤول دون التحطم والحوادث أثارني بصدق للإشادة بتجهيزات فرعنا الجنوبي الحالية..
هل تلاحظ ما الذي يفعله؟ تستطيع أن ترى ذلك وتلمسه من دون حتى أن تستمع إلى بقية الخطاب , فقد جمع في جمل قليلة , في بضع كلمات جميع النقاط التي ذكرها في خطابه.
خاتمة مرحة
قال جورج كوهان: اتركهم دائماً يضحكون عندما تقول وداعاً.. إذا كانت لك القدرة على فعل ذلك يكون الأمر جيداً , لكن كيف؟ تلك هي المسألة كما قال هاملت , وعلى كل إنسان أن يفعل ذلك بطريقته الخاصة. قلما يتوقع المرء أن يغادر لويد جورج مجمع الميثودي ضاحكاً بعدما يتحدث إليهم عن موضوع جون ويلسي تومب المتزمت لكن لاحظ كيف يتدبر ذلك بذكاء لاحظ أيضاً كيف ينتهي الخطاب بجمال وسلاسة. أنا سعيد لأنكم تعهدتم باصلاح ضريحه فقد كان رجل يمقت بشدة غياب النظافة والترتيب وأعتقد أنه من قال: لنمنع أن يرى أحد ميثودي فقيراً , والأمر يعود إليه.. إذ لم ير واحداً منهم ومن غير اللياقة أن تتركوا ضريحه من دون اتقان. تذكر ما قاله إلى فتاة من دربي شاير كانت قد هرعت إلى الباب عندما كان ماراً وصاحت: «بارك الله فيك ياسيد وسلي». فأجاب: أيتها الشابة ستكون مباركتك أكثر قيمة لو أن وجهك ورداءك نظيفان. هذا هو شعوره نحو الاتساخ , فلا تتركوا قبره وسخاً , فإذا مر من هنا ,سيتألم من ذلك أكثر من أي شيء , لذا اسمعوا إلى ذلك فهو مزار تذكاري مقدس , وهو في عهدتكم.
الاختتام بمقطتفات شعرية
ليس هناك خاتمة أكثر استحساناً من تلك التي تأتي مرحة أو شعرية وفي الحقيقة إذا استطعت الحصول على قطعة شعرية ملائمة لنهايتك , يكون الأمر مثالياً , فهي تمنحك النكهة المطلوبة , وستمنحك الوقار والتفرد والجمال.
اختتم السير هاري لودر خطابه أمام مندوبي نوادي الروتري الامريكية , أثناء مؤتمرهم في ادنبورغ على هذا النحو التالي: عندما تعودون إلى منازلكم ليرسل كل منكم بطاقة سياحية لي , وسأرسل لكم واحدة إذا لم تفعلوا أنتم ذلك وستعلمون بسهولة أنها مني لأنني لا ألصق عليها طابعاً لأنني سأكتب شيئاً عليها وهو (فصول تأتي وفصول تغيب)..
كل شيء يذوي في وقته لكن هناك شيء مازال يزهر كالندى إنه الحب والاخلاص اللذان أكنهما لكم.. هذه القطعة الشعرية تناسب شخصية هاري لودر وما من شك في أنها تناسب نبرة خطابه , لذلك كانت ممتازة ولو استخدمها شخص حازم مترمت في نهاية خطاب رسمي لكانت غير ملائمة على الاطلاق حتى أنها لتبدو في غاية السخف ,وكلما مارست تعليم فن الخطابة كلما اتضحت لي الرؤية والسرعة في الشعور أن من المستحيل تقديم قواعد عامة تناسب جميع المناسبات ,فالأمر يعتمد كثيراً على الموضوع والزمان والمكان , وعلى الإنسان نفسه (فعلى كل إنسان أن يسعى لخلاصة) مثلما قال القديس بول.
كنت ضيفاً خلال حفل عشاء وداعي اقيم تكريماً لرحيل رجل اختصاصي من نيويورك وقد نهض عدة خطباء لتحية واطراء صديقهم الراحل متمنين له النجاح في حقل نشاطه الجديد , من بين تلط الخطب انتهى خطاب واحد بأسلوب لاينسى , وهو الذي انتهى بقطعة شعرية , فالخطيب مع العاطفة في صوته التفت مباشرة نحو الضيق المغادر صائحاً: «والآن وداعاً أتمنى لك حظاً سعيداً , أتمنى لك كل أمنية طيبة تتمناها لنفسك» !.
إنك لمست قلبي بأخلاقك الحميدة وتصرفاتك النبيلة: أني أدعو أن يشملك سلام الإيمان وأن تحوطك عناية رب العالمين في كل أيامك إنك لمست قلبي باخلاقك الحميدة وتصرفاتك النبيلة فلتذهب في رعاية الله.
تحدث السيد ج أ ابوت نائب رئيس ل أ د موتورز كومباني في بروكلين إلى موظفي شركته حول موضوع الإخلاص والتعاون. وقد انتهى خطابه بهذه الكلمات القيمة: والآن ها هو قانون الحياة القديم والحقيقي والإنسان الذي يسير عليه يعيش بسعادة أما الذي يخالفه فيبقى وحيداً إن سعادة الفرد في سعادة الجماعة وتقدم الإنسان رهن بتقدم المجتمع الذي يعيش فيه
الذروة
إن الذروة هي طريقة شائعة للاختتام ,ومن الصعب تأليفها وهي ليست بخاتمة لجميع الخطباء ولا لجميع المواضيع , لكن عندما تؤلف باتقان تكون ممتازة فهي تعمل كقمة ترتفع جملها القوية تدريجياً والمثال الجيد عن الذروة نجده في خاتمة الخطاب الذي فاز بالجائزة الأولى والذي يدور حول فيلادلفيا الذي مر معنا في الفصل الثالث. لقد استخدم لنكولن الذروة في تحضير ملاحظاته لمحاضرة تدور حول شلالات نياغارا لاحظ كيف أن كل مقارنة تأتي أقوى من السابقة, وكيف يحصل على نتيجة تصاعدية بمقارنة عمرها بعمر كالومبوس والمسيح وموسى وآدم إلى ما غير ذلك.
يعود ذلك إلى الماضي الغابر , عندما اكتشف كولومبوس هذه القارة عندما تعذب المسيح على الصليب عندما قاد موسى بني اسرائيل عبر البحر الأحمر بل حتى عندما خرج آدم لأول مرة من أيدي بارئه , عندئذ كانت شلالات نياغارا تخر. إن عيون العمالقة البارزين الذين تملأ عظامهم ركام امريكا, كانت قد حدقت بنياغارا , مثلما تفعل أعيننا اليوم, إنها تعاصر الجنس البشري الأول , بل هي اقدم من الإنسان الأول نياغارا, هي قوية ونقية اليوم مثلما كانت منذ عشرة آلاف سنة , إن المومياء والمستودين (الحيوان البائد الشبيه بالفيل).. اللذين ماتا منذ زمن بعيد ولا تدل على وجودها سوى بقاياها , كانا قد حدقا بنياغارا التي لم تهدأ أو تجف أو تتجمد أو تستكين للحظة منذ ذلك الزمن السحيق).. حين تشرف على الانتهاء اقتنص وابحث وجرّب حتى تحصل على نهاية وبداية جيدتين , بعدئذ اربطهما معاً.
إن الخطيب الذي لايصيغ خطابه ليتناسب مع روح العصر السائدة والمتميزة بالسرعة لن يكون موضع ترحيب وفي بعض الأحيان يثير كراهية الآخرين. حتى أن القديس سول من تارسوس اخفق في هذا المجال ففي ذات يوم وبينما هو يعظ كبار أحد المستمعين واسمه ايتكوس سقط من النافذة كاسراً عنقه.
وربما لم يتوقف سول عن خطبته فمن يدري ذلك؟
وأذكر خطيباً وهو طبيب وقف مرة في نادي جامعة بوكلين أثناء مأدبة عشاء طويلة تحدث خلالها عدد من الخطباء كانت الساعة الثانية صباحاً حين جاء دور ذلك الطبيب في الكلام. ولكن هل ألقى بضعة جمل وتركنا نعود إلى منازلنا ؟ كلا بل ألقى خطابا دام خمسا وأربعين دقيقة عن ترشيح الأحياء ومناهضته لذلك وقبل أن يصل إلى منتصف خطابه ، رغب المستمعون لو أنه يقع مثل إيتيكوس، من النافذة ، ويحطم شيئاً ، حتى يصمت.. إن أعظم خطاب ألقاه المسيح (عليه السلام ) وهو« العظة على الجبل » يمكن أن تكرر بخمس دقائق. وخطاب لنكولن في غيتسبوري يتألف من عشر جمل فقط . وباستطاعة المرء أن يقرأ قصة الخلق في التوراة بوقت أقل مما يحتاجه لقراءة قصة جريمة في الصحيفة الصباحية. لذلك كان مختصراً.
كتب الدكتور جونسون كتاباً عن شعوب أفريقيا البدائية ، فقد عاش بينهم وراقبهم طيلة تسع وأربعين سنة . وهو يقول إنه عندما يلقي خطيب خطاباً طويلاً جداً خلال اجتماع القرية، فإن الناس يسكتونه بالصراخ، كفى ، كفى .
ويقال أن قبيلة أخرى تسمح للخطيب بالتحدث طالما يستطيع وهو مرتكز على ساق واحدة . وعندما تلمس مقدمة ساقه الأخرى الأرض ، يتوجب عليه التوقف عن الكلام.
ورغم أن الجمهور العادي ربما يكون أكثر تهذيبا وتماسكاً ، إلا أنه يكره الخطب الطويلة أيضاً .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.