القاعدة الأساسية الأولى : ركز على المحتوى أكثر من تركيزك على الأسلوب إن الأساليب المزعجة أو التعبيرات المكتظة بالأخطاء اللغوية ، أو المملوءة تفاخرا بالذات ، كل ذلك قد يثنينا عن متابعة المتحدث فيما يقول ، فالضجر الذي تسببه لنا الطرق الوعرة التي تعبر بها الرسالة إلينا يؤدي إلى عزوفنا كلية عن التمعن فى محتوى الرسالة ذاتها ، ويدرك الزعماء السياسيون هذه الحقيقة ، ولذلك يحاولون اختيار المرشحين الحزبيين من العناصر التي تتمتع بشخصيات ساحرة وصفات حذابة – ما يطلقون عليه " كاريزما " – وذلك للتأثير القوي فى الناس وصرفهم عن لب القضية وبتركيز انتباهنا أكثر على سحر شخصيات المرشحين منه على ما يمثلونه من اتجاهات ، كثيرا ما نصاب بخيبة أمل فى توقعات أداء وتنفيذ برامجهم بعد توليهم المناصب السياسية ، فيزول السحر ونواجه الواقع . وحين نولي اهتمامنا الأكبر بالأسلوب لا بالمضمون ، يؤدي بنا إلى التوغل فى واحد من سبيلين كلاهما مضلل ، فالسبيل الأول يقودنا بعيدا عن المعلومات ذات القيمة التي تنفعنا وتأخذ بأيدنا ، والثاني يجعلنا نأخذ الناس بظاهرهم ، فنبتلع ما يقولون دون مناقشة أو تحليل ، وربما كلفنا ذلك غاليا . بينما كان " بن دي " ينتظر المعاونة فى البيع فى أحد متاجر الأجهزة استمع إلى البائع وهو يروج لسلعة كي يبيعها وهي مسجل شريط فيديو معين ، لزوجين شابين ، وكان هذا الصنف أعلى فى السعر من قرنائه ، وكان البائع يؤكد لهم أنه أفضل ما يمكن أن يشتروه ، لاجئا إلى نصيحتهم نصيحة أبوية باقتنائه لصفاته الرائعة ، فدفعا ببطاقة الائتمان ، واشتروا الجهاز وما كادوا يسألونه سؤال واحد . وعندما حان دور " بن " قال انه هو أيضا يبحث عن جهاز تسجيل شرائط فيديو ، وكرر عباراته الممتدحة لمزايا الجهاز الغالي الثمن وخصائصه الجذابة ، وكانت تصرفاته تبدو كأنها تقول : " هل من المعقول لرجل فى مثل سني فى مقام والدكما ويهمه أمركما ، ان يخدعكما أو يضلل بكما ؟ ووجد " بن " نفسه على وشك أن يكرر ما فعله الزوجان من قبل ، وأن يفرغ جيبه من كل ما معه من نقود ، ويشتري الجهاز الباهظ الثمن ، ولكن عندما تذكر القاعدة الأساسية الأولى فى الإصغاء الفعال ، بدأ يفكر فى صميم ما قاله البائع ، وهناك كانت المفاجأة ، فقد كان فى استطاعة " بن " الاستغناء عن ميزة الاختيارات التي كان الرجل يحاول الترويج بها للسلعة ، ففي الواقع لم تكن تجذبه أية من تلك الاختيارات ، لان بن لم تكن تعنيه مشاهدة الأخبار الليلية بالحركة البطيئة أو السريعة أو الاستفادة من توقف الحركة ، بل إنه لم يكن حتى يريد أن يتجاوز الإعلانات التجارية ، لانها تمده بفرص ممتازة لفترات الانقطاع القصيرة التي يتمتع فيها بالاسترخاء . لقد كاد الأب العيم أن يكلف بن مالا يزيد عما قد يدفعه مقابل ما يفي بحاجته بمقدار 375 دولارا ، وبمجرد أن ادرك بن انه يضع ثقة مبالغ فيها وعمياء وأكثر مما يجب فى نصيحة البائع " الأبوية " بدأ ينظر فى صميم الموضوع ويعير انتباها أكبر منه للأسلوب ، ونحقق من انه كانت تعرض عليه سلعة لم يكن يرغب فيها . القاعدة الأساسية الثانية : اجعل عقلك متفتحا لو جادلت فيما يقال حتى لو كانت المجادلة عقلية بحتة بينك وبين نفسك فإنك توقف سيل عارم من المعلومات قد يكون منها معلومات ثمينة ، فكثيرا ما تنزع إلى التفكير ، ثم يبدو لنا هذا التصرف أحمقا فنتحول باذاننا إلى المتحدث ، ونبدأ فى أحلام اليقظة أو قد تختلف معه معبرين بالصوت ، فنوقف مسارات حديثه . يروي أحد سماسرة العقارات عن مقابلته صدفة فى الشارع لأحد معارفه القدامى ، وبعد تبادل المعلومات عن سير أولاد كل منهما ، اخبر الصديق السمسار بأنه قد واتته فكرة رائعة . ويتذكر السمسار قائلا : " كانت تبدو لي الفكرة كواحدة من الأفكار الغريبة علي فكان كلما ابتعدت عن التركيز فى الموضوع ، وبعد مضي بضعة أسابيع من ذلك ، قرأت فى الجريدة عن نبأ يقول أنه قد اشترى مبنى قديما ، وكان المبنى مدرج فى قوائم متضاعفة وكان فى وسعي بيعه لهم بنفس السهولة فى البيع الذي قام به السمسار الذي اجرى الصفقة ، فلو كنت أعرت لصديقي انتباها أكبر لربما قد علمت أنه يبحث عن مبنى فى السوق ، ولكانت البيعة من نصيبي " . فمن الحكمة أن تتذكر أنه – حتى إن اختلفت فى الرأي مع شخص ما يتحدث أنه لربما تنتفع بأجزاء كبيرة من المعلومات التي يحتويها قول الشخص الآخر . القاعدة الأساسية الثالثة : قاطع المتحدث بطريقة لبقة لقد تربيت على الاعتقاد بأنه من سوء الأدب أن تقاطع الغير وهو يتحدث ، إلا أن هناك ضربا من المقاطعة بأنه من سوء الأدب أن تقاطع الغير وهو يتحدث ، إلا أن هناك ضربا من المقاطعة ليس مقبولا فحسب ، بل يرحب به المتحدث ، لانه الشاهد على اهتمامك بما يقول ، فحين تلقى الأسئلة يعلم المتحدث أنك تولى الاهتمام بالموضوع وبالتالي تمنحه شعورا بالأهمية ، فإلقاؤك الأسئلة يتضمن الحقيقية بأنه يعلم شيئا لا تعلمه انت ، وتجعل منه بذلك ثقة وحجة الأمر إليه ، حتى لو بدا هذا الأمر قليل الشأن ، وبناء على هذا سيتحدث إليك باهتمام أكبر وبحماس أشد . كان " فيليكس ب " أحد الحضور فى حلقة دراسية تتناول تطوير مهارات الإصغاء ، وبدأ ينتفع من " القاعدة الأساسية الثالثة " تقريبا على الفور ، ويذكر فضلها عليه فى قبوله كمرشح للالتحاق بوظيفة جديدة عمل بها ، وحين حضوره فى الحلقة كان يبلغ الستين من عمره ، وبعد مرور شهر ولاسباب أكبر من استطاعته ، فصلته الشركة التي عمل فيها لاثنين وعشرين عاما . وبالطبع مر وقت عسير على هذا الرجل ذي الستين من عمره وعاطل عن العمل ، وخاصة أن دخله كان 50.000 دولارا فى العام ، ولم يشأ أن يتنازل عن هذا المستوى ، وعلى الرغم من أن نص القانون يقف ضد التمييز السني ، إلا أن أصحاب العمل فى وسعهم اختلاق جميع ألوان الأعذار إذا ما أرادوا عدم إلحاق شخص ما للعمل فى مؤسستهم . ويشرح فيليكس قائلا : بعد أن رفضتني عشرات الوظائف فى مجالي الخاص ، قررت أن أجرب فى مجال يختلف قليلا ، ولكنه يحتاج أيضا إلى المهارات والاتصالات التي طورتها عبر السنين ، ونظمت لي مقابلات شخصية لشركات عديدة تعمل فى المجال الجديد ، وفى كل مقابلة كنت صريحا فى إخبارهم بعدم خبرتي المباشرة . وفي واحدة من هذه المقابلات ، بدأت المحاورة تخبرني بأن متطلبات العمل تختلف عن أي خبرة لي مارستها من قبل ، أسئلة كثيرة تتعلق بما كانت تقوله ، وبصراحة تعلمت منها الكثير ، وإن لم يكن شيئا آخرا ، فقد ادركت أن المعرفة التي اكتسبتها من ردودها علي ستساعدني فى النجاح فى المقابلات فى المستقبل . ولكن لم تكن هناك حاجة إلى تلك المقابلات فى المستقبل ، فلقد كان وقع أسئلته على الممتحنة عظيما إلى الحد الذي نال به الوظيفة الجديدة . لقد قالت له : " إنك أول – متقدم بطلب الوظيفة يعبر عن اهتمامه الشديد بالعمل نفسه ، فمعظم المتقدمين يسألون أساسا عن الأجر والمزايا ، وأنه سيكون من المخزي أن نستبعد شخصا له مثل حماسك الشديد واهتمامك بالعمل " ولذلك كمن الكياسة ان تقاطع الشخص المتحدث بأسئلة تتعلق بالموضوع ، فإذا لن تحصل على معلومات أهم واكثر عونا فحسب ، بل سيكون لك رصيد ثمين من التقدير لدى الشخص الآخر . القاعدة الأساسية الرابعة : تعلم تجاهل كل ما يلهيك لو أردت أن تفوز بمعلومات ثمينة تفوق الآخرين ، فتعلم ما لم يتعلمه أغلبهم : وهو أن تتجاهل أي شيء مادي يشتت انتباهك ، وتوجد أساليب أكيدة المفعول تعينك على هذا ، وبتطبيق هذه الأساليب ستتميز عن المستمعين الآخرين . وأولا ، فى وسعك أن تدون الملاحظات سواء احتجت إليها أم لا ، وفي البقاء بعيدا عن المثيرات الخارجية من تدوين كل النقاط الرئيسية ، إنه الأسلوب الذي عليك أن تتبعه عندما تكون واحدا من جماعة تستمع إلى متحدث . وثانيا ، فى وسعك أن تقوم بأداء ألعاب بالفعل ، فإن أردت أن تتأكد من أن عقلك معلق بما يقوله المتحدث ، فأنشىء لنفسك تحديات عقلية ، فمثلا : انتق أطول كلمة فى كل جملة يقولها المتحدث ، أو كمثال آخر ، حيث إن بوسعك أن تفكر بمعدل سرعة يبلغ ثلاث أو أربع مرات السرعة التي يستطيع أن يتكلم بها الشخص الآخر ، فاستغل الوقت الزائد فى إعادة تكوين الألفاظ بعضها من جمله " فى العقل طبعا " وانظر إن كان فى مقدورك تلخيص نفس الأفكار فى كلمات أقل . وثالثا ، فى وسعك أن تستخدم أساليب الذاكرة المذكورة فى الفصل الثاني ، وذلك بإدراج النقاط الهامة التي تصدر من المتحدث ، فى ملفات خاصة ، وستكون لهذا .. فائدة مزدوجة : ان تبقيك مشغولا إلى الحد الذي لا يسمح بدخول الملهيات فى حيز انتباهك ، وأن تضمن لك دوام المعلومات الجديدة فى ذهنك . أرسلت إحدى الوكالات الفيدرالية اثنى عشر عاملا من مكتب عملها بالمنطقة ، إلى " واشنطن " لحضور حلقة دراسية لرفع مستوى مهاراتهم ، ولسوء حظهم كانت عمليات التجديد تجري على قدم وساق فى المبنى حيث كانت تعقد الحلقات ، فكان من السهل تشتيت انتباههم ، وبسبب الضوضاء والجلبة يمكن الاطمئنان إلى القول أن اغلبهم لم يستفد بكل ما كان يمكن ان يفيدوه من الحلقة الدراسية إلا أن واحدا منهم على الأقل – كانت مألوفة لديه أساليب تجاهل الملهيات التي رأيتها حاليا ، فقد شرح " وارين تي " قائلا : " دونت الملاحظات " وأديت الألعاب واستخدمت أساليب الذاكرة المنوعة لاتأكد من أني سمعت وحفظت المادة التي كانت تدرس لنا . ونتيجة لذلك ، عندما تقدمنا كلنا – نحن الاثنى عشر لاختبارات موظفي الحكومة بعد مضي بضعة شهور من الحلقة الدراسية حصلت على أعلى الدرجات