يلف الغموض حقيقة قرار السلطات اللبنانية منع اللاجئين الفلسطينيين الهاربين بأرواحهم من سوريا من دخول لبنان، بعد نفي الأمن العام اللبناني حدوث أي تغيير على سياسة استقبالهم كغيرهم منذ بدء الأزمة السورية. وبينما نددت منظمة هيومن رايتس ووتش برفض السلطات اللبنانية منذ السادس من أغسطس/آب السماح لمعظم الفلسطينيين الهاربين من سوريا بدخول لبنان، وبينهم أسر بالكامل، أطفال ومسنون ومرضى، عبرت مصادر فلسطينية ناشطة في مجال حقوق اللاجئين عن خشيتها من وجود قرار ضمني لا علني بالمنع يقلص عدد اللاجئين القادمين، معللة عدم الإعلان عن القرار بصورة مباشرة لما يمكن أن يترتب على الدولة اللبنانية من انتقادات وتداعيات دولية. لكن مؤسسة "شاهد" لحقوق الإنسان قالت للجزيرة نت إنها تلقت نفيا رسميا من الإدارة العامة للأمن العام اللبناني تفيد بعدم وجود أي قرار رسمي أو تغيير في سياسة قبول واستقبال اللاجئين الفلسطينيين الفارين من سوريا إلى لبنان. ولفت منسق العلاقات العامة والإعلام في المؤسسة محمد الشولي إلى أن ما يجري بحسب رد الأمن العام هو تدقيق في الأوراق الثبوتية والتأكد من صلاحيتها ليس أكثر، دون وجود أي مساس بحق الدخول. وقال إن شروط الدخول لا تزال كما هي -بحسب رد الأمن العام- وهي توفر جواز سفر أو بطاقة هوية سارية المفعول وإذن مغادرة من الهجرة والجوازات السورية إلى جانب تحديد عنوان واضح للتوجه والإقامة في لبنان. لكنه استدرك بالقول إن مؤسسته تنتظر مزيدا من التحقق على الأرض فيما يخص حقيقة الموقف، بعد شيوع أحاديث عن منع لاجئين من العبور رغم توفر شروط أوراقهم الثبوتية المطلوبة. من جهته قال مدير عام منظمة ثابت لحق العودة علي هويدي إن بلاغات ومعلومات واتصالات من لاجئين وصلت إليه تفيد بمنع أكثر من مائة لاجئ من دخول لبنان خلال الأيام القليلة الماضية، وهو ما يشكل خطرا كبيرا على حياة الكثير من الأسر المهاجرة. وقال إن خطورة قرار المنع -إن ثبت فعلا- سيضيف مشاكل مركبة على العائلات الفلسطينية اللاجئة ممن اقترب موعد وجوب مغادرتها الأراضي اللبنانية لتجديد إقامتها السنوية التي منحت لها من الأمن العام، وهو ما يعني منعها من معاودة الدخول مرة أخرى بموجب القرار. وأمل هويدي في تصريح للجزيرة نت أن يترجم نفي الأمن العام اللبناني وجود قرار بالمنع، إلى واقع محسوس من خلال التيسير على العائلات اللاجئة وتقديم التسهيلات اللازمة، والتغاضي عن بعض الإجراءات الفنية التي يمكن تجاوزها نظرا لصعوبة الظروف واحتمالية فقدان بعض الأوراق نتيجة ما يجري من قصف واعتقال وتهجير. وسبق لوزراء وشخصيات سياسية لبنانية أن طالبت علانية بمنع دخول اللاجئين الفلسطينيين الفارين بأرواحهم من دخول لبنان، على قاعدة أن لبنان لديه ما يكفيه من اللاجئين الفلسطينيين إلى جانب ضعف مقدرات الدولة وغياب الدعم الدولي الخاص برعايتهم. وتشير تقديرات إلى أن أكثر من ستين ألف فلسطيني قدموا من سوريا سجلوا لدى منظمة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) منذ اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، من أصل خمسمائة ألف لاجئ فلسطيني هم مجموع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا. وتستثني المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة اللاجئ الفلسطيني القادم من سوريا من خدماتها ورعايتها بالمطلق، تحت مسوغ التبعية لوكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي تعاني بدورها من مشاكل مالية كبيرة وانتقادات من ضعف وسوء الخدمة. وتعيش العائلات الفلسطينية اللاجئة إلى لبنان ظروفا معيشية قاهرة، بدءا من فقدان السكن والمأوى مرورا بظروف المخيمات واكتظاظها أصلا، وليس انتهاء ببطالة رب العائلة وضعف الخدمات المقدمة من وكالة أونروا الدولية.