انتقد هاني أبو الفتوح الخبير المالي ورئيس شركة الراية للاستشارات المالية الأسلوب الذي يتم من خلاله مناقشة الموازنة التى يبلغ حجمها 820.1 مليار جنيه ، فقد قام وزير المالية في بداية شهر أبريل الحالي, وفي سرية تامة, بعرض مشروع الموازنة للعام المالي 2013-2014 على مجلس الشورى, دون إتاحتها بشكل علني للمواطنين على موقع الوزارة. وأضاف أبو الفتوح في حواره ل"التغيير" أن افتقاد الموازنة للشفافية يثير القلق تجاه مصداقية أرقامها , خاصةً فيما يتعلق بالضرائب وحديث الحكومة عن تحقيق معدل نمو بها يصل إلى 33% وهي أرقام يصعب تحقيقها في ظل الظروف الاقتصادية الحالية ، مشيراً إلى أن ارتفاع الدين العام و أعباء خدمة الدين بنسبة 31% في الموازنة نسبة تثير قلقاً بالغاً، وإلى نص الحوار: - أعلنت الحكومة الأسبوع الماضي عن الموازنة العامة للدولة ، فما تعليقكم بشكل عام؟ بدايةً أود أن انتقد بشدة الأسلوب الذي يتم من خلاله مناقشة الموازنة التى يبلغ حجمها 820.1 مليار جنيه ، فقد قام وزير المالية في بداية شهر أبريل الحالي, وفي سرية تامة, بعرض مشروع الموازنة للعام المالي 2013-2014 على مجلس الشورى, دون إتاحتها بشكل علني للمواطنين على موقع الوزارة, أو بأي شكل من أشكال النشر ، ولم يُعلن عن هذا الخبر إلا بشكل محدود جداً في بداية الأسبوع الماضي. كذلك تم تجاهل التزام الدولة بعرض الموازنة وإتاحتها للمواطنين قبل ثلاثة أشهر من نهاية العام المالي لتحقيق الشفافية، فالوجب هو السماح لمستندات الموازنة أن تنشر وتعلن للمواطنين خلال مراحل الإعداد و الموافقة عليها والتنفيذ والمراقبة . علاوة على ذلك، يتم نشر مشروع الموازنة بتفاصيله شاملاً الاستخدامات والإيرادات و الأجزاء الخاصة بموازنة الجهاز الإداري و الإدارة المحلية و الهيئات الخدمية. و هكذا لم يراعى إعطاء فرصة حقيقية لكل المهتمين بإجراء نقاش مجتمعي جاد حول الموازنة طبقا للمادة 55 من الدستور التي تنص على أن "مشاركة المواطنين في الحياة العامة واجب وطني." وأود أن أنوه الى أن مجلس الشورى ليس من اختصاصه مناقشة الموازنة العامة؛ لأنها اختصاص أصيل لمجلس الشعب، ومناقشة الموازنة بمجلس الشورى مخالف للدستور الحالى طبقًا للمادتين "115 و203". - هناك بنود في الموازنة تتعلق بجهات سيادية وعسكرية فهل يحق للمواطن الإطلاع على الموازنة كاملة؟ إتاحة مشروع الموازنة العامة للإطلاع عليه هو حق مكفول للمواطنين ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية طبقا لنص المادة 47 من الدستور التي تنص علي " الحصول على المعلومات والبيانات والوثائق,والإفصاح عنها, وتداولها حق تكفله الدولة لكل مواطن, بما لايمس بحرمة الحياة الخاصة , وحقوق الأخرين, ولا يتعارض مع الأمن القومي ، وينظم القانون تلك القواعد, وطريقة الحصول على المعلومات, والتظلم من رفض إعطائها, وماقد يترتب على هذا الرفض من مسائلة. " كذلك فإن وضع الشفافية في مصر ينحدر من سيئ إلى أسوأ بعد أن حصلت مصر علي المركز 82 من بين 100 دولة في تقييم "مسح الموازنة المفتوحة للعام 2012" ، برصيد 13 درجة من 100 . هذا التقييم يقيس مدي شفافية طرح الموازنة العامة للدولة علي الشعب ومدي إتاحة بيانات ومعلومات عن الموازنة أثناء الإعداد وبعد اعتمادها للمواطنين و المجتمع المدني و الأحزاب - فما تقييمكم لمشروع الموازنة ؟ بالنظر إلى مشروع الموازنة للعام المالي 2013-2014 ، يبدو جلياً أنه لايبعث علي التفاؤل ، حيث أن الأرقام تثير القلق العميق ، ومن المتوقع أن يبلغ العجز الكلى في الموازنة 197.5 مليار جنيه بما يمثل نسبة 9,5% من الناتج المحلى الإجمالى و المصروفات تمثل 84.4% من الحجم العام للاستخدامات في حين تغطى الإيرادات نسبة 71.8% من حجم المصروفات و يعتبر هذا خلل كبير بين المصروفات و الايرادات. - شهدت بنود الموازنة ارتفاع نسبة الدين العام ، فكيف تري السبب الحقيقي لذلك؟ ارتفاع الدين العام و أعباء خدمة الدين بنسبة 31% هي نسبة تثير قلقاً بالغا ، و يرجع سبب تضخم أعباء خدمة الدين إلى اقتراب سعر الفائدة على السندات الحكومية من حاجز ال 17% ً.و فيما يتعلق بالدعم والمنح والمزايا الاجتماعية فقد بلغت 205.5 مليار جنيه ، بزيادة نحو 23 مليار جنيه عن العام الحالى و هذا الارتفاع بلا شك كبير للغاية و يشكل ضغط على الموازنة. - فماذا عن بند الضرائب بالموازنة؟ حصيلة الضرائب مبالغ فيها خاصة أن مصلحة الضرائب لم تحقق حتي الآن الربط المستهدف في الموازنة الحالية كما أن هناك شكوك حول تحقيق نمو في حصيلة الضرائب بنسبة 33٪ خصوصاً خلال الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد حيث تراجع معدل النمو من5.1% عام2010/2009 ليصل إلى 2% خلال العامين الماليين السابقين ، و الحديث عن زيادة الإيرادات من حصيلة الضرائب يمكن أن يواجه بمعارضة كبيرة في ظروف الحالة الاقتصادية الراهنة و الأعباء التى يتحملها المواطن و الحل هو إعادة هيكلة الضرائب ووضع تعديلات تشريعية لرفع كفاءة تحصيلها. - فما هي الأسباب الرئيسية لعجز الموازنة من وجهة نظركم؟ زيادة نسبة العجز الكبير في الموازنة ترجع إلى انخفاض نسبة الإيرادات مما يعكس عدم كفائة الاستثمار الصحيح لموارد الدولة . لذلك يجب دراسة إمكانية تنمية الموارد بشكل أفضل من خلال السياحة و الاستثمار الأجنبي و عدم الاعتماد فقط على جباية الضرائب و حصيلة الجمارك . كذلك تعود الفجوة في الموازنة إلى الزيادة الكبيرة في موازنة الأجور التى قفزت من 95 مليار إلى أكثر من 170 مليار نتيجة تثبيت العمالة.