أكد د.حسين شحاتة الخبير الاستشاري في المعاملات المالية الشرعية أن الصكوك تحتاج إلى العديد من المقومات حتي تخقق نجاحاً في مصر كما حققته في غيرها من الدول الأخري سواء من خلال التهيئة الإعلامية له وإعداد العنصر البشرى المؤهل علمياً والمدرب مهنياً وإعطاء أجهزة الرقابة الشرعية والمالية الاستقلال لتنمية الإيجابيات وعلاج السلبيات في تطبيق القانون، مع وضع الضمانات الكافية لحملة الصكوك ضد المصادرة والتأميم وما في حكم ذلك حتى يمكن طمأنة المسثمرين على أموالهم. وأضاف شحاتة في حواره ل "التغيير" أن هناك العديد من التخوفات من الصكوك ومنها سيطرة رجال الأعمال عليها ولمواجهة ذلك يفضل أن يوضع قيد بأن المساهمة في هذه الصكوك للفرد الطبيعي أو المعنوي لا تزيد عن نسبة معينة فرضًا 10% بحيث نتجنب السيطرة أو الاحتكار، كما يمكن تدقيق ذلك من خلال أجهزة الرقابة المالية الادارية والشرعية، وإلى نص الحوار: * لا زال مفهوم الصكوك يختلط على الكثيرين، فماذا يقصد بها؟ - فكرة الصكوك ببساطة تقوم على المشاركة في تمويل مشروع أو عملية استثمارية متوسطة أو طويلة الأجل وفقاً لقاعدة "الغنم بالغرم" أي "المشاركة في الربح والخسارة" على منوال نظام الأسهم في شركات المساهمة المعاصرة ونظام الوحدات الاستثمارية في صناديق الاستثمار، حيث تؤسس شركة مساهمة لهذا الغرض، ولها شخصية معنوية مستقلة، وتتولى هذه الشركة إصدار الصكوك اللازمة للتمويل وتطرحها للاكتتاب العام للمشاركين، ومن حق كل حامل صك المشاركة في رأس المال والإدارة والتداول والهبة والإرث ونحو ذلك من المعاملات المالية. وقد تكون الجهة المصدرة لهذه الصكوك أحد المصارف الإسلامية أو أي بيت تمويل إسلامي أو شركة أو جهة حكومية لها شخصية معنوية، وتنشأ هذه الجهة وفقاً للقوانين المحلية السائدة في الدولة التي سوف تنشأ فيها، ويكون لها هيئة رقابة شرعية للتأكد من أن إصدارها واستثمارها وتداولها وتصفيتها يتم وفقا لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية وكذلك للقوانين والقرارات المنظمة لها. * ما هي أوجه الخلاف بين الصك والسند والسهم؟ - هناك فروق بين الصك والسند بفائدة فالصك يمثل حصة في أصول مشروع معين فعلى بنظام المشاركة في الربح والخسارة أما الثاني يمثل قرضا "دين" بفائدة، كما أن عائد الصك حلالاً بينما عائد السند فائدة ربوية حرام، إضافة إلى أن حامل الصك له الحق فى المشاركة في إدارة المشروع وفي ربحه بينما هذا الحق ليس مكفولاً لحامل السند، كذلك تتم كافة معاملات الصكوك وفقاً لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، بينما لا يتحقق ذلك للسندات بفائدة. أما الفرق بين الصك والسهم يتمثل في، خضوع كافة معاملات الصكوك وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، بينما القوانين الحاكمة للأسهم لا تتضمن هذا الإلتزام، يضاف إلى ذلك أن الصكوك تصدر لمشروع معين لا يجوز تغييره، بينما يمكن لمجلس إدارة الشركة مصدرة الأسهم أن تغير من نشاطها، كما يجوز للدولة أن تقدم ضمانات على سبيل التبرع لحملة الصكوك للتحفيز بينما لا يتم ذلك بالنسبة لحملة الأسهم. * ما هو دور الصكوك في تمويل وتخقيق التنمية؟ - لقد نجحت صكوك الاستثمار الإسلامية في تمويل التنمية في عديد من الدول الإسلامية وغير الإسلامية مثل دول الخليج والأردن وماليزيا وأندونيسيا وفي بعض الدول الأوروبية وتركيا، كما شاع تطبيقها بعد الأزمة المالية العالمية، وتعتبر من أحدث صيغ التمويل في العالم. وتتسم الصكوك الاستثمارية بالعديد من المزايا التي تناسب شرائح عديدة من المستثمرين ورجال الأعمال والحكومات؛ لأنها تتسم بالمرونة وسهولة الإصدار والتداول وقلة المخاطر، كما أنها تستوعب شريحة من المستثمرين الذين لا يريدون المضاربة في البورصة، وكذلك المستثمرين الذين لا يريدون الدخول في شبهات المعاملات الربوية مثل السندات بفائدة، ويرى خبراء المال والأعمال أن المستقبل لهذه الصيغة بعد أن أوصى بها مؤسسات التمويل العالمية وأقرتها مجامع الفقه الإسلامي. كذلك سوف تساهم صيغة التمويل بالصكوك الإسلامية في تمويل المشروعات القومية وغيرها دون أى عبء على الموازنة كما سوف تساهم في علاج مشكلة المديونية والعجز ولقد طبقتها العديد من الدول الإسلامية وغير الإسلامية كبديل تمويلى بدلا من نظام السندات بفائدة؛ فالمستقبل لصيغة التمويل بنظام الصكوك الاستثمارية. * فما هي الجهة المخولة بإصدار هذه الصكوك؟ - ورد فى مشروع القانون أن الجهات المخولة بإصدارها هى الحكومة ووحداتها المختلفة والهيئات والمؤسسات العامة وما في حكمها ووحدات الإدارة المحلية والأشخاص الاعتبارية العامة والبنوك التقليدية والإسلامية العامة والخاصة والشركات الاقتصادية الهادفة للربح والمؤسسات الدولية والإقليمية العاملة فى مصر. ويستنبط من ذلك أن من حق الحكومة وما في حكمها والقطاع الخاص والمؤسسات والهيئات المحلية والإقليمية إصدار هذه الصكوك لمشروعات معينة، وهذا التوسع في المرحلة الأولى قد يثير التخوف عند البعض لتملك غير المصريين لهذه الصكوك مما قد يؤثر فى المستقبل على سيادة مصر وعلى موجوداتها، وفى هذا المقام يجب وضع ضوابط قانونية لحفظ السيادة والموجودات. * هل يمكن قيد هذه الصكوك وتداولها في سوق الأوراق المالية؟ - ورد فى مشروع القانون أنه سوف يتم إدراج وتداول الصكوك فى بورصة الأوراق المالية فى مصر وفى الأسواق المالية بالخارج ، وفى جميع الأحوال يخضع تداول الصكوك لأحكام الشريعة الإسلامية . ويستنبط من ذلك أنه سوف يسمح بتداول صكوك الاستثمار فى جميع البورصات المحلية والإقليمية والعالمية بهدف جذب الاستثمارات ، ومن أهم ما يميز ذلك هو خضوع التداول لأحكام الشريعة الإسلامية والتى تحرم الغرر والجهالة والمقامرة والربا والمعاملات الوهمية وبيع الدين بالدين ، ولذلك نوصى فى هذا المقام أن يرد فى اللائحة التنفيذية للقانون المعاملات المشروعة والمعاملات المنهى عنها شرعا فى الصكوك . *هناك تخوف من فشل مشروع الصكوك الإسلامية ويكون مصيره مصير شركات توظيف الأموال التي فشلت؟ - للرد على هذا التخوف هو أنه يسمح للمؤسسات المالية أن تغطي العجز في الإكتتاب، كما أن الضمانات التى تقدمها الدولة لحملة الصكوك يحقق الأمن لهم، ومن ناحية أخرى يجب إعداد دراسات جدوى موضوعية وفقا للمعايير الفنية المتعارف عليها عالمياً، كما أنه سيكون لكل مشروع من المشروعات التى تمولها الصكوك أجهزة رقابة متعددة، وهذه الأمور لم تكن قائمة في تجربة توظيف الأموال وكان من أسباب فشلها أن النظام الحاكم في ذلك الوقت كانت سببا رئيسيا في تصفيتها لأغراض سياسية كشف عنها النقاب فيما بعد ومنها الخوف من كل ما هو إسلامي، لاسيما في مجال الاقتصاد والمال. *البعض لديه قلق من أن الدولة سوف تأخذ قيمة هذه الصكوك لتمول بها العجز في الموازنة أو سداد المديونية ولا تقيم بها مشروعات إنتاجية أو خدمية؟ - للقضاء على هذا التخوف اقترح أن يكون لكل مشروع دراسة جدوى إقتصادية ,وشخصية معنوية مستقلة ومجلس إدارة ولجنة رقابة مالية داخلية ومراقب حسابات خارجي أو أكثر وكذلك هيئة رقابة شرعية من كبار العلماء والفقهاء للرقابة والتأكيد على أن قيمة الصكوك مستثمرة في مشروعات فعلية وليست وهمية. * كيف يتم مواجهة سيطرة بعض رجال المال على الصكوك وهو ما يؤدي إلى الاحتكار ذو النفوذ السياسي؟ - لمواجهة ذلك يفضل أن يوضع قيد بأن المساهمة في هذه الصكوك للفرد الطبيعي أو المعنوي لا تزيد عن نسبة معينة فرضاً 10% بحيث نتجنب السيطرة أو الاحتكار، كما يمكن تدقيق ذلك من خلال أجهزة الرقابة المالية الادارية والشرعية. * ما هي المقومات اللازمة لنجاح الصكوك الإسلامية في مصر؟ - لنجاح تطبيق قانون الصكوك يجب توفير العديد من المقومات منها التهيئة له إعلامياً وتحريره من المزايدات السياسية، فهو مشروع تمويلي فني شرعي يطبق في معظم دول العالم وثبت نجاحه، وهو أحد صيغ تمويل التنمية وليس الوحيد، ويجب أن يكون هناك منظومة متنوعة، من صيغ التمويل الإسلامية وذلك لجذب أكبر عدد من المستثمرين. كذلك لابد من إعداد العنصر البشرى المؤهل علميا والمدرب مهنيا من الناحية الشرعية والمالية وهذا يتطلب تعاون وزارة المالية وجامعة الأزهر والمعاهد المالية والمصرفية في اختيار وتدريب وتهيئة العاملين فى هذا المشروع. ضرورة وضع الضمانات الكافية لحملة الصكوك ضد المصادرة والتأميم وما في حكم ذلك حتى يمكن طمأنة المسثمرين على أموالهم، وفي هذا المقام يجب تحرير كافة الأجهزة الحكومية ذات العلاقة بالصكوك من الفساد المالي بكافة صوره، مع وضع الضمانات الكافية للدولة المستضيفة لهذه الصكوك ضد المساس بسيادتها وأموالها العامة، حتى نقضي على الإشاعات التي يرددها البعض أن الحكومة الحالية تبيع أصول مصر. كذلك لابد من إعطاء أجهزة الرقابة الشرعية والمالية الاستقلال لتنمية الإيجابيات وعلاج السلبيات في تطبيق القانون وتحقيق مقاصده المنشودة أولا بأول، أيضاً لابد من التركيز على المشروعات الضرورية والحاجية التي تمس الحاجات الأصلية للمواطن البسيط الفقير حتى يستشعر بأثر هذه الصكوك على تحسن حياته المعيشية من طعام وشراب وملبس ومأوى وعلاج وتعليم، مع الإلتزام بالقيم وبالأخلاق في كافة المعاملات فهما أساس التنمية والنهضة.